أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رياض سعد - مقولة وتعليق / 12 / لظى الاشواق














المزيد.....

مقولة وتعليق / 12 / لظى الاشواق


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 7484 - 2023 / 1 / 7 - 13:30
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


ومن اروع ما انشده الشاعر العراقي إسحاق بن حسان الخريمي في رثاء الشخص العزيز والشوق اليه ؛ قوله :

قَضى وَطَراً منك الحَبيبُ المُوَدِّع ...... وَحَلَّ الَّذي لا يُستَطاع فَيَدفَعُ

وَأَصبحت لا أَدري إِذا بانَ صاحِبي .....وَغودرتُ فَردا بعده كَيفَ أَصنَع

أَأَفني الحَياةَ عِفَّةً وَتجلدا ....... بِعافيَة أَم أَستَكين فَأَهلَع

بَلى قَد حلبت الدَهرَ أَشطرَ دَرّه ......فَأَبصرت منه ما يضرّ وَيَنفَع

فَأَيقنت أَن الحيّ لا بُدَّ مَيّت ...... وَأَنَّ الفَتى في أَهلِهِ لا يُمَتَّع

تذكرني شَمس الضُحى نور وَجهه .... فَلي لَحظات نَحوَها حينَ تطلع

وَأعددتُه ذُخراً لِكُلِّ ملمّة ...... وَسَهمُ المَنايا بِالذَخائر مولع

فقد رسم الشاعر صورة مؤلمة عن واقع الحياة وحقيقة الدهر وحتمية الموت والفراق ؛ وفي الوقت نفسه ذكر صور جميلة عن شمائل صاحبه المتوفى ؛ فبعد ان قضى عمرا معه مليئا بالذكريات الحلوة والمواقف المشرفة ... واذا بحلول الامر الخطير الذي ليس باستطاعة انسان دفعه الا وهو الموت الذي لا يميز بين الصغير والكبير ولا يفرق بين العدو والصديق ... وقد دهش صاحبنا الشاعر عندما اختطفت المنية صاحبه السند وصديقه المعتمد , ولم يعرف ماذا وكيف يصنع في هذه الحياة الصعبة والقاسية ؟!

اذ ان طريق الحياة وعر ولا يقطع من دون رفيق ؛ لذلك قالوا : الرفيق قبل الطريق ... , وعانى شاعرنا كما عاني معظمنا عند فقد الاحبة , وعاش مرارة الفقد والوجد , ونشبت الصراعات النفسية ؛ فهو محتار بين ان يصبر ويتجلد او ينهار ويهوى ... , الا انه عاد الى رشده وبما انه صاحب خبرة طويلة في الحياة ؛ عرف ان جزعه لا ينفع وايقن ان الموت حق وان الحي لابد من هلاكه , والفتى مهما طال عمره وتمتع بحياته وعاش بين اهله تأتيه المنية لا محالة , وهذا البكاء والجزع لا يرد الميت ؛ فلو أن البكاء يعيد من رحل لأرخصنا لأجل احبتنا ماء المقل ... ولكن هذا لا يعني ان شاعرنا نسى صاحبه الفقيد ؛ بل اصبح يرى نور وجهه البهي كلما سطعت الشمس ؛ وكيف ينساه وهو ذخره وسنده لكل ملمة وشدة ... الا ان سهم المنايا يعشق الكرام من الناس فيأتي اليهم سريعا .

من أصعب المشاعر التي تُسبّب الألم ، والحزن لقلوبنا هي اشتياقنا لأشخاص ، وأماكن لها مكانة مميّزة في نفوسنا ، مهما حاولنا نسيانهم إلّا أنّ حبّهم بداخلنا يمنعُنا ، فحنيننا لهم لا يمكن أن يختفي لأنّهم رسموا بداخلنا المعنى الحقيقيّ للحبّ ، والصداقة ، ورسموا معنى الوفاء، والصدق، ... وما اصعب حالتنا عندما يغزونا الشوق لمن نهوى ؛ ان كان من نهواه مسجى تحت الثرى ، ولا نستطيع وصاله و رؤيته .

احياناً يُرهقنا الشوق ويعصف بأركان قلوبنا ، و تتمنى لو أن من نحبه بجانبنا لنعانقه، ولكن لا شيء سوى الشوق والحنين فقد رحلوا بعيدا ... وكذلك يشعرك الشوق بأن الحياة ناقصة وغير مكتملة ، فالشوق هو : شعور مؤلم وحارق بفقدان شخص غالي ، أما الحنين فهو يرتبط بوجع الذكريات من خلال تذكر من يعزهم القلب ، وفي الذكرى حياة كما يقال ولكن اية حياة ؟ فشتان ما بين الحضور والغياب .

و الشوق كلمة مشتقة من الاشتياق وهي تعني الحنين والتفكير والإرادة بأن تعيش نفس تلك اللحظات التي تشتاق إليها ؛ و قد يكون ذلك الاشتياق الي مكان , وقد يكون الي زمن محدد , او يكون لشخص ما ؛ لم تعد تراه الان او لم يعد الوضع كما كان سابقاً بيننا ؛ فتشتاق أن يرجع بنا الزمان لتلك الايام واللحظات ؛ وعندما يأتي المساء تهتاج المشاعر ويشتاق القلب الى من يُشبهه، الى من أعطاه الحب والصدق والمودة ، ولمن ترك بصمة مميزة في حياتنا واحتل مكانة في قلوبنا ؛ ومهما شغلتنا الحياة وحاولنا نسيانه لا نستطيع ؛ فمن الصعب ان يختفي ذكره وتمحى ذكراه لأنه رسم في داخلنا معاني الحب والصدق والوفاء والاخلاص ؛ لذلك نبقى نشتاق لأشخاص كانوا بجانبنا ثم فرقتنا الأيام رغمًا عنا ودون ارادة منّا ، فيصبح العالم كأنه فارغ لا شيء فيه يعجبنا سوى تلك الأيام الخوالي .

إنها حاجة في داخلنا تعيدنا دائمًا إلى لحظات معينة في حياتنا ، وإلى أشخاص معينين لا يمكن نسيانهم ، هذا هو الشوق الذي لا يمكن التغافل عنه أو كتمانه ، فمهما فرقتنا الأيام والسنين، ومهما كان البعد طويلا ، إلّا أنّ هذا لن يمنع ولن يقلّل من مدى وحرارة اشتياقنا الى احبتنا الذين غادروا الحياة واخذوا معهم اجمل الذكريات وانبل المشاعر والاحاسيس ... .



#رياض_سعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جرائم صدامية مروعة /11 / مجازر معسكر بسماية
- أليس منكم رجل رشيد؟!
- ظاهرة التنصل من الاحداث والتصريحات
- تجميل ايام واحداث الزمن الاغبر
- يوم النفاق الاكبر
- مقولة وتعليق / 11 / اهمية وضرورة السفر
- دول الاقليم واحزاب الداخل
- شخصية هامة من ورق
- مقولة وتعليق / 10 / ضرورة الحب في حياتنا
- دوامة الشعارات المضللة في العراق
- مقولة وتعليق / 9 / قيمة الوقت و وهم العيش
- ومضة حياة
- جرائم صدامية مروعة / الحلقة العاشرة / التعذيب بالكهرباء
- جرائم صدامية مروعة / الحلقة التاسعة / مسوخ الاجرام و مسخ الا ...
- العراق : عظمة التاريخ واشجان الماضي والتطلع للمستقبل الزاهر
- افتراءات الكائن الهجين ضد الاغلبية العراقية
- وقفة مع تصريحات النائب مشعان الجبوري حول الفساد في العراق
- العراق والعودة المشؤومة للإنكليز
- خبث الانكليز وعداوتهم للأغلبية والامة العراقية / الحلقة الرا ...
- خبث الانكليز وعداوتهم للأغلبية والامة العراقية / الحلقة الثا ...


المزيد.....




- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...
- جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي ...
- السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي ...
- قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل ...
- -يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في ...
- -تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن ...
- الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود ...
- -بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز ...
- هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رياض سعد - مقولة وتعليق / 12 / لظى الاشواق