أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبدالله عبداللطيف المحامي - جريمة الإفطار في رمضان














المزيد.....

جريمة الإفطار في رمضان


عبدالله عبداللطيف المحامي

الحوار المتمدن-العدد: 1711 - 2006 / 10 / 22 - 11:49
المحور: حقوق الانسان
    


في إحدي ليالي شهر رمضان كنت أحضر تحقيقا قضائيا بالنيابة العامة بالفترة المسائية ، وفجأة وجدت ضباط المباحث حضروا إلي سراي النيابة وبصحبتهم نحو ثلاثين شخصا – مواطنين – مقبوض عليهم ومكبلين بالكلبشات مع حراسهم من أمناء الشرطة والمخبرين ، وإنزعجنا جميعا من هذا عدد المتهمين ، وكان سؤالا يدور في أذهاننا جميعا ، ما هي تهمتهم ؟ وببرود شديد أجاب ضابط المباحث ، التهمة هي الإفطار في نهار رمضان !!!
وقد قام ضابط المباحث ورجاله بحملة مكثفة بالمدينة وإقتحم أبواب المقاهي والكافتيريات والكافي شوب المغلقة وألقي القبض علي هؤلاء الناس الذين كانوا داخل هذه الأمكنة – بعيدا عن أعين الناس – يتناولون طعاما أو مشروبات ، وبالفعل هناك نصا في القانون المصري يؤثم ويجرم ( الجهر ) بالإفطار في نهار رمضان ، .
وقضيتنا هنا ليس فقط الثلاثين مواطنا – المتهمين – الذين وقع في قلوبهم الرعب من تلك الحملة المباحثية ، وألقي القبض عليهم وما يصاحبه من الطقوس المعروفة والتي يؤديها بشكل تلقائي ويستقبلها المواطن بصورة أكثر تلقائية من إهانات وحط من كرامة الإنسان فضلا عن إحتجاز مع المجرمين وأصحاب السوابق ووضعهم بالقيد الحديدي ، وجعلهم فرجة للكافة يتفرج عليهم القاصي والداني ، وعرضهم علي النيابة وإعادتهم إلي قسم الشرطة لإخلاء السبيل وقبل ذلك عرضهم علي الشعبة الجنائية بالمديرية ، يعني من الآخر مرمطة ، ليست هذه القضية فقط ، ففي هذا الشأن تجاوز ضابط المباحث أحكام نص القانون ففي مثل حالة هؤلاء لم يكن هناك جهرا بالفطر لكنهم كانوا مستترين وكأنهم يتعاطون المخدرات ويرتكبون جريمة بالفعل .
ولكن الضابط وجد سندا لتجاوزه القانوني من نص في القانون .
تلك هي القضية .
المجتمع المصري مجتمع به علي الأقل ديانتين ففيه المسلم والمسيحي ، وقد تكون هناك ديانات أخري ، فضلا عن وجود فئة لا تؤمن بدين ، وقد نص الدستور المصري علي مبدأ حرية العقيدة ، وصادقت الحكومة المصرية علي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي ينص ويؤكد علي حرية الرأي والإعتقاد وحرية ممارسة الشعائر الدينية .
فهل يقبل في ضوء ذلك القول بتجريم الإفطار في نهار رمضان ؟
غير المسلم أساسا غير ملزم بصيام رمضان .. هل نصادر حقه في الفطر ؟
وهناك من المسلمين – غير المتدينيين – الذين لا يصوموا الشهر .
وهناك من المسلمين المتوفر لديهم رخصة للفطر كالمرض والسفر
هل نصادر حقوق هؤلاء ؟
ذكرني هذا المشهد بسلوك جماعة بالمملكة العربية السعودية تسمي ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) ، يمشي رجالها في الشوارع وقت الصلاة ويضربون الناس بعصا ليدخلوهم كرها إلي المساجد لتأدية الصلاة ، وتجد من بين المكرهين – غير مسلمين – دخلوا كرها – في الزحمة – بين جموع المصلين ، لم يعطوا حتي فرصة توضيح موقفهم أنهم يدينون بديانة غير دين الإسلام وغير ملزمين بأداء الصلاة !!!
هل هذا الحال يعطي مؤشرا ولو بسيطا أننا في مجتمع يسعي إلي التقدم ؟
هل هذا جهادا يرضي الله ورسوله ؟
قلنا ونقول وسنظل نعلنها أن إعتماد مبدأ المواطنة كأساس للتعامل في المجتمع في ظل دولة علمانية تضمن مناخا من الحرية في إبداء الرأي والمشاركة والعبادة والإعتقاد وممارسة الشعائر والقبول بالآخر والتسامح وإبعاد الدين وعدم حشره في كل كبيرة وصغيرة بل أن الدين علاقة روحية بين الإنسان وخالقه ، يظل هو الحل والمخرج لهذه الأمة من كبوتها .
هل نعبد الله بالإكراه ؟ هل نصلي لله كرها ؟ هل نصوم رمضان إجبارا ؟
وهل تؤدون بذلك خدمة جليلة للدين الإسلامي ؟
لا ننكر إن مجتمعنا تسيطر عليه جماعات الهوس الديني ، ولا ننكر أيضا أن المثقفين الذين ينبغي أن يقوموا بدور تنويري وتوعوي ينحسرون وليسوا إلا أفرادا يقدمون إجتهادات أو أدوار فردية هنا وهناك ولا يؤثرون في الشارع كثيرا ، إذ أن وعي المواطن لازال مملوءا بخرافات هؤلاء المهاويس أصحاب تيارات الإسلام السياسي وهم الأكثر تنظيما وتمويلا ويملؤون الشوارع والمساجد والجامعات والنقابات ضجيجا وصراخا ويحسبون أنفسهم شهداء وضحايا للمجتمع الكافر !!!
نعرف أن الدين محورا مهما في حياة الناس لكن الضرب علي هذا الوتر ينبغي أن يكون في صالح تقدم هذه الأمة ، نفهم أن الدين قوة دافعة للتقدم وليس ظلاميا كما يقدمونه .
والموضوع يبدأ بتربية الطفل تربية صحيحة تجعله يفكر تفكيرا نقديا ولي مجرد وعاء تملؤه بكراهية الآخر وتنمي فيه بذرة التعصب الديني وتبني فكرة الإرهاب الفكري الذي يؤدي لا محالة إلي الإرهاب الدموي .
الأطفال يزفون المفطرون وهم يغنون ( يا فاطر رمضان يا خاسر دينك .. قطتتنا السودا تشد مصارينك " أمعاءك " .. يا صايم رمضان يا عابد ربك .. قطتتنا البيضا تبوسك من خدك ) ، وهكذا نزرع بداخلهم بذور الفتن بدلا من زرع قيم الحرية والديمقراطية والحوار .
وهكذا يتم تغذية المجتمع في الإتجاه الخاطيء حتي يصل الأمر أن تسن الدولة قانونا تعتبر الإفطار في نهار رمضان جهرا جريمة يعاقب عليها القانون .. هذا ما يجب أن نقف عنده ونناقشه ونتخذ معه موقفا إيجابيا .
---
للتواصل :
[email protected]
[email protected]



#عبدالله_عبداللطيف_المحامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا نناهض ختان البنات ؟ .. ورقة للمناقشة
- جرائم خلف النقاب
- حرية الرأي والدين والتعبير .. إلي أين ؟
- رئيس جمهورية .. الأسانسير
- العلمانية بين الدولة الدينية والدولة المدنية
- لحظة ميلاد
- دلالات صعود تيار الإسلام السياسي
- بين الذبابة والخنزير في الفقه السلفي والتفسير ..
- علي هامش إعتقال الكاتب عبدالكريم نبيل سليمان ... شرعية إعلان ...
- شرعية إعلان وإستمرار حالة الطواريء في مصر علي هامش إعتقال ال ...
- تقرير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان حول أحداث الأسكندرية
- حول إعتقال عبدالكريم نبيل سليمان بسبب أرائه .... حرية الرأي ...
- لحن الخلود
- الإخوان المستبدون .. ديكتاتورية بإسم الدين
- قبل الرحيل
- زرعتك في قلبي .. سوسنه
- الإستبداد في فكر الإخوان المسلمين
- الإسلام هو الحل .. الإخوان المسلمون وإنتهازية الشعارات
- إعترافات ثريا حمدون .. قراءة في إعترافات آذار الأخير
- مدخل .. آليات التدريب في مجال حقوق الإنسان - 1


المزيد.....




- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان
- التوتر سيد الموقف في جامعات أمريكية: فض اعتصامات واعتقالات
- غواتيمالا.. مداهمة مكاتب منظمة خيرية بدعوى انتهاكها حقوق الأ ...
- شاهد.. لحظة اعتقال الشرطة رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري ال ...
- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
- الرئيس الايراني: ادعياء حقوق الانسان يقمعون المدافعين عن مظل ...
- -التعاون الإسلامي- تدعو جميع الدول لدعم تقرير بشأن -الأونروا ...
- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبدالله عبداللطيف المحامي - جريمة الإفطار في رمضان