وين السماء يارايس؟

عبد السلام الزغيبي

الحوار المتمدن-العدد: 7625 - 2023 / 5 / 28 - 21:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

عندما قرر صندوق الضمان الاجتماعي اليوناني الموحد، مالكة  قصر شليمان ميلا ،" شارع بانابيستميو" ،خطط تجديد القصر، و تأجيره لشركة استثمار فندقية،أثار النشطاء مخاوف بشأن الحفاظ على مسرح السينما المثالي ، الذي يقع في المبنى الذي استأجرته سلسلة الفنادق الآن من الدولة اليونانية. وكتبوا منشور موحد على مواقع التواصل الاجتماعي أن المباني ستتحول إلى فنادق
فاخرة..
وكان حجة النشطاء أن دار السينما التاريخية ، التي تأسست عام 1921 وحافظت على أعلى معايير الجودة ، يجب أن تستمر في عملها كواحدة من آخر معاقل ثقافة السينما في قلب أثينا، وأطلق
حملة ضد إغلاقها. استجابوا للدعوة الكثيرون و- كنت أنا من بينهم-، تجمعوا أمام دور السينما المعرضة للاغلاق، كانوا في معظمهم تحت سن الثلاثين -أي ليس لهم ذكريات مع معالم عمرها أكثر من 100 عام، رغم ذلك  حضروا رافعين شعار " لا" لتغيير وجه المدينة"وان دور السينما الشهيرة في المدينة هي واحدة من معاقلنا الأخيرة، وهي التاريخ الحي للمدينة وسكانه.
من جانبها نظمت ثلاث من دور السينما التاريخية في أثينا حدثًا يتضمن دخول مجاني وشاشات أفلام في وسط المدينة لزيادة الوعي حول إغلاقها المحتمل إذا قرر مالك المباني إعادة توظيف
ممتلكاتهم ، كما يقول أصحاب دور السينما.
جميع محبي الأفلام وسكان المدينة اظهروا دعمهم للتشغيل المستمر لهذه المسارح الشهيرة ولثقافة السينما في البلاد بشكل عام. الا أن صندوق الضمان الاجتماعي اليوناني الموحد الذي تعود ملكية
المباني التي تضم دور السينما إليه  قدم مؤخرًا اعتراضًا على الاستخدام الحصري للمباني كصالات سينما ، إلى وزارة البيئة.
المجتمع المدني الذي تحرك بشكل ايجابي منظم في دولة يحكمها الدستور والقانون، انتظر رد الدولة والحكومة ممثلة في وزارة الثقافة اليونانية، ماذا كان ردها؟ هل رضخت لطلبات المستثمرين، أم
استجابت للمجتمع المدني والرأي العام اليوناني؟.
لم يكن لدي شك ( بحكم مدة إقامتي في هذا البلد) ان الدولة ستنحاز كلية الى رأي الشعب، وبالفعل، وزارة الثقافة اليونانية أعلنت إن المجلس المركزي للهندسة المعمارية التابع لوزارة البيئة
اليونانية قرر حماية دور سينما "أستور وايديال في أثينا" من خلال تحديد المعالم التاريخية كمعلمين ثقافيين.
جاء القرار بعد أن دعا سكان المدينة وجماعات ثقافية وتراثية وكذلك عمدة أثينا كوستاس
باكويانيس إلى حماية دور السينما الموجودة في قلب العاصمة اليونانية والتي يعود تاريخها إلى أوائل القرن العشرين.
وفقًا لقرار المجلس ، سيتم الحفاظ على النموذج المثالي واستخدامه في الفعاليات والمؤتمرات الثقافية. وقد وضع المجلس شروط وأحكام الاستخدام التي تسلط الضوء على المعلم "الذي يرتبط
ارتباطًا وثيقًا بالحياة التاريخية والمعمارية والثقافية للمدينة". بالإضافة إلى ذلك ، تمت حماية سينما استور، الواقعة في الطابق الأرضي من نصب تذكاري مدرج بالفعل.
"قيم المجلس أن الحفاظ على الاستخدام الثقافي للمباني التاريخية للمدينة يضيف قيمة إلى تطوير كل عقار ، وتعتبر أن الخطط الاستثمارية لاستخدام مخزون المباني التاريخية في أثينا يجب أن تسير جنبًا إلى جنب مع تعزيز الذاكرة الجماعية والفنية. القيمة ، حيث تنشأ المنافع المالية المتبادلة. لا ينبغي المساومة على فقدان نشاط ثقافي مهم لمدينة أثينا ، والذي قيمته من حيث القيمة القابلة للقياس والتي لا يمكن قياسها ، مرتفع للغاية ".
وأضاف قرار المجلس في بيانه:" نعم ، نريد تنمية اقتصادية. نريد استثمارات نريد زوارا. ومع ذلك ، لا نريد أن تفقد أثينا روحها. لا نريد أن نتحول إلى ديزني لاند يونانية قديمة. المقابل. قوتنا هي
أصالتنا والاستخدام المختلط. نحن لا نتنافس مع دبي ولا نريد مدينة مهجورة. قال باكويانيس في مؤتمر صحفي الشهر الماضي "نريد مدينة مخصصة للمقيمين الدائمين ولهذا السبب نحن هنا
اليوم".
في مارس ، كشفت دراسة عن الحاجة الملحة لبلدية أثينا لصياغة وتنفيذ سياسة شاملة من شأنها أن تحدد الشروط والأحكام للنشاط التجاري في وسط المدينة وبهذه الطريقة تحمي العاصمة
من التحسين. وجدت الدراسة أن التحسين في أثينا على مدى السنوات القليلة الماضية ، يخلق واقعًا حضريًا جديدًا يؤثر على حياة السكان وحيوية الأعمال.
هذا ما دار في ذهني وأنا أكتب هذه المقالة، وما حدث عند هدم أهم معلم ثقافي فني في مدينة بنغازي( سينما برنيتشي)، ورد فعل جماعات المجتمع المدني ومحبي الفن والثقافة والمسؤولين عن
الثقافة والحفاظ عن المعمار في المدينة، لكن قلت في نفسي، وتسألت كيف لك المقارنة بين بلد ديمقراطي حر، بدولة وحكومة منتخبة، وعمدة بلدية منتخب، وبين بلد تتنازعه الحكومات والجهات
المختلفة وعمدة بلدية معين، ومجتمع مدني عاجز. مغلوب على أمره!!!

#عبد_السلام_الزغيبي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات