أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فهد المضحكي - عار الجوع















المزيد.....

عار الجوع


فهد المضحكي

الحوار المتمدن-العدد: 7561 - 2023 / 3 / 25 - 11:45
المحور: حقوق الانسان
    


في كتابه «عار الجوع.. الغذاء والعدالة والمال في القرن الحادي والعشرين»، ترجمة أحمد عبدالحميد أحمد، والصادر في نوفمبر 2022 ضمن سلسلة «عالم المعرفة» التي يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، يطرح المؤلف ديفيد ريف السؤال التالي: لماذا أخفق العالم في إيجاد حل لأزمة الجوع في القرن الواحد والعشرين ؟يشير المؤلف في هذا الكتاب إلى انه في العام 2000 أتفق زعماء العالم وكثير من مستشاريهم على أن إستئصال الجوع يُعد أولوية قصوى للألفية الجديدة، وتحديدا بحلول منتصف القرن. وعلى رغم ذلك تصاعدت أسعار القمح وفول الصويا والأرز، وهو ما أدى إلى توسيع فجوة الفقر، وإثارة موجة من الاضطرابات السياسية. ويرى أن عدم كفاية الإمدادات من الغذاء بشكل متزايد والذي قد رافق الارتفاع في أسعار الأغذية الأساسية يعد مشكلة عالمية. لكن وكما هو الحال تقريبًا مع كل تحدٍ عالمي كبير، فإن ما قد صار مشكلة حتى بالنسبة إلى معظم الناس في العالم الغني تحول الآن إلى كارثة في طور التكوين بالنسبة إلى الأشخاص الأكثر فقراً بيننا، وهم ثلاثة مليارات شخص ممن يعيشون على أقل من دولارين يوميًا. ويمكن القول بوضوح إنه في حال استمرار ارتفاع أسعار الأغذية الأساسية في السوق العالمية، فإن قدرة الفقراء على تحمل تكلفة الغذاء الذي يحتاجون إليه لإطعام أنفسهم على نحو صحيح ستصبح ضعيفة بشكل متزايد. وحتى إذا ما استقرت الأسعار عند مستوياتها المرتفعة الحالية، فإن فرص استنساخ النجاح السابقة لإخراج مزيد من الناس من دائرة الفقر سوف تتقلص إلى حد كبير. أن تتوقع للأشخاص الذين لم يحصلوا على ما يكفيهم من طعام وهم أطفال أن يزدهروا وهم بالغون، بغض النظر عن النظام الاقتصادي الذي يعيشون في ظله، هو أنقى تفكير وهمي بشأن النظام الغذائي العالمي الذي يعاني بالفعل أزمة بشكل مطرد. أما نتائج هذه الأزمة فمن الممكن التنبؤ بها تمامًا: فهي ستضمن أن الفجوة بين النصف الذي يملك والنصف الآخر الذي لا يملك في هذا العالم بالنسبة إلى الوصول إلى معظم الاحتياجات الإنسانية الأساسية - الطعام ومياه الشرب، التي يشتق منها أيضًا كل شيء - سوف تنمو على نطاق واسع، وأن عالمنا غير العادل سيزداد ظلما. وعلى الرغم من أن الصورة مرعبة، فإن هذا الظلم الذي يتعمق أكثر فأكثر هو بالكاد أسوأ شيءٍ يجب أن نخشاه؛ ذلك ما لم يحدث تغييرات كبيرة ومهمة في نظام الغذاء العالمي، يمكن أن تحدث أزمة في إمداد الغذاء العالمي برمته في وقت بين العام 2030 والعام 2050، ووفقًا لأكثر التقديرات تحفّظًا، سيكون عدد سكان العالم قد ارتفع من 7 مليارات نسمة في العام 2012 إلى 9 أو ربما حتى عشرة مليارات.
القضية التي يطرحها هنا هي أن الجوع والفقر مرتبطان ولايمكن أن ينفصل أحدهما عن الآخر، وعلى الرغم من من العديد من النجاحات الحقيقية للجهود الرامية إلى الحد من الفقر في أجزاء كثيرة في جنوب الكرة الأرضية، فإن من غير المرجّح إلى حد كبير أن تظل هذه المكاسب مستدامة إذا ما فاقت الارتفاعات في أسعار المواد الغذائية الأساسية. على نحو كبير، الزيادات في الدخول لدى الفقراء نتيجة لسياسات التنمية السلمية. وذاك هو السبب، لو افترضنا على الأقل صحة استنتاج أوتوفيانو كانوتو الخبير في البنك الدولي التي تلقى الآن القبول على نطاق واسع، في أنه لن يكون من قبيل المغالاة القول بأن نظام الغذاء العالمي برمته مريض بشدة، وأن السؤال المركزي يكمن في كيفية إصلاحه، ما لم يكن فات الأوان، في الواقع، للاضطلاع بذلك. وفي تصوره إن الافتراضات التي دعمت الغذاء العالمي في الجزء الأخير من القرن العشرين كانت مخطئة، والدليل على التوجه الدائم الجديد نحو أسعار أعلى للغذاء قد تراكم إلى حد أنه وصل الآن إلى نقطة يبدو معها أنه دليل دامغ لا يقبل الجدل. في حين أنه يرى، لو كان المرء متفائلا لكان من الممكن القول إن أزمة 2007-2008 علمتنا على الأقل أن نطرح الأسئلة الصحيحة بشأن مشكلة الجوع، ولكن كانت دول -غنية أو نامية أو فقيرة - ستصبح قادرة على الوصول إلى الإجابات الصحيحة، هو أمر مختلف تمامًا. ومن المهم توضيح أن معسكر المتفائلين، وكما يقول ونظرًا إلى تشاؤمي الخاص إزاء هذه الأسئلة، يضم كثيرًا من الأشخاص الأكثر نبوغا الذين يعملون الآن لدى الحكومات، قطاع الأعمال الخيرية، وعالم المنظمات غير الحكومية، وفي مجال العلوم، وهؤلاء مقتنعون أنه من الممكن الآن، ربما للمرة الأولى في التاريخ البشري، إصلاح نظام الغذاء العالمي وجعل التنمية الزراعية العالمية المستدامة حقيقة دائمة. وفي الحقيقة فإن العديد من هؤلاء الرجال والنساء بشكل متزايد بجداول زمنية تفترض «إنهاء الجوع» قبل تاريخ معين من العقود المقبلة، وهذا الاعتقاد راسخ في الحقيقة التي لا يمكن إنكارها ومفادها أنه في المجتمع الدولي - هناك تشنج فكري مؤسف بشأن عالم المعونة والتنمية يتمثل في كليشيهات ورعة وإلى حد كبير غير مدروسة حول الحوكمة العالمي - أخذ يولي الزراعة اهتمامه مرة أخرى. فقد بدأ ضخ الاستثمارات وبات التركيز ينصب الآن على المزارعين من أصحاب الخيارات الصغيرة وعائلاتهم - وهو ربما الأمر الأكثر أهمية - بدلاً من التركيز على الزراعة الصناعية؛ لأن هؤلاء هم الذين يشكلون الأغلبية الكاسحة من الناس الذين يعملون في الأراضي في العالم الفقير وبصفته رئيًسا سابقًا للوكالة الدولية، جادل راجيف شاه بأن «العالم يُولي تعزيز الأمن الغذائي التزامًا دوليًا مرة أخرى».
وفي تناوله لأزمة الغذاء، يذكر أن أجزاء عدة من الكرة الأرضية ظهرت على الفور تقريبًا الآثار الثانوية الوحشية على سعر الغذاء المتاح للاشخاص العاديين في السوق. ففي مصر على سبيل المثال تضاعف سعر الخبز في غضون بضعة اشهر. وفي هايتي زاد سعر الأرز بنسبة 50%، في حين زاد وجبة الذرة في جنوب افريقيا بنسبه 40%. وفقًا لبعض التقديرات، إذا ما أخذت في مجموعها، فإن فاتورة الغذاء لدى الفقراء في العالم ارتفعت بنسبة 40%،في حين أن أزمة الغذاء العالمية، التي سرعان ما أصبحت معروفة، أضافت ما نسبته 25% إلى فواتير سداد الغذاء لدى كثير من الدول الفقيرة. ففي ثلاثين من أسوأ الدول تأثرًا بهذه الأزمة حول العالم، من إثيوبيا إلى أوزبكستان، تفجرت حوادث شغب من جرّاء نقص الغذاء. حوادث الشغب هذه تبين كما يقول، أنه كان مبالغًا فيها نوعًا ما. إذ كما يعرف أي طالب جامعي في المقررات التمهيدية لعلم الإحصاء، فإن علاقة الارتباط لا تعني السببية. فهده الأحداث كانت حلقات متقطعة من الاضطرابات المدنية. وليست تمردات. فضلا عن الثورات. والاخذ في الحسبان الظروف الاجتماعية والسياسية القاسية والدائمة التي يعيشها الفقراء في تلك الدول، فإن الادعاء أن أزمة الغذاء كان السبب الكامن والرئيس وراء اندلاع الصراعات إنماء يبدو أشبه إلى حد كبير بالمناشدة الخاصة. بيد أنه لا يمكن إنكار أن طفرات الأسعار هي التي أحدثت هذا الحراك لدى الفقراء في كثير من الدول وفي مناطق مختلفة من ألعالم الى حد أنه بدأ، ولو على مدى فترة قصيرة، أن هذا الحراك الشعبي حقيقي، وأنه كان يشكل على الأقل تهديدًا محتملاً لا يمكن السيطرة عليه للوضع الراهن.
أما فيما يتعلق بوضع الأشخاص الأشد فقرًا بين فقراء العالم، والذين يُطلق عليهم مليار القاع من سكان العالم الذين يحاولون البقاء على قيد الحياة، وهم يعيشون على أقل من دولار واحد يوميًا، كان التهديد وجوديًا وحرفيًا. وبالنسبة إلى مزيد من مليارات عديدة من سكان العالم، فإن أي أمل بشأن «ألأمن الغذائي» وهو مصطلح فني في عالم التنمية يعني أنه يمكن للمرء أن يعتمد على الحصول على ما يكفي، وحصوله على الأشياء الصحيحة، لكي يأكل على مدار العام، بدأ هذا الأمل يتبخر أمام أعينهم. ولم يكن هؤلاء فقط هم الذين انضموا إلى غيرهم في أعمال شغب الغذاء، ولكن شارك فيها أيضًا ذلك العدد الأكبر من الناس الذين تملكهم اليأس في صمت من جراء شعورهم بالقلق على بقائهم واحتمال وجود أي مستقبل أفضل لأطفالهم. وبعبارة أخرى، فإن ما كانت تعنيه أزمة الغذاء للفقراء هو الاحتمال الحقيقي والأكيد بشأن وقوعهم فريسة للجوع، وليس بسبب عدم وجود غذاء كافٍ؛ بل لأنهم لن يعود بمقدورهم تحمل تكلفة شرائه. ومن ثم فإن الغضب الذي أفرزته هذه الأزمة هو غضب، وعبر قرون طويلة، قد برهن على أنه الأشد خطرًا بين كل أشكال وصور الغضب على الأطلاق. ويستطرد ريف معلقًا ما فعلته أزمة الغذاء العالمية هو تأكيد نقطة أن حياة «مليار القاع» من المحتمل على الأقل أن تصبح أكثر سوءًا بدلاً أن تتحسن ما لم يُعمل شيء جاد، ليس فقط بشأن الإمداد العالمي من الغذاء، لكن أيضًا بشأن الحصول على غذاء يصبح في المتناول لدى فقراء العالم، وكذلك اتخاذ إجراء عالمي إزاء التغير المناخي الذي يهدد بالفعل كلاً من توافر الغذاء والحصول عليه. والأمرالآخر تعتبر الصراعات العنيفة أمرًا مدمّرًا لكل جانب من جوانب النظام الغذائي تقريبًا، من الإنتاج والحصاد والمعالجة والنقل إلى سلاسل الإمداد بالمدخلات والتمويل والتسويق والاستهلاك. في الوقت نفسه، يمكن أن يسهم تزايد إنعدام ألأمن الغذائي في نشوب نزاعات عنيفة. تقول ميريام ويميرز، أحد مؤلفي مؤشر الجوع العالمي GHI: إن ثمانية من كل عشرة بلدان تعاني من مستويات مقلقة أو مقلقة للغاية من تعمل فيها نزعات الجوع كمحرك رئيسي للأزمة، كما يتزايد عدد النزاعات العنيفة وتصبح أكثر حدة.وتضيف ويميرز: «الحق في الغذاء هو حق من حقوق الإنسان. لذلك فإن لكل شخص على هذا الكوكب الحق في الحصول على طعام كافٍ ومغذٍ، الأمر الذي يعني أن ملايين الأشخاص يتعرضون لانتهاكات لحقهم الإنساني في الحصول على الغذاء على أساس يومي».



#فهد_المضحكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياسة الخارجية لإدارة بايدن
- الحنين للماضي وأبعاده السياسية
- محمد غلاب.. الفيلسوف الأزهري
- حديث عن الإصلاح
- بلاد العرب والفقر المدقع
- ماذا قالت كبرى الصحف الأمريكية عن أزمة الوثائق السرية؟
- التفكير العلمي
- أفكار كيسنجر بين المفاوضات والتصعيد!
- الإخوان وثورة يوليو
- لماذا التوجه الأمريكي نحو أفريقيا؟
- طالبان مستمرة في انتهاك حقوق المرأة
- القمم الصينية الخليجية - العربية أنموذجًا للتحول نحو تعددية ...
- في الساحة العالمية ليس لدى أمريكا ما تنافس به الصين
- حديث عن الديمقراطية والنخبة
- الانتخابات النصفية الأمريكية مرة أخرى
- محمود أمين العالم
- المواطن الأوروبي والبحث عن هوية أوروبية مستقلة
- أزمة المناخ وضرورة الالتزام بالتعهدات الدولية
- عادلة بيهم الجزائري.. ميرة الرائدات العربيات في القرن العشري ...
- الديمقراطية الأمريكية


المزيد.....




- الجزائر: حان الوقت لمنح فلسطين عضوية كاملة بالأمم المتحدة
- أكسيونوف يؤكد اعتقال كافة المجموعات التخريبية التي تم كشفها ...
- فاقمت معاناة النازحين.. مغردون يتفاعلون مع السيول التي ضربت ...
- ليكن صمود الأسرى وصمود الشعب الفلسطيني نموذجنا في معارك شعبن ...
- ممثل الرئيس الفلسطيني بالأمم المتحدة: كيف يضر الاعتراف بدولت ...
- إسرائيل أمام مجلس الأمن: إذا اعتُمد قرار بمنح فلسطين عضوية ك ...
- بعثة فلسطين بالأمم المتحدة: نيلنا العضوية الكاملة يحمي مسار ...
- فلسطين تطالب الأمم المتحدة بالتدخل العاجل لوقف العملية الإسر ...
- اعتقال 40 فلسطينيا بالضفة وعشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى
- مفوض الأونروا: موظفونا الذين اعتقلتهم إسرائيل تحدثوا عن فظائ ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فهد المضحكي - عار الجوع