أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكية خيرهم الشنقيطي - قراءة في - بكائيات في الغربة والاغتراب- للروائي والشاعر عبد الكريم الكيلاني















المزيد.....

قراءة في - بكائيات في الغربة والاغتراب- للروائي والشاعر عبد الكريم الكيلاني


زكية خيرهم الشنقيطي

الحوار المتمدن-العدد: 7607 - 2023 / 5 / 10 - 06:57
المحور: الادب والفن
    


الغربة والاغتراب، مفهومان يشيران إلى الحالة التي يشعر بها الإنسان بعدم الانتماء والاستقرار، في المكان الذي يعيش فيه، فيرجح السبب وراء ذلك، هجرته القسرية، أو الانتقال الذاتي لأسباب شخصية، أو اجتماعية. ومن المحتمل أن يؤدي الوحدة والانعزالية، إلى البكاء والتألم، خاصة إذا كان الفرد يفتقد الدعم العاطفي والاجتماعي الذي يحتاج إليه. ولذلك، يمكن أن تكون قصائد البكاء والتألم. النتيجة الطبيعية لتلك الحالة، في الأدب الغربي، يوجد العديد من الأعمال الأدبية، التي تتناول موضوع البعد عن الوطن، والتي قد تتضمن قصائد البكاء والتألم. ومن الأمثلة على ذلك، الشاعر الأمريكي الإنجليزي "تي. إس. اليوت في قصيدته "الأرض اليباب"، وليدلان توماس، في قصيدته التي تحث على الصمود والمقاومة في وجه الموت "لا تستسلم لتلك الليلة الطيبة". ومن أمثلة الأدب الشرقي والإسلامي. يمكن ذكر العديد من الأعمال الأدبية التي تعكس تراثنا الثقافي والأدبي، ومنها شعراء مشهورون مثل الشاعر الأندلسي ابن زيدون، والشاعر السوري نزار قباني والشاعر المصري أحمد شوقي والشاعر العراقي مظفر النواب والعديد من الشعراء الآخرين. كما يمكن ذكر العديد من الروايات والقصص العربية والإسلامية التي تعكس ثقافتنا وتاريخنا، مثل رواية ألف ليلة وليلة ، ورواية الأسود يليق بك للكاتب السوداني حمور زياد والعديد من الأعمال الأخرى. ويمكن أيضًا الإشارة إلى الأدب الغربي الذي يحوي العديد من الأعمال الأدبية الرائعة، مثل رواية مذلون مهانون لكاتب الروسي فيودور دوستويفسكي ورواية عيناك للكاتب الفرنسي إليف شافاك ورواية ضوء افتراضي للكاتب الأمريكي ويليام جيبسون والعديد من الأعمال الأدبية الأخرى التي تشكل جزءًا من التراث الأدبي الغربي. وبالتالي، يمكن القول بأن الأدب بشكل عام يعكس الثقافة والتاريخ والتجارب الإنسانية، ويمثل جزءًا هامًا من التراث الثقافي للشعوب المختلفة.
بكائيات في الغربة والاغتراب للشاعر والروائي عبد الكريم الكيلاني، في قصيدته "الشرطي"، نجد العراقي البسيط وهو يخوض تجربة شديدة الصعوبة، حيث يتعرض لاستجواب قاسٍ من قبل شرطي يسأله عن هويته ومكان وجوده. يجيب المواطن بكل حزن وأسى، مؤكداً بأنه كوردي وأنه في طريقه إلى كردستان. وما إن يسأله الشرطي عن مكان وجوده السابق، حتى يجيب بصدق أنه كان يعيش في بغداد. ولكن، هنا يتدخل البلاغة والرمزية في القصيدة، حيث يسأل الشرطي عن الفرق بينهما، فهل يكمن الاختلاف بينهما في العاصمة بغداد أو في أربيل؟ ويجيب المواطن بحزن ويقول بصدق: "الفرق لا يهمني، فأنا أحب العراق بصباحه وليله. ومن هنا، تأتي رمزية هذه القصيدة، فالعراق هو بلد الشموخ والعزة، وليس هناك فرق بين أبنائه، سواء كانوا من الشمال أو الجنوب، الشرق أو الغرب. فكلهم أبناء هذا الوطن الذي يحتضنهم جميعًا. إنها قصيدة تمزج بين البلاغة والشعر والواقعية، وتصور الحقيقة الصادمة التي يعيشها العديد من الأشخاص في الغربة والاغتراب، وتحث على التمسك بالوطن والانتماء إليه، دون النظر إلى أي اختلاف بين أبنائه. تتميز هذه القصيدة باللغة الجميلة والموضوع المؤلم الذي يعبر عن الحزن والوحدة التي يشعر بها المواطن العراقي في هذا الموقف.
في قصيدة "أنا وأنت"، تأخذنا عبر رحلة مؤلمة إلى عالم مظلم يسوده الفساد والعنف والظلم، حيث يعيش الإنسان في حالة تشرد وضياع. تصوّر القصيدة الحالة الإنسانية بشكل عام، وتتركّز على عدم الانتماء لأي مجتمع أو فئة معينة. يستخدم الشاعر في القصيدة تشبيهات ورموز قوية تعزّز الصورة الأليمة للحياة، حيث يصف الغروب بـ"مدائن" والخطيبين بـ"هائمان حد الوجع المسلوب"، مما يجسّد الضياع والتشرد. ويستخدم الشاعر تشبيه "العتاة" بأنّهم حاملون لقرص الشمس في جيوبهم، ويصف الحالة النفسية للإنسان الذي يبحث عن تاريخه الملطخ بالعار والهزائم. وفي نهاية القصيدة، يستخدم الشاعر تشبيه الحبيب والسهم المسموم لوصف العنف والظلم الذي يمارسه الناس بعضهم على بعض. يتم تصوير الحبيب بصفة الطاغية الذي يقود الشخصين للتشرد والتعب، والسهم المسموم يرمز إلى الجريمة والعنف الذي يحاول الشاعر الهروب منه. بشكل عام، تعد "أنا وأنت" قصيدة شاعرية مؤثرة تصوّر الحالة الإنسانية العامة وتدعونا للتفكير في واقعنا المعاصر وتحليل الظواهر الاجتماعية التي تؤثر على حياتنا بشكل عام. إنّها قصيدة تستحق القراءة والتأمل فيها، فهي تشكل دعوة للتمرد على الفساد والعنف والظلم وتحاول إلهامنا بالأمل والتغيير.
قصيدة "غربتنا" تتميز بالشعرية والرمزية والبلاغة، حيث يستخدم الكاتب الصور الشاعرية والتشبيهات والرموز التي ترمز إلى الحرية والبحث عن التاريخ والهوية المفقودة. كما يستخدم الحوار والوصف والتعبير عن الأحداث بطريقة جميلة وواضحة. تعبر القصيدة عن الصعوبات التي يواجهها الشخصان في العثور على هويتهم وتاريخهم المفقود، ويحمل رسالة مؤثرة عن الشجاعة والإيمان بالأمل والتحلي بالصبر والثبات في وجه الصعاب والتحديات. كما تم استخدام العديد من الرموز مثل "العار والهزائم" و"مخارج الحروف في متاهة الكلام" و"السراب والواحة التي ترمقهم العيون بالظنون والأوهام". استخدم عبد الكريم الكيلاني الكثير من العبارات والجمل الشاعرية، مثل "يرتّقان صدر الحب في مواسم الغياب" كما استخدم الحوار مما يضفي عمقاً على القصيدة. وبذلك يعطي القارئ صورة شاملة عن المعاناة التي يتعرض لها الشخص الذي يسعى للحرية، والتضحيات التي يجب عليه القيام بها لتحقيق هذا الهدف. ومن الناحية الشعرية، تمتاز هذه القصائد بالإيقاع السريع والنغم العميق. بشكل عام، تمثل عملًا أدبيًا فنيًا جميلًا، يحتوي على العديد من الرموز والأفكار العميقة التي تتحدث عن معاناة الإنسان في البحث عن الحرية، وتجسد الرسالة الإنسانية العالمية التي تعبر عن النضال الحقيقي، ومواجهة القيود والظلم والاضطهاد.
إذا نظرتم إلى قصائد "بكائيات في الغربة والاغتراب"، ستجدون نغمات شاعرية عذبة يرتلها الشاعر بأسلوبه الفريد، فيعبر بكل بلاغة ورمزية عن الألم الذي ينخر في دواخل الناس، والشوق العميق إلى الحرية والوطن. ففي قصيدة "الحرية"، يتحدث الشاعر عن حالة اليأس والتشاؤم التي يعيشها الناس في بلادهم، ويوجه رسالة واضحة بأن الحرية هي الحقيقة التي يجب السعي إليها، يعبر عن الرغبة الشديدة في التحرر من القيود والظلم، وبأن الحرية هي المفتاح الوحيد لتحقيق السعادة والازدهار في الحياة. وهذا ينطبق على كل الناس في كل مكان، حيث يعتبر الحرية حقاً أساسياً للإنسانية والكرامة الإنسانية. ويصوّر هذه الحالة المأساوية بصورة الكرسي الأبدي والسونيتة التي تعبّر عن تشرد الإنسان وغربته، وتزيد من قساوة الوضع الذي يعيشه.
في النهاية، يطلب الشاعر بأسلوب موسيقي وفني أن يقتلوه يومياً باسم الحرية، ليخرج من حالة الحرمان الذي يعيشه، ويتحرر من طغيان الظروف الصعبة، ويجد طريقه نحو الحياة الحرة والكريمة. إنها قصائد تتحدث عن معاناة الإنسان في العزلة والانعزالية، وتحمل بداخلها رسائل شديدة الأهمية، تعبر عن رغبة الإنسان في الحرية والعدالة، وتدعو إلى النضال والصمود في وجه القيود والحرمان. تخيّل الألم الذي يشعر به الإنسان المشرد، والذي يجعله يشعر وكأنه كرسيٌ أبدي يجلس فوقه طيلة الوقت، ويعزفُ خلفَ جراحه باسمِ الحرية. يترددُ صداه في أرجاء الفضاء، معزوفةُ الأمل الوحيدة التي تبقى على الرغمِ من كلِ الصعاب والتحديات. في هذه اللحظات اليائسة، يستلطفنا الشاعر بحنينٍ عميق، ويدعونا إلى مشاركته هذا الألم، لنعيشَ معاً رحلةَ البحث عن الحرية والعدالة. وبالرغم من صعوبةِ المسيرة واختلافِ الطرق، فإن الأملَ الدافع الذي يتغذى من الفن والأدب والثقافة يظلُّ شعلةً مضيئةً لا تنطفئ. يتغنى الشاعر عبد الكريم الكيلاني بمدينته الحرة، لكنها في الوقت ذاته يعبر عن حزنه الشديد لما يعانيه شعبه من محن وألم. فقد تتغطرسُ أوشحةُ النوح والبكاء والأنين في مسامع السكان، وتزيحُ الستار عن واقعٍ قاسٍ يستحقُ التغيير. وفي النهاية، يتحدث الشاعر عن شوقٍ عميقٍ للحرية المطلقة، فيدعونا إلى قتله يومياً باسمِ الحرية، لأنه يشعر وكأنه مقتول منذ سنين. لكنه يعزفُ موسيقَىً من الأمل بعد كلِّ الألم، ويشعر بالثقةِ بأنَّ غدًا أفضل.



#زكية_خيرهم_الشنقيطي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحيز الجنساني في رواية جميلات منتصف الليل للروائية حنان در ...
- صوت الوحدة والتضامن في وجه الحروب والاستبداد: رسالة إلى العم ...
- النضال من أجل البقاء والمقاومة في رواية -نيران طرفي النهار- ...
- قراءة في رواية ليلة العشاء الأخير للروائي المغربي ادريس الصغ ...
- قراءة في رواية رقصة الظلام للروائي سيف المفتي رواية الحرب وا ...
- قراءة في قصيدة الشاعر عقيل الساعدي
- معاني الحنين والشوق في شعر عقيل الساعدي
- صراع الأمل واليأس في عوالم الألم والأمل في رواية -لعبة بوح ب ...
- قراءة في رواية خطوات ليست أخيرة للاديب الروائي والناقد د. خل ...
- تجسيد للأحاسيس والأفكار التي ترقص على أوتار الليل قراءة في ق ...
- قراءة في المجموعة القصصية زيارة عابرة هلوسات من زمن الكوفيد ...
- -نموذج التنمية المغربي الجديد - نمو شامل-
- الأجنبي وشبح ابسن
- دراسة البعد الجدلي في النظرية الابسينية
- شظايا البوح
- مسرحية هيدا غابلر
- رواية المجتمع
- أين المفر ...؟
- انفصاليو المغرب وازدواجية مواقف بعض الأسبان
- من خلف الجدار


المزيد.....




- الغاوون ,قصيدة عامية بعنوان (العقدالمفروط) بقلم أخميس بوادى. ...
- -ربيعيات أصيلة-في دورة سادسة بمشاركة فنانين من المغرب والبحر ...
- -بث حي-.. لوحات فنية تجسد أهوال الحرب في قطاع غزة
- فيلم سعودي يحصد جائزة -هرمس- الدولية البلاتينية
- “مين بيقول الطبخ للجميع” أحدث تردد قناة بطوط الجديد للأطفال ...
- اللبنانية نادين لبكي والفرنسي عمر سي ضمن لجنة تحكيم مهرجان ك ...
- أفلام كرتون طول اليوم مش هتقدر تغمض عنيك..  تردد قناة توم وج ...
- بدور القاسمي توقع اتفاقية لدعم المرأة في قطاع النشر وريادة ا ...
- الممثل الفرنسي دوبارديو رهن التحقيق في مقر الشرطة القضائية ب ...
- تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 22 .. الحلقة الثانية وا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكية خيرهم الشنقيطي - قراءة في - بكائيات في الغربة والاغتراب- للروائي والشاعر عبد الكريم الكيلاني