أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - شريف حتاتة - ليس مهما جواز السفر















المزيد.....

ليس مهما جواز السفر


شريف حتاتة

الحوار المتمدن-العدد: 7620 - 2023 / 5 / 23 - 23:03
المحور: القضية الفلسطينية
    


---------------------------------

أثناء شتاء سنة ٢٠٠٣ ، كنت أقوم بالتدريس فـي كلية الآداب «بجامعة برشلونة المستقلة» ، وهي جامعة «كاتالانية» مهمة تمتد منشآتها، ومبانيها والخضـرة والأشجار فيها علي مساحة تزيد علي خمسمائة فـدان في مقاطعة «بيللاتيرا» " ، أي الأرض الجميلة تبعد عـن «برشلونة» بثمانية وعشرين كيلو مترا تقريبا.
كنا نسكن «نوال السعداوي» وأنا في بيـت صـغيـر مـن دورین ، به عدد من حجرات النوم، وصـالة للطعـام مفروشـة بأثاث بسيط ، بابه الخلفي ينفتح علي حديقة نمت فيها زهـور صفراء ذات رائحة ذكية تطلقها في بداية الصباح ، وبعد غروب الشمس في المساء. وفي يوم من أيام شـهر فبرايـر جاءنـا زائران، أحدهما رجل طويل القامة، عريض الجسـم، أبيض البشرة تدل نظرات عينيه السوداوين، وتقاطيع وجهـه علـي الطيبة، وامرأة شابة صغيرة الحجم، نحيلة الجسم، لهـا أنـف بارز أحسست بأنها هي التي تسوس الأمـور، جلسنا فـي الحديقة الصغيرة لنستمتع بشمس الشتاء تسري إلينا بالدفء، لنتبادل الحديث في الموضوع الذي طرحاه علينا.
المنتدي الاجتماعي للبحر الأبيض المتوسط
--------------------------------------------
يومها أوضحت لنا المرأة الشابة ، أنهما يعملان مع عـدد من الناشطين في الحركة المناهضة للعولمة الرأسمالية علـي تكوين «منتدي اجتماعي للبحر الأبيض المتوسط» يشمل البلادالممتدة علي شاطئيه الشمالي، والجنوبي، وأنه في أواخـر الشهر سيعقد الاجتماع التحضيري الثالث لهذا المنتـدي فـي مدينة «برشلونة». ثم أضافت أنهما جاءا لدعوتنا إلي حضور أنشطة المنتدي وللمساهمة في خطوات بناء المنتدي. وحيث أننا كنا مهتمـين بهذه الحركة منذ زمن، وشاركنا في جانب من الاجتماعي العالمي الذي عقد في «بورتو اليجري» و«مومباي»، كما أنني ساهمت بجهود لإقامة «منتدي اجتمـاعي مصـري» باءت حتي الآن بالفشل . وافقنا علي المشاركة في الاجتماع.
حضرت الاجتماع التحضيري في «برشلونة» يومي 28،۲۹ فبراير ، سبقه اجتماعان فـي «الرباط» بمراكش وفـي «نابولي» بإيطاليا . لم أكن حاضرا فيهما. وبعد «برشلونة» عقد اجتماع تحضيري رابع في «لارنكا» بقبرص ، تم أثناءه اختياري عضوا في «لجنة التنسيق الدولية» ، التي تكونت للإشراف علي الإجراءات الخاصة ب «المنتدي الاجتمـاعي للبحـر الأبـيض المتوسط» ، والذي تحدد عقده في «برشلونة» مـن 13 - 16 يونيو ٢٠٠٥.
هكذا وجدت نفسي مساهما فـي سلسـلة مـن الاجتماعـات التحضيرية، وفي اجتماعات لجنة التنسيق الدولية التـي تـم انعقادها في «مالاجا» بأسبانيا، و«مارسيليا» فـي فرنسـا، و«اسطنبول» في تركيا ثم «برشلونة» مرة أخري في أسبانيا. طوال هذه الفترة كنت أنشط أيضا في حركة محلية صغيرةاسمها «المجموعة المصرية لمناهضة العولمة». وأثناء هـذا النشاط طرحت علي المساهمين فيه، وهم مجموعة من الشباب والشابات من مختلف مجالات الحياة أن تشارك المجموعة في هذا المنتدي، وأن ترسل مندوبين عنها إلي الاجتماعات القادمة ، حيث أن مشاركتي فيها حتي الآن مازالت بصفتي الشخصية.
لكن رغم الأفكار التي سبقتها لإقناعهم بفوائد هذه المشـاركة ، رفضوا اقتراحي. كانت حجتهم في ذلك ، أن المجموعة مازالـت في بداية نشاطها ، ويجب ألا تتوزع جهودها بدلا مـن التركيـز على تدعيم ما تقوم به محليا. أما السبب الثاني فهو مساهمة بعض التنظيمات والأفراد «اليهود» في النشاط الخاص بإقامـة «المنتدي الاجتماعي للبحر الأبيض المتوسط» ، قد يكونون مـن ذوي الميول الصهيونية.
مفهوم التطبيع
---------------------
أثناء العقود الماضية راجـت فـي الأوساط السياسية والثقافية ، مسألة سميت «رفض التطبيع». وكنت ملتزما بهـذا الموقف بسبب اقتناعي بضرورة مقاطعة الاتجاهات الصهيونية ، كوسيلة للتضامن مع عرب فلسطين، لكني لـم أكـن مقتنعـا بالمفهوم الذي ارتبط بكلمة التطبيع وأثره علي طريقة تطبيقـه. كنت أستقبل في منزلي فلسطينيين يأتون من الأراضي المحتلة ، خلال السبعينيات بينما كان «المثقفون» التقـدميون ، يرفضـون استقبالهم . لقد كنت مقتنعا بـأن دورنـا هــو مـؤزارتهم فـي معاركهم، والاطلاع علي أحوالهم، وبحث سبل التعاون معهـم. لكني رفضت تلبية الدعوات التي جاءتني للذهاب إليهم. لـم أقتنع أيضا بمقاطعة عرب ، 48 أي الفلسطينيين الذي بقوا فـي إسرائيل بعد قرار التقسيم، أو اليهود الذين يناضـلـون مـع الفلسطينيين ضد الاحتلال الإسرائيلي ودفاعـا عـن حـق الفلسطينيين في إقامة دولتهم علي أراضيهم، وضرورة عـودة اللاجئين الذين يقررون العودة إلي بلادهـم . هؤلاء اليهـود يخوضون معركة صعبة ، خصوصا بعد أن نجح «شارون» فـي استقطاب الأغلبية الساحقة في إسرائيل ، إلي جانـب سياسـاتها العدوانية بحجة مقاومة «الإرهاب» ، وضمان الأمـن لسكان إسرائيل. التقيت بعدد قليل من هؤلاء في الاجتماعات التحضيرية ، التي أوضحوا فيها موقفهم المؤيد لحقوق الشعب الفلسطيني ، والمعارك التي يخوضونها ضد إقامـة «الجـدار الفاصـل» أو لمساندة الجنود الذين يرفضون المشاركة في العدوان المسلح علي الرجال والنساء والأطفال العزل في فلسطين . قدرت مدى صعوبة الموقف الذي يتخذونه في مواجهة العداء المستحكم للعرب ، والعنصرية التي تسود في إسرائيل. تأكد يقينـي بأن المهم ليس جواز السفر الذي يحمله الإنسان ، وإنما موقفه مـن قضايا الشعوب ، ووقوفه فـي صـف الحريـة والعدالـة ضـد الغاصبين.
إسرائيل والعسكرة
---------------------------
في الفترة من 13 إلـي 16 يونيو الماضـي ، حـضـرت «المنتدي الاجتماعي للبحر الأبيض المتوسط» ، وألقيت فيه كلمة عن أهمية نضال الشعوب ، ضد الحرب والاحتلال ، وعن عـدوان مسلح تعد له إدارة «بوش» ضد إيران . وشاركت في رئاسـة «التجمع ضد الحرب» الذي حضره مندوبون عـن الحركـات المناهضة للحرب في بلدان البحر الأبيض المتوسط . لكن أهـم ما لفت نظري ، هو الكلمة التي ألقاها الإسرائيلي «جيف هالبر»، رجل جاوز سن الستين، قصير القامة، شعر رأسـه ولحيتـه أبيض كثيف وعيناه اللامعتان المشاكستان تطلان مـن خلـف نظارته . إنه باحث ومثقف تقدمي معروف ، يعمل في مؤسسة للدراسات المستقبلية بعد أن ترك التدريس في الجامعة. تعرض في هذه الكلمة إلي معلومات موثقـة عـن عسـكرة الدولـة ، والمجتمع الإسرائيلي.أوضح فيها أن إسرائيل أصبحت تحتـل المرتبة الثالثة في العالم في إنتاج السلاح، إن ترتيبهـا يـأتي الثالث بعد الولايات المتحدة، وروسيا، وأنها تنتج من السـلاح ما يزيد علي إنتاج الصين. إن إنتاجها يشكل ١٢% من إنتـاج السلاح العالمي المبني علي التكنولوجية المتطـورة، وعلـي عقول الخبراء المدربين تدريبا عاليا للغايـة. لذلك أصـبحت البلدان الأوروبية تعتمد عليها اعتمادا كبيرا في استنباط أنواع السلاح التي تحتاج إليها، فهي لا تستطيع أن تنتج الأسلحة الكبيرة الحجم كتلك التي تصنعها الولايات المتحدة، فتلجأ إلـى الحصول علي أسلحة أصغر عالية الفعالية.
لدي إسرائيل ما يتراوح بين 300 و 500 قنبلـة ذريـة حرارية ، وستة أقمار صناعية للتجسس ، و ٥٠٠ قنبلـة ضخمة تستطيع أن تخترق الاستحكامات المدفونة عميقا تحت سطح الأرض. وهي تقوم بدور الذراع العسكرية للولايات المتحـدة ، ليمتد نشاطها إلى كل مكان. فأسلحتها تحمي حقول البترول في «أنجولا» الإفريقية، ومناجم الماس، والنحاس، والتيتانيوم، والمعادن المستخدمة في إنتاج القنابل الذريـة ، وهـي مـعـادن موجودة في عدد من بلاد إفريقيا. أسلحتها تصل إلـى أيـدي رجال الجيوش المرتزقة ، التي تستأجرها الشـركات المتعـددة الجنسية في مختلف البلاد، وتنتشر في بلاد الجنوب مـا بـين «كولومبيا» و«جمهورية الكونغو الديمقراطية» «زائير سابقا» و«بورما». استخدمت أسلحتها في المذابح التـي جـرت فـي «رواندا» ، وأدت إلي قتل ما يزيد علي مليون ونصف المليـون من سكانها. إنها متخصصة فـي إنتـاج الأسلحة الصغيرة ، وهى تطورها وفقا للاحتياجات المحلية. لذلك تغلغلت إلـي مختلـف مناطق العالم. استخدمتها الجيوش الأمريكيـة فـي العـراق، واستخدمت معها التكتيكات الإسرائيلية في قتال المقاومين في المدن.
تنظر إسرائيل إلي «الشرق الأوسط» كميدان للحرب يصلح لاختبار أسلحتها فيه. وتصف العرب بأنهم «إرهابيون» حتـي تبرر سياستها العدوانية. إسرائيل يحكمها القادة العسكريون. اللغة فيها أصبحت عسكرية. والشعب فيها مسلح. لقد أصـبح من الضروري أن تكشف هذه الحقائق علي نطاق واسـع ، وأن يكون نزع سلاحها النووي ركنا أساسيا في الحملـة الشعبية العالمية ضد الحرب ، حتي ننزع جزءا من مخالبها ويتم كشـفها أمام الرأي العام العالمي بأسلوب مقتـع. يجب ألا تذهب السنوات الثماني عشرة التي قضاها «موردخاي فعنونو» فـي السجن هباء ، لأنه كشف امتلاك إسرائيل للقنابل الذرية هباء.
«جيف هالبر» نموذج لليهود الإسرائيليين ، الـذي يقفـون ضد سياسات إسرائيل العدوانية ويكشفونها من الداخل. وحيث إن إسرائيل موجودة في قلب منطقتنا العربية ، يصـبـح مـن الضروري أن نعيد النظر لمعني رفض التطبيـع؟ . ففـي هـذه المرحلة المفعمة بالمخاطر ، نحن أحوج ما نكون إلـي توسيع نطاق التضامن ، مع تلك القلة التي تعيش في بؤرة حساسـة ومؤثرة للغاية، ، والاستفادة من معلوماتها وجهودها داخل جسم الكيان الصهيوني .
------------------------------------------------------------
من كتاب : " من يوميات روائى رَحال " 2008
-------------------------------------------------------



#شريف_حتاتة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فى سوق الخلفاوى
- هل يمكن أن نصنع مواطنا عالميا ؟
- بنات الباليه المائى وبائع الخس
- دفن - ذات - المرأة فى عيدها العالمى
- بابل
- عودة الحرباية
- ثلاثة أيام فى تونس الخضراء
- تأملات فى صورة
- لماذا يبعون ؟؟ يوميات أستاذ زائر
- عن الابداع والقهر
- الصباح وحكايات الجُرن
- فى المنتدى الاجتماعى العالمى ... بناء عالم آخر ممكن
- فقراء العالم يزحفون
- البحث عن ثغرة فى الحصار
- الأعداء الحلفاء
- الخوف من التقدم
- الاغراء الأخير
- هل أصبح المستقبل للجواسيس ؟
- شجاعة الابداع
- الابداع وتجربة الوعى الباطنى


المزيد.....




- فرنسا: إنقاذ 66 مهاجرا غير نظامي أثناء محاولتهم عبور المانش ...
- مصر.. والدا الرضيعة السودانية المقتولة بعد هتك عرضها يكشفان ...
- السعودية.. عمليات انقاذ لعالقين بسيول والدفاع المدني يحذر
- الغرب يطلق تحذيرات لتبليسي مع جولة جديدة من الاحتجاجات على ق ...
- فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران ...
- في الذكرى الـ10 لمذبحة أوديسا.. اتهامات لأجهزة استخبارات غرب ...
- ترامب يعلق على أحداث -كولومبيا- وينتقد نعمت شفيق
- نيبينزيا: مجلس الأمن الدولي بات رهينة لسياسة واشنطن بالشرق ا ...
- -مهر-: رئيس جامعة طهران يعين زوجة الرئيس الإيراني في منصبين ...
- ‏مظاهرات حاشدة داعمة لفلسطين في عدة جامعات أمريكية والشرطة ت ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - شريف حتاتة - ليس مهما جواز السفر