أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - تاج السر عثمان - اصلاح وأهداف التعليم (13 والأخيرة)















المزيد.....

اصلاح وأهداف التعليم (13 والأخيرة)


تاج السر عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 7516 - 2023 / 2 / 8 - 14:53
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


1
برز من الحلقات السابقة أن اصلاح التعليم وتحقيق أهدافه في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لاينفصل عن تحقيق الدولة المدنية الديمقراطية التي تسع الجميع والحرية والعدالة والسلام، فالتخريب الكبير في التعليم كان في عهود الأنظمة العسكرية التي وظفت الجزء الأكبر من ميزانية الدولة للأمن والدفاع ، وأهملت التعليم والصحة والتنمية، وفرطت في السيادة الوطنية، وفتحت الباب علي مصراعيه للشركات الأجنبية المتحالفة مع الرأسمالية المحلية لنهب ثروات البلاد ، وتصدير الفائض الاقتصادي اللازم للتنمية للخارج. بالتالي من المهم الخروج من الحلقة الجهنمية للانقلابات العسكرية واستقرار النظام الديمقراطي ، وحل مشاكل الديمقراطية بالمزيد من الديمقراطية ، مما يفتح الطريق لقيام نظام وطني ديمقراطي يلعب فيه التعليم دورا مهما في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الشاملة، وقيام المجتمع الزراعي الصناعي المتطور. فالتعليم له علاقة مباشرة بالحياة والمجتمع ، ولا يتم لذاته مثل " التعليم من أجل التعلم" أو " الفن من أجل الفن" وغير ذلك من المقولات التي تعزل النظرية عن الممارسة، فالانسان عبر التاريخ كان يتعلم من خلال الممارسة ويستنبط النظرية والمعرفة منها، فالتعليم يأخذ من الناس ويعطيهم .
2
الهدف من التعليم توفير المعارف الأساسية والضرورية للطلاب بهدف اعدادهم للحياة ، وتجعلهم يواصلون التعليم و الدراسة باستمرار مع ثورة المعلومات التي نعيشها ، كما تهدف الى تأهليهم بالمهارات والحرف المعينة لكي يساهموا في بناء المجتمع وتغييره الي الأفضل.
يبقي من المهم توفير مقومات التعليم من مباني وبيئة صالحة ومعلم وطالب ومناهج. فلابد من تأهيل المعلم باعتباره حجر الزاوية في التعليم لمساعدة الطلاب في شق طريقهم المستقل مع تدفق المعلومات عبر الوسائط المختفة ، واستقراره في المعيشة والسكن ، والمنهج الشامل الذي يربط بين التعليم الذهني واليدوي، والمرتبط بإهداف المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، والملائم لتنوع السودان الثقافي والديني والعرقي واللغوي والجغرافي.، ويغرس في الطلاب روح البحث والتفكير الناقد ، اضافة للنشاط المدرسي المكمل للعملية التعليمية. اضافة للقيم والمثل التي يجب أن ترسخها المناهج مثل: حب الوطن، التواضع، نبذ العنصرية الأمانة والنظافة وحماية البيئة ، وحب المعرفة والتعلم باستمرار ، واحترام المرأة و الحقوق والحريات الأساسية، والتسامح واحترام والمعتقدات والرأي الآخر. الخ.
فلا ريب في أن التعليم شرط مهم لتقدم وتطور المجتمع، فقد أجمع المخططون على اختلاف ميولهم ومشاربهم السياسية والفكرية أن التعليم استثمار بشري له مردود عالى في المستقبل ، فالتعليم رغم أنه خدمة طبيعتها استهلاكية ، الا أنها إنتاجية في الوقت نفسه..
منذ اندفاع الثورة الصناعية في نهاية القرن الثامن عشر ، ازدادت أهمية التعليم العام والجامعي ، وازدادت أهمية مواكبة هذه الثورة التي اصبح فيها العلم مرتبطا بالإنتاج ، بالتالي زادت أهمية البحث العلمي وتخريج الكوادر التقنية والادارية والاقتصادية .الخ التي اصبح دورها مهما في تطوير الإنتاج والعملية الإنتاجية.
مع تطور مستوى المعيشة ازدادت أهمية رفع المستوى الثقافي والتعليمي ، وتدريجيا في القرن الثامن عشر كان هناك ضرورة في بلدان الغرب الرأسمالي لمحو الأمية وتعميم التعليم الالزامي ، ومساهمة رجال الأعمال والشركات والقطاع الخاص في التعليم بعد أن اتضحت فوائده الملموسة في تطوير الإنتاج.
الاقتصاديون الذين عالجوا أسباب التخلف في البلدان النامية، اشاروا الي من مؤشرات التخلف الأمية التي تبلغ حوالي 70% ، كما اشاروا الى النسبة الكبيرة من عدد الأطفال في سن التعليم الذين لا يجدون الفرصة في تلقى التعليم الالزامي، هذا فضلا عن عدم الاستيعاب الكامل للتلاميذ الذين بلغوا سن التعليم الالزامي.
3
اشرنا في الحلقات السابقة الى ارتباط التعليم باحتياجات المجتمع منذ حضارات السودان القديمة، فنجد في تلك الحضارات ان السودانيين استطاعوا ابتكار لغة خاصة بهم ( المروية ، النوبية) استقلوا بها عن اللغة المصرية القديمة "الهيروغلوفية" ، وأن المجتمعات في تلك الحضارات كانت مترابطة ومتوجهه داخليا، والتعليم مرتبط باحتياجات المجتمع ، وأن تلك المجتمعات مكتفية ذاتيا بمعنى توفر غذاءها ، والتجارة مع الخارج كانت في السلع الكمالية. .
لكن بدخول الاستعمار التركي 1821 والبريطاني 1898 م ، اصبح الاقتصاد متوجها خارجيا بمعني تلبية احتياجات الدولة المحتلة كما في فترة الاستعمار البريطاني عندما اصبح هدف التعليم تلبية احتياجات الدولة الاستعمارية في زراعة القطن وقام مشروع الجزيرة والمشاريع الأخرى للقطن والسكة الجديد والنقل النهري . الخ ، كما تم تدمير الصناعة الوطنية لاغراق البلاد بالسلع المستوردة ، وفي تخريج موظفين لتسيير جهاز الدولة ، كما ركز على التعليم النظري زالأكاديمي كما اوضحنا سابقا ، وفي نهاية عهد الاستعمار البريطاني كانت نسبة التعليم الفنى 20%.
وبعد الاستقلال استمر الخلل في التعليم العام والعالي كما في : قصل التعليم الفتى عن الأكاديمي، وعدم ارتباطه باحتياجات التنمية الاقتصادية الاجتماعية والثقافية ، ولا ربط للتكنولوجيا بالبيئة ، ومناهج فقيرة تقوم على الحفظ والحشو ، ولاتساعد في روح الخلق والابتكار، والتوجه الطبقي للتعليم حتى اصبح للقادرين مع تزايد أعداد المدارس والجامعات الخاصة ، وازداد التفاوت بين الأقاليم في التعليم والقبول في الجامعات، فضلا عن تدهور نوعية التعليم نفسه نتيجة لهجرة الأكفاء من الاساتذة والمعلمين والفصل والنشريد ، والنقص في المعامل والمكتبات والكتاب المدرسي ، والتوسع في التعليم العالي على حساب الكم لا الكيف ودون توفير مقومات هذا التوسع ، اضافة لتحويل المعاهد الفنية الي جامعات ومعاهد تدريب المعلمين الي كليات تربية، وغير ذلك من التخريب الذي وصفنته سابقا.
4
المدخل لاصلاح التعليم وتحقيق أهدافه بأن يكون التعليم ديمقراطيا من حيث الكم والكيف، وفي التخطيط وفي رسم سياساته وتنفيذها، يستوعب كل الأطفال البالغين سن التعليم والتخطيط الواعي والجاد لتحقيق هذا الهدف الذي اصبح من ضمن مواثيق حقوق الانسان، فضلا عن تحقيق مجانية والزامية التعليم العام.
- لا يكفي تحقيق الزامية ومجانية التعليم العام ، بل يجب التخطيط لمحو امية جميع الأميين. فلا يمكن تحقيق تغيير اقتصادي واجتماعي في بلد تتجاوز فيه الأمية 70% من سكانه.
- ديمقراطية التعليم لا تنفصل عن الديمقراطية السياسية والاجتماعية والثقافية ، بل هي مكملا لها.
- المناهج تكون بعيدة عن الحشو ومرتبطة بالبيئة المحلية، وتربط العملي بالنظري ، والتكنولوجيا بالبيئة المحلية، و تربط التعليم النظري بالعملي، وتغرس حب المعرفة والتواضع ، ومواصلة التعليم مدى الحياة، وتغرس روح التعاون والجماعية في العمل ، وتطوير قدرات الانسان وتفجير طاقاته الابداعية الايجابية باستمرار، وبحيث لا يكون التعليم مصدرا للخوف من المستقبل وعدم الثقة فيه ، وفتور من العمل لحد اليأس ، وبعث الثقة في النفوس والمستقبل، غرس التفكير الناقد والخلاق والمبدع ، واستخدام المنهج العلمي الذي يستخلص النتائج من الواقع لا من أفكار مسبقة ،ودراسة الواقع من أجل فهمه وتغييره.
- تصحيح تركيب التعليم العام والعالي بحيث يكون التعليم الفنى هو الغالب، وتحسين اوضاع خريجي المعاهد الفنية، باعتبار التعليم الفنى هو اساس التنمية ، كما أن الثورة العلمية التقنية الجارية اليوم تقود الي هذا الاتجاه الذي يربط النظرية بالعمل ، ودون التقليل من أهمية التحصيل النظري.
- توفير مقومات التعليم من اساتذة وإعادة تأهيلهم باستمرار لمواكبة الجديد وتحسين اوضاعهم المعيشية والالمام بأهداف المادة التي يدرسها ،وتوفيرالمكتبات والكتب ودوريات ومعامل وميادين رياضية ، ونشاط مدرسي وجامعى، وتحسين اوضاع الطلاب والطالبات في السكن والمعيشة والترحيل والخدمات الصحية ، ورفع ميزانية التعليم باعتباره استثمار عالي المردود، وتحقيق المساواة الفعلية بين الطلبة والطالبات في مختلف التخصصات، والتناسب بين المعلم وعدد الطلاب.
- السلم التعليمي لايقل عن 12 عاما للتعليم العام بحيث يمتلك الطلاب المعارف الأساسية التي تؤهلهم للحياة والتعليم العالي.
- أن تكون المدرسة أو الجامعة مركزا للاشعاع الثقافي في المجتمع.
- لغة التدريس مع أهمية اللغة العربية المشتركة بين كل السودانيين ، لكن هناك ضرورة لكفالة حق القوميات الأخرى في التعليم بلغاتها المحلية ، والاعتراف بالتنوع الثقافي الديني واللغوي والعرقي بالبلاد.
- تشجيع البحث العلمي الذي يرتبط بتراث وواقع السودان ، واحتياجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
- محو الأمية في التعليم العام وتطبيق نظام التعليم الشامل الذي يربط بين التعليم الفني والأكاديمي.
- قوانين ديمقراطية في المدارس والجامعات تتيح حرية تكوين الجمعيات والاتحادات والنشاط الابداعي ،واشراك الاساتذة والطلاب بما يدور في المؤسسات التعليمية ، وضمان استقلال الجامعات وحرية البحث العلمي.



#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حصاد التعليم بعد الاستقلال (12)
- التعليم بعد ثورة ديسمبر (11)
- التخريب الممنهج للتعليم في فترة الانقاذ ( 10)
- تجربة تخريب التعليم بعد انقلاب مايو 1969
- التعليم في الفترة ١٩٥٦ - ١٩ ...
- التعليم في فترة الحكم الاستعمار البريطاني (7)
- التعليم في فترة المهدية (6)
- التعليم في فترة الحكم التركي (5)
- التعليم في مملكة الفونج (4)
- التعليم في ممالك النوبة المسيحية (3)
- التعليم في السودان القديم (2)
- في يومه العالمي حتى لايصح التعليم للقادرين
- انقاذ الوطن من الخراب في اسقاط الانقلاب
- بعيدا عن كل الاملاءات الخارجية
- حول البيان الختامي لمؤتمر تفكيك نظام 30 يونيو
- حول حديث البرهان بمنطقة النيل الأزرق
- التدخل الدولي بهدف نهب ثروات البلاد
- اوسع حملة لمقاومة الاغتصاب والافلات من العقاب
- ما هي أهداف التدخل الدولي الكثيف في البلاد؟
- من أعلام الاستقلال : عرفات محمد عبد الله (2) والأخيرة


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب في نيويورك
- الاتحاد الأوروبي يعاقب برشلونة بسبب تصرفات -عنصرية- من جماهي ...
- الهند وانتخابات المليار: مودي يعزز مكانه بدعمه المطلق للقومي ...
- حداد وطني في كينيا إثر مقتل قائد جيش البلاد في حادث تحطم مرو ...
- جهود لا تنضب من أجل مساعدة أوكرانيا داخل حلف الأطلسي
- تأهل ليفركوزن وأتالانتا وروما ومارسيليا لنصف نهائي يوروبا لي ...
- الولايات المتحدة تفرض قيودا على تنقل وزير الخارجية الإيراني ...
- محتال يشتري بيتزا للجنود الإسرائيليين ويجمع تبرعات مالية بنص ...
- نيبينزيا: باستخدامها للفيتو واشنطن أظهرت موقفها الحقيقي تجاه ...
- نتنياهو لكبار مسؤولي الموساد والشاباك: الخلاف الداخلي يجب يخ ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - تاج السر عثمان - اصلاح وأهداف التعليم (13 والأخيرة)