أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حواس محمود - الطبقة الوسطى السورية الى اين ؟















المزيد.....

الطبقة الوسطى السورية الى اين ؟


حواس محمود

الحوار المتمدن-العدد: 7460 - 2022 / 12 / 12 - 16:24
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


معروف عن الطبقة الوسطى بحكم وقوعها في وسط التراتب الطبقي للمجتمعات البشرية ، قدرتها على حفظ التوازن السياسي لأي مجتمع ، ويقال عنها انها تلعب دور صمام الأمان في حفظ التوازنات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، في مقالنا الحالي سنتناول الطبقة الوسطى العربية عموما والسورية خصوصا ، سيما بعد انطلاق الربيع العربي .
تعاني اغلبية البلدان العربية من الأزمة والتدهور والفشل في برامج ومشاريع التنمية البشرية كما انها تعاني أزمات واخفاقات مزمنة في القطاعات الاقتصادية ، وتعتمد جميع الدول العربية على ديموقراطية مشوهة مرواغة ومنقوصة لا علاقة لها بالحرية الحقيقية المطلوبة لهذه الدول ، كما أن هناك حدوداً لا بل مسافات طبقية واسعة- هوة - بين الأغنياء والفقراء ، وفي صميم هذا المشهد توجد الطبقة الوسطى العربية الحديثة ، تتحالف بعض شرائحها مع الأنظمة الحاكمة للانتفاع وتعاني الشرائح الباقية التآكل والحرمان ( 1)
كما أن هذه الطبقة تطرح " مشكلة كبرى في الاجتماع السياسي العربي المعاصر ، فعلى الرغم من عدم تجانس مكوناتها وتباين اختياراتها الفكرية والسياسية ( ليبرالية ، علمانية ، يسارية ، إسلامية ، معتدلة ، متشددة ) ، وهو ما قد يبدو في صالح السلطوية العربية ، إلا أنها تمثل مأزقا بنيويا لهذه السلطوية ، فلا هذه الأخيرة قادرة على الاجهاز عليها ، بسبب حاجتها لدعمها السياسي والإجتماعي ، ومخاوفها من انجرارها إلى خيارات راديكالية تفضي بها ، في النهاية إلى التحالف مع الفئات الفقيرة والهشة ، ولا هي في الوقت نفسه ، قادرة على الاستجابة لطموحاتها السياسية المتزايدة التي قد تؤدي ، مع الوقت ، إلى المطالبة ، من موقع قوة ، بإعادة صياغة المشهد السياسي ، وفرض ميزان قوى جديد " ( 2)



الطبقة الوسطى السورية :

لقد " نشأت في سوريا، خلال السنوات الخمسين الأخيرة، طبقة وسطى عريضة، في المدن الكبيرة والبلدات المحيطة بها التي تحولت إلى مدن صغيرة، كان ازدهارها النسبي من صناعتها الذاتية. فقد اعتمدت على جهدها، في تحصيل المال من الخليج، أو من الاتجار بالأرض التي تمتلكها،
ولم تكن هذه الطبقة الميسورة الحال نسبيا والنشيطة جدا في العمل والتجارة والبناء العقاري، بأحسن حالا من النظام، على مستوى الفكر. والثقافة. غياب الثقافة حرمها من القيم الفكرية والسياسية التي تنطوي عليها الطبقة الوسطى الأوروبية، في الإيمان العميق بديمقراطية الدولة والمجتمع، والاستعداد للموت في الدفاع عن الحرية السياسية والاجتماعية، كما فعلت وضحّت بعشرات الملايين في الحرب العالمية الثانية، لإسقاط الفاشية العنصرية " ( 3)
الطبقة الوسطى في سورية مثلها مثل الدول العربية الأخرى ، لا تشك كتلة متجانسة من حيث التكوين الاجتماعي الاقتصادي ، يندرج ضمنها كتلة خليطة من الأطباء والمهندسين والموظفين والمثقفين والمعلمين والحرفيين ما يميزهم هو مجموعة من الصفات المشتركة مثل القدرة على تحصيل دخل يمكنهم من العيش في شكل مكتف ، وتغطية الكلف الاستهلاكية الأساسية ، وهذه الفئات هي الأكثر قدرة وتقبلا على التغيير والتجديد والانفتاح الاجتماعي والثقافي واستعدادا للمشاركة في الشأن العام ، وهي الأقل تمسكا بالعادات والتقاليد ( 4 )

عقد النظام وفاقا شفهيا مع المؤسسة الدينية التقليدية ووَفَّرَ نوعا من الحرية الدينية. لاقى ذلك ترحيبا لدى الطبقة الوسطى السنية في المدينة الكبيرة، وليس في الريف المتذمر الذي لاقى لا مبالاة النظام في الاهتمام بالخدمات، لا سيما في تخطيط وخدمة المدن الصغيرة، فكان
البناء العشوائي سمة التشويه الغالبة على التوسع العمراني ( 5)
وفي عام 2014، استنتج تقرير بعنوان "الطبقة الوسطى في البلدان العربية، قياسها ودورها في التغيير"، وضعته لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية الاجتماعية لغرب آسيا (اسكوا) أن نموذج التنمية العربي أنتج طبقة وسطى أكثر تعليما وصحة، لكنها ضعيفة اقتصاديا ومقهورة سياسيا، تقلّص تعدادها من نصف سكان العالم العربي إلى حوالي 33 في المئة عام 2011، ِوازداد معها حجم الشرائح الفقيرة والمعرّضة للفقر إلى نحو 43 في المئة.- ( 6)
يشير الكاتب اكرم البني أنه من الممكن ان تغير شرائح الطبقة الوسطى من مواقعها واصطفافاتها في كثير من الحالات كما انها من الممكن ان تغير مواقعها بسرعه الى مواقع أخرى مغايرة لتوجهاها السياسية وحتى الأيديولوجية تبعا لتغير الواقع ودرجة التغيرات والتقلبات المجتمعية ، سواء كانت سياسية او اقتصادية ، وهذا ما يفسر في سورية – كما ذهب الى ذلك اكرم البني – حالة التشظي السياسي والفكري التي ظهرت في صفوفها وصفوف ممثليها وهي مستمرة حتى الآن .
ومن الشرائح التي تضررت مواقعها الاقتصادية في سورية أصحاب المنشآت الحرفية والورشات الصغيرة وأصحاب الحيازات الزراعية، جرّاء ارتفاع كلف الإنتاج، أو لفقدان وخراب تلك المنشآت، تعطّل الإنتاج بنسبة 60 في المئة، فلجأت الشرائح العليا من أبناء الطبقة الوسطى إلى الفرار، في موجات الهجرة واللجوء، مثلما ركبت السيارات الصينية قبل ذلك، فيما علقت الشرائح الدنيا من هذه الطبقة في خط الفقر الأعلى، وهم يرون كيف يواصل فساد النظام نهب نصف الناتج المحلي الإجمالي، وكيف تتمركز الثروة عند 10 في المئة فقط من السوريين، ويرون كيف ظهرت تشكيلات اجتماعية اقتصادية جديدة وأخذت تتبلور في صورة "مافيوية" مرعبة تستند إلى الجريمة المنظّمة والخطف وتجارة السلاح وتهريب المخدرات والسرقة العلنية . ( 7)
مركز " فيريل " في المانيا أورد أرقاما في تقرير له في تموز 2016 مؤكدا ان العام 2016 هو العام الأخطر على المواطن السوري من جميع النواحي ، وبخاصة الاقتصادية والاجتماعية ، وبحسب التقرير فإنه قبل العام 2011شكلت الطبقة الوسطى اكثر من 60 % من المجتمع السوري ، وبرغم انها لم تكن متجانسة من حيث التشكيل والمنبت الاجتماعي والديني ، الا انها كانت تقود المجتمع ، خاصة انها تتكون من الموظفين والأطباء والمهندسين والمثقفين والمعلمين والادباء والحرفيين وصغار التجار والكسبة والصناعيين ، غير ان الطبقة الوسطى في العام 2016 لم تعد تشكل الا نسبة 9.4 % فقط من الشعب السوري ، فقد خسرت مئات الآلاف من أبناء الطبقة الوسطى بسبب الهجرة او القتل او البطالة
ويقدر تقرير " فيريل " نسبة السوريين الذين أصبحوا تحت خط الفقر العالمي بنحو 86.7% موضحا أن تكاليف المعيشة ارتفعت خلال سنوات الحرب بشكل تدريجي لتقفز في العام الأخير قفزات كبيرة الى ان وصلت الى نسبة 1155 % قياسا بما كانت عليه قبل 2011 بالتوازي مع انخفاض القوة الشرائية للعملة السورية ، اذ خسرت الليرة السورية ما يفوق 90 % من قيمتها ( 8)
ختاما / ان الربيع العربي الذي تم تحويله بفعل التدخلات الخارجية الى ما يشبه خريف حزين ، قد أثر على وضع الطبقة الوسطى في كل الدول العربية التي انطلقت فيها هذه الثورات ومنها سورية ، من حيث رجرحتها وهجرتها وخسارتها لبنيتها التحتية ، معامل ، مصانع ، محلات تجارية ، وأيضا خسارتها لأسواقها ومناخاتها المغذية لها ، والتي كانت تمدها بالديمومة والاستمرارية ، عدا عن الهجرة الكبيرة لأفرادها ، مما سدد ضربة قوية جداً لها ، بالمقابل صعدت فئات أخرى من الفاسدين وتجار السلاح وأصحاب ومستغلي الازمات والنفوذ ، وهذه الفئات منبتها الريف والمراتب الدنيا من السلم الطبقي والاجتماعي ، مما أثر ويؤثر سلبا على البنى الفوقية من المنظومات الفكرية والسياسية والفنية والثقافية وبالتالي التأثير في مقومات التغيير الإيجابي المأمول .
الهوامش :
( 1) د. احمد موسى بدوي " تحولات الطبقة الوسطى في الوطن العربي " مركز دراسات الوحدة العربية – بيروت لبنان – 2013 ص 41
( 2) محمد احمد بنيس " الطبقة الوسطى ومستقبل السياسة العربية " العربي الجديد – 7-7-2017
( 3) غسان الامام " الطبقة الوسطى السورية و" الدولة الدينية "" الشرق الأوسط 10 -12-2013
( 4) أكرم البني " عن تحولات الطبقة الوسطى في سورية " الحياة – 18-11-2015
( 5) غسان الامام - مصدر سابق مذكور
( 6) أيمن الشوفي " البحث عن الطبقة الوسطى في سورية " السفير العربي – 16-4-2015
( 7) أيمن الشوفي " مصدر سابق مذكور
( 8) ايلين عثمان " سورية تفقد طبقتها الوسطى " عنب بلدي – 11-9 – 2016
..........................................................................



#حواس_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى ينتهي طغيان نظام الملالي
- الحوار الكردي الكردي وغياب صوت المستقلين
- الريموت كونترول بين السالب والموجب
- المجلس العسكري السوري بين السالب والموجب
- نحو مفهوم الوطنية اللكردية العميقة او الشعب العميق
- الكرد ومرحلة الفوات السياسي
- الجيش لحماية الوطن ام لقمع المواطن ؟
- الخروج من جهنم
- خفايا الروح
- العروبة في خطاب النخبة الفكرية المعاصرة
- سوريو الاوطان البديلة
- الخلافات بين الأنظمة وأثرها السلبي على الشعوب
- ثقافة الموبايل بين السالب والموجب
- دراسة في الحركة السياسية الكردية
- التوتر الروسي التركي الى اين ؟
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
- لقاءات الفلاسفة
- كوردستان والمسألة الكوردية
- خطوات عملية لفهم السعادة
- فضاءات


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حواس محمود - الطبقة الوسطى السورية الى اين ؟