أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طلال حسن عبد الرحمن - رواية للفتيان نداء الانوناكي















المزيد.....



رواية للفتيان نداء الانوناكي


طلال حسن عبد الرحمن

الحوار المتمدن-العدد: 7494 - 2023 / 1 / 17 - 10:36
المحور: الادب والفن
    


رواية للفتيان










نداء الانوناكي







طلال حسن




" 1 "
ـــــــــــــــــــ
لا تدري الكاهنة الشابة " تكالا " ، كم مرّ بها من الوقت ، وهي تقف هكذا أمام النافذة الصغيرة لغرفتها ، تتطلع إلى النجوم ، التي تتغامز في عمق السماء البعيدة ، والواسعة ، والتي لا تحدها حدود .
ودققت في النجوم والكواكب جيداً ، إنها آلاف وآلاف وآلاف ، ذلك هو المشتري ، وذلك عطارد ، وذلك الزهرة ، وذلك هو الكوكب الأحمر ، المريخ ، ترى أين هو الكوكب الغامض نيبيرو ؟
بعض الكهنة يتحدثون عنه ، وبعض علماء سومر ومفكروها وأدباؤها ، لابدّ أنه في مكان ما من هذه السماء المليئة بالنجوم والكواكب ، وإلا كيف يزورها واحد من سكانها الانوناكي ، في المنام مراراً ، خلال السنة الأخيرة ؟
وأفاقت الكاهنة الشابة " تكالا " على باب غرفتها يُطرق ، والتفتت إلى الباب ، أهو طرقاً حقاً ما تسمعه ؟ وفي هذه الساعة من الليل ! أم أن هذا ما يخيل إليها ؟ ويبدو أن ما يخيل إليها ليس قليلاً هذه الأيام .
وطرق الباب ثانية ، وكان الطرق هذه المرة واضحاً وأكيداً ، فتركت مكانها أمام النافذة ، وفتحت الباب ، وإذا هي صديقتها الكاهنة " بيلايا " ، التي دخلت المعبد معها في نفس الوقت تقريباً ، وقالت لها : تعالي معي ، يا عزيزتي ، الكاهنة الكبيرة تنتظرك في مقرها الآن .
وحدقت الكاهنة الشابة " تكالا " فيها مندهشة ، وقالت : الوقت متأخر ، نحن في منتصف الليل تقريباً .
فقالت الكاهنة " بيلايا " : هذا ما أمرت به الكاهنة الأم .
ولاذت الكاهنة الشابة " تكالا " بالصمت ، ثم قالت : أمهليني لحظة حتى أبدل ثيابي .
فقالت الكاهنة " بيلايا " : سأنتظرك هنا .
ودخلت الكاهنة الشابة " تكالا "غرفتها ، وأغلقت الباب ، وسرعان ما عادت وقد غيرت ثيابها ، وقالت للكاهنة بيلايا : هيا يا عزيزتي .
وسارت الكاهنة الشابة " تكالا " والكاهنة جنباً إلى جنب ، تحت سماء تلك الليلة الباردة ، والنجوم تتغامز بضوئها الخافت في عمق السماء .
وتباطأت الكاهنة " بيلايا " ، ورمقت الكاهنة الشابة " تكالا " بنظرة سريعة ، ثم قالت : عزيزتي .
وخمنت الكاهنة الشابة ، ما تريد صديقتها أن تحدثها فيه ، لكنها لم تفه بكلمة ، فتابعت الكاهنة قائلة : أنت تعرفين ، يا عزيزتي ، أنكِ بمثابة أخت لي .
وهزت الكاهنة الشابة رأسها ، وقالت : أشكركِ .
وتوقفت الكاهنة ، فتوقفت الكاهنة الشابة على مقربة منها ، وأصغت إليها ، وهي تقول لها : ليتكِ تتوخين الحذر ، وأنتِ تتحدثين إلى الكاهنة الكبيرة .
ونظرت الكاهنة الشابة إليها ، فتابعت الكاهنة قائلة : الكاهنة الكبيرة تكنّ لك كلّ الحب والتقدير .
وردت الكاهنة الشابة قائلة : وأنا أكنّ لها كلّ الودّ والاعتزاز والتبجيل .
وسارت الكاهنة الشابة ، نحو مقرّ الكاهنة الكبيرة ، فلحقت بها الكاهنة ، وهي تقول : عزيزتي ، أنتِ تقدرين الموقف ، إن وضعكِ حساس جداً ، وربما بلغها عنكِ ما أثار قلقها ، فعليكِ أن تطمئني الكاهنة الكبيرة ، وتزيلي مخاوفها ، أنا أريد أن أطمئن عليكِ .
وردت الكاهنة الشابة قائلة : اطمئني ، يا عزيزتي .
وتوقفت الكاهنة على مقربة من باب مقرّ الكاهنة الكبيرة ، وشدت على يد الكاهنة الشابة ، وقالت لها : اذهبي ، يا عزيزتي ، الكاهنة الكبيرة تنتظرك الآن .
فردت الكاهنة الشابة ، وكأنها تحدث نفسها : ليكن الإله شمش معي .
وقالت الكاهنة محذرة برفق : عزيزتي .
وقالت الكاهنة الشابة : ستعرفين يوماً أنني على حقّ .
فقالت الكاهنة بصوت هادىء : ما أتمناه الآن ، أن تكوني بخير ، وأن لا تواجهي أية متاعب .
وهزت الكاهنة رأسها ، وتراجعت ببطء ، ثم استدارت ، ومضت تحت سماء تلك الليلة الباردة ، إلى غرفتها القريبة من غرفة الكاهنة الشابة .

" 2 "
ـــــــــــــــــــ
مدت الكاهنة الشابة يدها ، وطرقت باب مقر كبيرة الكاهنات ، وبعد لحظات ، فتحت الباب كاهنة متوسطة العمر ، وحدقت في الكاهنة الشابة ، ثم قالت : تفضلي معي ، كبيرة الكاهنات تنتظرك في جناحها .
وأغلقت الكاهنة المتوسطة العمر الباب ، ثم سارت تتقدم الكاهنة الشابة ، حتى وقفت بها أمام باب جناح كبيرة الكاهنات ، وقالت : توقفي هنا ، سأستأذن لكِ من كبيرة الكاهنات .
وطرقت الكاهنة المتوسطة العمر باب الجناح ، ثم دفعته برفق ، ووقفت الكاهنة الشابة تنتظر ، وسرعان ما عادت الكاهنة المتوسطة العمر ، وقالت بصوت خافت : ادخلي ، كبيرة الكاهنات تنتظركِ .
ودخلت الكاهنة الشابة ، وإذا كبيرة الكاهنات ، بهيئتها الأمومية المهيبة ، تقف وسط الغرفة ، فانحنت لها قليلاً ، وقالت : طاب مساؤكِ ، يا سيدتي .
وردت الكاهنة الأم بصوتها الهادىء : أهلاً ومرحباً ، طاب مساؤكِ .
وجلست الكاهنة الأم على الأريكة ، وقالت : إنني متعبة ، لا عجب ، إنه العمر .
وقالت الكاهنة الشابة : الصحة والعافية لكِ ، سيدتي الكاهنة الأم ، والعمر المديد .
وأطرقت الكاهنة الأم رأسها ، وقالت كأنما تحدث نفسها : العمر كله أوقفته على العبادة ، وخدمة الآلهة العظام في أور ، وكلّ أملي أن يتقبلوا مني ذلك ، وينظروا إليّ بعين الرحمة والرضا .
وصمتت الكاهنة الأم ، ثم قالت بصوتها الهادىء : بنيتي ، بين حين وآخر ، يتناهى إليّ هنا أقوال عنكِ ، أقوال لا ترضيني ، أنا أيضاً كنتُ شابة في عمركِ ، وربما راودتني بعض التساؤلات والأفكار الغريبة ، لكني وبمساعدة من الطيبين ، عدت إلى الطريق القويم طريق الآباء والأجداد ، طريق الآلهة العظام .
وبقيت الكاهنة الشابة على صمتها ، رغم أن قلبها راح يخفق بشدة متزايدة ، فتابعت الكاهنة الأم قائلة : الإنسان مهما كان واعياً ، قد يكون عرضة للتأثر بأفكار أقوام أخرى ، ليسوا من بيئتنا ، ولا يمتون بصلة إلى حضارة أسلافنا الأوائل العظام .
وصمتت الكاهنة الأم لحظة ، حدقت خلالها في الكاهنة الشابة ، ثم قالت : أنت عرفت ، قبل سنين ، شاباً كان على علاقة بكاهن زار مصر الفرعونية ، وتعرف على كهنة الإله آمون .
وأطرقت الكاهنة الشابة رأسها ، وقالت : نعم ، يا سيدتي ، كان إبن عمي .
ونهضت الكاهنة الأم ، وقالت بصوتها الهادىء : لا بأس أن نعرف ، في مرحلة من حياتنا ، بعض ما عند الآخرين ، على أن لا يقتلعنا من جذورنا ، إن أسلافنا وآلهتنا العظام خط أحمر .
ونظرت الكاهنة الشابة إليها ، وقالت : سيدتي ، دخلت المعبد ، وإنني الآن فيه .
وتمتمت الكاهنة الأم ، وكأنها تحدث نفسها ك بعد أن رحل الشاب .
ثم حدقت في الفتاة ، وقالت : الحقيقة ، يا بنيتي ، أنا لم أرسل إليك ، لأحدثك عن هذا الأمر ، إنه صفحة طويت حالما دخلت المعبد ، أنت الآن كاهنة شابة من كهنة الإله أنليل العظيم .
ثمّ مدت يدها الشائخة ، والتقطت يد الكاهنة الشابة ، ثم قال ، وقد شاعت في محياها الهادىء ابتسامة أمومية ، وقالت : استدعيتك ، في هذه الساعة المتأخرة من الليل ، لأزف لكِ خبر العمر .
وصمتت الكاهنة الأم ، ثمّ قالت : الزواج المقدس اقترب موعده ، يا بنيتي ، وقد وقع الاختيار عليكِ ، لتكوني بديلة الإلهة اينانا ، أمام جلالة الملك المعظم .

" 3 "
ـــــــــــــــــ
خرجت الكاهنة الشابة ، من المبنى الذي تقيم فيه الكاهنة الأم ، ومضت تسير ببطء ، تحت سماء الليل المرصعة بالنجوم ، نحو غرفتها .
ولم يفارق ذهنها ، لحظة واحدة ، ما دار بينها وبين الكاهنة الأم ، وخاصة حول الزواج المقدس ، وأيضاً إشاراتها التي لم تكن عفوية ، عن أفكارها الخاصة ، وعلاقاته قبل أن تدخل المعبد بابن عمها .
لقد سمعت الكثير عن هذا الزواج المقدس ، الذي يمارس في المعابد منذ القدم ، وكان للعديد من الناس آراء مغايرة حوله ، حتى أن بعض الكاهنات الشابات ، في الفترة الأخيرة ، بدأن يلغطن معترضات .
وكادت تبتسم ، رغم ذلك ، حين تذكرت إحدى الكاهنات المرحات ، التي همست لرفيقتها : تصوري الكاهنة الأم تمثل دور اينانا أماما الملك في الزواج المقدس .
وتلفتت رفيقتها حولها خائفة ، وضربتها برفق على ظهرها ، وهي تغالب ابتسامتها ، وقالت بصوت خافت : أيتها المجنونة ، اسكتي .
وتوقفت الكاهنة الشابة ، عند باب غرفتها ، فقد داخلها شعور غريب ، بأن شيئاً غامضاً قد طرأ في محيط غرفتها ، فدفعت الباب بهدوء ، ومضت إلى الداخل ببطء ، وقلبها يخفق متوجساً .
وفوجئت بالكائن الغريب ، الذي يأتيها في المنام ، بين حين وآخر ، يقف وسط الغرفة ، ويحدق فيها بعينيه الزرقاوين الغريبتين .
وعلى الفور ، أغلقت الكاهنة الشابة الباب ، والتفتت تحدق فيه ، كأنها تريد أن تتأكد ، بأن هذا الكائن الغريب ، موجود فعلاً في غرفتها .
وخاطبها الكائن الغريب ، بصوت غير مألوف ، قائلاً : طاب مساؤك ، يا .
واتسعت عيناهاً ذهولاً وخوفاً ، وتمتمت : أنتَ !
وردّ الكائن الغريب قائلاً : لقد عرفتني .
وقالت الكاهنة الشابة : أنت تأتيني عادة في المنام .
واقترب الكائن الغريب منها ، وقال : أتيتك الآن ، لأنني شعرت أنك ربما كنتِ بحاجة إليّ .
وتلفتت الكاهنة الشابة حولها ، وقالت : إنني أخاف عليكَ ، لا أريد أن يراكَ أحد هنا ، و ..
وقاطعها الكائن الغريب ، بصوته غير المألوف ، قائلاً : لا تخافي ، يا عزيزتي ، لن يراني ، ولن يسمعني ، أحد غيركِ أنتِ .
ولاذت الكاهنة الشابة بالصمت ، فقال الكائن الغريب : عرفت بأن الكاهنة الأم استدعتك إلى جناحها ، بل وعرفت أيضاً كلّ ما دار بينكما .
ونظرت الكاهنة الشابة إليه صامتة ، فقال : وعرفت ما قالته لكِ عن الزواج المقدس .
وتنهدت الكاهنة الشابة ، لكنها لم تقل كلمة واحدة ، فتابع الكائن الغريب قائلاً : لو أن هذا الأمر ، عرض على أية كاهنة غيرك ، لفرحت به جداً .
وطامنت الكاهنة الشابة رأسها ، وقالت : نعم ، هذا صحيح ، أصارحك ، إنني حائرة .
وقال الكائن الغريب ، بصوته غير المألوف : أسلافنا الأوائل ، في العصور البائدة ، كانوا يمارسون هذه العادة ، لكنها غدت الآن شيئاً من الماضي .
وتطلعت الكاهنة الشابة إليه ، وقالت : الأمر محير جداً ، وأنا لا أعرف ماذا أفعل .
فقال الكائن الغريب : أنتِ متعبة الآن ، والوقت متأخر ، أرى أن تخلدي الآن للنوم ، وكوني مطمئنة ، لن أتخلى عنك ، وسأكون دائماً إلى جانكِ .
وصمت لحظة ، ثم قال لها بصوته غير المألوف : نامي الآن ، يا عزيزتي ، قد أزورك اللية في المنام ، كما كنت أفعل دائماً ، في الأيام السابقة .
وقبل أن تردّ الكاهنة الشابة ، عليه بكلمة واحدة ، اختفى الكائن الغريب ، وكأنه لم يكن موجوداً معها في الغرفة منذ لحظة ، وسرعان ما أوت إلى فراشها ، واستغرقت في الحال في نوم عميق .

" 4 "
ـــــــــــــــــــ
أفاقت الكاهنة الشابة ، في وقت مبكر ككل يوم ، لكنها كانت هذا اليوم متعبة ، قلقة ، وانتبهت إلى أن الكائن الغريب ، لم يجيئها الليلة في المنام ، رغم أنها كانت في أمسّ الحاجة إلى الحديث معه .
وطُرق باب غرفتها ، لابدّ أنها صديقتها الكاهنة ، جاءتها كالعادة ، للذهاب معاً إلى المعبد ، والصلاة مع الكاهنات الأخريات ، بحضور الكاهنة الأم ، ففتحت الباب ، نعم ، إنها هي ، وبادرتها الكاهنة قائلة : صبح الخير .
وردت الكاهنة الشابة قائلة : أهلاً بكِ ، صباح النور .
ونظرت الكاهنة إليها ، وقالت : مازلتِ ، يا عزيزتي ، في ثياب النوم ، سنتأخر على الصلاة .
وجلست الكاهنة الشابة على طرف السرير ، وقالت : اذهبي اليوم وحدكِ ، لا أستطيع أن أصحبكِ .
ونظرت الكاهنة إليها مندهشة ، وقالت : لكن الكاهنة الأم ستكون موجودة ، ولابد أنها ستفتقدكِ .
فقالت الكاهنة الشابة : أنا متعبة ، ومريضة ، ولم أن
البارحة إلا في ساعة متأخرة من الليل .
ولاذت الكاهنة بالصمت ، وهي تحدق فيها ، ثم قالت : نعم ، قولي لها ، إنني مريضة ، ولم أستطع الحضور للصلاة في المعبد .
واستدارت الكاهنة ، وسارت متجهة بخطوات سريعة إلى المعبد ، وهي تقول : سأدعو الآلهة لأن تشفيك مما تعانين منه ، يا عزيزتي .
ونهضت الكاهنة الشابة من مكانها ، وقالت بصوت رقيق : رافقتكِ السلامة .
وأغلقت الكاهنة الشابة الباب ، وعادت للجلوس على طرف السرير ، وهي تفكر في الكاهنة الأم ، وبما قالته لها عن الزواج المقدس .
وفي المعبد ، لاحظت الكاهنة الأم ، بأن الكاهنة الشابة لم تحضر الصلاة ، وعند الخروج ، أشارت الكاهنة الأم إلى الكاهنة ، أن تعالي .
فأسرعت الكاهنة إليها ، وانحنت أمامها قليلاً ، وقالت بصوت خافت : سيدتي .
فرمقتها الكاهنة الأم بنظرة سريعة ، ثم قالت لها : لم أرَ الكاهنة الشابة في المعبد هذا الصباح ، عسى أن يكون الأمر خيراً .
وردت الكاهنة بصوت خافت قائلة : إنها مريضة ، يا سيدتي .
وحدقت الكاهنة الأم فيها ، فأضافت قائلة : مررتُ بها صباح اليوم ، لنأتي سوية كالعادة إلى المعبد ، فقالت لي ، إنها مريضة ، ولن تستطيع أن تصحبني .
وأبعدت الكاهنة الأم عينيها عنها ، وقالت : بلغيها تحياتي ، وأخبريها إنني سأزورها قبيل المساء .
فقالت الكاهنة : أمركِ سيدتي .
ورفعت الكاهنة الأم رأسها ، وسارت مبتعدة ، وخرجت من المعبد ، فخرجت الكاهنة من المعبد ، ومضت مباشرة إلى غرفة الكاهنة الشابة .

" 5 "
ـــــــــــــــــــ
خمنت الكاهنة الشابة ، بأن صديقتها الكاهنة قد تزورها بعد الصلاة في المعبد ، وما إن طرق الباب ، حتى أسرعت وفتحته ، نعم ، إنها هي ، فرحبت بها قائلة : أهلاً بكِ ، تفضلي .
ودخلت الكاهنة الغرفة ، وقد بدت مهمومة ، ثم نظرت إلى الكاهنة الشابة ، وقالت : الكاهنة الأم سألت عنكِ ، صباح اليوم في المعبد .
وأغلقت الكاهنة الشابة الباب ، وقالت متوجسة : هذا ما خمنته ، يا صديقتي .
وأضافت الكاهنة قائلة : وقالت لي ، إنها ستزورك قبل مساء اليوم للاطمئنان عليك ، ويبدو لي أنها كانت قلقة بشأنكِ لسبب ما .
وجلست الكاهنة الشابة على طرف السرير ، وقالت بلهجة موحية : نعم ، لتطمئنّ عليّ ، فأنا الآن بالنسبة لها مشروع مهم للغاية .
ونظرت الكاهنة إليها متسائلة ، فأضافت قائلة بصوت يشي بقلقها ومرارتها : إن الكاهنة الأم ، قد تبلغني بموعد الزواج المقدس .
ولاذت بالصمت لحظة ، ثم نظرت إلى الكاهنة ، وقالت : إنني خائفة .
وجلست الكاهنة إلى جانبها ، ومدت يديها نحوها ، وأخذتها إلى صدرها ، فتابعت قائلة : نعم ، يا صديقتي ، إنني خائفة جداً .
وقالت الكاهنة : دعي هذا الأمر إلى الآلهة العظام ، إنها تراك ، وتعرف ما تعانينه ، وسترأف بك .
وانسحبت الكاهنة الشابة من بين يديها ، ونهضت واقفة ، وقالت : لم يرحموا الكاهنة ، التي كانت بديلة الإلهة اينانا ، في الزواج المقدس ، قبلا ثلاث سنوات .
وقالت الكاهنة : نعم ، لقد حملت المسكينة .
وقالت الكاهنة الشابة : وفي مثل هذه الحالة ، إما أن يقتل الطفل إذا ولد ، وإما أن تقتل الكاهنة الحامل ، قبل أن تضع هذا الطفل .
وصمتت لحظة ، ثم قالت بصوت يائس يشوبه الحزن : تلك المسكينة ، اختفت من المعبد تماماً ، وأسدل الستار عليها ، ولم يعد يذكرها أحد .
ونهضت الكاهنة ، وقالت : لكِ الآلهة العظام ، يا صديقتي المسكينة .
ونظرت الكاهنة الشابة إليها ، وقالت : الآلهة ، لم تحرك ساكناً ، ولم تقف إلى جانب تلك الكاهنة المسكينة في محنتها المصيرية .
وأطرقت الكاهنة لحظة ، ثم قالت : تجملي بالصبر ، وادعي الآلهة العظام ، لعلها تلتفت إليكِ أنتِ ، وتنقذك من محنتك الشديدة هذه .
وصمتت لحظة ، ثم قالت : ثم إن معظم الكاهنات المشاركات في الزواج المقدس ، واللواتي يمثلن دور الإلهة اينانا ، لم يحملن ، وهنّ موجودات في المعبد الآن ، وينظر إليهنّ باحترام .
وقالت الكاهنة الشابة : مهما يكن ، سأنتظر ، الكاهنة الأم ستأتي قبيل المساء .
وفتحت الكاهنة الباب ، وهي تقول : عن إذنك ، يا عزيزتي ، وآمل أن تكوني بخير .
فقالت الكاهنة الشابة : أشكرك ، يا عزيزتي ، رافقتكِ السلامة .
ومضت الكاهنة قلقة ، حزينة ، فأغلقت الكاهنة الشابة الباب ، وجلست تنتظر على حافة السرير .

" 6 "
ـــــــــــــــــــ
قبيل المساء ذلك اليوم ، جاءت الكاهنة ، ودخلت مسرعة غرفة الكاهنة الشابة ، وقد بدا عليها الاهتمام الشديد ، وقالت للكاهنة الشابة : الكاهنة الأم جاءت ، وهي الآن في الخارج .
وعلى الفور ، أسرعت الكاهنة الشابة ، إلى الكاهنة الأم ، التي كانت تقف قريباً من الباب ، وانحنت لها باحترام ، وقالت : سيدتي ، أهلاً بكِ ، تفضلي .
ودخلت الكاهنة الأم ، وتلفتت حولها مدققة النظر في الغرفة ، ثم نظرت إلى الكاهنة الشابة ، وقالت : علمت أنكِ مريضة بعض الشيء ، فجئت أطمئن عليك ، وأتأكد بنفسي أنك على ما يرام .
وانحنت الكاهنة الشابة لها قليلاً ، وقالت : كانت وعكة طارئة ، والآن زالت .
وحدقت الكاهنة الأم فيها ، وقالت : لتحمكِ الآلهة ، فأنتِ كاهنة طيبة خيرة .
والتفتت الكاهنة الأم إلى الكاهنة ، وقالت : اذهبي ، وانتظريني في الخارج .
وانحنت الكاهنة ، وقالت : أمر سيدتي .
ثم استدارت ، ومضت مسرعة إلى الخارج ، وأغلقت الباب وراءها ، ونظرت الكاهنة الأم إلى الكاهنة الشابة ، وقالت : ما دمت بخير ، يا بنيتي ، وهذا ما أرجوه ، فسأتحدث إليك في الموضوع المهم ، الذي جئت بالأساس للحديث معكِ فيه .
وخفق قلب الكاهنة الشابة ، رغم أنها تعرف ، أن الكاهنة الأم لم تأتِ فقط للاطمئنان عليها ، وقالت بصوت خائف متوجس : تفضلي ، يا سيدتي .
ولاذت الكاهنة الأم بالصمت لحظة ، ثم قالت : أنت تعرفين الموضوع ، يا بنيتي ، لقد حدثتك عنه في المرة السابقة ، وهو أعظم ما يوكل إلى كاهنة ، في هذا المعبد ، إنه الزواج المقدس .
وأطرقت الكاهنة الشابة رأسها ، وقد لاذت بالصمت ، فتابعت الكاهنة الأم قائلة : بعد غد سيكون موعد الحدث الأهم في أور ، وسيحتفل به الجميع ، وكيف لا وهي المناسبة المقدسة ، التي سيتم فيها زواج الإله انليل من الإلهة العظيمة اينانا ؟ وسيتم ذلك ، كما تعلمين ، في الغرفة المقدسة ، أعلى الزقورة .
وصمتت الكاهنة الأم ، وانتظرت أن تردّ الكاهنة الشابة بشيء ، لكن الكاهنة الشابة ظلت صامتة ، فتابعت قائلة : غداً مساء ، ستأخذك الكاهنات المكلفات باعدادك للزواج المقدس ، وستبقين معهن حتى موعد الزواج .
وطامنت الكاهنة الشابة رأسها ، وقالت بصوت مستسلم : أمركِ ، يا سيدتي .
ومدت الكاهنة الأم يدها ، ولمست كتف الكاهنة الشابة ، وقالت : فلتبارككِ الآلهة العظيمة ، يا بنيتي ، ستكونين أنت فخراً لديرنا المقدس .
وقالت الكاهنة الشابة بصوت واهن مستسلم : أشكرك ، أيتها الكاهنة الأم المقدسة .
واستدارت الكاهنة الأم ببطء ، وفتحت الباب ، وخرجت بخطوات ثقيلة بطيئة ، فقالت الكاهنة الشابة : رافقتك السلامة ، يا سيدتي .
وأسرعت الكاهنة ، التي كانت تنتظر على مقربة من باب الغرفة ، إلى الكاهنة الأم ، التي بدت متعبة ، وانحنت لها ، وقالت : سيدتي .
فقالت الكاهنة الأم بصوت متعب ، وهي تسير ببطء : خذيني إلى جناحي .
فقالت الكاهنة ، وهي تسير ببطء إلى جانبها : أمرك سيدتي ، تفضلي .

" 7 "
ـــــــــــــــــــ
هبط الليل ، وحلّ الظلام ، وبدت السماء عباءة قاتمة لا نجوم فيها ، هكذا رأتها الكاهنة الشابة ، وهي تنظر عبر النافذة الصغيرة لغرفتها .
وابتعدت عن النافذة ، ودارت في الغرفة حائرة قلقة ، فمنذ أن غادرتها الكاهنة الأم ، عند المساء ، وهي لا يقرّ لها قرار ، تتمدد في فراشها سويعات ، ثم تنهض وتقطع الغرفة ذهاباً وإياباً ، أو تتوقف قرب النافذة ، وتحدق في الليل ، دون أن ترى أيّ شيء .
وهمت أن تجلس على طرف السرير ، حين سمعت طرقات خفيفة على الباب ، إنها الكاهنة صديقتها ، لا أحد يهتم بها ، في هذا الدير ، أكثر منها ، وهي بحاجة إليها الآن ، خاصة وأن الكائن الغريب ، الذي تمنت أن يأتيها في المنام ، ويخفف عنها ، لم يأتها في الوقت الذي هي بأمس الحاجة إليه .
وأسرعت إلى الباب ، وفتحته ، نعم ، إنها الكاهنة صديقتها ، وقبل أن تتفوه بكلمة مرقت الكاهنة إلى الداخل ، وقالت : أغلقي الباب بسرعة .
وأغلقت الكاهنة الشابة الباب بسرعة ، والتفتت إلى الكاهنة ، وقالت : كنت أنتظرك ، إنني في وضع محير وصعب ، لا أحسد عليه .
ومدت الكاهنة يديها ، وشدت على ذراعي الكاهنة الشابة ، وقالت : تمالكي نفسكِ ، لا داعي لكل هذا القلق ، كلّ شيء يمكن أن يُحل .
وبصوت متهدج ، منهار ، قالت الكاهنة الشابة : تحدد موعد الزواج المقدس ..
وتمتمت الكاهنة : آه .
وتابعت الكاهنة الشابة قائلة : أخبرتني به الكاهنة الأم ، عند زيارتها لي ، مساء هذا اليوم .
فقالت الكاهنة : هذا ما خمنته ، إن الكاهنة الأم لم تأتِ فقط للاطمئنان عليك ، رغم اهتمامها بكِ .
وانهارت الكاهنة الشابة جالسة على طرف السرير ، وقالت : إنني خائفة ، يا صديقتي ، خائفة جداً ، فهذا الأمر من الصعب أن أحتمله .
وجلست الكاهنة إلى جانبها ، وأخذتها إلى صدرها ، وقالت : لا تخافي ، يا عزيزتي ، الإلهة العظيمة اينانا لن تتخلى عنكِ ، في محنتكِ هذه .
ونظرت الكاهنة الشابة إليها ، وقالت بصوت تغرقه الدموع : لكن الإلهة اينانا ، وجميع الآلهة ، وربما حتى الإله العظيم شمش ، تخلوا عن تلك الكاهنة المسكينة ، التي لا ذنب لها ، إلا أنها قامت بدور الإلهة اينانا ، أمام الإله انليل ، في الزواج المقدس .
وتناهت من الخارج ، أصوات خافتة مختلطة ، فهبت الكاهنة مضطربة ، وقالت : هناك أصوات غامضة ، غريبة ، في الخارج .
ونهضت الكاهنة الشابة بدورها ، وحدقت في الكاهنة قلقة ، وقالت لها : أخشى أن يكون أحد قد رآكِ ، وأنت تتسللين خلسة إلى غرفتي .
وتلفتت الكاهنة حولها خائفة ، وقالت : من يدري ، ولابد أنكِ مراقبة هذه الأيام .
وقالت الكاهنة الشابة : لا داعي للخوف ، يا عزيزتي ، أنت صديقتي ، وغرفتك قريبة من غرفتي ، وقد جئت لزيارتي مساء ، مع الكاهنة الأم .
وهدأت الكاهنة بعض الشيء ، ثم نظرت إلى الكاهنة الشابة ، وقالت : ربما من الأفضل ، أن أخرج الآن ، وأذهب إلى غرفتي .
فشدت الكاهنة الشابة على يدها ، وقالت : أشكرك على زيارتك لي ، كوني معي دائماً ، إنني بحاجة إليكِ ، اذهبي ، رافقتك السلامة .
وقبل أن تخرج الكاهنة ، قالت : أنت متعبة ، اخلدي إلى النوم ، أنت بحاجة إلى الراحة .
وقالت الكاهنة الشابة : عزيزتي ..
وتوقفت الكاهنة ، والتفتت إليها ، وقالت : عزيزتي ، لا تقولي وداعاً .
فابتسمت الكاهنة الشابة ، ابتسامة حزينة ، وقالت : من يدري ، قد لا ترينني ثانية ، ادعي لي ، حين تصلين صباحاً ، وداعاً عزيزتي .

" 8 "
ـــــــــــــــــــ
قبل أن تغفو الكاهنة الشابة ، كانت تفكر في الكائن الغريب ، الذي قال لها ، عندما جاءها لأول مرة في المنام ، أنه من كوكب نيبيرو ، وتمنت بينها وبين نفسها ، أن يأتيها في أسرع وقت ممكن .
وما أن أغمضت عينيها ، وأغفت قليلاً ، حتى جاءها الكائن الغريب ، فاعتدلت ناظرة إليه ، وخاطبته قائلة : أين أنت ؟ إنني بحاجة إليكَ .
ووقف الكائن الغريب على مقربة منها ، وقال : لا عليكِ ، يا ، ها أنا هنا إلى جانبكِ .
وجلس على طرف السرير ، وأضاف قائلاً : أحكي لي ، يا عزيزتي ، ماذا جرى ؟
ونظرت الكاهنة الشابة إليه ، وقالت : أنت تعرف الزواج المقدس .
ورد الكائن الغريب قائلاً : نعم ، لقد قرأت عنه الكثير ، وقد كان أسلافنا ، قبل آلاف السنين ، يمارسونه في معابدهم ، وقد صار الآن شيئاً من الماضي .
وتنهدت الكاهنة الشابة ، وقالت شاكية بصوت تخنقه الدموع : لقد اختارتني الكاهنة الأم ، لأمثل الإلهة اينانا ، مع الملك الذي سيمثل الإله انليل .
ونهض الكائن الغريب متأثراً ، وهو يحدق فيها دون أن يتفوه بكلمة واحدة ، فقالت : أنا لا أريد هذا ، لا أريد أن أكون بديلة الإلهة اينانا أمام الملك .
ولاذ الكائن الغريب بالصمت ، ثم قال مفكراً : هذا أمر خطير ، وغي مقبول ، وما دمتِ لا تريدينه ، فعليكِ أن لا ترضخي له ، وأنا سأكون معكِ .
وهزت الكاهنة الشابة رأسها ، وقالت بلهجة حزينة يائسة : ليتني أستطيع ، إن هذا الأمر محال عندنا ، وأنا مجرد كاهنة في هذا المعبد .
ولاذ الكائن الغريب بالصمت ثانية ، فنهضت الكاهنة الشابة ، وقالت : سأهرب .
وتساءل الكائن الغريب : ماذا !
وتابعت الكاهنة الشابة بإصرار : لن أبقى هنا ، سأهرب ، سأهرب .
وثانية تساءل الكائن الغريب : إلى أين ؟
وردت الكاهنة الشابة حائرة : لا أدري ، لكن مهما يكن ، لن أبقى لأكون اينانا ، سأهرب ، وإن كانوا سيدركونني أينما ذهبت .
وحدق الكائن الغريب فيها ، دون أن يتفوه بكلمة ، فاقتربت منه الكاهنة الغريبة ، وقالت : هناك مكان واحد ، لن يدركونني فيه ، مهما حاولوا .
ونظر الكائن الغريب إليها مستفسراً ، فتابعت قائلة بصوت ثابت وقوي ، وعيناه السوداوان تلتمعان : كوكوب نيبيرو .
واتسعت عينا الكائن الغريب ، وقد داخله شيء من الفرح ، وقال : ماذا !
فمدت الكاهنة الشابة ، وتشبثت به ، وقالت : نعم ، كوكب نيبيرو ، خذني معكَ إليه .
وأخذ الكاهن الغريب يدها ، وقال : هذا يفرحني .
وسكت لحظة ، ثم قال : في نيبيرو ، ستعيشين حرة ، لا معابد ، ولا سجون ، ولا آلهة خرافة وحجارة ، ولا قوانين بدائية ، والآن الطريق مفتوح لك الآن إلى كوكب الخلاص .. نيبيرو .
وسار الكائن الغريب ، وهو بيده إلى الكاهنة الشابة ، التي سارت معه ، كأنه يحلق في السماء ، واجتازا الباب ، دون أن يفتحاه ، ويحلقا معاً ، بعيداً عن اور وأرض سومر ، والزواج المقدس ، نحو كوكب .. نيبيرو .

" 9 "
ــــــــــــــــــ
في اليوم التالي ، بعد شروق الشمس ، جاءت ثلاث كاهنات ، متوسطات في العمر ، وطرقت إحداهن باب غرفة الكاهنة الشابة ، وانتظرت بعض الوقت ، لكن أحداً لم يردّ على طرقاتها .
والتفتت الكاهنة إلى رفيقتيها ، وقالت : لا أحد يردّ .
فقالت الكاهنة الثانية : اطرقي الباب ثانية .
وعلقت الثالثة قائلة : لعلها نائمة .
وثانية طرقت الكاهنة الباب ، ومرة ثانية لم يردّ أحد من الداخل ، فتقدمت إحدى الكاهنتين ، ودفعت الباب برفق ، ودخلت متلفتة متوجسة ، وهي تقول بصوت خافت : تعاليا ، الباب مفتوح .
ودخلت الكاهنتين الأخرتين متوجستين ، وتلفتتا حولهما ، وفوجىء الجميع بأن الغرفة خالية ، ولا أثر فيها للكاهنة الشابة .
وتساءلت الكاهنة الأولى : ترى أين هي ؟
وقالت الثانية : لعلها ذهبت إلى المعبد .
واعترضت الثالثة قائلة : لكن الكاهنة الأم ، قالت لها أن تنتظرنا هنا في غرفتها .
وخرجت الكاهنات الثلاث من الغرفة ، وقالت الأولى : لنبحث عنها في الجوار أولاً ، ثم نذهب إلى المعبد ، لابد أنها موجودة في مكان قريب .
وبحثت الكاهنات الثلاث عن الكاهنة الشابة ، في الجوار ، ثم في المعبد ، وفي كلّ مكان يمكن أن تتواجد فيه ، لكنهنّ لم يجدن لها أثراً في أي مكان .
وحين يئسن من العثور عليها ، قالت الراهبة الثانية : لنذهب إلى الكاهنة الأم ، ونبلغها باختفاء الكاهنة الشابة ، ونترك الأمر لها .
وصدمت الكاهنة الأم ، حين أبلغتها الكاهنات الثلاث بأمر اختفاء الكاهنة الشابة ، وعلى الفور ، أمرت بالبحث عنها داخل المعبد ، وفي محيطه ، وفي اور كلها ، وهذا ما حدث ، لكن دون جوى .
وفي أول الليل ، دعت الكاهنة الأم ، الكاهنات الثلاث ، اللاتي أوكلت إليهن ، أمر إعداد الكاهنة الشابة للزواج المقدس ، وحين حضرن ، قالت لهن : البحث جارٍ عن الكاهنة الشابة ، ولا أمل أن نجدها في الوقت المناسب ، إن الوقت يداهمنا ، اخترن الليلة كاهنة مناسبة ، وباشرن في إعدادها للزواج المقدس .
وخلال هذه الفترة ، كانت الكاهنة تبحث أيضاً عن صديقتها الكاهنة الشابة ، وتتساءل أين يمكن أن تكون ، وتناهى إليها ، وهي تقف أمام نافذة غرفتها ، والقمر يسطع في عمق السماء ، هدير النهر ، الذي يمرّ قريباً من المعبد ، وتذكرت قول صديقتها الكاهنة الشابة ، وهما تنظران إلى النهر ، وقد ارتفعت مياهه ، حتى طغت على الضفتين : أكثر شيء أخافه ، وربما أكثر من النار نفسها ، هو النهر ، وخاصة عندما يفيض .
وحدقت في القمر ، الذي تماهى مع وجه صديقتها الراهبة الشابة ، وتساءلت بحيرة : ترى أين مضت ؟ أعماق النهر ، الذي تخافه ؟ أم كوكب نيبيرو ! من يدري ، لترعكِ الآلهة حيثما تكوني ، يا صديقتي العزيزة .


19 / 1 / 2019



#طلال_حسن_عبد_الرحمن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية للفتيان نانوك
- شبح غابة اتوري رواية للفتيان
- رواية للفتيان فتى من كوكب نيبيرو
- زهرة الأنوناكي
- رواية للفتيان الحداد
- رواية للفتيان من قتل شمر ؟
- رواية للفتيان طفل من خرق
- رواية للفتيان البجعة
- رواية للفتيان جبل الوعول
- جزيرة كالوبيوك
- رواية للفتيان هوفاك
- رواية للفتيان الزرقاء رائية ديدان
- رواية للفتيان الجاغوار سيلو
- رواية للفتيان عينا نيال طلال حسن
- رواية للفتيان البحث عن تيكي تيكيس الناس الصغار
- رواية للفتيان سراب
- رواية للفتيان جزيرة الحور
- رواية للفتيان عزف على قيثارة شبعاد
- رواية للفتيان عزف على قيثارة ...
- رواية للفتيان عين التنين


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طلال حسن عبد الرحمن - رواية للفتيان نداء الانوناكي