أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يعقوب بن افرات - الربيع الإسرائيلي.. وأسئلة الصراع الوجودية















المزيد.....

الربيع الإسرائيلي.. وأسئلة الصراع الوجودية


يعقوب بن افرات

الحوار المتمدن-العدد: 7563 - 2023 / 3 / 27 - 10:49
المحور: القضية الفلسطينية
    



كل يوم سبت وعلى مدار أكثر من شهرين تخرج جماهير غفيرة إلى الميدان في تل أبيب تردد بصوتها العالي “ديمقراطية” احتجاجاً ضد سياسات الائتلاف الحكومي اليميني المتطرف الذي يصرّ على إحداث انقلاب على القيم الليبرالية عبر سن تشريعات من شأنها الحد من سلطة القضاء واستقلاليته وخاصة تقويض صلاحيات المحكمة العليا، أعلى جهة قضائية في إسرائيل.

ما يميز هذه المظاهرات الحاشدة التي تقض مضجع اليمين المتطرف هو رفع المتظاهرين العلم الإسرائيلي ومعه في معظم الأحيان رايات بألوان الطيف “ألوان قوس قوزح” التي تمثل مجتمع الميم، وهذه رسالة واضحة بأن إسرائيل الديمقراطية تريد أن تعيش بحرية وترفض رفضاً مطلقاً محاولة الأحزاب الدينية واليمينية الحاكمة فرض الأحكام الدينية على المجتمع الإسرائيلي.

إلى جانب العلم الإسرائيلي يشدد المتظاهرون على تمسكهم بوثيقة الاستقلال التي أعلنتها الجمعية التأسيسية لدولة اسرائيل في عام 1948، والتي وقع عليها حينذاك رئيس الوزراء بن غوريون وقيادات المجتمع اليهودي في البلاد، التي تنص على إقامة دولة ونظام يضمن “المساواة الكاملة في الحقوق اجتماعيا وسياسيا بين جميع رعاياها من دون تمييز قائم على الدين أو العرق أو الجنس وتكفل حرية الأديان والاعتقاد والتعبير والتعليم والثقافة وتحافظ على حرمة الأماكن المقدسة لجميع الأديان وتراعي مبادئ ميثاق الأمم المتحدة”.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا، كيف يمكن الربط بين الديمقراطية من ناحية وطبيعة الدولة اليهودية؟ لا بل كيف يمكن تفسير هذا الالتفاف حول العلم الإسرائيلي الذي من المفترض أن يشمل كل مواطني الدولة بمن فيهم العرب في حين يتم إقصاؤهم؟ وكيف يمكن أن يكون هناك نظاماً ديمقراطياً وحراً يتعايش مع نظام الأبارتهايد الذي تفرضه الدولة اليهودية على 5 ملايين فلسطيني من سكان الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية؟


يرفعون العلم الإسرائيلي بوجه الحكومة الفاشية

على الرغم أن غالبية الجمهور الليبرالي في إسرائيل لا تقبل الاحتلال إلا أن العلم الفلسطيني ليس مرغوباً به في المظاهرات وذلك بحجة أنه “في غير وقته”. بمعنى آخر نحن نريد إنقاذ الديمقراطية “اليهودية” أولاً لكي نتفرغ بعدها لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. إن هذا الجمهور الذي يستخدم كل الوسائل المتاحة أمامه للتعبير عن احتجاجه، من رفض الخدمة العسكرية إلى العقوبات الاقتصادية من قبل القطاع الخاص وحتى مشاركة المدارس بطلابها ومعلميها، من أجل الحفاظ على نمط حياته الليبرالي، لجأ إلى العلم الإسرائيلي لكي يبرز إخلاصه للدولة ولكن وفق قيمها الليبرالية البعيدة عن النهج العنصري الديني الذي تمثله الحكومة الحالية.

المفارقة هنا تذهب إلى أماكن أعمق تتمثل بمشاركة الكثيرين من المتكلمين في صفوف المتظاهرين ومنهم أشخاص كانوا حتى الأمس القريب مخلصين بالمطلق لدولة إسرائيل ولم يظهروا أبداً في آية مظاهرة سابقة ضد الاحتلال، ويعلن هؤلاء بشكل لا يقبل التأويل بأنه في حال فرض نتنياهو نظاماً دكتاتورياً على البلاد سيؤدي بهم إلى الإعلان عن القطيعة مع الدولة وهذا الأمر سيؤدي إلى تدمير مفاهيم الانتماء أو التضحية أو المساهمة في بناء دولة اسرائيل.

ولكن في الحقيقة وعلى مدار سنوات الماضية لم يعلق الجمهور الليبرالي العلم الإسرائيلي على شرفات منازلهم وسياراتهم بمناسبة عيد الاستقلال منذ مجيء اليمين إلى الحكم. وكان العلم الإسرائيلي قد أصبح مع مرور الزمن رمزاً للمستوطنين في “مسيرة الأعلام” الإسرائيلية سيئة الصيت التي ينظمها المستوطنون في يوم “تحرير” القدس، وتحولت هذه المسيرة التي تجوب شوارع القدس القديمة إلى حدث عنصري واستفزازي يهدف في المقام الأول إلى إذلال مشاعر الفلسطينيين في القدس. كما تحول العلم الإسرائيلي إلى علم الابارتهايد والتطرف الديني وعلم إسرائيل الكبرى من النهر إلى البحر، وتجرد من مضمونه الديمقراطي المنقوص وفق ما تصوره مؤسسي الدولة في 1948.

واليوم، يعي كل متظاهر في عموم البلاد ضد ديكتاتورية اليمين بأن جذور الفاشية الدينية وأرضها الخصبة تمكن في عمق الاستيطان الإسرائيلي وأن مشاريع القوانين التي تصر حكومة نتنياهو على تنفيذها هي انقلاب على النظام القضائي مصدرها “فوروم كهليت” الممول من قبل اليمين المتطرف الأمريكي ويقوده موشيه كوبل الذي يسكن في مستوطنة افرات.

كيف التعامل مع المظاهرات الجبارة

في ظل هذه الأزمة الداخلية “غير المسبوقة” في إسرائيل، يجب أن نسأل أنفسنا، كيف نتعامل مع هذا الحادث العظيم الذي أحدث انقساماً حاداً في المجتمع الإسرائيلي ويهدد بسلامة كيانه؟ كيف نتعامل مع جمهور يعلن صراحة بأن إخلاصه لمبادئ الديمقراطية يفوق إخلاصه للدولة، ويجاهر بأنه لن ينصاع لقرارات الحكومة في حالة تعارضت مع أحكام المحكمة العليا ومن هؤلاء ضباط كبار في الجيش وجهاز المخابرات.

وهل من الممكن التسامح مع العلم الإسرائيلي عندما يرفع من قبل من يلتزم بالمبادئ الديمقراطية ويحوض معركة وجودية ضد اليمين الفاشي أم علينا أن نبقى لا مبالين كون هذا “صراع بين اليهود” ولذلك لا يعنينا. والسؤال الأهم هو هل على الفلسطينيين طرح برنامجهم الديمقراطي للتأثير على ما يجري داخل المجتمع الإسرائيلي؟ هل من المهم أن نعمل على تعميق الانقسام بين المستوطنين وبين الليبراليين؟ كيف ممكن أن يؤثر موقف ديمقراطي فلسطيني جامع على الرأي العام الإسرائيلي؟

فشل حل الدولتين

إن رفع العلم الفلسطيني ليس كاف، فمثل كل علم يحمل رسائل عديدة وأحيانا متناقضة. هل يمثل هذا العلم السلطة الفلسطينية وبرنامج الدولة إلى جانب دولة إسرائيل؟ وهل هذا العلم، الذي من دون شك يمثل الطموح لحرية الشعب الفلسطيني من القمع والتشريد، ويمثل الديمقراطية أيضا؟ هل الديمقراطية هي شرط أساسي لضمان الحرية وهي فوق الوحدة الوطنية مثل ما يحدث اليوم داخل المجتمع الإسرائيلي؟ وهل يسمح برفع علم بألوان القوس قزح إلى جانب العلم الفلسطيني؟ هل يمثل هذا العلم التسامح أم التمييز ضد من لا يتماشى مع الأعراف والتقاليد؟ هل يمكن لمثل هذا العلم أن يجمع بين كل الليبراليين من فلسطينيين وإسرائيليين أم أنه مثله مثل العلم الإسرائيلي يفصل بينهما على أساس قومي؟

في حقيقة الأمر، نرى بأن العلمين اللذين يمثلان طرفين متناقضين – الدولة المحتلَة من ناحية والشعب الذي يعيش تحت الاحتلال من الناحية المقابلة- بأنهما يقدسان الانفصال ويشكلان عقبة أمام بناء مجتمع مشترك. إن الأزمة الوجودية في إسرائيل اليوم وما تمثله من صراع على هوية الدولة هي نتيجة مباشرة لاتفاق أوسلو ورفض الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره. إن الاجماع الإسرائيلي الجديد الذي تكوّن منذ أن قال رئيس الوزراء ايهود براك عام 2000 انه ليس هناك شريكاً فلسطينياً للسلام وبالتالي لا حل للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، وهو الأمر الذي أوصل إسرائيل إلى هذا الاقتتال الداخلي اليوم.

إن الاعتقاد “بعدم وجود حل للقضية الفلسطينية” سائداً في أوساط الأحزاب الصهيونية، لكن اليوم يمثل الصراع الداخلي في المجتمع الإسرائيلي هو هاجس الإسرائيليين جميعاً، حيث أصبح الخلاف على هوية الدولة التي وصلت إلى شفا هاوية ولم يعد يمكن لطرفي النزاع أن يجدا طريقة لحله.

يعني ذلك بأن القضيتين – نظام الأبارتهايد على الفلسطينيين والصراع على هوية الدولة – مرتبطتان مع بعضهما البعض ولا يمكن الفصل بينهما.

فمن يرفع العلم الإسرائيلي يحاول إبراز إخلاصه لإسرائيل والتعريف عن نفسه بأنه “الوطني الحقيقي” لكنه بنفس الوقت يستفز التيار اليميني المتطرف الذي يسعى إلى تحويل البلاد إلى دولة يهودية صرفة ويرى في الحريات الشخصية والمدنية والجنسية خطرا على وجوده.

الحل الديمقراطي.. دولة واحدة للشعبين

بدوره، العلم الفلسطيني لا يجمع أيضاً طرفي الصراع السياسي الداخلي، فالانقسام بين حماس وفتح، وبين الرؤية الليبرالية والرؤية الدينية المتطرفة لا يمكن التسوية بينهما. وإن السلطة الفلسطينية التي تتغطى بالعلم الفلسطيني وتسمي نفسها دولة فلسطين فهي ليست أكثر من نسخة طبق الأصل للأنظمة العربية الفاسدة، إذ أنها لا تلتزم بإجراء انتخابات ديمقراطية في حين تحاول ترسيخ سيطرة النظام الفاسد مثله مثل الأنظمة العربية المجاورة التي لا تمتلك قضاء نزيه ومستقل وتمارس قمع الحريات الأساسية وبمقدمتها حرية التعبير والتنظيم والتظاهر.

من هنا، فإن الكلام عن إنهاء الاحتلال يفقد معناه تماماً، طالما لا يأخذ بعين الاعتبار بأن النظام السياسي الإسرائيلي هو الذي يقف اليوم على المحك، وأن النضال من أجل إقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع والقدس أصبحت اليوم شيء من الماضي أولاً بسبب انتشار الاستيطان وثانياً بسبب الفشل الذريع لبناء مؤسسات الدولة الفلسطينية المستقلة.

على كل من يريد أن يعيش في نظام ديمقراطي في الإقليم الممتد بين نهر الأردن والبحر المتوسط أن يعمل ليس على الفصل بين الشعبين، بل على الوحدة بينهما على أسس ديمقراطية، واستنادا إلى دستور يضمن حقوق المواطن الأساسية ضمن دولة واحدة، ومصير واحد ومصالح مشتركة.

إن حل الدولتين أدى إلى الانقسام الفلسطيني وإلى وجود سلطة تابعة لإسرائيل من جهة، وإلى نظام أبارتهايد وحكومة يمينية فاشية متطرفة تريد ان تصبغ إسرائيل بلون واحد وتجعلها دولة دينية استعمارية لا يمكن للإسرائيليين الأحرار أن يعيشوا فيها من جهة اخرى.

إن الحل الديمقراطي يحتم على الشعبين الاتحاد على أساس برنامج الدولة الواحدة الديمقراطية البعيدة عن التطرف الديني من الطرفين



#يعقوب_بن_افرات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة مصيرية في إسرائيل والفلسطينيون يتجاهلونها
- الديمقراطية الإسرائيلية في أزمة عميقة.. والإسرائيليون والفلس ...
- نتانياهو أمام عصيان مدني مقبل
- بوتين لن يحقق الحلم الفلسطيني
- السلام الاقتصادي والدولة الواحدة
- أزمة الحكومة وسجن دولة فلسطين:
- حراك “بدنا نعيش” إلى أين؟
- الصراع ضد ترمب, بايدن وأوكرانيا ومسيرة الأعلام
- اليسار واليمين في اسرائيل على حد سواء يواصلان نهج نتنياهو
- فوضى بالوضع الامني, الائتلاف الحكومي الإسرائيلي والحرب في أو ...
- حرب أوكرانيا.. إسرائيل تختار معسكر الاستبداد
- الصراع بين الديمقراطية والاستبداد محور عربي إسرائيلي مناهض ل ...
- إسرائيل تؤيد بوتين
- سوريا وأوكرانيا وأوميكرن.. اختبار للديمقراطية وتوجب استخلاص ...
- الملف الإيراني.. يضع العلاقات الأمريكية الإسرائيلية على المح ...
- سقط نتانياهو وبقي ارثه
- الانتخابات الإسرائيلية 2021 حان الوقت للاختيار أما الاستبداد ...
- جولة الانتخابات الرابعة في إسرائيل لن تكون كسابقاتها
- حان الوقت ل -نيو ديل- فلسطيني أخضر
- هل من بديل للقائمة المشتركة؟


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يعقوب بن افرات - الربيع الإسرائيلي.. وأسئلة الصراع الوجودية