أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبد الحسين شعبان - عصبة مكافحة الصهيونية ونقض الرواية -الإسرائيلية- 4















المزيد.....

عصبة مكافحة الصهيونية ونقض الرواية -الإسرائيلية- 4


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 7530 - 2023 / 2 / 22 - 13:37
المحور: القضية الفلسطينية
    


(الحلقة الرابعة والأخيرة)



(قراؤنا الأعزاء بدأنا من يوم السبت 11/2/2023، نشر وعلى أجزاء متلاحقة، آخر إصدار/كتاب؛ للمفكر والباحث العربي العراقي عبد الحسين شعبان، الموسوم بعنوان: عصبة مكافحة الصهيونية ونقض الرواية "الإسرائيلية". هذا الكتاب الهام والصادر في يناير من العام الحالي بعدد 92 صفحة، بحجم ورق من القطع المتوسط؛ الصادر عن دار البيان العربي للطباعة والنشر والتوزيع؛ نضعه بين أيدي قرائنا آملين أن تتم الاستفادة المرجوة منه في موضوعه المحدد وعلاقته المباشرة؛ بشعار/دعوة/مبادرة/ضرورة: "اعرف عدوك" وضرورة مواجهة تجسيداته العملية إلى جانب ما يسمى: راويته التاريخية.
نوجه شكرنا الكبير وتحياتنا العالية إلى المفكر القدير عبد الحسين شعبان، على جهده الفكري والمعرفي المتواصل، وعلى خصه بوابة الهدف بنشر كتابه على أجزاء عبر موقعها الإلكتروني).

إضمامة: الصهيونية من لينين إلى بوتين

قد تبدو هذه الإضمامة مقحمة على عنوان البحث، لكنني أعتقد أنها متمّمة ومكمّلة وضرورية لمعرفة سياق الحركة الصهيونية وتوجهاتها وتغلغلها داخل الحركة الشيوعية، فضلاً عن تذبذب الموقف إزاءها، ولعلّ ذلك يعطي صورة بانورامية عن طبيعة اتخاذ القرار في أعلى القيادات بتجاوز المبدئي والاستراتيجي والبعيد المدى نحو التكتيكي والطارئ والقصير النظر.
نشأت الحركة الصهيونية أساسًا في روسيا وبولندا وكانت أولى الهجرات اليهودية إلى فلسطين العام 1880 من روسيا وبولندا ودول البلطيق . وكان العديد من المهاجرين ممن تأثّر بالنضال الثوري الروسي، بالرغم من صهيونية البعض منهم.
كانت روسيا القيصرية في بداية القرن العشرين تضم بولندا ويقطنها جالية يهودية هي الأكبر في العالم ، حيث يبلغ تعدادها نحو 5 ملايين إنسان وهو يوازي ثلثي يهود العالم يومها. وعلى الرغم من استقلال بولندا لاحقًا واتساع نطاق الهجرة، إلّا أن عدد يهود الاتحاد السوفيتي ظلّ كبيراً، كما أنهم احتلوا مواقع مهمة في الحزب الشيوعي والمواقع الرسمية في الدولة تفوق كثيرًا نسبتهم العددية؛ وقد حاول العديد منهم الاندماج في العشرينيات والثلاثينيات، لكن أهوال عمليات التطهير النازية أيقظت مشاعرهم، علمًا بأن العديد منهم لم يسجّل في هويّته الشخصية كونه يهوديًا.
أضاء لينين منذ وقت مبكّر الفوارق الجوهرية بين الماركسية والصهيونية واعتبر الأولى نقيضًا للثانية التي لا تجتمع معها، فالثانية حركة عنصرية "حتى لو كانت الأكثر عدلًا وتطهّرًا وتحضّرًا"؛ مؤكدًا على تعارض الأممية مع تلك النزعات الضيقة، وقد تبنّى البلاشفة موقف لينين، وأصبح بمثابة سياسة رسمية للاتحاد السوفيتي والحركة الشيوعية، بما فيها الأممية الثالثة، التي أسسها لينين العام 1919، فضلًا عن الممارسة الفعلية على مستوى الدولة، حيث اعتبر مبدأ المساواة بين المواطنين الأساس الذي ينبغي اعتماده بغض النظر عن الدين والقومية والجنس واللون والأصل الاجتماعي، بالرغم من استمرار بعض الانتهاكات والممارسات الاستعلائية، لكن ما كان معمولًا به وقائمًا قانونيًا هو المساواة، حيث اعتبر الترويج للتفرقة العنصرية والدينية بمثابة جريمة تستوجب العقاب .
وكان لينين من قبل قد سفّه فكرة الأمة أو القومية اليهودية التي حاول زعماء الصهيونية التعكّز عليها، مؤكداً على ضرورة اندماج اليهود في الشعوب التي يعيشون فيها، وعارض بشدّة فكرة البوند ومطالبه باعتباره ممثلاً وحيداً للبروليتاريا اليهودية، كما رفض اشتراطات الاتحاد العام للعمال اليهود في ليتوانيا وبولونيا وروسيا، بشأن الاستقلال الثقافي ورأي البوند بخصوص تقسيم التنظيم الحزبي حسب القوميات ودافع عن وحدة البروليتاريا وجميع الكادحين في حزب موحّد وحارب انعزالية البوند وانحرافه القومي، وعلى هدى ماركس أجاب على السؤال التالي: الاندماج أم الانغلاق؟ فأشار إلى ضرورة الاندماج والتمثّل، وإلى أن فكرة القومية اليهودية تتسم بطابع رجعي جلي.
جدير بالذكر أن الكثير من قادة ثورة أكتوبر كانوا من اليهود، ومن أبرزهم تروتسكي الشخصية الثانية بعد لينين وسفيردلوف (رئيس اللجنة التنفيذية المركزية 1917 – 1919)، وهو المنصب الموازي لرئيس الدولة، وكامينيف وزينوفيف وآخرين. وكان الكثير من اليهود محيطين بستالين، حيث تعاونوا معه خلال الحرب العالمية الثانية، لكنه انقلب عليهم إثر ما عرف بمؤامرة الأطباء وأعدم ونكّل بالكثير منهم ، علمًا بأن تلك القضية ماتت بموت ستالين، حيث تم الإفراج عن المعتقلين العام 1953 وعادت العلاقات مع "إسرائيل" التي تم وقفها العام 1952 إثر تفجير قنبلة في مقر البعثة السوفيتية في تل أبيب.
وبالعودة إلى موقف ستالين من اليهود والصهيونية والعلاقة مع "إسرائيل" فقد كان معقداً ويتسم بالصعود والهبوط واللين والشدّة، فضلاً عن مزاجية عالية وقضايا مبهمة وغير مفهومة أحياناً، فخلال الحرب العالمية الثانية أسس ستالين في العام 1942 "اللجنة اليهودية للنضال ضدّ الفاشية" وترأسها سليمان ميخائيل ( الذي أعدم لاحقًا في إطار عملية التنكيل).
وإذا أردنا إخضاع الموقف السوفيتي للتحليل والقراءة المتأنية فيمكن القول أنه تقلّب بين عدد من الاعتبارات السياسية المتعارضة وابتعد في الكثير من الأحيان عن الاعتبارات المبدئية باستثناء الفترة الأولى، ولذلك تراوح بين التراخي والتشدّد، وهو موقف خضع لطبيعة ستالين ومزاجه وتقديراته، ففي حين تمّ الاعتراف باليهود والتعامل معهم رسميًا كمجموعة ثقافية "أقلية"، إلّا أنهم لم يتمتعوا بحكم ذاتي يضمن حقوقهم السياسية والثقافية مثل باقي المجموعات الثقافية . وقد انعكس ذلك الموقف غير المتوازن والمضطرب سلبًا على القضية الفلسطينية، وقاد لاحقًا إلى استخدام تكتيكات خاطئة على حساب قضية استراتيجية إنسانية عادلة، واستمر هذا الموقف المتذبذب بالرغم من المساعدات القيمة التي قدمها السوفييت للعرب في دعم قدراتهم القتالية لاحقًا، خصوصًا مصر وسوريا والعراق، أو في دعم موقفهم في المحافل الدولية، الأمر الذي توّج بعد الغزو الإسرائيلي للبنان العام 1982 وفي عهد أندروبوف الأمين العام للحزب إلى تأسيس "اللجنة الاجتماعية لمناهضة الصهيونية" (1983)، ثم انقلب إلى السماح لليهود بالهجرة ودعم المشروع الصهيوني في أواخر الثمانينيات.
و إذا كان هناك نوع من التردد وعدم اتخاذ موقف قاطع، مع الميل إلى اعتبار الصهيونية حركة عنصرية، إلّا أن ثمة تقلبات منظورة وغير منظورة في السياسة السوفيتية قادت إلى تبدّلات في الموقف إزاء اليهود ومعاناتهم من جهة، ومن ثم إزاء الصهيونية، وهو ما حصل لاحقًا خلال الحرب العالمية الثانية على الرغم من أن الشرق الأوسط لم يحظ بالاهتمام المطلوب من جانب الاتحاد السوفيتي، وقد حصلت تلك الانعطافة في مؤتمر يالطا العام 1945 ، وهي إحدى اتفاقات الحلفاء عشية انتهاء الحرب العالمية الثانية وهزيمة النازية والفاشية.
وثمة مفارقة لم تُلحظ تأثيراتها حينها، لكنها ظهرت لاحقًا والمقصود بها إتفاق الزعماء الثلاثة الأمريكي والبريطاني والسوفيتي على "تجميع اليهود في موطن لهم في فلسطين والسماح بهجرتهم إلى هذا البلد من جميع البلدان" .
وبالطبع لم تكن القضية الفلسطينية تشغل موسكو حينذاك، وكانت الأخيرة تنظر إلى البلدان العربية بوصفها مناطق نفوذ للاستعمار البريطاني والفرنسي. وكان الاتحاد السوفيتي قد طالب العام 1946 إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين والانسحاب منها وإعلان استقلالها، ثم تبنى في وقت لاحق ولمدة قصيرة شعار دولة موحدة (عربية – يهودية) ، لكن هذا الموقف لم يستمر.
يقول المؤرخ والباحث الروسي ألكسي فاسيليف "لقد جذبت الحرب التي خاضها الصهاينة في فلسطين من أجل إنشاء دولتهم اهتمام ستالين فقرّر تقديم الدعم لهم؛ وكان منطقه بمنتهى البساطة: العالم العربي وقع تحت هيمنة نُظم رجعية موالية لبريطانيا وفرنسا، وانتصار الصهيونية في فلسطين يعني هزيمة بريطانيا .."، ولذلك قرّر دعم الصهيونية، حيث تم إرسال السلاح والجنود الذين كانوا في الأساس يهودًا ذوي قدرات قتالية .
وبالطبع لم يكن هذا الموقف خاطئًا فحسب، بل ومناقضًا لأسس الماركسية ومشاركًا فعّالًا في قيام دولة "إسرائيل".
وفي نوفمبر / تشرين الثاني 1947 أعلن غروميكو المندوب السوفيتي في الأمم المتحدة تأييد قرار التقسيم رقم 181 وأطلق عليه "القرار الأكثر قبولًا" والذي نصّ على تقسيم دولة فلسطين إلى دولتين. وبرّر أن القرار ليس موجّهًا ضدّ العرب وأنه يتوافق مع المصالح الوطنية الأساسية لكلا الشعبين، سواء مصالح الشعب اليهودي أو الشعب العربي . وقال غروميكو "إن اليهود والعرب في فلسطين لا يرغبون ولا يستطيعون الحياة في نطاق واحد، ومن هنا نصل إلى نتيجة منطقية... فلم يبق أمامنا إلّا أن ننشئ دولتين.
وحين أُعلن عن تأسيس "إسرائيل" في 15 مايو / أيار 1948، بادر الاتحاد السوفيتي على الفور إلى الاعتراف بها مباشرة، ولم يكن يفكر بمعاناة شعب فلسطين. وكان أول وفد "إسرائيلي" تم استقباله برئاسة السفيرة غولدا مائير (مايرسون).
لكن هذه المواقف تغيّرت في الخمسينيات والستينيات، وانعقدت صداقة عربية – سوفيتية، منذ أن بادر الزعيم المصري جمال عبد الناصر إلى شراء صفقة سلاح من تشيكوسلوفاكيا العام 1955، ولعلّ موقف السوفييت كان مشرّفًا خلال العدوان الإنكلو – فرنسي "الإسرائيلي" على مصر العام 1956، ويبقى ما عُرف ﺒ "إنذار بولغانين" في الذاكرة التاريخية كأحد الصفحات المشرقة على التضامن مع العرب، علمًا بأن العلاقات السوفيتية – "الإسرائيلية" تصدّعت أكثر من مرّة، وشهدت فتورًا وانحسارًا، كما تمّت الإشارة إليه في تفجير البعثة السوفيتية وحادثة الأطباء، وقد قطع الاتحاد السوفيتي علاقته "بإسرائيل" مرة ثالثة بعد عدوان العام 1967 على البلدان العربية، وظلّت العلاقات مقطوعة حتى أواخر الثمانينيات، حيث جرى تطبيع العلاقات التي عادت والتأمت وشهدت تطوّرًا كبيرًا قبيل انحلال الاتحاد السوفيتي بشهرين (ديسمبر / كانون الأول 1991)، ثم استمرت مع روسيا. علمًا بأن العلاقات قطعت لفترات قصيرة العام 1953 و 1956.
وشهدت الحركة الصهيونية انتعاشًا كبيرًا باستغلال أجواء إعادة البناء والشفافية وما أسماه غورباتشوف "البريسترويكا والغلاسنوست" ، في أواسط الثمانينيات، حيث توّجت الضغوط الخارجية والداخلية بفتح باب هجرة اليهود السوفييت إلى "إسرائيل" في أواخر الثمانينيات، وذلك تمهيدًا لإعادة العلاقات الدبلوماسية .
لا يمكن ونحن نتناول في مبحث خاص "روسيا والصهيونية" ألّا نتوقّف عند خطاب غروميكو في جلسة 2 مايو / أيار 1947 أمام اللجنة التوجيهية، ففيه تلخيص للموقف اللّامبدئي والمفاجئ والتي تمت المساومة عليه في مؤتمر يالطا، حيث شهد هذا البرزخ التاريخي المتعرّج تواطؤات خطيرة.
يقول غروميكو: "لقد سمعنا مندوبي الدول العربية منذ البدء يعرضون وجهة نظرهم على أتم الوجه، ولكننا لم نستمع إلى مندوبي الهيئات اليهودية. ويجب علينا أن نستذكر أن قضية فلسطين ليست إلّا قضية وعود أٌعطيت لليهود، ولذلك فلا سبيل لبحث هذه القضية بغير مراعاة مصالح اليهود وقلقهم، فليس من العدل أن نتجاهل ذلك الصالح اليهودي، ليس فقط بالنسبة لليهود في فلسطين، ولكن لليهود في كلّ مكان" .
ويُفهم من كلام غروميكو أن مشكلة فلسطين متعلّقة بيهود العالم، وعلى الفلسطينيين أن يتحمّلوا أعباء حلّها، والأمر لا يتعلّق بالوعود (المقصود وعد بلفور 1917)، بل بوضع ذلك موضع التنفيذ، وفقًا لمنطق العدالة الذي يتبناه لصالح اليهود، دون أن يكون في حسابه مصالح الغالبية الساحقة من سكّان فلسطين العرب، وهكذا كان المنطق يبتعد عن الجوانب الإنسانية لغالبية السكان، ناهيك عن ابتعاده عن الاعتبارات المبدئية الفكرية والأخلاقية والقانونية، وهو الموقف ذاته الذي اتخذه مندوب بولندا جوزيف ويليوتز في جلسة 29 إبريل / نيسان 1947 في الأمم المتحدة . ولم يكتف غروميكو بما ذكره في خطابه، بل ذهب أبعد من ذلك حين ردّ على المندوب المصري وبقية المندوبين العرب وذلك في الجلسة المشار إليها.
لعلّ مواقف روسيا في عهد بوتين، خصوصاً العلاقات الروسية – "الإسرائيلية" تعيدنا إلى عشية تفكّك الاتحاد السوفيتي وما بعده، فخلال فترة غورباتشوف كان عدد من المحيطين حوله يسعون لإقناعه بأن هناك قوة كبيرة تدعم الصهيونية والماسونية، وللحصول على اعتراف من جانب واشنطن وأوروبا الغربية فلا بدّ من إنهاء الحملة المعادية للصهيونية والسماح للماسونية والصهيونية بفتح فروع لهما في الاتحاد السوفيتي وفيما بعد روسيا. وقد تم افتتاح الفرع الأول لمنظمة بناي بريث في العام 1988، ثم تلته مكاتب وفروع أخرى، وقد صوّت الاتحاد السوفيتي على إلغاء القرار 3379 الذي ساوى الصهيونية بالعنصرية والذي صدر عن الأمم المتحدة في 10 نوفمبر / تشرين الثاني 1975. وفي يونيو / حزيران 1992 وبعد أن فقد غورباتشوف جميع مناصبه استقبل في "إسرائيل" على أعلى المستويات، وحسب فاسيليف فإن الاعتقاد الذي كان سائداً: لكي نكون جزءًا من الغرب فلا بدّ أن نفتح قناة جديدة مع "إسرائيل"، أي أن تتحوّل العلاقة من عدو إلى حليف وشريك، لكن ذلك كان أقرب إلى بعض الأماني الساذجة والفهم المشوّش حسب ب. ف. ستيجيني ، وهكذا بدأت صداقة روسية - "إسرائيلية"، خصوصاً بعد عودة العلاقات الروسية – "الإسرائيلية" وطويت شعارات مكافحة الصهيونية والعنصرية وكان أول سفير لروسيا في تل أبيب أ. بوفين الذي قدّم أوراق اعتماده في 23 ديسمبر / كانون الأول 1991، وبلغ في هذه الفترة عدد المهاجرين الروس إلى "إسرائيل" نحو مليون مهاجر.
وعلى الرغم من العلاقة المميزة مع "إسرائيل" التي سبق لبوتين أن تحدث عنها، إلّا أنه رفض الوساطة "الإسرائيلية" في حل الأزمة مع أوكرانيا، وكان رئيس الوزراء "الإسرائيلي" نفتالي بينيت قد زار موسكو في شباط/ فبراير الماضي لعرض وساطة "إسرائيلية" لكن موسكو رفضت ذلك.
جدير بالذكر أن أول زيارة قام بها بوتين إلى "إسرائيل" كانت في نيسان / إبريل 2005، وألغيت تأشيرات الدخول بينهما في 2008، وحاول بوتين إجراء توازن في علاقاته العربية وعلاقاته "الإسرائيلية".
وتوضّح هذه الفقرة الفوارق الكبيرة والمبدئية بين اليهود الشيوعيين العراقيين المعادين للصهيونية والذين استمروا في موقفهم هذا، سواء في سجنهم أم بعد تهجيرهم إلى "إسرائيل" أم في المنافي وبين مصالح الدولة الكبرى التي تتغيّر طبقًا لأهواء القادة وبعيدًا عن مصالح الشعوب وتطلّعاتها، ناهيك عن مبادئ العدالة والإنصاف، وهو الأمر الذي استمر في العهد الشيوعي وما بعده.

عوضاً عن الخاتمة
أخلص إلى القول من عرض حيثيات عصبة مكافحة الصهيونية ونضالها على الصعيد اليهودي بشكل خاص، فضلاً عن دورها في نقض الرواية "الإسرائيلية" بجميع أركانها ومقوّماتها والأسس التي قامت عليها في إطار سياقها التاريخي، باستشراف بُعد مستقبلي يمكن أن يكون جزءًا من حركة كونية واسعة ومنتشرة على امتداد العالم، وخصوصاً الاستفادة من القرارات الدولية والتطوّر الذي حصل على صعيد المجتمع الدولي.
ولا شكّ أن مواقف بعض المنظمات الدولية بما فيها الأمم المتحدة ومنظمة اليونيسكو سيكون مفيداً حين تنفي بعض ادعاءات الصهيونية، ولاسيّما بشأن "قضية القدس" التي تمثّل لبّ القضية الفلسطينية بما لها من مكانة رمزية إنسانية وروحية شديدة الالتصاق والتلاحم بالمكانة الثقافية والتاريخية والأثرية.
جانبان في نقض الرواية "الإسرائيلية" ، أحدهما دبلوماسي وله علاقة بالتحرّك في المحافل الدولية، سواء الحكومية أو غير الحكومية، وثانيهما ثقافي وله امتداد دولي حكومي وغير حكومي بما فيه ما يمكن أن تلعبه منظمات المجتمع المدني، وتعتبر الحلقات الدبلوماسية والثقافية جزء من حركة مقاومة سلمية مدنية ضرورية لاستكمال سبل المواجهة الأخرى، خصوصاً باستخدام القوة الناعمة لصالح الحق والحقيقة في مواجهة الباطل والتزوير، بما فيه من جوانب اقتصادية وتجارية وفنية ورياضية وغيرها، وهو الأمر الذي يحتاج أن يولى اهتماماً خاصاً نظراً لتأثيرها الفعّال، لاسيّما إذا أُحسن استخدامها على نحو حيوي في إطار توازن المصالح وتبادل المنافع والمشترك الإنساني.
إن تجربة العصبة على الرغم من تاريخيتها فإنها ما تزال حيّة، خصوصاً وأن أعداداً من اليهود اليساريين وغير اليساريين أخذت تتلمّس خطر الصهيونية على اليهود أنفسهم، لاسيّما بطلان ادعاءاتها بتمثيل اليهود، ناهيك عن ممارساتها العدوانية وارتكاباتها مجازر دموية، فضلاً عن تشريعها قوانين تمييزية عنصرية ولا إنسانية بحق عرب فلسطين، ويضاف إلى ذلك تمييزها ضدّ اليهود الشرقيين (السفرديم) ويهود الفلاشا (يهود إثيوبيا) لصالح اليهود الغربيين التي تعود أصولهم إلى أوروبا الغربية: ألمانيا وفرنسا وأوروبا الشرقية (الأشكيناز)، بل إن أوساطاً عالمية واسعة أخذت تدرك أكثر فأكثر بأن رهانها على دولة "إسرائيل" باعتبارها "واحة للديمقراطية" ليس له ما يبرّره ، بل إنها أصبحت عبئاً على الغرب نفسه في ظلّ التعصّب والانغلاق والتطرّف وإثارة حروب مستمرّة، لدرجة أنها أصبحت بؤرة مستديمة للعدوان.
إن إعادة قراءة وثائق وأدبيات عصبة مكافحة الصهيونية تعطي الباحث أكثر من دليل وبرهان مادي ومعنوي على أن ما حصل من تهجير لليهود العراقيين وغير العراقيين إلى "إسرائيل" كان جزءًا من مؤامرة كبرى استهدفت الأمة العربية لصالح الحركة الصهيونية التي مارست تضليلاً واسعاً ودعاية سوداء، بتواطؤها السابق مع النازية أو بتقديم خدمات لصالح الدول الغربية أو بالتأثير على زعماء الكرملين خلال الحرب العالمية الثانية أو من خلال زعمها تمثيل يهود العالم، ناهيك عن ادعاءاتها التاريخية.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دردشة مع نوري عبد الرزاق (الحلقة الخامسة والأخيرة)
- عصبة مكافحة الصهيونية ونقض الرواية -الإسرائيلية- 3
- عصبة مكافحة الصهيونية ونقض الرواية -الإسرائيلية- 2
- فيما يسمّى ﺑ -الإمبريالية الثقافية-
- عصبة مكافحة الصهيونية ونقض الرواية -الإسرائيلية- 1
- الزمن والنخب: في انطولوجيا الثقافة العربية بقلم د. عبد الحسي ...
- دردشة مع نوري عبد الرزاق (الحلقة الرابعة وما قبل الاخيرة)
- عبد السلام المجالي وداعًا
- الهويّة مرّة ثانية وثالثة
- دردشة مع نوري عبد الرزاق 3
- -التفلسف- بلا ضفاف
- الريادة الحقوقية والآباء المؤسسون
- العبودية والاعتذار الهولندي
- دردشة مع نوري عبد الرزاق: الجيل الأول للحركة الشيوعية العراق ...
- صورة العروبة
- قراءة في كتاب: دين العقل وفقه الواقع
- دردشة مع نوري عبد الرزاق
- سؤال اللغة والثقافة
- وماذا عن الكبتاغون...؟
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبد الحسين شعبان - عصبة مكافحة الصهيونية ونقض الرواية -الإسرائيلية- 4