أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - لويس ألتوسير.. حياته، معاناته وأعماله (الجزء الثاني)















المزيد.....

لويس ألتوسير.. حياته، معاناته وأعماله (الجزء الثاني)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 7568 - 2023 / 4 / 1 - 08:36
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بعد انضمامه إلى الحزب الشيوعي الفرنسي، وتحديدا سنة 1949، شارك عن كثب في أنشطة المجموعة، إلى حد انه نشر مقالا طويلا في الكراسة العاشرة لشبيبة الكنيسة (بعنوان "مسألة وقائع"، أعيد نشره في "كتابات فلسفية").
عديدة هي التماثلات المذهلة بين شبيبة الكنيسة وعلاقة ألتوسير المستقبلية بالسياسة. وبوصفه حذرا جدا من أي شكل من أشكال الوساطة، طالب مونتيكلار "بسياسة إيمانية" حقيقية، تتمحور حول هدف تجديد الكنيسة انطلاقا من جماعة قاعدية.
إلى جانب اهتمام لويس ألتوسير المتأخر بلاهوت التحرير في الثمانينيات، لا يسعنا إلا أن يفكر هنا في موقعه داخل الحزب الشيوعي الفرنسي. وليس من الاستسلام لسحر الوهم الاستعادي إقامة صلة بين "مناهضة الإنسانية النظرية" لألتوسير في سنوات 1960-1970 والمناهضة المسيحية للإنسانية التي أكدها موريس مونتيكليار في عام 1949.
شكل انضمام لويس ألتوسير إلى الحزب الشيوعي عام 1948 التزاما بلا رجعة، وظاهرة استثنائية لـ "مثقف عظيم" من هذا الجيل. ولكن على عكس كثيرين غيره، لم يمارس مطلقا أدنى مسؤولية في هيئات الحزب، الرسمية أو غير الرسمية. لم يكن عضوا في اللجنة المركزية ولا حتى سكرتير خلية، كما أنه أبعد نفسه عن المؤسسات الفكرية مثل مركز الدراسات والبحوث الماركسية، ولم يكن ينتمي إلى هيئة تحرير أي مجلة مرتبطة بالحزب.
وإذا كانت أرشيفاته تحتوي على "ملاحظة لـهنري كرازيكي [المسؤول حينئذ عن القطاع الفكري في كتابة اللجنة المركزية] في ما يتعلق بسياسة الحزب تجاه العمال المثقفين"، بتاريخ فبراير 1965، كان كل شيء يشير إلى أن الأمر يتعلق بمبادرة شخصية.
لا يمكن تفسير هذه الظاهرة بالكامل إلا انطلاقا من ظروف عضوية ألتوسير في الحزب الشيوعي الفرنسي. وكما كان متحمسا لحزب البروليتاريا، فقد دخله في نفس الوقت باهتمام خاص: إعادة تأهيل هيلين. ولأسباب غامضة، فإن الأخيرة، حسب قولها عضوة في الحزب قبل الحرب، لم تتمكّن من الاندماج فيه، رغم جهود ألتوسير للتغلب على العداء تجاهها. بالإضافة إلى ذلك، طُردت من حركة السلام عام 1950، ودُعي لويس ألتوسير للانفصال عن "عدوة الحزب" هاته.
في ظل هذه الأحداث المؤلمة، أصبح يعرف الآن ما يمكن توقعه فيما يتعلق بالممارسات الحزبية: سيحافظ على هذا "الفكر بالخلف" والذي سيقوده دائما إلى التقدم مقنعا. ووفقا لبنية التوسيرية بشكل نموذجي، فإن الارتياح هنا معاصر تماما لخيبة الأمل. ولم يكن لمحاكمة هيلين غير المقبولة أي علاقة بإعدام راجك.
بالنسبة إلى لويس ألتوسير، مهما أكد لاحقا، كان بالطبع ستالينيًا، كما يظهر بوضوح شديد في كتاباته المنشورة بعد وفاته. لكننا قد نبحث عبثا عن أي أثر للمشاركة في مختلف أشكال المحاكمات السياسية السارية في ذلك الوقت في إطار الحزب الشيوعي الفرنسي. أما بالنسبة لمضمونها، فإن الستالينية عند ألتوسير كانت لها نبرة خاصة به وحده.
الالتزام الشيوعي لا يمكن تبريره أبدا بأدنى إشارة إلى "اتجاه التاريخ": على العكس من ذلك، فقد أصر دائما على فقر البروليتاريا، وعلى الهشاشة الشديدة للحزب المنكوب، (كتابات فلسفية...، ر 1، ص: 312 - 313).
هذا النوع من العلاقة بالحقيقة مفيد للغاية: 1) مهما كان الستاليني لويس ألتوسير، فإن أرشيفاته لا تحتوي على أي إشارة إلى نظرية "العلمين" (العلم البرجوازي والعلم البروليتاري). وإذا كنا لا نعرف موقفه بالضبط في "قضية ليسينكو"، فإن أقل ما يمكننا قوله هو أنه لم يكن متحمسا لها على الإطلاق.
فضلا عن ذلك، عندما أثار هذا المسألة متأخرا سنة 1954 في مسودة خطاب أمام مؤتمر فرعي، تم ذلك بعبارات مناقضة تماما لتلك التي استخدمها، مثلا، لويس أراغون عام 1948: "عندما نادى رد الفعل ... بتدخل السياسة في العلم، أعطينا الانطباع بالإجابة كلمة بكلمة قائلين: نعم هو بالفعل تدخل سياسي، لكنه تدخل سياسي معين، لأنه من صنع حزب الطبقة العاملة - بدلا من تطوير الفكرة في نفس الوقت وبقوة متساوية، وهي فكرة غريبة تماما على أعدائنا، (مفادها) أن هذا التدخل حدث لأسباب علمية، وأنه تم تبريره بشكل أساسي من خلال الطابع العلمي لبيولوجيا الطليعة". 2) إن واجب الحقيقة لدى الشيوعيين، ولا سيما المفكرين منهم، مؤسس أنطولوجيا على حقيقة أن الأمر يتعلق "بان نرد للرجال ما اعطوه [إيانا] . مثل العمال الذين يعطوننا الخبز، فهم يعطوننا الحقيقة التي نعيشها" (رسالة إلى جان لاكروا، ص: 306). لكن تدارك الحقيقة يفترض أولاً وقبل كل شيء استخراجها المؤلم.
يرفض لويس ألتوسير رؤية الماركسية على أنها "فلسفة محايثة للبروليتاريا" بحيث نكون أمام مجرد مسألة تجميع وتطوير. إذا كان أفق ألتوسير هنا هو "الدين (بكسر الياء) الخيالي لعدم ولادته بروليتاريا" الذي تم استنكاره لاحقا في مقدمة كتابه "دفاعا عن ماركس"، فإننا نجد بالفعل بذرة الفكرة، المستعارة من كاوتسكي، والمميزة لألتوسير البالغ، وهي المظهر الخارجي للعلم و الحركة العمالية.
كانت الخمسينيات من القرن الماضي سنوات الاستقرار والنضج. ورغم أن تأثير ألتوسير ظل محدودا للغاية، إلا أنه اكتسب سمعة فكرية قوية. كمشارك بشكل كبير في الحياة الداخلية للمدرسة العليا للأساتذة، التي شغل فيها منذ عام 1950 وظيفة سكرتير أسيئ تحديدها، اصبح كايمان الفلسفة شخصية لا يمكن الاستغناء عنها، وستدعمه إدارة المدرسة دائما بشكل فعال خلال نوبات ذهانه.
وكمنتبه يفظ حيال مسألة تدريس الفلسفة، نشر، مثلا، مساهمة في العدد الخاص من مجلة (Esprit) (يونيو 1954) المخصصة لإصلاح التعليم. وكعضو في مكتب جمعية أساتذة الفلسفة في التعليم العمومي، شارك بانتظام في أنشطتها، ونشر عدة مقالات في مجلة التعليم الفلسفي: "حول الماركسية" و "ملاحظة حول المادية الديالكتيكية (1953)، يهدف من ورائها إلى أن يقدم إلى المؤسسة، التي لا يحملها على محمل الجد، فلسفة ماركسية علمية منبثقة من مناقشات ماركس الشاب، ويعتقد أنها متميزة بشكل أساسي عن المادية التاريخية؛ بالإضافة إلى مقال آخر بعنوان "عن موضوعية التاريخ (رد على بول ريكور)" (1955).
لكنه في هذه الأثناء كان مهتما بشكل أساسي بالفلسفة السياسية الكلاسيكية، لذلك قدم مشروع أطروحة حول "السياسة والفلسفة في القرن الثامن عشر الفرنسي"، والقى درسا متميزا حول التصورات التاريخية في القرن الثامن عشر. ضمن هذا السياق نشر عام 1959 كتابه الأول: "مونتسكيو، السياسة والتاريخ"، الذي ركز فيه على تحليل المواقف الطبقية لمونتسكيو، وعلى نقد أسطورة مونتسكيو المنظر حول "فصل السلط". ومن الناحية السياسية، لم يكن لويس ألتوسير مرتبطا بأي جماعة معارضة داخلية للحزب الشيوعي الفرنسي.
(يتبع)



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ورزازات: المكتب المحلي للاشتراكي الموحد ضاق ذرعا بما تتعرض ل ...
- لويس ألتوسير.. حياته، معاناته وأعماله (الجزء الأول)
- تقرير مفصل حول ملف عقاري رائج حاليا بردهات محكمة الاستئناف ب ...
- المحطات الأساسية في حياة العلامة ابن خلدون
- المغرب: العوامل المتحكمة في غلاء أسعار الخضروات واللحوم من م ...
- فلسفة الأنوار وموت الموت حسب ماريو يونو ماروزان
- جمال العسري ينخرط في موجة انتقاد آخر جلسة حوارية بين النقابا ...
- عن الأدب المكتوب في المعتقلات النازية والستالينية
- الدولة الاجتماعية وفق صنافة غوستا إسبينغ أندرسن
- تفاصيل اختفاء أغاثا كريستي عن الأنظار
- هل ستؤدي المصالحة بين الرياض وطهران إلى وقف الحرب في اليمن؟
- الحمض النووي اامستخلص من خصلة شعر بيتهوفن يكشف عن أمراضه
- ميشال مافيزولي عوج بن عنق السوسيولوجيا الفرنسية
- تلخيص كتاب رينيه ديكارت-قواعد لتوجيه الفكر-
- تقرير الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان بالمغرب برسم 2022: ...
- تلخيص كتاب رينيه ديكارت -قواعد لتوجيه الفكر- (الجزء الخامس و ...
- الطاهر بنجلون يكتب عن موت الرجل العجوز الذي كان يقرأ الروايا ...
- تلخيص كتاب رينيه ديكارت -قواعد لتوجيه الفكر- (الجزء الرابع)
- ماكرون يتحدى الغضب الشديد بسبب إصلاح نظام التقاعد
- تلخيص كتاب رينيه ديكارت -قواعد لتوجيه الفكر- (الجزء الثالث)


المزيد.....




- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
- لماذا يقامر الأميركيون بكل ما لديهم في اللعبة الجيوسياسية في ...
- وسائل الإعلام: الصين تحقق تقدما كبيرا في تطوير محركات الليزر ...
- هل يساعد تقييد السعرات الحرارية على العيش عمرا مديدا؟
- Xiaomi تعلن عن تلفاز ذكي بمواصفات مميزة
- ألعاب أميركية صينية حول أوكرانيا
- الشيوخ الأميركي يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان ...
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - لويس ألتوسير.. حياته، معاناته وأعماله (الجزء الثاني)