أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد ابو حطب - طار الودع ووشوشنا الحكومة/2- مهن ما بعد الكورونا















المزيد.....

طار الودع ووشوشنا الحكومة/2- مهن ما بعد الكورونا


عماد ابو حطب

الحوار المتمدن-العدد: 7579 - 2023 / 4 / 12 - 11:54
المحور: الادب والفن
    


مهن ما بعد الكورونا

طار الودع ووشوشنا الحكومة/2*

ضحكت كالمجنون معقبا إن كان هذا حال ميركل فما يعيبني انا إن بدأت للمرة الألف من جديد...ولكن كيف ومن أين؟ .سرت في شوارع المدينة على غير هدى،إلى أن حطت قدماي في شارع العرب ،وأمام المركز الإسلامي المقفل،بسبب الجائحة، وقفت أتأمل الباب فإذ ببسطة تحمل خرزا ازرق وأدعية ومشعوذ بلحية كثة ولباس مهلهل يقترب مني قائلا :"انت معمول لك سحر ،وانا سافكه لك".نظرت اليه،وقبل أن ابتعد لمعت في ذهني الفكرة،أمن الممكن أن هذه هي رسالة ربانية،وبقعةضوء لما على أن اعمله؟
حينماوصلت الغرفة،تاملتها جيدا ،هي لا تصلح لأي عمل له صلة بالغيبيات ولا بالسحر ،واصلا في زمن الكورونا أصبح مطلوبا بعض الحداثة والتطوير على الأساليب القديمة في النصب؟نحن في زمن "اونلاين ":حب ،جنس ،دراسة ، تسوق وزواج وطلاق وحتى صلاة وجنازات ورثاء،بات كل شيء اونلاين...لهذا على أن اطور مداركي واعمل من خلال هذا الفضاء.هنا لا مكان للمنقل والفحم والبخور، لا مكان لإستحضار الأرواح ، أو خدع الإضاءة وتحريك الأشياء، لا مكان لمؤثرات الصوت وحركات الشيوخ والمجاذيب،هنا إما ان تكون مقنعا وذكيا..وإما ان تحمل على كتفك بسطة لبيع الأحجبة والأدعية والمسابح وتجلس على باب المراكز الإسلامية طلبا للحسنة.لهذا مكثت أكثر من شهرين متنقلا بين أشرطة اليوتيوب ومواقع الإنترنت الخاصة بكل ما هو له علاقة بعلم الغيبيات وطرق تسويقه.دهشت من حجم صناعة النصب في عالم الإنترنت ،مئات الألوف من مواقع وصفحات وأرقام واتس اب كلها تغلف الوهم في ورق السوليفان وترميه بوجه ملايين السذج،أو الحمقي،ولمن يبحث عن ثراء سريع في خمسة خطوات...او ممن طحنهم الفيروس اللعين،وألقى بهم على قارعة الرصيف.كان علي التفكير جيدا بعيدا عن لعبة اليانصيب و"اربح معنا "،كما فعل ذلك المعلق الرياضي ،الذي بات واتسابر ويوتيوبر يعيش على قفا الإعلانات، وسمسرة الإتصال برقم لتشارك في ربح المليون، وبعيدا عن مواقع التعارف ،والزواج،اوالجنس الرخيص، وأيضا بعيدا عن مواقع فك السحر وقراءة الطالع والسبع ورقات.إحترت من كثرة ما طالعت وشاهدت،كله مستنسخ من بعض، ما ان ينجح نصاب حتى يقلده مليون. اين اولي وجهي؟ من يمكن أن يعطيني طرف خيط جديد؟بدأ لي أن الأفكار استنفذت فهنا من يروج لفكرة الهجرة والحصول على فيزا وإقامة وجنسية دولة أجنبية بمجرد الدخول إلى الموقع الإلكتروني وتوثيق البيانات، يتم النصب بالأموال، مثلما يحدث ذلك بشكل مشابه من خلال سحب الأموال من البطاقات الائتمانية، إضافة إلى بعض مواقع البورصة الإلكترونية، التي توهم الأفراد بإمكانية مضاعفة أموالهم والحصول على مبالغ خيالية من دون جهد أو تعب بعدما يضع الفرد بعض المال فيها، او مواقع تدعوك للحصول على جائزة مالية بمقدار محدد، لا يمكن الحصول عليها إلا بإيداع المزيد والمزيد من الاشتراكات ..

حينما غلب حماري توجهت إلى صديق غاني،معروف عنه أنه يلعب بالبيضة والحجر ،ابتسم جون عندما طرحت أمامه الفكرة ،وقال لي إنه مشغول بذات الهم ولديه فكرتين لمشروعين يستندين على معالجة أضرار الفيروس على سوق العمل،أحدهما اونلاين وهو مشروع مربح وغير مكلف،وقانوني، اي ليس فيه اي ثغرة نلاحق عليها لاحقا...الملعون، كان قد درسني جيدا ويعرف نقطة ضعفي منذ أن كنت في تلك البلاد:"كله إلا العلقة مع البوليس والمخابرات".أما المشروع الثاني ،فهو بحاجة لانتظار قرارات الحكومة حول إجراءات الإقفال وغيرها.،وأردف ضاحكا هنالك مشاريع فراطة للكسب السريع ،لكنها قد تنكشف بسهولة،وهنالك أفكار لمشاريع لم تر النور بعد حتى في عصر الكورونا.إتفقنا على لقاء عمل لبحث الأفكار جميعا،على أن نبت بالانسب بعد نقاش مستفيض، وبعد مشاورات اجريها لدراسة الجدوى.كنت واضحا مع جون ،منذ اللحظة الأولى ،"انني مجنط،يعني على الحديدة"،فلا يتأمل أن ينصب علي،فجون إن لم يجد أحدا ينصب عليه،ينصب على نفسه، وكان هو الآخر أوضح حين قال انه لا يملك سنتا واحدا،لكننا يمكن استخدام شقته كمكتب للعمل. الفكرة الأولى ليست جديدة وهي متواجدة، ولكن الجديد فيها أن النصب لن يكون على الزبون وإنما على الدولة. الملخص أن نؤسس شركة للتوظيف اونلاين ،مبداها تقديم طلبات البحث عن وظيفة عبر الإنترنت مرفقة بجميع الأوراق الثبوتية وأهمها رقم صندوق البطالة والمعونةالاجتماعية، دون دفع أي مبلغ من من يقدم الطلب كرسوم،وهنا الفارق مع شركات التوظيف الأخرى ،التي تعيش على مبلغ الرسم،وهو مصدر نصبها الرئيسي ، حيث لا ترده لصاحب الطلب لاحقا،اما نحن فسنعتمد على قانون فيدرالي ينص على أن كل مؤسسة توظيف توفر عملا لكل عاطل عن العمل يتم دعمها بمبلغ ٢٠٠٠ يورو يتم تسليمهم بعد توقيع عقد العمل وخلال ٣ اشهر كأقصى حد، ،فهي هنا تشطب من يجد عملا من صندوق الإعانة، ولا يحق له التقدم بطلب إعانة البطالة، إلا بعد ٣ اشهر.،طبعا أوضح جون :" ان المطلوب إيجاد شركات أو مصانع أو محلات تحتاج إلى عمالة غير متخصصة، وهذه عادة توقع معهم عقدا تحت التجربة،وبسبب ظروف العمل السيئة، فإن عشرات ممن يوقعون عقودا يتركون العمل خلال أسبوعين وهنا تكسب هذه الشركات عمالة مجانية لأسبوعين.ونكسب نحن ٢٠٠٠ يورو،لكن على كل شخص يقدم طلبا أن يحضر كتابا من مكتب العمل انهم يدعمون مكتب التوظيف بالمساعدة في حال وجد عملا عبره.اعجبتني الفكرة،لهذا تحمست لها،وكل ما يلزم الذهاب إلى البلدية واشهار الشركة وهذا لا يتطلب أكثر من ٢٥ يورو وهوية شخصية وعقد إيجار لموقع الشركة،وتسجيل الشركة عند مصلحة الضرائب.هذا المبلغ الكبير اسال لعابي،وجعلني سريعا لا احرص على توخي الحذر من ألاعيب جون،ولا أنتبه للحفر والالغام المزروعة ،طبعا السيد جون أوضح أن اوراق إقامته لا تسمح له بفتح الشركة على إسمه وان الأمر شكلي لهذا نفتح الشركة بإسمي ،ونحن شركاء،والمربح يقسم اولا بأول، على أرضية الثلث لي والثلثين له لأن بيته سيكون المقر، كما أنه سيتابع كل الأمور الإدارية.
صباحا أنجزت إشهار الشركة،وما أن جاء المساء إلا وقد أنشأ جون صفحة فيسبوك للشركة،وموقعا الكترونيا ، وبات علينا الآن إنتظار الزبائن ،والحلم بالآلاف المتساقطة من السماء.كان جون قد إتفق ،دون أن اعلم ،مع عشرات المحلات الإفريقية المشبوهة ،بتبيض الأموال والإشراف على توزيع المخدرات أن يظلل عملها تحت يافطة الشركة،وبما أنه المسؤول الإداري، فقد كان يمرر ما يريد دون أن أنتبه...الأشهر الثلاثة الأولى لم يطرق بابنا اي باحث عن عمل ،فكل إعلاناتنا على الموقع الإلكتروني وعلى الفيسبوك كانت عن وظائف عمال بناء، أو نظافة ،أو تفريغ مخازن ،أو توزيع منتجات ...وهي أعمال شاقة وبمردود مالي ضئيل، لا تغري اي إنسان .. رغم هذا كان صندوق بريدي مليء برسائل لم افهم لم تصلني من مكتب الضرائب تطالبني بإرسال كتاب يتضمن الوارد والصادر، وبالتفصيل الممل عن راس المال والأرباح الناجمة عن أنشطة استيراد وتصدير لا أعلم عنها شيئا. إلى أن جاءتني رسالة رسمية من الجمارك بضرورة مراجعتهم،بعد توقيف شحنة بضائع واردة للإفصاح عن محتوياتها وتكلفتها الفعلية.إستغربت الأمر، هرعت إلى بيت جون لأفهم منه الأمر،كانت الشقة خاوية على عروشها،لا شيء يدل على أنها كانت مشغولة...إختفى جون من الوجود،وتركني أواجه مصيرا مجهولا مع الجمارك والضرائب، لاكتشف انه إستورد بإسم الشركة طرودا عدة ولم يدفع جمركا عليها،كما باع مئات الساعات والشنط والملابس المزورة دون دفع ضرائبا،التقدير الأولي أنني بت مديونا للحكومة العتيدة بأكثر من ثلاثين الف يورو..بعد حلم المليونير افيق لأجد نفسي مديونير...الله لا يوفق الكورونا ولا جون ولا كل مغفل مثلي إشترى الوهم المغلف بالسوليفان



*من نصوص مجموعة جديدة بعنوان سجين الفيروس الصادرة مؤخرا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب للكتاب



#عماد_ابو_حطب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طارالودع ووشنا الحكومة/1/مهن ما بعد الكورونا
- الزهايمر رمضاني/3-عرب عرب وين وطنبورة وبن
- الزهايمر رمضاني/2_عزا
- الزهايمر رمضاني
- وطن المنفين
- عودة مؤقتة
- توحد
- فهد المواخير
- أفكار شاحبة
- متاهات في ظل التباعد الاجتماعي
- حقيقة مناضل دون رتوش
- تفاؤل 2023
- الضرسان بيلبقله
- سراب العمر
- حين اضئت بدلا من شجرة الميلاد
- اعدام الحب
- مناكفات عائلية
- صاروخ يزيل غشاوة القلب
- اشتاتا اشتوت/١
- اشتاتا اشتوت/٢


المزيد.....




- في وداعها الأخير
- ماريو فارغاس يوسا وفردوسهُ الإيروسيُّ المفقود
- عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني ...
- شعراء أرادوا أن يغيروا العالم
- صحوة أم صدمة ثقافية؟.. -طوفان الأقصى- وتحولات الفكر الغربي
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم -
- وفاة الفنان العراقي عامر جهاد
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم .
- الفنان السوداني أبو عركي البخيت فنار في زمن الحرب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد ابو حطب - طار الودع ووشوشنا الحكومة/2- مهن ما بعد الكورونا