أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الغاني بوشوار - الثقوب السوداء من نوع آخر















المزيد.....

الثقوب السوداء من نوع آخر


عبد الغاني بوشوار

الحوار المتمدن-العدد: 7586 - 2023 / 4 / 19 - 08:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لعل كثير من الناس يربطون في عقولهم وجود الثقوب السوداء في المجرات الفضائية والتي تبتلع النجوم وكل شيء يقترب من جاذبيتها بما في ذلك الضوء. وما زال العلماء لم يتأكدوا من طبيعتها ومصير ما تبتلعه.

ومع ذلك فإن العلماء قد ابلوا بلاءا حسنا واخترعوا معادلات رياضية قربتهم من فهم هذه الظاهرة الكونية التي قد تبتلعنا وتقضي على الحياة كما نعرفها في المستقبل، علما بأن العلماء الفلكيين قد تعرفوا على ثقب أسود عظيم في وسط مجرتنا علاوة على الثقوب السوداء في المجرات الأخرى.

هذا الوضع سائد في الكون الفسيح، لكن كثيرا من الناس يجهلون وجود الثقوب السوداء من نوع آخر على كوكب الأرض وخصوصا فيما يتعلق بسلوك بعض البشر في المجتمعات الإنسانية. هذا النوع من الثقوب السوداء لا يخضع للقوانين الفزيائية مثل الثقوب السوداء الموجودة في المجرات.

الثقوب السوداء في المجتمعات البشرية تتعلق بمصير الاتصالات من الخطابات الصوتية والمكتوبة التي ترد إلى المسؤولين في الإدارات العمومية والخاصة، سواء تعلق الأمر باستفسارات، أو شكايات أو تبليغات من قبل المواطنين الذين يدفعون رواتب هؤلاء المسؤولين لينعموا برغد العيش جزاءا على خدمتهم.
يتساءل المرء عن سبب هذا الإهمال واللامبالاة من قبل المسؤولين أينبع هذا من كسلهم والإخلال بمسؤولياتهم، أم أن عقولهم لا تستطيع استيعاب معنى العدالة وقيمة الإنسان وانتماءه إلى البشرية مثلهم؟
من الطبيعي ومن البديهيات ألا يحاسب الإنسان تصرفات وسلوك الثقوب السوداء الفضائية التي لا تخضع إلا للقوانين الطبيعية الفزيائية، وقد انكب العلماء على دراستها وجمع المعلومات وتحليلها لفهمها وربما الاستفادة من طاقتها وتسخيرها إلى ما فيه مصلحة البشرية واتقاء شرها لكي لا يقع ضحية قوتها الخارقة والمهولة.
وفيما يتعلق بالثقوب السوداء الخاصة بتصرفات البشر وماهيتها، فهي تخضع للقوانين والسلوك والأخلاق الإنسانية وتحت تحكمه بخلاف الثقوب الفضائية. فمنها ما يتعلق بالاتصال بالأفراد فيما بينهم فردا، فردا، ومنها ما يتعلق باتصال الأفراد والمجموعات الحقوقية بالأفراد في مراكز المسؤولية في المؤسسات العمومية والخاصة إما أنهم يستفسرون عن حالات تخص توضيحات معينة، وإما يقدمون شكايات ومظالم وانتهاكات الحقوق قد تعرضوا لها ووقعوا ضحايا في إطار قوانين مسطرة ودقيقة.
إن الاتصال بين الأفراد والذي تتولد عنه الثقوب السوداء، فيسببها أحد الأطراف بإهمال الرد على الطرف الآخر وحجبه من التواصل بالرغم من الترحيب ببعضهما البعض والوعود بالصداقة والتواصل أبد الآبدين، إلا أن طرفا منهما يخلق "ثقبا أسودا" يرمي فيه خطابات الطرف الثاني بدون حياء ولا وخزة ضمير، وينقطع بذلك أمل العلاقة بينهما حتى لو كانا من ذوي القربى. هذا النوع من الثقوب لا ينتج عنه ضرر كبير، عدا خيبة أمل وفقدان الصداقة والتعجب من أسباب اختراع الثقب الأسود من هذا النوع، ويقال في هذا المضمار: لا حياة لمن تنادي.

على الصعيد الرسمي الذي تحكمه القوانين التي تلزم المسؤولين بالاهتمام بقضايا وأمور المراجعين ودراستها والبث فيها كما تقتضيه التعليمات والقوانين، فإن الأمر يحتاج إلى تنبيه الغافلين واللامباليين بشؤون العباد والمراجعين لمكاتبهم أن واجبهم الوظيفي يحتم عليهم الرد على خطابات واتصالات المواطنين واتباع المساطير لجوابهم بالنفي أو بالإيجاب. والملاحظ في المجتمعات العربية وفي البلدان المتخلفة أن كثيرا من الناس يعانون ويشتكون من إهمال المسؤولين بالاهتمام بمصالحهم وقضاء حاجاتهم ولعدم محاسبتهم على الثقوب السوداء التي يخترعونها عنوة ويرمون فيها ما يرد إلى مكاتبهم من خطابات المواطنين الذين يمولون جلوسهم على كراسي وظائفهم.
إن هذا النوع من الثقوب السوداء التي يختلقها المسؤولون في مكاتبهم يستجيب لتعليماتهم ونزواتهم بخلاف الثقوب السوداء الفضائية التي لا تخضع إلا للقوانين الطبيعية الكونية. وبما أن الثقوب السوداء البشرية من اختراع الإنسان، فإن القضاء عليها والتحكم فيها ليست مستحيلة لأنها من فعل إنسان ونابعة من إرادته، وبالتالي فإن محاسبة الفاعل تقتضيه ضرورة العناية بمصالح المواطنين وتحتمه القوانين التي تخضع لها تصرفات مخترع الثقب الأسود في مكتبه.

إن كثيرا من المواطنين المغاربة قد عبروا عن استيائهم وتذمرهم من ابتلاع الثقوب السوداء وسلة المهملات لخطاباتهم الرسمية التي توجهوا بها إلى مختلف المصالح والسلطات ومنهم من لا ينقطع أمله في انتظار أي رد كيف ما كانت طبيعته ولا يدركون أن الثقوب السوداء، سواء منها الطبيعية والبشرية، تبتلع كل ما يسقط فيها بدون رجعة.

والأمثلة عن هذا الوضع الأسود البئيس كثيرة في مغربنا الغالي والغني، وبدون الدخول في التفصيل المملة، فإن الثقوب السوداء وسلة المهملات قد ابتلعت خطابات ومراسلات كاتب هذه السطور وغيره من المغاربة.

الثقوب السوداء التي اكتشفتها وابتلعت مراسلاتي الرسمية عبر مختلف القنوات الرسمية من بريد ومكاتب الضبط والبريد الإلكتروني والهاتف والفيسبوك علاوة على الجرائد الإلكترونية، وإن كان فحواها يتعلق بأمور عايشتها شخصيا وتضررت منها ماديا ومعنويا، فإن هدف المراسلات في الصميم كان لفت انتباه المسؤولين إلى التجاوزات القانونية والفضائح المكشوفة في القطاعات التي يتولون تسييرها.

وأكتفي هنا بسرد بعض منها. كابت رئاسة حكومة السيد بنكيران فابتلع ثقب أسود خطابي، وابتلع الثقب الأسود مراسلاتي لوزارة العدل، ومحكمة الاستئناف باكادير، ورئاسة جامعة ابن زهر، وعمادة كلية الآداب وقسم اللغة الإنجليزية بنفس الجامعة. وابتلعت أيضا ثقوب سوداء خطاباتي لكل من المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، ووزارة التعليم العالي)قابلت الوزير الداودي(، والديوان الملكي الموقر.
إنه من المؤسف ومن غير المعقول أن يهمل المسؤولون الرد والجواب على تساؤلات المواطنين واستفساراتهم كيف ما كان الرد، المهم الاهتمام بما يرد عليهم والجواب عليه، وليس هذا مستحيلا، بل إن القانون يحتمه ويلزم المسؤولين بالقيام بواجبهم في خدمة المواطنين، وبذلك يمكن أن نقضي على هذا النوع من الثقوب السوداء الذي يسببه ويخلقه المخلون بواجباتهم.



#عبد_الغاني_بوشوار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوجود حسب مجنون الحارة
- كي لا تغرق السفينة البشرية
- قصة أأحمد -باريزيان- من الذاكرة
- بعض التوضيحات حول القرآن وبعض توظيفاته
- ضرورة إنشاء نظام عالمي جديد: التغيير المنتظر
- زيارة أخرى إلى حرف -تيفيناغ- الأمازيغية


المزيد.....




- حفل زفاف -أسطوري- لملياردير أمريكي في مصر وعمرو دياب في صدار ...
- بالفيديو.. ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يستقبل وزير الخار ...
- مقتل 3 فلسطينيين على الأقل جراء غارة جوية إسرائيلية على مخيم ...
- لقاءات بالرياض لبحث وقف إطلاق النار بغزة
- الحرس الثوري: هدفنا تأمين مياه الخليج
- ضغوط في الداخل والخارج.. هل يتراجع نتنياهو عن عملية رفح؟
- الحراك الداعم لغزة يتمدد.. قمع في السوربون وطلاب جامعة كولوم ...
- حزب الله يقصف مواقع إسرائيلية والاحتلال يكثف غاراته على جنوب ...
- تعرض سفينة لأضرار قبالة اليمن وإيطاليا تعلن إسقاط مسيرة للحو ...
- فرنسا.. أكفّ مطلية بالدماء تضامنا مع غزة تثير غضب مؤيدين لإس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الغاني بوشوار - الثقوب السوداء من نوع آخر