أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رياض سعد - اكتب رياض سعد مقولة وتعليق / 14 / تغير الصديق وانقلابه عليك














المزيد.....

اكتب رياض سعد مقولة وتعليق / 14 / تغير الصديق وانقلابه عليك


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 7494 - 2023 / 1 / 17 - 11:46
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


ومن احسن ما جادت به قريحة الشاعر العراقي العباسي ابراهيم الصولي في تغير الصديق و تحول الدهر و الخُذلان والغدر ؛ قوله :

وَكُنتَ أَخي بِإِخاء الزَّمانِ ... فَلَمّا نَبا صِرتَ حرباً عَوانا

وَكُنتُ أَذُمّ إِلَيكَ الزَّمان ... فَقَد صِرتُ فيك أَذُمّ الزَّمانا

وَكُنتُ أُعِدّك لِلنائِبات ... فَها أَنا أَطلُب مِنكَ الأَمانا

الأخ هو الصديق والرفيق والسند وهو من يحزن لحزنك، ويفرح لفرحك، ويقف بجانبك ايام العسر واليسر , ويقدم مصلحتك على مصلحته احيانا ، و الأخوة الحقيقية لا تقدر بثمن ؛ ومما نسب الى حكيم العراق الإمام على قوله : إن أخاك الصدق من يسعى معك ، ومن يضر نفسه لينفعك ، ومن إذا عاين أمراً قطعك ، شتت فيه شمله ليجمعك.

وفي امثال هؤلاء الاوفياء انشد الشاعر قائلا :

أولئك إخواني الذين أحبهم ... وأوثرهم بالود بين إخواني

وما منهم إلا كريم مهذب ... حبيب إلى إخوانه غير خوان

فالأخوة والصداقة كلاهما معدن لا يصدأ إن بني على أساس الصدق والثقة والنية السليمة أو الاخلاص بالتعامل والالتزام بالعهود والوعود والشيم والقيم ؛ الا انهما عملة نادرة جدا في ظل انتشار الانتهازية والغدر وأصحاب المصالح ، وإذا نظرنا إلى الأزمنة الماضية فقد كانت روابط الصداقة متينة - او لا اقل افضل مما نحن فيه الان - ، يملؤها الوفاء والإخاء ، لذا نجد الأدباء والشعراء يتغنون بالصديق الوفي والمخلص ، ويرثونه ببالغ الدمع والأسى إذا اختطفته يد المنون ؛ ومما ورد عن الامام جعفر الصادق قوله : ((الإخوان ثلاثة : مواس بنفسه، وآخر مواس بماله، وهما الصادقان في الإخاء، وآخر يأخذ منك البلغة، ويريدك لبعض اللذة، فلا تعده من أهل الثقة )) ؛ لذلك قيل : خير الأصدقاء من اذا ضحكت لك الدنيا لم يحسدك وإن عبست لك لم يتركك .

فالحذر كل الحذر من الأصدقاء المزيفين أو ما يسمى بالأعداء الودودين هم أولئك الذين يتظاهرون ظاهريًا بأنهم أصدقاء مقربون واخوان مخلصون لكنهم في الواقع من اصحاب المصالح او قد يشعرون بالغيرة منك ويتمنون لك الفشل في الحياة ؛ و عادة ما يكون هؤلاء الأشخاص في أقرب دائرة اجتماعية إليك ، بين الأصدقاء أو الزملاء أو حتى أفراد الأسرة .

والشاعر الصولي بين في ابياته الشعرية حقيقة مؤلمة واظهر لنا صورة شعرية تكشف معدن البعض الرديء ؛ فما أصعب أن تستجير بمن تظنه عونًا لك، سواء أكان قريبًا أم صديقًا أم جارًا فإذا به يكون عليك، لا لك، فتُضطر أن تتقي شره قبل شر من يعاديك ؛ ومن كان معك ما دامت الدنيا معك فهو صاحب المنفعة والرفاهية فقط ؛ وما ان تتغير احوالك ويتبدل دهرك وتتدهور امورك حتى ينقلب عليك كما الدهر, فيزيد الطين بلة , ويتخلى عنك ساعة الضيق , ويبتعد منك عند وقوع المصيبة .

تصوروا أن الشاعر الصولي أمّل في اخيه وصديقه أن يكون معه وينصره ؛ اذ طالما شكى له صروف الزمان ، فإذا به يشكو زمانه بسبب خيانته , واذا به يكون حربا ضروسا عليه بل اصبح يطلب منه الامان , وهل يوجد أقسى من ذلك وأمر ؟ .

ما أشد ألم الانسان وهو يجد من اختبرهم وعدهم اخوانه سرابًا لا ينقع الغلة، فقد توخى أن يكونوا له عونًا، فإذا بهم عون لكل ما حاق به من وقائع الدهر، فلا يجد سبيلاً إلا الرحيل عنهم يائسًا من مواقفهم المتخاذلة.

واختتم هذه المقالة بأبيات الشاعر الجاهلي المُثّقِّـب العبْدي ؛ فقد فطن الشاعر المُثّقِّـب العبْدي منذ البدء إلى هذا النوع من القصور والخذلان، ووفر على نفسه طعنًا من صديقه ، فخاطب صديقه عمرًا وهو مشهور بنجدته وحلمه ، بعد أن وقف معه بمعزِل في موقف ما، طالبًا منه أن يتخير أحد الأمرين :

إلى عمروٍ، ومنْ عمروٍ أتتني ... أخي النَّجَداتِ والحلمِ الرَّصينِ

فإمَّا أنْ تكونَ أخى بحقِّ .... فأَعرِفَ منكَ غَثِّي من سَميني

وإلاَّ فاطَّرحني واتخذني ... عَدُوّاً أَتَّقيكَ وتَتَّقيني

هكذا إذن في رأي الشاعر : فإما أن تكون أخًا ناصحًا صدوقًا مؤازرًا لي أعرف من خلالك مواطن الزلل ومواطن النجاح ، وإلا فاتركني ، ولنكن عدوّين ظاهرين يتقي الواحد منا الآخر.

ولعل مقولة الروائية هيفاء بيطار تنطبق على كثير من اصحاب هذا الزمان : ((كم نتغنى بدفء العلاقات في الشرق , يا لَلسخف و الكذب ! أساس العلاقات للأسف , الغيرة و الحسد و التلذذ بمصائب الأخرين , أمّا أن تجد شخصا يفرح من قلبه لنجاحاتك , فهذا شيء نادر. )) .



#رياض_سعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقولة وتعليق / 13 / الاعتماد على النفس
- ركام من التقاليد الفاطسة والعادات العتيقة
- الحركة الدينية المنكوسة / الحلقة الثانية / اسباب نفي السيد ا ...
- عندما يكون السياسي مهرجاً
- اقتل فلذة كبدك واحصل على مكرمة
- اغتراب المواطن الهجين
- ظواهر كلامية من بلادي / الحلقة الاولى
- محنة الاغلبية العراقية مع القيادة السياسية والدينية
- قصتي مع البلبل القتيل
- عمالة كاملة الدسم
- نهب ثروات الجنوبيين العراقيين
- مقولة وتعليق / 12 / لظى الاشواق
- جرائم صدامية مروعة /11 / مجازر معسكر بسماية
- أليس منكم رجل رشيد؟!
- ظاهرة التنصل من الاحداث والتصريحات
- تجميل ايام واحداث الزمن الاغبر
- يوم النفاق الاكبر
- مقولة وتعليق / 11 / اهمية وضرورة السفر
- دول الاقليم واحزاب الداخل
- شخصية هامة من ورق


المزيد.....




- مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
- من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين ...
- بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
- بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي.. ...
- داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين ...
- الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب ...
- استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
- لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
- روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
- -حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا ...


المزيد.....

- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رياض سعد - اكتب رياض سعد مقولة وتعليق / 14 / تغير الصديق وانقلابه عليك