أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبداللطيف هسوف - في الكتابة وعشق الكلام المرصع














المزيد.....

في الكتابة وعشق الكلام المرصع


عبداللطيف هسوف

الحوار المتمدن-العدد: 1697 - 2006 / 10 / 8 - 04:35
المحور: الادب والفن
    


تدخلت لتسأله مبتسمة:‏
‏- لماذا تكتب؟‏
صاح من كان يصاحبها مبديا عن أسنان أكلها دخان السجائر:‏
‏- لأنه لا يستطيع أن يقوم بشيء آخر.‏
ابتسم الكاتب مستخفا، ثم رد مصطنعا الهدوء:‏
‏- معك حق، خصوصا إذا تعلق الأمر بالغرق في التوافه، والخوض في الحديث مع من هم على ‏شاكلتك. ‏
تدخلت هي لتلطيف الجو بعد أن فهمت القصد:‏
‏- هو يكتب لأنه يحب ذلك.‏
قاطعها، قبل أن يتدخل الآخر الذي ظل يحملق في بلادة:‏
‏- المسألة ليست مسألة حب بقدر ما هي ضرورة آسرة منبعثة من الداخل لا يمكن التغاضي عنها. ‏أن يجلس الكاتب على مكتبه ليضرب مفاتيح لوحة الكمبيوتر أو يخدش الورق بقلمه مشرحا حياته ‏وحياة الآخرين ومستقرءا للأحداث ومحللا لها لساعات طويلة في اليوم ليس أمرا سهلا كما يتصور ‏البعض. الكتابة أمر ممتع بالنسبة للكاتب، لا جدال في ذلك، لكن من يقول بأن الكتابة عمل سهل، فهو ‏كاذب. الكتابة تتطلب جهدا كبيرا وفي بعض الأحيان تصبح معاناة. الكتابة لا تصدر عن حب كما ‏يدعي البعض، بل استجابة لشعور داخلي جامح لا يمكن إلجامه. الحب والاستمتاع بما يكتب يحسهما ‏الكاتب حين ينتهي من عمله، لا حين يقوم بهذا العمل. مخاض الكتابة مخاض عسير، صدقيني. ‏
أضاف الآخر ممعنا في إظهار بلادته:‏
‏- الكتاب انطوائيون يحرقون أيامهم في العمل حتى لا يحسون بعزلتهم.‏
رد الكاتب:‏
‏-‏ ربما، لأنهم يحسون باغترابهم وسط مجتمعات فيها أمثالك. ‏
ترفق ساعدها بعد أن فترت شفتاه عن ابتسامة انتصار زائف. انتصاره بمصاحبة الأنثى طبعا. في ‏حين ظل الكاتب في مكانه لا يميل. احتسى من فنجان قهوته، ثم انغمس في التفكير. أسر إلى نفسه: إن ‏هناك من يعتبر الكتابة ظل خطوات تافهة، أحرف بها شلل تلقى بغير أمل. إن ثمة قوى ظاهرة أو ‏خفية تشجع على التعارض بين الحياة من جهة والقراءة والكتابة من جهة أخرى. هناك من يرى في ‏الكتابة خصوصا وفي الثقافة عموما ترفا زائدا، وفي الكتب كماليات تافهة. ‏
واصل الكاتب التفكير: إن من حولنا أناس حسودون يغضبون عندما نكتب مقالا، قصيدة، رواية، ‏مسرحية... أو حتى خواطر مرتبطة بأحداث شخصية متفرقة. هناك من يطالبك بألا تفكر، يراقبك أو ‏يهددك أو يعاقبك أو يكدر صفو عيشك إن سمحت لقلمك بالإفصاح عن المسكوت عنه. هناك من ‏يوغر صدر الحاكم ويثير غضبه على كل كاتب راح يصدح بالحق ويسعى بقلمه إلى أن يعيد ترتيب ‏الأشياء كما يجب أن تكون، لا بما هي به كائنة. ثمة أغبياء عالمهم جحر يطالبوننا بأن نبقى أغبياء ‏مثلهم ويغضبون عندما يقرر فرد ما الارتقاء بفكره والسفر بعيدا عن مجالهم التافه، الضيق والمنغلق. ‏هناك جوقات سياسية وأحزاب مريضة يحبطون كل كاتب ظهر من خارج جوقاتهم لا يحمل ‏مرضهم. هناك أشباه صحفيين لا يلتفتون لكتاب أو يكيلون له الصاع صاعين مسخرين أقلامهم ‏المسمومة، لا لشيء سوى لأن الكاتب خارج ناديهم الماجن المتعفن. هناك من يخنق أنفاسه الغيظ، ‏فيسعى لإيقاظ النميمة وتحريك الدسيسة لتشويه صورة كاتب تميز قلمه وارتقى خطابه. هناك من ‏يريدك، أنت الكاتب المتحرر من سلطة الحزب وسلطة الدين وسلطة التقاليد وسلطة النظام، أن تكتفي ‏بكتابة جمل لم يعد لها معنى ولا قوة إقناع. ‏
لا يعلم البعض أن عشق الكلمات لا يتأتى لأي كان. كيف لهم أن يعلموا؟ عشق الكلمات، عشق ‏الأدب، عشق النصوص التي لا يخل بها الاختصار ولا يشوهها الإسهاب. عشق الكلمات إحساس ‏رهيب، لكنه يبعث الفرحة والسرور في قلب القارئ حين تتدفق الكلمات وتنساق لكاتبها كنغم لا ‏يعتريه نشاز. إن للكلمات جراح في صدر الكاتب يصيرها رمزا للصراع ويخلق منها وردا أو شوكا. ‏الكلمات حين تخرج بعد الصمت الطويل، تخلق لغة عاشقة تندس بين الناس كما تتسلل أشعة الشمس ‏بين فتحات عريش النخل، الكلمات تشق حجر الكآبة، تبلغ عن الدنيا المجنونة، تطلق الآهات الأسيرة، ‏وتسير حافية متزينة بعريها الفاتن أو تلبس أسلوبا حصيفا رصينا يطلق العنان لأنغام مهدهدة. ‏الكلمات تفتح القلب على الصباحات والمساءات الحالمة، تِؤدن كما ديك الفجر، وإن خدعتنا في بعض ‏معانيها، فهي دائما تدحض الأكذوبة. الكلمات ترفع اللثام عن ذلك الوجه المنسي، تحملها ركاب الخيل ‏وراحلات القوافل. الكلمات سيف لامع، مدفع مدوي... الكلمات أغنية تنفجر في السماء، ظل في ‏العيون، حمام زاجل في الأعالي وسحر على الورق اشتهاء. هناك دائما إحساس بالأمان تجلبه ‏الكتابة. هناك راحة ممتعة تصاحب الكتابة، تصاحب الكلام المنتقى لخفته وتناسقه. الكتابة أنيس لمن ‏حاز ناصيتها. الكتابة تحيي الروح، تحرك الأحاسيس، تلهب التفكير وتدفع لطرح السؤال. نعم، طرح ‏السؤال، وهذا هو المهم. ‏



#عبداللطيف_هسوف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثماني المباركون في القاهرة يتآمرون على الرباعي المنبوذ بحض ...
- عروبة مفقودة
- الدين الرسمي وأحزاب اليسار في مواجهة الأحزاب الإسلاموية: ردو ...
- شافيز ذاك الرئيس المدهش: وصف بوش بالشيطان ودعا الأمريكيين لق ...
- توالد الذرائع بعد ذريعة 11 سبتمبر‏
- لم تكن محقا يا بابا الفاتيكان.
- المحافظون الجدد بأمريكا، الصهاينة والحكام العرب: تحالف ضد من ...
- ما بعد 11 سبتمبر، الفوضى الخلاقة أم الضغط يولد الانفجار؟
- 11سبتمبر في الاذهان وإن تبدل المكان
- سبتمبر الأسود
- غرباء يحبون وطنهم
- في كل جيل أباطيل
- نعرفهم جميعا...
- كيف كان المستعمر الفرنسي ينظر إلى المغاربة وسلاطينهم؟
- الإثنيات المغربية: التشكيلة المتنوعة، محاولة المستعمر تعميق ...
- الزلاقة والأرك: معركتان يمدد بهما المرابطون والموحدون حكم ال ...
- سكان المغرب الكبير الأولون - البربر أو الأمازيغ: تحديدهم بال ...
- سكان المغرب الكبير الاولون - البربر أو الأمازيغ: بالأصل الإث ...
- هل تصنع السلطة مثقفا حقيقيا؟
- مقاومة حفنة من الرجال وانتصار أمة بكاملها - لبنان يهزم العول ...


المزيد.....




- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبداللطيف هسوف - في الكتابة وعشق الكلام المرصع