أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - عزيز باكوش - سقطة تواصلية مريعة














المزيد.....

سقطة تواصلية مريعة


عزيز باكوش
إعلامي من المغرب

(Bakouch Azziz)


الحوار المتمدن-العدد: 7613 - 2023 / 5 / 16 - 17:32
المحور: الصحافة والاعلام
    


من إنتاجه ووقاحته، نشر شاب عشريني على حسابه بالفايسبوك فيديو قصير عبارة عن دعوة مفتوحة للتسول بنكهة شبابية مريبة . تلا فيها دعوات وأحاديث من الموروث الشعبي لاستجداء واستدرار الشفقة من متابعيه الافتراضيين . الشاب إياه ظهر سليم البديهة، قوي البنية بعضلات تهد الجبال. يسنده في ذلك تركيز احترافي وهنا مكمن الخطورة. يقول الشاب بمكر خبيث موجها رسالته إلى متابعيه (أخوتي.. الله يرحم الوالدين.. قلبو لي على شي خدمة !! .. بغيت خدمة واخا غير بعشرين درهم!!! في النهار، قالها ورددها بصيغ مختلفة دون أن يرف له جفن . وبدا لي لحظتها قمة السفالة وستين سفالة كمان، على حد تعبير الأشقاء في مصر. لعلها واحدة من أحقر السفالات التي ينغل بها السوشل ميديا العربي على الإطلاق. شاهدت الفيديو بغصة في الحلق، وهو سقطة شبابية مريعة في مستنقع أخلاقي يصعب منه الانتشال. لنتفق جميعا أن هذه السقطة، مجرد ابتكار تواصلي سافل ومحتوى اجتماعي قذر، وعبقرية من وحي الأبالسة. ما دام الذكاء والغباء اصطناعيين .وصناعة رقمية بمطلق الحرية وشساعة الهامش .
رجعت إلى نفسي مضطربا، إذ ليس طلب شاب المساعدة على السوشل ميديا هو ما بث في نفسي الحزن والاضطراب، ولكن ما حز في نفسي وأربكني هو هذا السوشل الذي تحول إلى فضاء للتسول ،وفسحة مريحة لإنتاج الحزن وتصديره خارج نطاق الضوابط الأخلاقية والقانونية. لقد كان في وسع هذا الشاب أن يقول شيئا آخر أكثر تفاؤلا ونضجا على الأقل. لكن على ما يبدو هناك شيئا آخر قد بدأ يمسخ الميديا، ويشوه غايتها. شيئا كان الشاب نفسه لا يفهمه. شيء له علاقة بتفاهة عالمنا وحشد الدعم الهائل رسميا لها. لكن ومهما يكن من أمر، يجب أن نفترض أن الخوف الشديد من المستقبل، قد بث في نفسه شجاعة وضعفا في الآن نفسه. فقد قلبت المسألة، وتأملتها من وجوه مختلفة. وتوصلت بعد طول تأمل إلى قناعة واضحة. هي أن ترسيخ استعمال منصات التواصل الاجتماعي لصناعة الأحزان، وتأصيل الألم وتجنيس المواساة، وجعلها منصة للتسول، ليس فقط تقليلا من وقت يمكن أن يستغل في مواضيع ذات أهمية، بل هو كذلك انحراف من حزمة انحرافات مشؤومة، أضرت وأساءت لوظيفة التواصل الاجتماعي، وأخرت نجاحه عربيا عشرات السنين.
هذا الكائن الاجتماعي على ما يبدو، أدرك من أين تؤكل الجيف، إنه يمتلك وجها مقزدرا وغبيا خلافا لهاتفه الذكي، ويرتبط بشبكة الأنترنيت بسخاء، يتحدث بصوت نقي، ويظهر بصورة ذات جودة عالية إنه يعرف جيدا ما القيام به، كيف ومتى وأين. أما السيناريو، فقد بدأ محبوكا للغاية وبشقاء الأبالسة، كما يتوفر الشخص ذاته على حساب نشيط وصداقات تتجاوز المآت وتعليقات وعلامات وصواعق.. ألم نقل أن هذا الكوكب الأزرق المبهج الذي يركبنا ونركبه، حوله البعض إلى سافل منحط ورديء، لقد تم ابتكار أحقر وسيلة لانحدار القيم وتردي أخلاقياتها ونقلها من على أرض الواقع رقميا إلى سماوات الله المفتوحة من دون حظر وبكامل الحرية.
يحدث هذا بالموازاة مع الفجائع المرتقبة للذكاء الاصطناعي. هل هذا هو التأثير الاجتماعي المطلوب؟ وهل هي زبدة جيل من المؤثرين المرجوين لخدمة الانحدار العربي دون أدنى حياء أو خجل؟ إبداع شيطاني لئيم فاق كل الحدود. الوضيع الذي لا يبدو أنه مثير للشفقة، ظهر يتحدث بجرأة لو تملك ثلثها في حمل متاع في محطة حافلات النقل العمومي بساحة بوجلود لكان أرحم.. ويبدو أن السقوط في المريع في مستنقع التسول الرقمي بلغ من الرذالة والانحطاط القذر إلى حد يصعب انتشاله. لا سيما وجود من يدعمه ويؤازره لدواعي الإشفاق الاجتماعي . ولو بالتضامن مع المنكر الضال من نفسي، لا أنتصر لمثل هذه السفالات، ولا أميل إلى دعمها ولو من باب المنكر بالقلب.



#عزيز_باكوش (هاشتاغ)       Bakouch__Azziz#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الروائي المغربي عبد الحق بسكمار من -قبة السوق- إلى -باب الري ...
- الإعلام العربي في ورطة
- العالم ليس على ما يرام في ديوان -خوذة محشوة بنصف رأس- للشاعر ...
- قصة : في كامل أنوثتها
- بشرى أقليش : التنصيص على ترسيخ حق التواجد للآخر المختلف عنا ...
- مرتفعات ويذرينج لإيميلي برونتي أو حينما يقسو الحب يدمر العاش ...
- سأم المسافات- لجمال أماش أرساء لمرحلة عبور لافتة داخل القصيد ...
- دوستوفسكي مقامر يبدع من أجل تسديد ديونه
- مدن تقيم في نومي لإبراهيم ديب شعر بإرهاصات فلسفية
- قصائد العشق والوطن ترنيمة عشق خالدة
- يوم دراسي بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بفاس خصص لإطلاق ...
- مأساة قطع رأس ملكة سكتلندا ماري ستيوارت بتهمة التآمر على الع ...
- تريد أن تسوق منتوجا إعلاميا. أختر له عنوانا فضائحيا
- قصة الليالي البيضاء لدوتسوفسكي أو عندما يخلق شخصيات مثيرة لل ...
- التلفزيون العربي سفاح العصر
- الراهب الأسود لأنطوان تشيخوف ..هنئني يبدو أنني قد جننت !!
- الميديا خيارات مربكة وعابثة بأقاليم النفس البشرية
- حكاية رجل دخل المستشفى طبيبا وخرج منه مجنونا
- الطائرات المسيرة الدرون صناعة التفوق
- جلال حسني شعر يتهيب إمكانية البروز


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - عزيز باكوش - سقطة تواصلية مريعة