أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض سعد - قصتي مع البلبل القتيل














المزيد.....

قصتي مع البلبل القتيل


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 7486 - 2023 / 1 / 9 - 10:24
المحور: الادب والفن
    


كل يوم يكسر شيء ؛ يعطل جهاز ؛ يحترق مصباح , يأتي خبر سيء ...وماذا ينتظر المرء من مجتمع مريض وظروف معقدة وفوضى عارمة ولا يوجد فيها بصيص أمل ؟
ضاقت ذرعا بالأمر زوجتي ؛ وطلبت مني شراء بلبل , والحت علي بالطلب ,
علما أنها ليست من هواة الطيور .
قلت : ولماذا نشتري بلبل ؟؟
قالت : كي يدفع عنا عين السوء , ونفس الحساد !!
قلت : وما علاقة البلبل الجميل والذي يغرد بأعذب الالحان ؛ بكل هذه الأحقاد والاضغان , ما هي إلا أساطير الأولين وخرافات الجاهلين ... ؟!
أجابتني : بل هي موجات سلبية ( طاقوية ) غير مرئية , لا تقل خطورتها عن الضرب باليد والركل بالقدم , اشبه بأشعة الليزر , وهذه الطاقة السلبية تنبعث من النفوس الحاسدة والحاقدة والقلوب المريضة وتتجه نحو هذا المرء او ذاك ... .
وألحت علي وأكثرت الطلب ؛ حتى رضخت للأمر الواقع ...
ركبت السيارة متوجها إلى سوق الطيور ...
بعد اللتيا والتي , وقع بصري على بلبل كثير الحركة , لطيف الهيئة , عذب الصوت ...
جئت به مكرها إلى البيت , فقامت زوجتي بإطعامه ... و وضعته في الحديقة ... ؛
وكلما ادخل البيت يستقبلني بالتغريد الرائع , ويرمقني بالنظرات الجميلة , ويضرب بجناحيه فرحا ... و ومضت الأيام ... وصرت اشتري طعامه بنفسي بل أطعمه بيدي ؛ فيأتيني مسرعا من وراء القفص ... ثم تطورت العلاقة الوجودية فيما بيننا , وصار حضوره و رمقات عينيه تذكرني بأسلافي وايامي الضائعة والزمن المفقود والذاكرة المغيبة ... وكأنني من الذين يؤمنون بتناسخ الارواح ... , و صرتُ أطلقه في فضاء الغرفة يطير ويرفرف بجناحيه ويغرد ويقف على رأسي تارة وأخرى على كتفي ... .
أصبح جزءا من كياني , وقطعة من روحي , وشريكا في حياتي ... فقد كسر روتين الحياة الرتيبة , وأضفى جمالا على البيت , أنستُ به وأنس بي ... أحببته وعرفني ... .
في احد الأيام , جاءنا ضيوف ومعهم أطفالهم ... فقام احدهم بفتح باب القفص ... وعبث بالبلبل الآمن ؛ فطار من القفص ... .
وتحركت بصورة لا إرادية , إذ قفزت من غرفة الاستقبال تاركا ضيوفي , مهرولا الى الشارع العام لا مباليا بهيبتي و وقاري ...
سئلت الجيران في الحي , هل رأيتم بلبل ؟!
فقال احد الأطفال : هل هو أليف ؟!
قلت : بلى
فقال : رأيتُ بلبل أليف حط على شجرة السدر في بيت أم ميسون ...
وأرشدني إلى البيت , فطرقت الباب , وخرجت فتاة جميلة في عمر الورود , طويلة الشعر كأنه الحرير ويتحرك مثل أمواج البحر , اما العيون عسلية واسعة كالكون ,و الشفاه لا تحتاج لقلم الحمرة لان الخالق قد تكفل بذلك , وردية الوجنتين , ناصعة البياض , بريئة الملامح , نبرة صوتها كالموسيقى ... ؛ شدهني هذا الطائر الجميل عن طيري الضائع ... فالظاهر ان قدري – في هذه الايام - أن انتقل من جمال إلى أخر... .
- مساء الخير سيدتي
- مساء النور تفضل
- هل وقع على شجرة داركم بلبل ؟
- بلى , وقد امسك به أخي
- هو لي
- حسنا ,سوف اجلبه لك
- شكرا جزيلا سيدتي ,آسف للإزعاج .
رمقتني بنظرة سريعة وكانت اسرع من البرق الخاطف , واحد من السيف مصحوبة بابتسامة بريئة ... ؛ وقتها عشت النقائض والاضداد : فرحانٌ وحزينٌ , متفائلٌ ومتشائمٌ , سعيدٌ وتعيسٌ ... فرح لأني وجدتُ نصفي الثاني , حزين لأني ضيعت نصفي الأخر , متفائل لأني عثرت على البلبل الانيس , متشائم لأجل الحبيب الجديد , سعيد بالوصال مع بلبلي , تعسٌ بسبب ولهي ب ميسون وبعدها عني ... .
هام قلبي بها هياما , واضطربت أعضائي , واختلت أوضاعي ,و شرد ذهني , وقل انتباهي .. الهي ما الذي حل فيّ ؟ حب البلابل ثم عشق الصبايا ؟!
واخذ احدنا ينظر للأخر هو وأنا ... هو يُريد الطيران مرة أخرى إلى بيتها , وأنا أريد ذريعة ثانية للكلام معها ...
مرت الأيام والنار تستعر في أحشائي , فلا شيء أمرُ من العشق عن بعد , والحب من طرف واحد ...
استقضيت ذات يوم وجلا قلقا حيرانا , لا ادري لماذا ؟
كعادتي في كل صباح , أخذت الطعام إلى بلبلي الأثير ... ياللهول ... صرخت بأعلى صوتي .. أين هو ؟
جاءت زوجتي مسرعة , ما الذي دهاك ؟!
قلت : انظري القفص قد سقط على الأرض , والبلبل غير موجود !
بحثنا أنا وهي وأطفالي وأطفال الجيران ؛ حتى عثرنا عليه مقتولا !
قتلته قطة سوداء شريرة لها سوابق عدة ؛ فقد قتلت الكثير من طيور الجيران !!
صدمت صدمة شديدة , لماذا قتلته القطة , علام قتلته ؟!
بأي ذنبا فتكت به؟!
ليتها أكلته , لهان الأمر ؛ لأنها غريزة الأكل والبقاء , لكن ان تقتله لأجل القتل والقتل فقط , يا الهي يا الهي ما هذا الرعب !
هذا شيءٌ عجيبٌ !
لعل هذه القطة اللعينة أصابها فايروس ( الذباحة والقتلة ) المنتشر في بعض البقاع البائسة الهجينة من بلادي و الخالية من مظاهر الجمال والسمو الروحي ...
أنا أيضا قد أصبتُ بهذا الفايروس المعدي ؛ إذ حشوت المسدس بالعيارات النارية كي اقتل هذه القطة اللعينة ثأرا للبلبل القتيل !
لكنني في اليوم الثاني , رأيت القطة قد ماتت , والكلاب تلعب بأحشائها , وتستمتع بتمزيق أعضائها في الشارع !!
انتابتني القشعريرة و الدهشة والحيرة ... أهي عدالة السماء ... أم إن مشيئة الله تأبى أن يلطخ الابرياء أيديهم بالدماء ..؟!
ذهبت إلى بيت الجارة الجميلة عشيقة الروح والخيال , بعد إن هدأ روعي , كي اخبرها بالمصاب الجلل !
ولا ادري اتكترث لصاحب البلبل فضلا عن البلبل نفسه أم لا ؟
فرأيت السيارات والأطفال والموسيقى والزغاريد ... قالوا : اليوم عرس ميسون... !!!
رَجَعْتُ أَدْرَاجِي خائبا حزينا ... وعادت لعنة الروتين و مرارة الملل تلاحقني أينما ذهبت من جديد ... ورجعت رتابة الأيام كما كانت من قبل ... ولا زالت روحي هائمة تبحث عن حبها المفقود ... .



#رياض_سعد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عمالة كاملة الدسم
- نهب ثروات الجنوبيين العراقيين
- مقولة وتعليق / 12 / لظى الاشواق
- جرائم صدامية مروعة /11 / مجازر معسكر بسماية
- أليس منكم رجل رشيد؟!
- ظاهرة التنصل من الاحداث والتصريحات
- تجميل ايام واحداث الزمن الاغبر
- يوم النفاق الاكبر
- مقولة وتعليق / 11 / اهمية وضرورة السفر
- دول الاقليم واحزاب الداخل
- شخصية هامة من ورق
- مقولة وتعليق / 10 / ضرورة الحب في حياتنا
- دوامة الشعارات المضللة في العراق
- مقولة وتعليق / 9 / قيمة الوقت و وهم العيش
- ومضة حياة
- جرائم صدامية مروعة / الحلقة العاشرة / التعذيب بالكهرباء
- جرائم صدامية مروعة / الحلقة التاسعة / مسوخ الاجرام و مسخ الا ...
- العراق : عظمة التاريخ واشجان الماضي والتطلع للمستقبل الزاهر
- افتراءات الكائن الهجين ضد الاغلبية العراقية
- وقفة مع تصريحات النائب مشعان الجبوري حول الفساد في العراق


المزيد.....




- من بينهم توم كروز.. الأكاديمية تكرم 4 فنانين -أسطوريين- بجوا ...
- بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة ...
- تكريما لمسيرته... الممثل الأمريكي توم كروز سيتلقى جائزة أوسك ...
- جو بايدن يقتحم موقع تصوير مسلسل شهير أثناء مطاردة الشرطة (صو ...
- باللغة العربية.. موسكو وسان بطرسبورغ ترحبان بالوفد البحريني ...
- انهيار منزل الفنان نور الشريف في السيدة زينب.. وابنة تعلق! ( ...
- كيف أعاد شفيق البيطار بادية بني سعد إلى البيوت بلغة عربية فص ...
- قتلى أو شهداء أو ضحايا؟ عن مفهوم التضحية ما بين اللغة والفلس ...
- الرواية بين المحلية والعالمية.. علامات من الرواية الأردنية
- خامنئي يبث رسالة باللغة العربية: لن نساوم الصهاينة أبدا ويجب ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض سعد - قصتي مع البلبل القتيل