أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حسين علي كاظم المجيد - قصة كائنات واعية ، تروي مأساتها الكونية .















المزيد.....

قصة كائنات واعية ، تروي مأساتها الكونية .


حسين علي كاظم المجيد

الحوار المتمدن-العدد: 7618 - 2023 / 5 / 21 - 21:56
المحور: كتابات ساخرة
    


مُقَدِمَة بَلهاء ، لِمُحتوى أيضًا لا يَعني شيئًا ،
فَوضى تُكتَبْ ، وَ ربما سَتُضيع وقتك لا أكثر في قراءةِ جَدليّة داخليّة في البَحثِ عَن الوَعي عَبر زمننا التَطوريّ ، صادرة من جُمجمة لعينة ، سَأُحدِثُ فيها ثقبًا عَمّا قريب !
لكن ، إنْ أكمَلْت ، فأنا أعتذر عن الإطالة مُسبقًا .

رغم هذا الحُمْق التالي ،
لكن ، ماذا بإمكاننا أن نَفعل غَير ذلك في هذا الكَون الأعمى بِكُل بَلادَة ، كَونٌ يَستحيلُ تحقيق كَمالِه ، يَستحيل إدراكَهُ بِشموليّة ، و يَستحيل تَحقيق حريّته المُطلقة !.
وكل ما قد يُتاح للتفكير ، ما هو إلا مُجرّد "عَزاءْ" يَندرِج تَحت مِظَلّة فلسفة التَعزيةِ وَ المُواساة ، الفَلسفة التي تَبَنّاها بَنو البَشر عمومًا في مُحاولاتهم المُثيرةِ للشفقة ، لِلهيّكَلَةِ الفِكريّة و إلقاء الضَوء على مَفاهيم غامِضة و مُعتِمة ، و مُحاولة إبتكار مَفهوم قِتاليّ لِمواجهتها ، تمامًا كَ مَن يَدخل في مَعركة هَزليّة مَع ذراتِ غُبارٍ تَحت إنعكاسِ ضوءٍ ما !.

إنها التَوليفة الطَموحة التي يَتَطَرّق فيها الدِماغ البشريّ البدائيّ إلى الأسئلة المِيتافيزيقية ، - الأخلاقيّة ، المَعرفيّة ، الدينية ، الفلكية ، السياسية ، العلوم ، الإنتماءات ، المبادئ - مُحاولة إدراك "الأنا" المَجهولة ، و البحث عن مَعنى ما ، و إن كان هُناك مَعنى ما أساسًا .

كُل هذا التاريخ الحافِل مِن الفلسفات و التوقعات لا جدوى مِنه في الحقيقة ، إن مَاكينة الوجود عَمياء تمامًا و لا تأبَهُ لِوجودنا أو زوالِنا ، لا تأبَهُ بأفكارنا و توقعاتنا ، لا تأبَهُ حتى بِذاتِها ، وَ في أقربِ فُرصة تُسنح لها ستَسحق أيّ شيءٍ في طريقها دون رحمة !.

ماكينةٌ تغذيها المعاناة النفسية ، أحداثُها لَيست مَشروطة بِشكلٍ صارم قَبل حدوثها ، و جميع الإحتمالات مُتَوَقَعة . لكن كل ما في الأمر أن عشوائِيتها المُفرِطة تُنتِج أنظِمة و بِمجرد حدوثها يُنظَر إليها على أنها مَشروطة بِشكل صارم ، ثم نبدأ نحن بِبِناء إحدى فَلسفات التَعزيّة لِنبتكر مَعنى ما يُخدرنا ، حيث لَم يَكن مِن المُمكن أن تَحدث خِلاف ذلك بعد حُدوثها ، على الرغم من أنها قد تَحدث بِشكل مُختلف قبل حدوثها !.

في مَرحلة ما ،
عِندما كُنت طفلًا ، كُنت أعتقد أن حقيقة الوجود و شُعار كِفاحنا البشريّ قائمة على تعظيم "الفَرَح" ، أيّ أنّ الحصول على الفَرَح هُو هَدف هذا الكِفاح ، ربما لإفتقادي الشديد لَهُ في تِلك المَرحلة من حَياتي بالذات .
وكنت أتساءل حينها بكل سَذاجة :
هل هذا هو الهدف للوجود البشريّ فعلًا "الفَرَح" ؟.
وهل هذا الفَرَح يَأبَه ما إذا كان الشخص عَبقريًا أو مَعتوهًا ؟ عالِمًا من الدرجةِ الأولى أو أقلَ من عاملِ تنظيف ؟ أنثى أو ذكر ؟ مُتعلمًا أو أميًّا ؟ أبْ سِكّير يَجعل جَسدي الغَضْ مِنفضةً لِسجائِره وأداة لتَفريغ الغضب ؟ أو أب يُكافح لِتحقيق "هَدف الفَرح" وتوريثه لِطفلِه الأحمق الصغير ؟.
كُنت أتساءل دومًا ، ما هو القاسم المُشترك حتى أُحقِق هدف وجودي السامي و كيف أحصل على هذا الفرح اللعين !.

كُنت طِفلًا صامتًا ، لكنني أهذي !
أهذي العتمة و الظِلال ، أهذي الجُدران و القِمَمْ ، أهذي البَحر و جثة "كَلبي" النائم تحت الرِمال ، أهذي هذا الجَسد الضَيّق و الحشرات التي تسري في عروقي ، أهذي الصورةَ الضبابيّة لِفقراء الواقع ، ولا أملك سِوى صورةٍ خَرساء دون إطار .

كُنت طِفلًا صامتًا ، لكنني أهذي ، أهذي كُل الأشياء بِقَسوة ، إلى أن يأتِيَ هذا الفَراغ الوجوديّ الشاسِع وَيبتلِع كُل شيء ، إنه دائمًا يأخُذ فَقط ، فتَضيع تَفاصيلي بين تفاصيل الأشياء ، و بَعد أن يَصفعني الخواء وَ يَركُل رأسي ، أقِفُ مَشدوهًا تُبهرني شِدّة سخافة هذا الوجود وكيف نَسعى لِتَعظيمِه ، حَد القرف من كَوْنِي جزءًا مِنه .

حياتنا بأكملها ليست أكثر من مُجرّد "نُكتةٍ" غِير مُضحِكة ، نحن فيها عبثٌ يَعبث بِذاتِه ! و كُل ما نَفعلُه فيها ، و كُل هَدف نُحاول تَحقيقه لا يَعني شيئًا ، حتى و إن ألْبسناهُ عَباءةَ المَعنى في فترة حضورنا القصيرةِ هُنا ، فَتَقضي حياتك كُلها تُحدد كُل هذه الأهداف و الغايات التَعسفيّة لِتحقيقها ، و مع ذلك لا يعني ذلك شيئًا ، تعيش ببساطة من أجل البقاء و هو أمر لا مَعنى له في حدِ ذاتِه !.

لا يُفكر مُعظم البَشر في هذه الأشياء ، لأنها تودِي بِهم إلى "كآبة الكائِن الواعي " وَ يُفضِلون الإستمرار في العَيش خَلف أوهامِهم المُتقنةِ و الهَشّة ، و الإعتقاد بأن حياتهم في الواقع هِيَ شيء ما ! إنها فقط حاجتنا المُلِحّة إلى فَلسفة عَزاء . لكن من يُدركُ "اللامعنى" المُطلَق ؟ تُصبح هذه الفَلسفات والمَفاهيمْ الفارغة كَ اللعنات تَلسع دِماغه و في كل مرة تَركلُه "الحقيقة!" في وجهه ، يُدرك بأنه يُواجِه عَدوًا لا يُمكنه تَعريف ماهيّتِه أو شكله أو فهمه .

إن كُل شيءٍ تَفعله ، و أعني كل شيء "حَرفيًّا" ، لا مَعنى له على الإطلاق خارج سياق العقول ، وستموت عاجلًا أم آجلًا ، وَسَيَتِم نِسيانك كَما هو كل شيءٍ آخر ، وَ لَن يَكون هُناك أيّ أثر على الإطلاق لأيّ شيء ، مائة عام ، ألف ، مِليار ، سَتهلك الحياة على هذه الأرض في النِهاية و لَن يَعرف أحد أنك كُنت يَومًا ما مَوجودًا و لن يَستمر دافِعك التطوريّ و إرثُكَ الواهِم مِن خِلال "تَفريخ" الذُريّة وإنتاج المَزيد من الجثث .

سَتمتد الشمس و تُدمّر حرارتها ذرة الغُبار التي نَحن عَليها ، سَيَتم مَحو عَمل الطبيعة بِحَدِ ذاتِها ، كُل صُدفة و إختيار ، كُل عمل جيّد وَسيّء ، كُل لَحظة مِن السَعادة و التعاسة ، سَتزول ، و لن يَبقى أيّ سِجِل لإنسانيتنا على قيد الوجود ، لِنكون في نهاية المَطاف مُجرّد أشلاء بِيولوجية لَعينة في حلقة التوسّع الكونيّ نحو طريقِهِ لِلهلاك ، للنهاية !.
النِهاية الصامتة ، شديدة البرودة و القسوة .
نهاية مأساتنا الكونيّة العظيمة !.

و ربما هذا هو العَزاءْ الوحيد "الحَقيقيّ" لِسيناريو وجودنا المُقيت ، و أجملُ قِصّةٍ يُمكنُ رِوايتها على الإطلاق .



#حسين_علي_كاظم_المجيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديمقراطية علي
- خيبة بائع الورد
- تركيا في مرمى النيران
- افكار خارج التغطية
- تداول السلطة ديمقراطيا
- هل هذا عمل رجال دين أم ماذا


المزيد.....




- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة
- -كذب أبيض- المغربي يفوز بجائزة مالمو للسينما العربية
- الوثائقي المغربي -كذب أبيض- يتوج بجائزة مهرجان مالمو للسينما ...
- لا تشمل الآثار العربية.. المتاحف الفرنسية تبحث إعادة قطع أثر ...
- بوغدانوف للبرهان: -مجلس السيادة السوداني- هو السلطة الشرعية ...
- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حسين علي كاظم المجيد - قصة كائنات واعية ، تروي مأساتها الكونية .