حسين موسى البناء
أكاديمي وكاتب
(Hussein Albanna)
الحوار المتمدن-العدد: 7485 - 2023 / 1 / 8 - 19:35
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
رحلة العربيّ بين الشك واليقين
إنها رحلة العقل والذات، بين الماضي والحاضر، مِن "استقالة العقل العربي" للجابريّ، إلى دور "المثقف العضوي المشتبك" لغرامشي.
العالِم يَشقى بشكّه الدائم، وأسئلته التي لا تَجِدُ إجابات نهائية، أما الجاهل فجنته في يقينه المطلق عن الذات والآخر وجملة الحقائق التي لا يساورها أدنى شكٌ، فيشقى العالِم في سعيه لاكتشاف الكون والحياة وأعماق الذات وطبائع الآخر، ويسترطب الجاهل يقينه المطلق ويُريح بذلك جمجمته مِن أيّ عناء فكري فينام ليله الطويل.
ما يزيد شقاء العالِم هو مواجهة أمواجٍ مِن الجهلة في الحياة، الأمر الذي يدفعه للمواجهة والمنافحة، فينتصر الجهل في كل مرةٍ تحت ضغط دفع الأغلبية، فتسفك الدماء، وتحرق الثمار، ثم يستدير الزمن والأحداث، فتنهض طبقة أكثر وعيًا وتَحمل على الدفع باتجاهات أكثر حكمة بعد ما ذاقته من تجارب عقيمة خارج إطار الزمن، فيسود الحق والعدل واتساع الأفق للقدرات العقلية الكبرى القادرة على بناء أمة وحضارة.
التاريخ هو أعظم مُعلّم، والذين لا يستقرئونه حتمًا سيعيدون اختراع العجلة كل يومٍ.
لطالما تساءل المفكرون: " كيف تنهض الأمم وتزدهر، وكيف تنهار وتفشل؟ أهي حتمية التاريخ، أم تغيّر الظروف، أم الهزيمة أمام دفقٍ حضاري جديد؟
العباسيون والبابليون في العراق، الأمويون في سوريا، العثمانيون في تركيا، الفينيقيون في لبنان، الأنباط في الأردن، الفراعنة في مصر، الفرس في إيران، الرومان، المايا، الإزدك، الإنكا، الصينيون، الهنود ...الخ
جميعها حضارات كبرى رئيسية امتلكت قَدرًا مِن المعرفة والتقدم والقوة بشكلٍ لافتٌ جدًا قبل آلاف السنين حتى.
بذات الوقت، اليوم، تجد كل هؤلاء في ظروف سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية متردية! لا تعكس حجم التراكم الحضاري والتراثي والتجارب الإنسانية الناجحة عبر الزمن!
هل تنتكس الحضارات وتفقد تراكمها المعرفي؟ أم أن جمود حضارة يُعني بالضرورة تقدم أخرى عليها؟
في كل الأحوال، ومع كل الإجابات المحتملة، فإن المنطقة العربية وبعد تداعيات "ثورات الربيع العربي" وبعد استباحة المنطقة وثقافتها مِن "تنظيم الدولة الداعشية" قد فقدت فرصة تاريخية لبناء منظومة قيمية متطورة يمكن لها إعادة بناء العقل العربي المستقيل ليؤمن بالعلم، وإعادة تأهيل المثقف ليشتبك بقضايا المجتمع العضوية.
#حسين_البناء
#حسين_موسى_البناء (هاشتاغ)
Hussein_Albanna#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟