أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رياض سعد - مقولة وتعليق / 9 / قيمة الوقت و وهم العيش















المزيد.....

مقولة وتعليق / 9 / قيمة الوقت و وهم العيش


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 7475 - 2022 / 12 / 27 - 10:53
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


مما قاله الكاتب الكبير جبران خليل جبران : ( البارحة ذكرى اليوم، و الغد حلمه ) .

( إن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك ) جملة شهيرة عرفها معظمنا ونحفظها عن ظهر قلب ، يرافقنا الوقت كالظل دوت أن نشعر ، لا يمكننا إدخار بعضه كالمال، فالـ 24ساعة التي تمتلكها يومياً ستنتهي مهما فعلت ، وهو الشيء الوحيد المشترك بين جميع البشر على اختلاف أعراقهم وأجناسهم وأعمارهم، فجميع البشر لديهم 24 ساعة في اليوم غنيهم و فقيرهم جاهلهم وعالمهم ، الا انني اقول : (( الوقت كالسيف ان وقعت عليه قطعك وان وقع عليك قطعك ؛ فأنت هالك لا محالة وهو ذاهب مهما حاولت الاحتفاظ به )) فالزمن الذي نلهو به يلهو بنا .. كما قال ليوناردو دافنشي ؛ والوقت الذي نلعب به قد يلعب بنا , ونحن اشبه بالنيام لا نعرف قيمة العمر الا باقتراب الموت ودنو الاجل ؛ ومن أروع ما قالته كارل ساندبرغ عن الوقت : ( الوقت عملة حياتك ، وهي العملة الوحيدة التي تملكها ، أنت وحدك تسطيع أن تحدد كيف يمكن أن ينفق ، فإحرص على ألا تدع آخرين ينفقونه بالنيابة عنك ) .

كما أن الوقت والزمن له أهمية كبيرة للغاية فهو الحياة عينها ؛ ولكن لابد من تنظيم الوقت، حيث أن الوقت من أكثر الأمور أهمية في الحياة بل اهمها لأنه من خلاله يستطيع أن يعرف الإنسان كل شيء ويعمل اي شيء , ويصحح المسيرة ويغير السيرة ؛ كما أن الوقت من الأشياء التي لا يمكن أن يتم استرجعها إلى الخلف أو يمكن تعويضها كما لا يمكنك استقدامه فما انت الا ابن يومك .

ولعل قصيدة عمر الخيام التالية تجسد هذه الملحمة الوجودية لبني البشر :

سَمِعتُ صوتًا هاتفًا في السَّحر ... نادى من الغيبِ غُفاةَ البَشَر

هُبّوا املأوا كأسَ المُنى قبل... أن تملأَ كأسَ العمرِ كَفَّ القَدَر

لا تُشغل البال بماضي الزمان... ولا بآتِ العيشِ قبلَ الأوان

واغنم من الحاضرِ لَذَّاتهِ... فليسَ في طَبعِ الليالي الأمان

غَدٌ بظهرِ الغيب، واليومُ لي... وكم يَخيبُ الظن في المُقبِلِ

ولستُ بالغافلِ حتى أرى... جمالَ دُنيايَ ولا أجتلي

القلبُ قد أضناه عشقُ الجمال... والصّدرُ قد ضاقَ بما لا يُقال

يا ربُ هل يرضيكَ هذا الظمأ ... والماءُ ينسابُ أمامي زُلال

أولى بهذا القلبِ أن يخفِقَ ... وفي ضِرامِ الحُبِّ أن يُحرَقَ

ما أضيَعَ اليومَ الذي مَرَّ بي ... من غيرِ أن أهوى وأن أعشقَ

أفق خفيفَ الظلِ هذا السَّحَر ... نادى دع النومَ وناغِ الوَتَر

فما أطالَ النومُ عمرًا ولا ... قَصَّرَ في الأعمارِ طولُ السَّهر

فكم توالى الليلُ بعدَ النهارِ ... وطالَ بالأنجمِ هذا المدارِ

فامشِ الهُوينا إنَّ هذا الثرى ... من أعينٍ ساحرةِ الإحورار

لا توحِش النَّفسَ بخوفِ الظنون ... واغنم من الحاضرِ أمنَ اليقين

فقد تساوى في الثّرى راحلٌ ... غدًا وماضٍ من ألوفِ السنين

اطفئ لظى القلب بشهدِ الرِّضاب ... فإنما الأيامُ مثلُ السّحاب

وعيشُنا طيفُ خيال، فَنَل ... حظك منه قبلَ فَوتِ الشباب



اختلف الناس وتباين موقفهم من الحياة ؛ فبعضهم اعتقد بانها دار مرور لا دار قرار فما هي الا جسر للعالم الاخر , لذلك جاء في التراث الاسلامي : ((وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور )) و (( الدنيا مزرعة الاخرة )) وهنالك مئات النصوص القرآنية والروائية التي تشير الى هذا المعنى ... ؛ وقد تعامل البعض مع هذه المفاهيم الدينية والميتافيزيقية كالتالي : الانصراف عن مباهج و طيبات الحياة والزهد فيها ؛ اذ لا يقيم لها وزناً، ولا يلقي لها بالاً ، وهي عنده لا تعدل جناح بعوضة ؛ واكثر من يسلكون هذا الطريق العرفاء والمتصوفة وغيرهما ... ؛ بينما ذهب البعض الى الايمان بالنصوص والمعتقدات التي تدعو الى الاعتدال والموازنة بين الامرين ؛ اذ جاء في التراث الاسلامي : ((ولا تنس نصيبك من الدنيا )) و ((ليس منا من ترك دنياه لآخرته ولا آخرته لدنياه )) وغيرهما من النصوص القرآنية والروائية الشبيهة بذلك , ومن يؤمن بهذا المعنى تراه مقتصدا في شأنها ويعمل لكلا الامرين ويربط بينهما ، فيآخذ منها بقدر يعينه على أمر دنياه وأخراه ... وهكذا .

وهنالك الجاحد بالآخرة والمنكر لوجود عالم اخر , والكافر بكل المعتقدات و الادعاءات الدينية والميتافيزيقية ؛ وهذا من شأنه الانكباب على الدنيا والركض وراء ملذاتها وشهوتها، والاستمتاع بالحياة لآخر نفس , وخوض كل التجارب والمغامرات الوجودية والايمان بالفناء والعدم بعد الموت ؛ ف لسان حال هؤلاء يقول : ((وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ۚ)) فما الحياة إلا حياتنا الدنيا التي نحن فيها لا حياة سواها تكذيبا منهم بالبعث والعالم الاخر بعد الممات ؛ وما يهلكنا اي ما يفنينا إلا مرّ الليالي والأيام وطول العمر, إنكارًا منهم أن يكون لهم ربّ يفنيهم ويهلكهم ... ومنهم من يعتقد بوجود خالق الا انه ينكر الاديان ويعتقد بكونها صناعة بشرية ... وهكذا دواليك .

الا ان الكل اتفقوا على ان عمر الانسان قصير , و ان الحياة على هذا الكوكب فانية لا محالة , والموت هو النتيجة الحتمية لحياة البشرية بل جميع الكائنات الحية ... , وعليه لابد من اغتنام الحياة والاهتمام بالوقت ؛ فالعمر أوقات : أيام وشهور وسنوات، والوقت أثمن من الذهب والمال ؛ لأن المال قد يعوض أو يستعاد، لكن الوقت من حيث يمضي لا يعود ؛ إنه وعاء العمر والحياة، من اغتنمه فقد اغتنم عمره وحياته، ومن أضاعه خسر الدنيا - بالنسبة للملحد – والآخرة – بالنسبة للمؤمن - ، وقال العراقي الحسن البصري في هذا الصدد : "أيها الإنسان، إنما أنت أيام، كلما ذهب يومك ، ذهب بعضــك"... ؛ وكما قال الشاعر :

أَلَيسَ مِنَ الخُسرَانِ أَنَّ لَيَالِيًا *** تَمُرُّ بِلا نَفعٍ وَتُحسَبُ مِن عُمرِي .

صحيح إن العمر مهما امتد وطال فهو ليس إلا لحظات زمنية عابرة و ومضات وجودية اشبه بالحلم والوهم والخيال ، ولكنها فرص ثمينة لكلا الفريقين ، اذ قد أفلح من اغتنمها وهو حازم عاقل، وقد خاب من أضاعها وهو واهم غافل ؛ لذلك قال توماس إديسون : ((الوقت هو في الواقع رأس المال لأي إنسان ، والشيء الوحيد الذي لا يستطيع أن يخسره )) ؛ وكذلك قل جيم رون : ((الوقت أثمن بكثير من المال فأنت يمكنك أن تكسب المال لكن لا يمكنك أن تكسب المزيد من الوقت )) .

العمر يجري إلى اخر العمر او ارذله مسرعا الا ان النفس هي هي والروح لا زالت تهوى ملاعب الصبا ... وقد سألت الحاج ( ابا جاسم الساعدي والبالغ من العمر 95 عاما ) : صف لي عمرك بإيجاز ؟ ... فأجاب قائلا : اني اتذكر ايام الصبا كأنها البارحة الا انني نسيت مرها وحلوها وركض العمر بي سريعا وتوالت السنوات والعقود كلمح البصر الا ان الروح تبقى ( خضرة ) ... ؛ وصدق الشاعر العراقي احمد الصافي النجفي عندما انشد قائلا :

عمري إلى السبعين يركض مسرعاً ... والروح ثـابـتـةٌ عـلى العشرين



#رياض_سعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ومضة حياة
- جرائم صدامية مروعة / الحلقة العاشرة / التعذيب بالكهرباء
- جرائم صدامية مروعة / الحلقة التاسعة / مسوخ الاجرام و مسخ الا ...
- العراق : عظمة التاريخ واشجان الماضي والتطلع للمستقبل الزاهر
- افتراءات الكائن الهجين ضد الاغلبية العراقية
- وقفة مع تصريحات النائب مشعان الجبوري حول الفساد في العراق
- العراق والعودة المشؤومة للإنكليز
- خبث الانكليز وعداوتهم للأغلبية والامة العراقية / الحلقة الرا ...
- خبث الانكليز وعداوتهم للأغلبية والامة العراقية / الحلقة الثا ...
- خبث الانكليز وعداوتهم للأغلبية والامة العراقية / الحلقة الثا ...
- بريطانيا وتدمير العراق
- خبث الانكليز وعداوتهم للأغلبية والامة العراقية / الحلقة الاو ...
- ظاهرة المزارات الوهمية /حادثة القطارة /نموذجا
- الاخوة الاعداء ( جا هي وليه )
- الامة العراقية بين المطرقة والسندان
- مقاربات تفسيرية في مفهوم الامة العراقية
- مقولة وتعليق / 8 / فراق الاحبة
- مقولة وتعليق / (7) / الالام البدنية والاوجاع الجسمانية
- مقولة وتعليق / (6) / التقدم بالعمر
- مقولة وتعليق / (5) / متعصبون للفكر والعاطفة


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رياض سعد - مقولة وتعليق / 9 / قيمة الوقت و وهم العيش