أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فرات المحسن - هل التدمير الذاتي المهمة الأنسب لشعوب الشرق؟















المزيد.....

هل التدمير الذاتي المهمة الأنسب لشعوب الشرق؟


فرات المحسن

الحوار المتمدن-العدد: 7600 - 2023 / 5 / 3 - 21:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في حديث لجوزيب بوريل الممثل السامي للشؤون الخارجية بالاتحاد الأوربي يذكر "إن أوروبا حديقة وبقية العالم أدغال، لذا فمن الضرورة أن يقوم أصحاب الحديقة بحمايتها من زحف الأدغال".
رغم التجاذبات والخلافات التي حدثت داخل أوساط القادة السياسيين في الولايات المتحدة حول طبيعة الثورة الإيرانية وما رافقتها من أحداث قبل وبعد وقوعها، وعن الكيفيات الموجبة للتعامل معها كمنجز أربك بوصلة الكثير من قواعد العمل والتراكيب السياسية والاقتصادية، ليس فقط على مستوى بلد مهم ومحوري مثل إيران، وإنما في عموم الشرق، إن لم يكن العالم.
تلك الثورة ببرنامجها المذهبي ومعاييرها الدينية، قدمت صورة كانت تناسب مزاج ورغبات بعض الساسة الأمريكان، حيث اعتبرت في أيامها الأولى، جزءاً مهما يتواءم ونظرية القوس أو الحزام الإسلامي الذي يجب أن يُفعل ليحيط الاتحاد السوفيتي من الجنوب، وعندها يصبح عاملا رئيسيا في تسريع تفكك أو سقوط الاتحاد السوفيتي. تلك الرؤية أو النظرية السياسية كان قد وضع رؤاها البروفيسور زبيغنيو بريجنسكي مستشار الأمن القومي الأمريكي على عهد الرئيس جيمي كارتر.وقد بنى رؤيته هذه على قاعدة وجود الاختلافات الثقافية والعرقية، ولكن الأهم ويتقدم كل ذلك استخدام الدين كمحرض في مواجهة الشيوعية وسلطة السوفياتات. فهناك وحسب المعلومات الاستخباراتية، توجد أرضية مناسبة للتحريض الديني بين أوساط شعوب الحزام الإسلامي الممتد جنوبي الاتحاد السوفيتي والمتكون من الجمهوريات الآسيوية ذات الغالبية الإسلامية وهي أذربيجان، أوزبكستان، طاجيكستان، تركمانستان، كازاخستان وقيرغيزستان. وهذا العامل التحريضي كان مقدرا له في حينه، أن يلعب الدور الأكثر إيلاما لسلطة الاتحاد السوفيتي.
ما حدث في إيران بعد سيطرة الأمام الخميني على مقاليد السلطة غير من طبيعة التخندقات وضرب عمق الرؤية الأمريكية للأحداث. فتغيرات دراماتيكية حدثت مع انتصار الثورة الإيرانية عام 1979 وتصاعدت معها نبرة الخطاب الديني المتشدد عند رجال الثورة، وظهرت فكرة جادة تدعو لتصديرها بمفاهيمها المذهبية إلى باقي شعوب المنطقة، ورافق كل ذلك ارتفاع وتيرة التحريض ضد الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الأوروبيين. وبات معه رجال الدين في إيران يشكلون خطرا حقيقيا على مصالح الولايات المتحدة وحلفائها، وبالذات في منطقة الشرق الأوسط والخليج منه، لذا دفعت تلك البلدان حليفها صدام حسين ليقوم بهجومه العسكري انتقاما من موقف إيران العدائي للغرب وسياساتها العدوانية ضد إسرائيل، وسميت تلك الحرب المجنونة التي دامت أكثر من ثماني سنوات بحرب الخليج الأولى، خسر فيها الجانبان ما يقارب المليونين من البشر بين قتيل وجريح ومعوق ومفقود.
وقائع حرب الخليج الأولى بمجمل تداعياتها، أثارت مواقف ملتبسة وخلقت نعرات وتخندقات خطيرة في المنطقة، تصاعدت معها حدة الخلافات المذهبية وظهرت بمواجهة التطرف الإيراني ومحاولات تصدير مفاهيم الثورة وأفكار الأمام الخميني، ما يقابلها من ردود فعل موازية ومقابلة لها، تمثلت بتصاعد نبرة التيارات السلفية وتنامي مظاهر التدين السني، وارتفاع أنجم الأخوان المسلمين وأتباع المذهب الوهابي، ورافق ردة الفعل هذه رفع شعار الإسلام هو الحل، أي الرجوع إلى فطرة الدين وسيرة السلف الأول من الخلفاء الراشدين والصحابة، والسير وفق تعاليم الفقهاء من مثل ابن تيمية ومحمد عبد الوهاب وحسن البنا وغيرهم.
دائما ما شكل الصراع المذهبي أحد أكثر العوامل تعقيدا ولبساً في الشرق الأوسط، ولا ينحصر هذا الصراع بين أوساط المذاهب والملل الإسلامية، بل يمتد ليشمل باقي الديانات الأخرى، ونجد هذا الخلاف والخصومة والطعون وحتى قتل الآخر المخالف للعقيدة، موجود أيضا بين أوساط الطائفة الواحدة.
ففي المجتمعات الشرقية يقحم الدين في كل شيء ومن أجل أي شيء. فالدين يمثل العامل الحاسم في الكثير من الحراك المجتمعي. وبقدر ما يحمل من تناقضات ويخضع للتأويل والاجتهاد، نجده يدخل بضراوة في باب القدرة على شحن الخصومات وتغذية الفرقة والاختلاف، بما تفرضه طبيعة التزمت والتخندق والمغالاة، الذي تولده رؤية الطائفة لمذهبها، كحقيقة وحيدة مسلم بها وغير قابلة للنقاش، وان ما حولها من مذاهب وفرق، يشكلون بالأساس مجاميع مختلقة ومختلفة، تعمل بالضد منها، وتسعى لتدميرها ومعتقدها. وتشارك في تلك الجهود لتصعيد الشحن الطائفي، وسائل إعلام ومؤسسات سلطوية وسياسية ودينية، عبر التحريض والحض على مواجهة وتخوين الفكر الآخر، والدفع بكراهيته وتسفيه مفاهيمه ورؤاه مهما كانت طبيعتها.
وسائل تخوين الآخر واستعداء الطوائف على بعضها والدعوة للكراهية وقتل أو عزل مخالفي الرأي، تمتد جذورها عميقا في تأريخ المنطقة، وتستقر في وعي الكثير من الجماعات، وتكون عند بعض المجاميع من المتطرفين، بديهيات ومسلمات لا مبرر في الغالب لمناقشتها أو التمويه عليها أو الخجل منها، ومن الصعوبة بمكان أن تخرج هذه الجماعات عن هذه القوالب والقواعد والأعراف. فالعديد من ثقافة الإفتاء والاجتهاد تقدم وبشكل ناجز ما تحتاج له تلك المجتمعات من ذرائع لرفع حدة الحقد المذهبي والخصومة مع الآخرين من غير أبناء الملة، والجميع يتخندقون بطائفتهم وعائدية مقولة الفرقة الناجية الوحيدة، والباقون ذاهبون إلى جهنم، ليصبح الخطاب الطائفي خطابا شعبويا تعبويا يتغلغل في روح ووجدان الكثير من بؤساء الطوائف المتناحرة.
تلك الحقائق على الأرض لم تكن لتغيب عن بال العاملين في حقول الدراسات الستراتيجية لبعض الأقطاب من الرأسماليين والصهيونية العالمية، ودائما ما كانت محورا لبحوث مطولة، وخلال فترات زمنية مختلفة، وظهرت للعلن الكثير من تلك الرؤى والبحوث، وبالذات فيما يخص طبيعة الصراع المذهبي في عموم الشرق، والكيفيات التي تدير المؤسسات الدينية صراعاتها بالضد من خصومها المفترضين. كذلك اجتهدت تلك الدراسات في البحث عن سير الشخصيات التي تستطيع لعب الأدوار الحاسمة في رفع حدة الصراع وتغذيته، أو العكس، كبحه ووأده، ووضعت في هذا المجال دراسات كثيرة، حول حراك المجتمعات بهيكليتها وتخندقاتها المذهبية وردود فعلها تجاه مجاوريها، خصوما كانوا أو مناصرين، هذه الدراسات قدمت خدمة كبيرة للسياسيين والعسكريين في المعسكر الرأسمالي ساعدتهم على وضع قواعد عمل محددة، تستطيع التأثير وبقوة في مفاصل الحراك المجتمعي، وتلعب وبشكل ناجز أدوار حاسمة لحرف الصراع نحو مواقع مختارة تصب في النهاية لصالح الأهداف العليا ومطامع الدول الرأسمالية والصهيونية.
فالصراع المذهبي دائما ما كان مقدمة مهمة وعاملا حاسما في مشروع تفكيك المنطقة وإعادة تركيب هياكلها السياسية وحتى الجغرافية. ولأهمية وطبيعة المشروع الستراتيجية، كان من الموجب لمعاهد الدراسات الغربية التعمق في تحليل العوامل التي تتحكم بحركة الطوائف والملل، والعمل على استغلال الفطرة الدينية والصراع المذهبي لبناء خططها، اعتمادا على مقولة الاستشراق الغربية، أن شعوبا تمارس العزل الذاتي وتدور دون فكاك في فلك الخصومات المذهبية، وثقافتها تستمد شرعيتها من مقولات رجال الدين، وتعشق التعلق بالماضي والتعكز على ما فعله السلف، وتستطيب لغة التقية والتملق وقلب الحقائق دون تفاعل مع المستقبل، فهي وفي كل الأحوال غير مؤهلة تربويا وفكريا لتكون مجتمعات متحضرة أو حتى تسعى للتحضر، ومأزقها الثقافي والحضاري يجعلها غير قادرة على التكييف مع مستحقات العصر وثقافة التسامح والديمقراطية والحريات المدنية، لذا فمن المناسب أن تخضع لنمط من الإجراءات التي تفسح المجال للرأسمال العالمي لاستغلال وتسخير موارد بلدانها الطبيعية، وقبل هذا فرض نظم وهياكل سياسية تستند في إدارة دولها على تغليب خطاب ديني يحفز ويصعد الصراعات المذهبية داخليا وخارجيا.
ومن هذا وعلى وفق رؤية فاحصة للوقائع على الأرض، عملت الدوائر المخابراتية والعسكرية الغربية على تقديم يد العون والمساعدة في إبعاد الموديل القديم الذي مثلته الدكتاتوريات لإحلال بديل آخر يعتمد تغذية صراعات مجتمعية وخصومات مذهبية وقومية بين مكونات الشعب الواحد أو بين دول الإقليم. وهذا ما أفرزته مرحلة ما بعد انتفاضات الربيع العربي، حين قلبت الطاولة على صناع الانتفاضة الحقيقيين ووضعت لتلك البلدان والمنطقة خارطة طريق أعدت لبناء شرق أوسط جديد، يكون المشهد فيه صعود قوى جل ثقافتها تتمثل في تذكية الصراع المذهبي مع الآخرين.عندها يكون الصراع الديني والمذهبي العامل المناسب والقوة الأساسية لتدمير شعوب المنطقة لنفسها بنفسها ووضعها في دوامة لا تستطيع الانعتاق منها، وفي الأخير تنحدر نحو التفتت والتشظي إلى كانتونات يمكن إخضاعها والسيطرة عليها كليا.



#فرات_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رهانات مشروع الشرق للديمقراطية والتحديث.
- أمريكا خيار المصالح أم تعزيز البنى الديمقراطية ؟!
- العلمانية واليسار وخيار الديمقراطية
- ما تخفيه أروقة لجان التحقيق لكبير
- الشبكة الوطنية لتحالف مدافعي ونشطاء حقوق الإنسان.
- مجالس المحافظات عود على بدء أم ماذا !؟
- مسيرة الخراب في العملية التربوية/ محنة التعليم في العراق
- النهر يكتم أسراره / المشهد الثاني /الأخير
- النهر يكتم أسراره / المشهد الثاني /ج1
- النهر يكتم أسراره / المشهد الأول / ج3
- النهر يكتم أسراره / المشهد الأول / ج2
- النهر يكتم أسراره / المشهد الأول/ ج1
- حكومة الشراكة الوطنية وتفكيك الدولة العراقية
- سيرة ليست للسرد ج الاخير
- سيرة ليست للسرد ج 5
- سيرة ليست للسرد ج4
- سيرة ليست للسرد ج 3
- سيرة ليست للسرد ج2
- سيرة ليست للسرد ــ ج1
- درس من التاريخ


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فرات المحسن - هل التدمير الذاتي المهمة الأنسب لشعوب الشرق؟