أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبد الحسين شعبان - عن الكراهية والعنف














المزيد.....

عن الكراهية والعنف


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 7607 - 2023 / 5 / 10 - 13:08
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


تتغذّى مشاعر الكراهية لدى الأفراد أو الجماعات باستغلال، الجانب الغرائزي والانتماءات الضيّقة والهويّات المغلقة التي تقوم على التعصّب بادعاء الأفضليات وامتلاك الحقيقة تحت مسوّغات دينية أو عرقية (إثنية) أو طائفية أو مذهبية أو أيديولوجية أو عشائرية أو غير ذلك، وهذه بدورها تنمّي الشكوك وتزرع الأحقاد بين الناس، لأنها تقوم على ادعاءات التفوّق، فيُصبح "الآخر"، أي آخر، خصمًا أو عدوًّا "وكلّ غريب مريب"، وبالتالي فهو لا يستحقّ ذات المكانة التي ينتمي إليها الفرد أو المجموعة.
والتعصّب يتضمّن الرغبة في الإقصاء والإلغاء والتهميش، والحطّ من قدر الآخر، وذلك قبل أن يتحوّل إلى فعل أو سلوك، إلّا أنه يُصبح خطرًا حين ينتقل من التفكير إلى التنفيذ فيتحوّل إلى تطرّف.
والتطرّف يقترن بفرض الرأي بالقوّة بزعم امتلاك الحق، فيسوق حججًا ومبررات لذلك، وهكذا لا يتورّع المتطرّف من اللجوء إلى العنف لفرض رأيه. والعنف هو نتاج استيلاء التعصب والتطرّف على عقل الإنسان، وتبرير ما يقوم به حتى ولو ارتكب مجازرًا، فلا ضير في ذلك. لأن الحقيقة ستكون إلى جانبه مدّعيًا أن غايته شريفة، بغضّ النظر عن الوسيلة التي يستخدمها للوصول إلى غايته. وبالطبع لا تعصم المبادئ الدينية أو القومية أو الأيديولوجية من ارتكاب المعاصي والآثام تحت الحجج ذاتها.
وليس غريبًا حين يتمكّن التعصّب ثم التطرّف من إنسان أو مجموعة بشرية، فيستحكم فيه أو فيها الكراهية ضدّ الآخر، وهو ما يترجم أحيانًا إلى أعمال عنف لا إنسانية، طالما يستبطن ذلك الاعتقاد بصوابية السلوك والفكرة.
ولعلّ أكثر المجازر في التاريخ التي أُزهقت فيها ملايين الأرواح، وشنّت الحروب واندلعت النزاعات بسببها قامت على الكراهية، فالضحايا يصبحون مجرّد أرقام، ومن يلتجأ إلى ذلك يجد التفسيرات والتعليلات، تارة بحجّة المظالم التاريخية وأخرى رد فعل للاستلابات من خلال الانتقام، وثالثة بسبب الفقر والبطالة ومرّة رابعة بالتفاوت الاجتماعي والطبقي، وبكلّ الأحوال الادّعاء بالتفوّق والأفضلية على الآخر، وهناك من يضيف ظلم النظام الاجتماعي، إضافة إلى عوامل نفسية شخصية وعامة، بما فيها ظلم القوى الخارجية وطغيانها، وهكذا تظهر الكراهية والانتقام والثأر كعناصر للقيام بالفعل ضدّ الآخر.
وفي مجتمعاتنا العربية والإسلامية هناك من يحرّض ويعبّئ وينظّر لثقافة الكراهية، حيث التخلّف يهيء مناخًا مناسبًا لها ثقافيًا وفكريًا، فتنمو فيروساتها وتتكاثر، لتنتشر ضمن أجندات سياسية تقوم على تكفير الآخر بعد تأثيمه وتجريمه وتحريمه.
حين قُتل فرج فودة، سُئل القاتل: ولماذا قتلته؟ قال: لأنه كافر، فسأله القاضي: ومن أين عرفت ذلك؟ هل قرأت ما كتبه؟ فأجابه: كلّا، لأنني لا أقرأ ولا أكتب وإنما سمعت ذلك. وهنا تكون الإشاعة أحيانًا أقوى من الحقيقة، وهو ما يُراد بثّه للهيمنة على العقول وتسخيرها، والأمر حصل في محاولة قتل نجيب محفوظ وجار الله عمر، وكأن التاريخ يُعيد نفسه.
وقد اطّلعت على إجابات بعض المرتكبين عن إقدامهم على الفعل الإجرامي، فأجابوا لو عادوا مرّة أخرى سيقومون بذات العمل، لأن معتقداتهم الدينية أو الطائفية أو السياسية، هي التي تدفعهم لذلك لاجتثاث الفكر الآخر، وليس ذلك سوى هيمنة ثقافة الكراهية على بعض البشر، والأمر لا يقتصر على الجهلة أو غير المتعلّمين، بل أن بعضهم تخرّج من أرقى الجامعات، لكنه تشرّب بروح الكراهية، وشُحن بالعداء للآخر، حيث تلعب بعض الأيديولوجيات دورها في ذلك من خلال روافد مختلفة، لاسيّما في مخاطبة الشباب بزعم "الموت من أجل العقيدة" و"ملاقاة الله" تحت عناوين لا علاقة لها بالجهاد في الإسلام، بل أن ما يقومون به شكل من أشكال العنف والإرهاب القائمين على التعصّب ووليده التطرّف.
إن ثقافة الكراهية، هي نتاج فكر استعلائي متعصّب، يدّعى احتكار الحق والحقيقة، بعضها يقوم على أوهام التفوّق، التي يتم ضخّها بأساليب مختلفة من خلال مناهج التعليم والإعلام والخطاب الديني بالضدّ من الآخر، سواءً بالممارسة العملية أو من خلال قوانين تمييزية تتعارض مع ثقافة السلام والتسامح والتنوّع والتعددية.
لعلّ ما حصل في رواندا العام 1994 من جرائم ضدّ الإنسانية وجرائم إبادة جماعية وجرائم حرب، مدعاة للتفكّر بما تنتجه ثقافة الكراهية، حيث تعرّضت قبيلة التوتسي إلى الإبادة الجماعية، الأمر الذي دفع الأمم المتحدة في العام 2003 إلى استذكار تلك الجرائم الأليمة، التي قُتل فيها 800 ألف إنسان على يد قبيلة الهوتو. ولعمري إن ذلك فصلًا مأساوي من أحلك فصول التاريخ البشري، إذ لم يكن هناك سبب حقيقي له سوى ثقافة الكراهية.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مؤلف -فقه التسامح- حاور فضل الله والبغدادي ودافع عن المسيحيي ...
- أوكرانيا والاقتصاد -المسلّح-
- بشتاشان -خلف الطواحين-... وثمة ذاكرة...شهادة وليست رواية (ال ...
- شتاشان -خلف الطواحين- ... وثمة ذاكرة... شهادة وليست رواية (ا ...
- بشتاشان -خلف الطواحين- ... وثمة ذاكرة - شهادة وليست رواية (ا ...
- بشتاشان -خلف الطواحين- ... وثمة ذاكرة..شهادة وليست رواية (ال ...
- بشتاشان -خلف الطواحين-... وثمة ذاكرة..شهادة وليست رواية (الح ...
- السودان من الانقلاب إلى الانقلاب
- عن شيء اسمه -السيادة-
- نداء عاجل من مجموعة السلام العربي بشأن تطورات الوضع في السود ...
- منطق ويستفاليا
- -المبعوث- - عامان في العراق
- صورة الجواهري: الشاعر والشعر
- رسالة من د. شعبان إلى الأصدقاء في مؤتمر القمة الثقافي العربي
- ما الذي يُقلق واشنطن؟
- في ثقافة العنف واللّاعنف
- «دين العقل وفقه الواقع» لعبد الحسين شعبان (1) و (2)
- حوارة - غارنيكا
- الصحافة والعدالة
- العراق في الوثائق البريطانية


المزيد.....




- فيديو يناقض ما قالته الشرطة.. كاميرا ترصد لحظة مقتل رجل على ...
- القيادة المركزية الأمريكية: صاروخ حوثي أصاب ناقلة نفط في الب ...
- ماذا تعرف عن أبوتريكة، اللاعب الذي رفع حكم قضائي اسمه من قوا ...
- لوفيغارو: إصدار طوابع بريدية برائحة رغيف الخبز الفرنسي
- -الغارديان-: تزايد الغضب والإرهاق في صفوف العسكريين الأوكران ...
- السعودية.. ضبط أكثر من 16 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأ ...
- الآلاف ينزحون إلى المدارس المدمرة برفح
- مصر.. مصدر أمني يكشف حقيقة ضبط سيارات إسعاف محملة بأسلحة ثقي ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن العثور على جثة رهينة جديدة في غزة (صور ...
- رئيس إدارة مقاطعة خاركوف: الجيش الروسي يساعد في إجلاء المدني ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبد الحسين شعبان - عن الكراهية والعنف