أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - تاج السر عثمان - التعليم في فترة المهدية (6)















المزيد.....

التعليم في فترة المهدية (6)


تاج السر عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 7508 - 2023 / 1 / 31 - 00:48
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


1
ذكرنا في الحلقة السابقة عن التعليم في فترة الحكم التركي أن السودان شهد في تلك الفترة نوعا من التعليم الأكاديمي والمهني الحديث ، حيث قامت سبع مدارس ابتدائية ومدارس للتدريب المهني مثل : مدرسة التلغراف ومدرسة مصلحة النقل النهري. الخ ، وكانت من وظائف هذا التعليم تخريج كتبة وموظفين وعمال مهرة لمد الدولة باحتياجاتها منهم.
جاءت دولة المهدية نتاج ثورة شعبية مسلحة بعد القضاء علي دولة الحكم التركي التي كانت دولة مدنية ، وحلت محلها دولة المهدية ذات الطبيعة الدينية والتي استمدت نموذجها من الدولة الإسلامية التي قامت في عهد النبي (ص) ومن بيت مال ودار قضاء وإفتاء وجيش . الخ ، واصبح الامام المهدي علي راس الدولة باعتباره خليفة رسول الله ، ويليه خلفاؤه وأمناؤه الذين كان يستعين بهم في تصريف الشؤون المدنية والإدارية والعسكرية والقضائية وغيرها، اضافة ألي أن الأمام المهدي ومن بعده الخليفة جمع بين السلطة الدينية والزمنية وكان مصدر التشريع ، وبحكم انه خليفة رسول الله وله صلة مباشرة به ، وهذه الصلة قد تتم في حضرة، في يقظة أو منام.
كانت وظائف هذه الدولة متعددة ومتنوعة فهي دولة عسكرية، أي أنها كانت في حالة حروب داخلية وخارجية مستمرة وكان لها وظائفها الاقتصادية وكانت الدولة عن طريق بيت المال لها أراضيها (ملكية الدولة) التي تؤجرها للمزارعين بنسب معينة من المحصول وكانت مصادر دخلها من الغنائم والضرائب والزكاة والعشور.
2
قضت دولة المهدية ( 1885 – 1898 م ) على التعليم المدني الحديث الذي تمّ في فترة التركية ، وحل محله تعليم ديني في عدد محدود من الخلاوي التي أصبحت المنهل للتعليم في السودان ، حتي دخول جيوش الاحتلال الانجليزي في عام 1898 م.
كما قضت المهدية علي التعليم التبشيري والنشاط التبشيري بأسره في السودان واغلقت مدارس الارساليات التي تم فتحها ابان الحكم التركي – المصري ( محمد عمر بشير : تطور التعليم في السودان ، 1970 ، ص 55 ) . ولقد تأثرت العلائق التعليمية والثقافية بين السودان ومصر في فترة المهدية للاختلاف بين نظامي الحكم في البلدين ، ولم تعد مصر وأزهرها قبلة الطلاب السودانيين لتلقي العلم والتدريب فيها ، كما تأثر التعليم في السودان ايضا من جراء الحروب الكثيرة التي شهدتها فترة المهدية ولم يتطور في وقتئذ أى جهاز تعليمي ذى بال ( المصدر السابق: 57 ) .
بالرغم من موقف الخليفة عبدالله تجاه تعليم الارساليات، الا أن خريجي تلك المدارس كانوا يمثلون العمود الفقري للعمل المكتبي والفني في دواوين الحكومة ( للمزيد من التفاصيل، راجع ، تاج السر عثمان الحاج ، التاريخ الاجتماعي للمهدية، مركز عبد الكريم ميرغني 2010م ) .
ويعزى د . محمد سعيد القدال ذلك الى أنه كان مرتبطا بالفترة التي كان فيها ابراهيم عدلان امينا لبيت المال والذي اعاد توظيف التركية ( أولاد الريف ) في وظائف الحسابات ومسك الدفاتر والتي كانت لها بعيد الأثر في دقة العمل الحسابي ، ومن الأمثلة لهؤلاء الموظفين محمد شكري كاتب شمال البقعة ، والحاج سعد المغربي من طرابلس كاتب بيت المال وفتي أفندي الذي كان ضابط بوليس في التركية فأصبح كاتبا ، رستم محمد رشدي الذي كان كاتب تلغراف بدارفور فأصبح كاتبا ، عبد الدائم من اسنا كان يعمل في بيت مال دنقلا ، عمر موسي حمدي الذي كان باشكاتبا فأصبح ( قباني ) بالبقعة ، يوسف افندي نديم ، عبدالله المحلاوى ( محمد سعيد القدال ، السياسة الاقتصادية للدولة المهدية ، دار جامعة الخرطوم 1986، ص 179 ) .
اى أن دولة المهدية استفادت من ثمرة التعليم الحديث باستفادتها من هؤلاء الكتبة والمحاسبين ، ولكنها أغلقت المنبع الذي تخرج فيه هؤلاء الموظفون والكتبة وهى مدارس التعليم المدني الحديث !!! .
3
كانت ايديولوجية المهدي تنادي بوجوب العودة لروح الاسلام ونقائه ونبذ الطرق الصوفية وتوجيه الناس الى القرآن والسنة ، كما لم يكن المهدى متعاطفا مع العلماء الذين ساندوا الادارة الأجنبية ، ولذلك كانت دعوته لاتؤيد بطبيعة الحال النظم التعليمية التي ادخلها الحكم التركي (محمد عمر بشير، مرجع سابق،ص، 55 ) ، وفي فترة المهدية انتشرت الخلاوى حتي بلغ عددها في امدرمان وحدها ثمنمائة خلوة في عهد الخليفة ( بشير : 55 ) ، وبالرغم من انشغال الخليفة عبدالله في الحروب الخارجية والمنازعات الداخلية، الا أنه كان يدعو قومه لحفظ القرآن ، وقد أمر ذات مرة ان تعد 4500 لوحا ليكتب عليها الدارسون سور القرآن ، وقد شدد على أنصاره من الكبار أن يحفظوا من سور القرآن على أدني تقدير ما يؤدون بها الصلاة ، وأن يتعلم الاطفال مبادئ التعليم الثلاثة : القراءة والكتابة والحساب مع حفظ القرآن ( نفسه : 56 ) .
كما كانت الدولة تقوم بدفع مرتبات المعلمين في هذه الخلاوى ، أى أنها استمرت في سياسة الحكم التركي نفسها الذي كان يدفع مرتبات معلمى الخلاوى.
4
أضحت امدرمان مركز التعليم والثقافة وقبلة العلماء والمعلمين في فترة المهدية ، كما استفاد المعلمون والعلماء من مطبعة الحجر التي غنمها الثوار عند سقوط الخرطوم فطبعوا نسخا كثيرة من الكتب والمحفوظات واستطاع اسماعيل عبدالقادر الكردفاني أن يصدر كتابين احدهما عن المهدي، وآخر عن اثيوبيا عندما كان مقيما بامدرمان (محمد إبراهيم ابوسليم : الحركة الفكرية في المهدية، دار جامعة الخرطوم ، 1970 ) ، وأصدر ودتاتاى كتابا عن أقوال المهدي ، كما اسهم كل من عوض الكريم المسلم والحسين الزهراء.
في مجال الكتابة أيضا كان هناك أهم مركز للتعليم في شرق السودان حيث تقيم أسرة المجاذيب وقد اشتهر منها شخصان بكتاباتهما في بث دعوة المهدية هما ابوبكر يوسف وحمد المجذوب الطاهر ، وكان المجذوب ابوبكر كاتبا لعثمان دقنة وقد قام بتصنيف رسائل المهدي الى عثمان دقنة ، أما حمد المجذوب ، فقد أعد مخطوطا عن وقائع الشرق وصف فيه الحوادث والمواقع في شرق السودان في عهد المهدية ، وكان المركز السابق في دنقلا، التي كانت معسكرا كبيرا من معسكرات جيوش المهدية، وهناك عكف عدد كبير من الانصار في تدوين ونقل راتب المهدي لنشره وتوزيعه على المواطنين .
وخلاصة القول ، يمكن أن نصل الى الآتي :
- المهدية قضت على التعليم المدني الحديث الذي بدأ في فترة الحكم التركي.
- انتشرت الخلاوى.
- استمر ارتباط معلمي الخلاوى بالدولة.
- انتشرت مراكز الثقافة المرتبطة بنشر تاريخ وترسيخ الايديولوجية المهدية.



#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعليم في فترة الحكم التركي (5)
- التعليم في مملكة الفونج (4)
- التعليم في ممالك النوبة المسيحية (3)
- التعليم في السودان القديم (2)
- في يومه العالمي حتى لايصح التعليم للقادرين
- انقاذ الوطن من الخراب في اسقاط الانقلاب
- بعيدا عن كل الاملاءات الخارجية
- حول البيان الختامي لمؤتمر تفكيك نظام 30 يونيو
- حول حديث البرهان بمنطقة النيل الأزرق
- التدخل الدولي بهدف نهب ثروات البلاد
- اوسع حملة لمقاومة الاغتصاب والافلات من العقاب
- ما هي أهداف التدخل الدولي الكثيف في البلاد؟
- من أعلام الاستقلال : عرفات محمد عبد الله (2) والأخيرة
- من أعلام الاستقلال : عرفات محمد عبد الله
- كان عاما مليئا بالقمع والنهب والافقار
- في الذكرى 67 لترتفع عاليا رآية الاستقلال
- في ذكراها الرابعة دروس من ثورة ديسمبر (2- 2)
- في ذكراها الرابعة دروس من ثورة ديسمبر (1 - 2)
- تدهور الأوضاع بعد الاتفاق الإطارى
- فلنعزز الاستقلال باستكمال مهام الثورة


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - تاج السر عثمان - التعليم في فترة المهدية (6)