أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - زهرة الطاهري - مركز الدراسات والأبحاث في القانون العبري (CERDH) عناية أكاديمية بالذاكرة المغربية اليهودية















المزيد.....

مركز الدراسات والأبحاث في القانون العبري (CERDH) عناية أكاديمية بالذاكرة المغربية اليهودية


زهرة الطاهري
أستاذة باحثة

(Zahra Ettahiri)


الحوار المتمدن-العدد: 7560 - 2023 / 3 / 24 - 18:12
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


في ظل الغياب الجسدي لليهود بغالبية المدن المغربية والمناطق النائية، يجد المغاربة أنفسهم اليوم في مواجهة مع ذكريات عن الحياة اليهودية الموجودة بالأمس، والحاضر فيما سلف من الأيام بين أحضانهم. ويواصل أجيال الأجداد الكبار والشباب تبادل أطراف الحديث والدردشة بدرجات من الحنين بخصوص ثراء الحياة التي جمعت بين كنفها اليهود والمسلمين على حد سواء في الماضي. ورغم أن عددا كبيرا من اليهود المغاربة لم يعودوا مستقرين في المغرب إلا أن العديد منهم لا يزالون يحرصون على القيام بزيارات منتظمة إلى المملكة خاصة في بعض المناسبات، نظرا للعناية التامة التي يحظى بها يهود المغرب باعتباره وطنهم بالدرجة الأولى، وباعتباره أيضا حامي تراثهم وتاريخهم، فالمغرب سخر كل امكانياته لحماية مواطنيه اليهود وتراثهم وتاريخهم وحقوقهم، ودعا دائما إلى التعايش والسلام.
ولطالما تمتعوا بحقوقهم القانونية وفق أحكامهم وقيمهم وأعرافهم. أثناء تواجدهم في المغرب – آنذاك وإلى يومنا هذا-فإن وضعيتهم القانونية حكمتها مجموعة من الضوابط والأحكام والقيم والأعراف، والتاريخ المغربي زاخر بالقوانين العبرية والظهائر والمراسيم التي نظمت علاقات المغاربة اليهود وذلك للحفاظ على حقوقهم وخصوصياتهم الدينية والثقافية في إطار من التعايش والاحترام والتفاهم.
فقد حافظت المنظومة التشريعية بالمغرب على حقوق اليهود المغاربة وراعت حريتهم الدينية وخصوصياتهم الثقافية في إطار من التعايش والتسامح والوئام والاحترام المتبادل باعتبارها مبادئ رئيسة تجسد التقاليد الحضارية المتأصلة للمغاربة التي سبق التأكيد عليها في العديد من الخطب والرسائل الملكية السامية، إضافة إلى الإطار القانوني المتمثل في الظهائر والمراسيم الشريفة والقرارات الوزارية التي تنظم القضاء العبري باعتباره جزءا لا يتجزأ من الهوية المغربية، هذا فضلا عن دستور 2011 الذي اعترف في ديباجته باللغة العبرية كمكون رئيسي ورافد من روافد الهوية والثقافة المغربية، جاء فيه: "أن المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية – الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية".
لقد حظي اليهود المغاربة، بعناية تشريعية مهمة في تنظيم وضعهم القانوني، مما أعطى للنظام القانوني الوطني تفرده على المستوى العالمي. إذ تم تنظيم غرف عبرية ببعض المحاكم خاصة باليهود المغاربة، وإحداث مؤسسة التوثيق العبري الخاصة بهم، ليضفي على معاملاتهم الصبغة القانونية والحماية اللازمة لحقوقهم، والتسوية بينهم وبين غيرهم في الأحكام . كما حظيت القوانين اليهودية باهتمام واستيعاب لدى المحاكم الشرعية، إذ تطبق المؤسسات القضائية اليهودية والإسلامية مجموعة مختلفة للغاية من القوانين، وتتفاوت من حيث درجات تحقيقها للنجاح على مستويات التطبيق. ومع ذلك، وقع التخفيف من حدة هذه الاختلافات بفضل جهود المسؤولين القضائيين المسلمين الرامية إلى الاعتراف بوجود نظام قضائي يهودي إلى جانب نظامهم الخاص، وللتمكن في الوقت ذاته من تعزيز سلطته على اليهود.
فعندما نقول القانون العبري فهو الجهة القضائية التي تسعى إلى فض النزاعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمغاربة اليهود والتي تبث فيها المحاكم العبرية. وقد حظي اليهود المغاربة بالحرية الكاملة في تطبيق العدالة، كما أن لهم محاكمهم الخاصة التي تمتد صلاحيتها لتشمل وجوها مختلفة من حياتهم الخاصة والعامة. فهي تتقيد التقيد الكامل بالقواعد الشرعية والدينية في الأحكام. وفي تطبيق قانون الأحوال الشخصية، ولها إطلاع واسع في كل ما يتعلق بالحقوق العينية. كالعقود والالتزامات والمنازعات العقارية والتجارية. وفي كل ما يتعلق بمنازعات اليهود فيما بينهم. زيادة على أن السلطات المدنية تحيل المتقاضين عادة على تشريعهم الخاص بهم .إذ يقوم اليهود المغاربة بمجموعة من المعاملات، بعضها مرتبط بمعاملاتهم التجارية والعقارية، والتي يخضعون فيها للقوانين المغربية، والبعض الآخر مرتبط بمعاملاتهم الشخصية كالزواج والطلاق والوصايا، وتطبق عليهم بهذا الشأن القوانين العبرية .
وقد شكل تأسيس مركز الدراسات والأبحاث في القانون العبري بالمغرب، بمدينة الصويرة ببيت الذاكرة، سنة 2018 الذي يحمل اسم قاض مغربي يهودي “أبراهام زغوري” الذي عمل على أن يظل الإرث القانوني العبري المغربي حاضرا في الذاكرة العرفية والمؤسساتية بالبلاد، وكان من أوائل المطالبين بتدوينه، شكلت هذه الخطوة محطة تاريخية بارزة، مكنتنا من تعزيز البحث في مجال القانون العبري في المغرب، وخلق فضاء للتبادل والنقاش حول العلاقات والحوار بين الإسلام واليهودية. وتعزيز التجربة المغربية للهيئات القضائية الحاخامية سواء في تنظيمها أو في إنتاجها الفقهي.
يضم المركز أساتذة جامعيين مغاربة وأجانب، ورئيسه الفخري هو السيد أندري أزولاي، مستشار جلالة الملك محمد السادس نصره الله، ورئيسه التنفيذي هو السيد فريد الباشا، رئيس جامعة محمد الخامس بالرباط، ورئيسه المؤسِّس السيد عبد الله أوزيتان أستاذ في جامعة بوردو وباحث في الجغرافيا السياسية للعالم العربي والعالم الإسلامي في العصور الوسطى.
ومنذ سنة تأسيسه يناقش المركز مواضيع من قبيل مكانة القانون العبري في النظام القانوني المغربي، وترابط القوانين العرفية العبرية والأمازيغية، وتاريخ النظام القانوني العبري بالمغرب.
وأيضا تعزيز الذاكرة العرفية والمؤسساتية للقانون العبري بالمغرب، بالبحث في القانون العبري المغربي، وتسليط الضوء على الدور الذي نهضت به المدرسة الأندلسية العبرية، والمدرسة الصويرية (نسبة إلى مدينة الصويرة)، قصد إبراز التراث القانوني المغربي اليهودي.
وصرح السيد عبد الله أوزيتان، الرئيس المؤسس للمركز أن من أهداف هذا المركز المساهمة في معرفة أكبر بالأحوال الشخصية المطبقة على المغاربة اليهود، وتناقش لقاءاته العلمية مواضيع من قبيل: عمل الغرف العبرية وخصوصياتها، وتسيير المحاكم العبرية، وكيفية اشتغال القضاة العبريين في محاكم المملكة.
كما سيساهم أيضا، في تنظيم دورات تكوينية في القانون العبري في المغرب، وتصميم وتنفيذ برامج بحثية بانخراط من الباحثين (طلاب الدكتوراه، طلاب ما بعد الدكتوراه) الوطنيين والأجانب، من داخل أو خارج الكرسي، وتنظيم ورشات عمل تأطيرية للدكتوراه، وبرمجة وتنظيم لقاءات علمية وإرساء كل تعاون مؤسساتي يتعلق بمهامه.
وتؤكد هذه الخطوات والانجازات التي قام بها المركز على أن تاريخ المغرب لا يمكن أن ينفصل عن طائفته اليهودية، والمواطنة التعددية، التي كرسها الدستور، والتي تعترف بتنوع الروافد الثقافية، بما في ذلك العبرية، باعتبارها مكونا لا ينفصل عن هذه الهوية الغنية والمتنوعة. ومعلوم أن المغرب يسعى دائما إلى إرساء ثقافة الحوار والتسامح واحترام الاختلاف كقيم أساسية لتكريس مناخ السلام والاستقرار على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية.
ومركز الدراسات والأبحاث في القانون العبري ليس منحصرا على المستوى الوطني وانما على المستوى الدولي، وذلك من خلال عقد شركات مع مراكز وجامعات عالمية ومغربية من بينها توقيع اتفاقية إحداث "كرسي حول القانون العبري" في جامعة محمد الخامس بالرباط، واتفاقية مع الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الدار البيضاء سطات، والتي أثمرت تأسيس أندية للتسامح والتعايش في التنوع الثقافي داخل فضاءات المؤسسات العمومية والخصوصية. ويبلغ عدد الأندية المحدثة بموجب هذه الشراكة على صعيد جهة الدارالبيضاء سطات 1390 ناديا، يستفيد منها أزيد من 60500 متعلم(ة) في أفق تعميمها على باقي المؤسسات التعليمية.
واتفاقية مع مركز" أهارون وراشيل دهان" للثقافة والمجتمع وتعليم التراث السفاردي في جامعة بار إيلان الإسرائيلية، واتفاقيات أخرى تروم كلها بلورة إطار عام للتعاون والشراكة بين الأطراف الموقعة من أجل وضع لبنات عمل مشترك يروم تعزيز قيم التسامح والتعايش والاعتدال والحوار والتنوع الثقافي داخل فضاءات المؤسسات التعليمية.
ويؤكد رئيس مركز الدراسات والأبحاث في القانون العبري أن هذا المشروع، مع مشاريع مثل المركز الدولي للبحث حاييم وسيليا الزعفراني حول تاريخ العلاقات بين اليهودية والإسلام، يعكس “اهتماما خاصا لأمير المؤمنين بالإرث الثقافي والتراث المغربي، وكل المكونات الروحية للمغاربة”.
يعد المغرب بهذا الانجاز استثناء، فهو البلد العربي الوحيد الذي يتمتع فيه المواطنون المغاربة من الديانة اليهودية ويستفيدون فيه من مؤسسة قضائية عبرية خاصة بهم. إذ تعتبر الغرفة العبرية المتواجدة في المغرب، دليلا على التعايش الذي ينعم به المواطنون من مختلف الديانات بالمغرب. ومع عودة العلاقات المغربية الإسرائيلية، يُنتظر أن يعود القضاء العبري للاضطلاع بمهامه كما كان في وقت سابق.
المراجع:
- انظر جيسيكا مايا مارجلين: كتاب القضاء المتعدد اليهود والمسلمون في المغرب المعاصر، ترجمة خالد بن الصغير 2021.
- انظر حاييم الزعفراني، يهود الاندلس والمغرب، ص 355-354.
- جاء في قرار للمجلس الأعلى سابقا (محكمة النقض حاليا) أنه:" بمقتضى الفصل 3 من قانون 1956/01/06 المتعلق بتوحيد المحاكم ومغربة القضاء وتعريبه، فإن القانون العبري هو الواجب التطبيق على المغربة اليهود فيها يخص أحوالهم الشخصية والميراث". عن الاستاد رضوان الريشي، الاحكام الخاصة بالتوثيق العبري في القانون العبري المغربي، مجلة الباحث -العدد 24 نونبر2020، ص 549.
- التوثيق العبري ص 550.



#زهرة_الطاهري (هاشتاغ)       Zahra_Ettahiri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعجم الذهني والقاموس
- نظرية الحقول الدلالية
- حاييم الزعفراني: مسار حياة وفكر


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - زهرة الطاهري - مركز الدراسات والأبحاث في القانون العبري (CERDH) عناية أكاديمية بالذاكرة المغربية اليهودية