أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عباس علي العلي - الطبيعة التوصيفية الفقهية الدستورية لنظام الحكم في العراق بعد 2003















المزيد.....

الطبيعة التوصيفية الفقهية الدستورية لنظام الحكم في العراق بعد 2003


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7574 - 2023 / 4 / 7 - 13:20
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


النظام النيابي الديمقراطي التمثيلي الشائع في تطبيقاته على المستوى الأممي نجده أنَّه الأكثر تطبيقا من الديمقراطية المباشرة لو أفترضنا أنها نوع خاص من النظم الديمقراطية في العالم المعاصر، الفرق بين النظامين جوهري كتطبيق وفلسفة ولكنه لا يتعارض مع قيم الديمقراطية الأساسية، إذ لا يباشر الشعب السلطة السياسية والتشريعية بنفسه بل يقتصر دوره على أختيار نواب يمارسون الحكم بإسمه ولمصلحته، لذلك نجد أنَّ دستور 2005 أخذ به كوصف عام مع أنه ذكر تطبيقات محددة للديمقراطية المباشرة بعنوان الأستفتاء، إذ جاء في النص للمادة الأولى فيه "جمهورية العراق دولة أتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي برلماني ديمقراطي، وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق" .
يعرَّف النظام النيابي الذي تتصف به الديمقراطية الغير مباشرة بأنَّه (النظام الذي تكون فيه الهيئة التمثيلية المنتخبة بموجب الدستور مالكة للتعبير عن إرادة الأمة)، وعُرِّف أيضا بأنَّه (النظام الذي نجد فيه أنَّ الشعب لا يحكم نفسه بنفسه كما هو الحال في الديمقراطية المباشرة، وإنَّما يحكم الشعب نفسه بواسطة نواب له أو ممثلين عنه، ومن ثم تنحصر وظيفة المواطنين السياسية في أختيار النواب أو الممثلين عنهم لمباشرة شؤون الحكم، وهناك جانب اخر من الفقه يسميه النظام التمثيلي ويفضل مصطلح النظام التمثيلي على مصطلح النظام النيابي، لأنَّه ترجمة حرفية للمصطلح الفرنسي (Respentatif Regime)، وذلك منعاً للخلط بين النظام النيابي، الذي يُستخدَم لدى جانب من الفقه كمرادف للنظام البرلماني Regime Parlementaire)) الذي هو احد أشكال النظام التمثيلي.
وللتوفيق بين مضمون المبدأ الديمقراطي وهو سيادة الشعب والنظام النيابي لجأ الفقه إلى نظريتين أساسيتين هما: نظرية النيابة ونظرية العضو.
1. نظرية النيابة
تقوم هذه النظرية في القانون الخاص على أساس أن النائب أو الوكيل يقوم بالتصرفات القانونية اللازمة على أن تنتج أثرها في ذمة الوكيل أو المنيب، وتعتبر كأنها صادرة منه شخصيا، كما في الوكالة والولاية والفضالة، وقد استعار فقه القانون العام نظرية النيابة للتوفيق بين النظام النيابي والمبدأ الديمقراطي.
وعلى هذا الأساس فإن الشعب يقوم بتوكيل الأشخاص الذين انتخبهم لكي ينيبوا عنه في ممارسة السلطة، بحيث يكون الشعب هو الموكل والنواب وكلاء عنه، يعبرون عن إرادته ويتصرفون بإسمه.
الانتقادات التي تعرضت لها النظرية
أولا _ أنها تقوم على أساس الافتراض وليس على أساس الحقيقة والواقع فقولها أن النواب يتصرفون باسم الأمة نتيجة اختيارهم منها هو قول في غير محله، لأن الأمة فقط اقتصر دورها على اختيار النواب وأن الاعمال والتصرفات هي من عمل البرلمان وحده.

ثانيا _ أن فكرة الانابة تفترض وجود شخص ثالث يقوم البرلمان بالتعبير عن إرادة المنيب في مواجهته، فمن هو هذا الشخص؟ منطقياً ليس الشعب لأنه المنيب، وإذا قيل السلطة التنفيذية فأيضاً لا يستقيم الأمر لأنها في وضع أدنى من البرلمان ممثل الأمة وإراداتها.
2. نظرية العضو
تفترض هذه النظرية وحدانية الشخصية المعنوية للأمة ككيان شخصي له وجوده التام والكامل، كما له الحق والواجب بالتصرف على هذا الأساس كشخص كامل الأهلية، وتقوم على أساس أفتراض وجود "شخص معنوي واحد" فقط يمثل الأمة كجماعة منظمة له إرادة واحدة، وأن الهيئات المختلفة ومنها البرلمان تمثل أعضاء هذا الشخص وتتولى التعبير عن إرادته دون أن تستقل عنه.
الانتقادات التي تعرضت لها النظرية
أولا _ أنها قامت على أساس وهمي افتراضي لا يستند إلى الحقيقة والواقع، وذلك لأنها اعطت الشخصية المعنوية للأمة إلى جانب الشخصية المعنوية للدولة، في حين أن المسلم به في هذا الصدد أن الشخصية المعنوية تكون للدولة فقط وليس للامة.
ثانيا _ منطق النظرية يفتح الباب أمام تبرير استبداد الحكام بالمحكومين، نظراً لأنها لا تفرق بين ارادة الحكام و ارادة المحكومين، فليس للأفراد أن يعترضوا على تصرفات الهيئات الحاكمة مهما كانت جائرة لان ارادتهم هي ذاتها ارادة الأمة، لأن النظرية قالت أنهم يعبرون عن إرادة الأمة باعتبار أنهم أعضاء لها.
الاساس الحقيقي للنظام النيابي (النظرية الواقعية).
تقوم هذه النظرية على أساس أن النظام النيابي لا يمكن إرجاعه إلى نظريات منطقية أو حلول قانونية، وإنما يعود إلى واقع الظروف السياسية والتطورات التاريخية، فقد أدى إستحالة تطبيق الديمقراطية بصورة مباشرة في العصر الحديث إلى الأخذ بالديمقراطية النيابية، أي أن الديمقراطية النيابية أصبحت ضرورة لابد من الالتجاء إليها لكي يتمكن الشعب من حكم نفسه بواسطة من يختارهم من النواب، فنشأت هذا النظام في إنكلترا أولا ومر بمراحل طويلة من التطور كان في الحقيقة أستجابة للظروف السياسية والأجتماعية والأقتصادية، ولم يكن وليد نظريا فكرية أو فلسفية محددة وإن ساهمت المعرفة بتيسير التجربة وتطبيقها كواحدة من الخيارات الصائبة عقليا ومنطقيا.
وتُعدّ الديمقراطية النيابية أو غير المباشرة هي الأكثر انتشاراً في جميع أنحاء العالم، وفي هذا النّوع من الديمقراطية (يتم التّصويت لمجموعةٍ من الأفراد لتمثّل الشعب في البرلمان، حيث يتم الاستفادة من خبرات الأفراد الذين تمَّ انتخابهم من أجل صنع واتخاذ القرارات، بينما يُتابع باقي أفراد الشعب مهامه الأخرى، وهي بذلك تحمي حقوق الأغلبية من الشعب، وتُساعد على حماية حقوق الأقليات من خلال إتاحة فرصة انتخاب شخص ذي كفاءة عالية، إلا أنّ هذا النوع من الديمقراطية قد يتعرّض لمشاكل معينةٍ كانتخاب حكوماتٍ تفشل في تحقيق مصالح مواطنيها، وهنا من الضروريّ عمل مبادرات أو استفتاءات لحلّ هذه المشكلة، كتلك التي تُطبّق في الديمقراطية المباشرة) .
إنَّ الأخذ بنظام الحكومة النيابية كما هو واضح من قراءة فقهية لدستور عام 2005، يتطلَّب أولا الأخذ بنظام نيابي خالص يكون خلواً من أي مظهر من مظاهر النظام الديمقراطي المباشر أو شبه المباشر، أي حصلا العملية الديمقراطية باللا مباشرة التمثيلية بأعتبار النيابة اغني عن التمثيل المباشر، ولكنَّ مشرعنا الدستوري قد تبنَّى النظام النيابي وأختار في ذات الوقت بعض مظاهر النظام الديمقراطي شبه المباشر، وبالعودة إلى نصوص الدستور نجد أنَّ المشرع الدستوري قد أخذ بممارسات لا تتلائم مع طبيعة النظام النيابي، إذ أخذ بالإستفتاء العام في أكثر من مادة من مواد الدستور، ممَّا يجعل النظام السياسي في العراق لا ينطبق عليه وصف النيابي بقدر إنطباق هذا النظام مع الديمقراطية شبه المباشرة التي يحتفظ فيها الشعب إلى جانب إنتخابه لممثليه بحق تقرير بعض المسائل الهامة وفقاً لوسائل معينة.
ويذهب البعض إلى القول بأنَّ نظام الديمقراطية شبه المباشرة في حقيقته ما هو إلّا نظام نيابي مطَّور خلاصته جعل البرلمان على إتصال مباشر بجمهور الناخبين في مناسبات عديدة لكي يضمن أوسع مشاركة ممكنة له في القرار السياسي والتشريعي، وبما إنَّ الدستور العراقي قد أخذ بأهم صور الديمقراطية شبه المباشرة ألا وهو الإستفتاء العام أو الشعبي، فإنَّ النظام السياسي في العراق هو نظام ديمقراطي شبه مباشر، لكون الديمقراطية شبه المباشرة لا تشترط أنْ يأخذ النظام السياسي بجميع صورها ويكفي الأخذ بصورة واحدة من هذه، الصور وتضمينها في الدستور كما فعل المشرع الدستوري العراقي.
في ختام بحثنا لموضوع النظام النيابي وأخذه بالديمقراطية شبه المباشرة وتطبيقه على دستور 2005 توَّصلنا إلى بعض النتائج هي ثمرة هذه الدراسة، وسنورد أهما إتماماً للفائدة العلمية والعملية وهي: -
ألف _ يتضح لنا بأنَّ النظام النيابي يتألف من أربعة أركان هي (وجود هيئة نيابية منتخبة) و (أنْ تتسم فترة عمل الهيئة النيابية بالتأقيت) و (تمتع الهيئة النيابية بسلطات فعلية ) و (تمثيل عضو الهيئة النيابية للشعب بأجمعه).
باء _ يتضح لنا كذلك بأنَّ دور الشعب في الديمقراطية النيابية يتوقف بمجرد أنتخاب الهيئة النيابية التي تمثله، بعكس الديمقراطية شبه المباشرة التي يُشارِك فيها الشعب الهيئة النيابية المنتخبة من قبله في بعض مسائل الحكم المهمة، وبذلك يُعدُّ نظام الديمقراطية شبه المباشرة نظاماً نيابياً متطوِّراً كما أسماه البعض .
جيم _ تبيَّن لنا من خلال الدراسة بأنَّه لا يُشترَط تحقق كافة صور الديمقراطية شبه المباشرة لكي يُعدُّ النظام نظاماً ديمقراطياً يأخذ بالديمقراطية شبه المباشرة إذ يكفي تحقق صورة واحدة لكي يُعدُّ كذلك وهو ما تحقق في دستور العراق لعام 2005 عند إيراده لصورٍ عدة لصورة الإستفتاء الشعبي .
دال _ إنَّ المادة (1) من دستور العراق أخذت بالنظام النيابي ولكن من قراءة واقع النصوص الواردة في الدستور يتبيَّن لنا بأنَّ الدستور أخذ بنظام الديمقراطية شبه المباشرة وكان من الأفضل عدم النص على شكل نظام الحكم في الدستور وترك ذلك لإجتهاد الفقه الدستوري لتحديد شكل نظام الحكم الفعلي .
هاء _ خلصنا إلى أنَّ قانون التصديق على إتفاق جمهورية العراق والولايات المتحدة الأمريكية بشأن إنسحاب القوات الأمريكية من العراق وتنظيم أنشطتها خلال وجودها المؤقت فيه رقم 51 لسنة 2008، قد نصَّ على ضرورة إجراء الإستفتاء العام على الأتفاق المذكور وتُعدُّ نتيجة هذا الإستفتاء ملزِمة للحكومة العراقية، إلّا إنَّ هذا الإستفتاء لم يُجرَ وظلَّ نص القانون غير مفعَّل .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصراع بين الطبيعة التكوينية وضرورات السلام؟
- الكفر والكافرين والعقل المتخشب في الدلالة والمقصد
- الإيمان الطوعي والإيمان المتغلب
- بلاغيات ... من وحي التكوين 2
- بلاغيات ... من وحي التكوين
- ذكر إنما أنت مذكر... ح 6
- ذكر إنما أنت مذكر... ح 5
- ذكر إنما أنت مذكر... ح 4
- ذكر إنما أنت مذكر... ح 3
- الرسول والرب والغراب
- ذكر إنما أنت مذكر... ح2
- ذكر إنما أنت مذكر...
- الكتابة بدون هدف...
- حكاية الطين والرمل والحجر
- رمضانيات...ولكن.
- لا مهديا بعد كتاب الله ورسوله. ح2
- لا مهديا بعد كتاب الله ورسوله. ح1
- قراءة في المتغيرات العراقية القادمة
- حرزف.... وأزرار
- أنا والطريق


المزيد.....




- الخارجية الأمريكية: حددنا 5 وحدات إسرائيلية ارتكبت انتهاكات ...
- مصدر إسرائيلي يحذر: مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وقادة إسرائي ...
- سبب مثير وراء اعتقال روسيا جنديا سابقا بجيش الاحتلال الإسرائ ...
- لماذا ترفض المملكة المتحدة قرار إيرلندا بإعادة طالبي اللجوء ...
- المندوبة الأمريكية: واشنطن لا تتدخل في عمل المحكمة الجنائية ...
- إسرائيل تستنفر سفاراتها تحسبا لمذكرات اعتقال بحق مسئوليها
- يديعوت أحرونوت ترجح صدور مذكرات اعتقال سرية بحق مسئولين إسرا ...
- ليبيا.. الحرب السودانية وأزمة اللاجئين
- نتنياهو ومخاوف أوامر الاعتقال الدولية
- -هيومن رايتس ووتش-: رد فعل رؤساء الجامعات الأمريكية على الاح ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عباس علي العلي - الطبيعة التوصيفية الفقهية الدستورية لنظام الحكم في العراق بعد 2003