أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علي كاظم المجيد - خيبة بائع الورد














المزيد.....

خيبة بائع الورد


حسين علي كاظم المجيد

الحوار المتمدن-العدد: 7610 - 2023 / 5 / 13 - 17:30
المحور: الادب والفن
    


في ديسمبر الماضي خرج يحمل الورد على وعاء مصنوع من اللدائن مرتبط بمقبض واحد و الآخر متحطم خالي الوفاض لم يتبقى منهُ سوى أجزاء حادة ، يحمل الورد مع التركيز لحالة الطقس و ترقب المارة بعيونً متوسلة مِألها الرجاء . لقد وضع جوزيف تسع وردات شتوية الزمان عصرية المظهر حيث تتوسط الجهة اليمنى وردة البنفسج العطرية بسعةِ ثلاثة منها و الوسط احتل إزاء وجه جوزيف بورود البونيستا ذات الحجم الاعتيادي المصغر بنحوٍ اثنين منها ، عانت الورود الازاليا الذابلة على ميسرى الوعاء قطرات المطر ليتبقى القليل منها معطر ( كيف سوف تباعين و أنتِ ذابلة ؟ ) كانت حسرة بهيئة نبرة تعيسة . ارتدى ذلك البنطال الأسود مع عدة بلوزات مثخنة بالصوف ذو الصناعة اليدوية و قفازان اكلهما الزمان برحابةِ صدر و اتساع بال ، أخذ الطريق المفتوح كالعادة لكثرة السكان ذهابًا و مجيئًا ، بعد عشرين متر توقف عند بائع الخضروات بروكلن ذو البطن العالية المفرطة و العيون الزرقاوتين و الحاجب المعدوم و الأنف الصغير و لم يتبقى من شعره سوى أثر البويصلات ( جوزيف : مرحبا سيد بروكلن ) بعد أن اعد مكان البطاطس الشتوية ادلف قائلًا ( طاب صباحك ، لماذا خرجت و الطقس في أسوأ حالاته ؟) ، من مفارقات القدر العجيبة أن ننظر لهكذا حياة من دون إدراك معاناة الآخرين ! ( على أمل أن أبيع وردتين ، فالجوع سلطانًا ظالم يحكم الجسد ببيع نفسه أحيانًا سيد بروكلن ) ضحك بروكلن ضحكة شقت فؤاد جوزيف بعدد ورودهِ و ايام حياتهِ المتعبة . تصادمت النظرات بينهما عدة ثواني ثم اكمل بروكلن ترتيب محله و جلس جوزيف على قارعة الطريق ينتظر العاشقين أو البؤساء أو المترفين . ازدحمت الناس تكرارًا عند محل البقالة و لا يوجد أدنى نظرة حتى لو كانت شفقة نحو جوزيف ، اي شعور يعيشه أصحاب القلوب الرحيمة عندما يحيطهم الفقر ؟ انهُ شعورٌ بالتضحية ! ( كيف سوف أعود دون سنتًا واحدًا ؟ ) ثم صمت ثم ( بروكلن بضحكة متعالية : هههه هل تبيعها كلها بتفاحةٍ ) جوزيف قرر الرد ( و هل تعرف معنى الوردة ؟ ) لم يجب بروكلن فلقد انشغل مرة أخرى في حساب أمواله عند صندوق الحسابات الورقية . و بعد مرور عدة ساعات و كأنها أعوام على جوزيف جاءت سيدة نبيلة ، من ملبسها يتبين انها من عائلة برجوازية اقطاعية ، قالت ( طاب صباحك بكم هذه الوردة ؟) سالت تدفقات الأمل نحو اعصاب جوزيف المتوترة تارةً من شدة البرد القارص و تارةً من البيع و تارةً من مراقبة الطريق و هذيان بروكلن اللعين ، لم يفكر قط بأية أموال عند رؤية هذه الزهرة الكونية ! ( جوزيف : و هل يسأل الورد عن الورد !) ضحكت السيدة و ضحك جوزيف ، سرعة ذهنية خاطفة ثم انتهى الحال بقول السيدة ( شكرًا لك ، فوردكِ سوف يكون تعيسًا مثلك ) ، رحلت و شكر جوزيف الإله على انتهاء ذلك الموقف دون تدخل البوليس ! ( اللعنة عليك ، هل هذا وقت الكلام الفارغ ؟ اي لعين انت ) . لم يأتي أحد ! بدأت السماء تدق طبولها لجولات مطرية أخرى ، تساقطت بعض قطرات ، تحولت السماء من صافية إلى ممتلئة بالسحبِ السوداء الداكنة ، البرق يقصف أطراف المدينة بصوته المرعب ، هرع الجميع نحو بيوتهم . أغلق بروكلن على وجه الاستعجال محله إذ لم يخرج سوى صندوقين يحملان بعض الخضروات لمعرفته بسوء أحوال الطقس اليوم ، أغلق و هِم للذهاب قائلًا ( لقد أخبرتك اي مجنون سوف يشتري ورودكَ ) ذهب مسرعًا و تبخر ذلك الجسم الكبير بعد لحظات وقتية ، بقي جوزيف و القطرات تطرق قصيعة راسه ، الغريب في الأمر هو عدم حمايته للورود من المطر ! ( لا بالي ، لن أهرب للبيت ، أفضل الموت على عدم رؤية أمي يعصرها بركان الجوع ) زاد بكاء السماء بعد دقائق ، رياحٌ قوي هبت في كل أركان الطريق مخترقةً كل النوافذ و الأجواء . حملت الرياح وعاء الورد بقوة نحو الحائط الاسمنتي الصلب لتسقط جميعها في أروقة المحلة . لم يبالي لها جوزيف ! امتصت كل ملابسه قطرات الماء الهابط
و نقلت الرياح كل ورودهِ إلى اللاشيء منتثرة في الطريق و داستها كل أنواع العجلات .
بعد خمسة دقائق رفع رأسه جوزيف نحو جسمًا ضخم البنية ، يقف خلفه عدة أشخاص متوسطين الضخامة ، قال أحدهم بنبرة عالية ( هل انت بائع الورد ؟) أرتعب جوزيف و تلعثم قائلًا ( نعم سيدي انا هو ) ، تصاعدت أصوات الرعد ثانية ( أين وردك ؟) ، دأبت في نفسه شيء من الاطمئنان و قال ( سيدي ، سوف اجلبهُ لك فكم وردة تريد شرائها ؟) ، ضحك الضابط و أمر الآخرين بجرِ جوزيف و تكبيلهِ ( أيها الولد انت معتقل فلقد اشتكت عليك سيدة ثرية !) جوزيف في أشد اللامبالاة عند وضعهِ بين أيديهم ( اقتلونيّ لعليّ انا سبب بؤس هذا العالم ).



#حسين_علي_كاظم_المجيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تركيا في مرمى النيران
- افكار خارج التغطية
- تداول السلطة ديمقراطيا
- هل هذا عمل رجال دين أم ماذا


المزيد.....




- تداول أنباء عن زواج فنانة لبنانية من ممثل مصري (فيديو)
- طهران تحقق مع طاقم فيلم إيراني مشارك في مهرجان كان
- مع ماشا والدب والنمر الوردي استقبل تردد قناة سبيس تون الجديد ...
- قصيدة(حياة الموت)الشاعر مدحت سبيع.مصر.
- “فرحي أولادك وارتاحي من زنهم”.. التقط تردد قناة توم وجيري TO ...
- فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي ...
- ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ ...
- بعد مسرحية -مذكرات- صدام.. من الذي يحرك إبنة الطاغية؟
- -أربعة الآف عام من التربية والتعليم-.. فلسطين إرث تربوي وتعل ...
- طنجة تستضيف الاحتفال العالمي باليوم الدولي لموسيقى الجاز 20 ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علي كاظم المجيد - خيبة بائع الورد