أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كامل عبو - عشرة أيام مع باسم















المزيد.....

عشرة أيام مع باسم


كامل عبو

الحوار المتمدن-العدد: 7434 - 2022 / 11 / 16 - 04:35
المحور: الادب والفن
    


مَنْ مِنا لم يفتقد في هذا المهجر نقاءَ وصفاء الطبيعة البسيطة لنفسية الفرد العراقي ؟
ومن منا لم يفتقد الروح الشعبية المتواضعة والجميلة التي يمتلكها الفرد العراقي ؟
أنا على يقين ان عددا كبيرا منا يحس بهذا الفراغ في مجتمعنا المهجري , ويفتقد افرادا كان يطيب له لقاؤهم ومجالسَ لهوٍ كان يلذ بها واحاديث اُنس كان يستطيب لها وكل ما يمكن ان نقول عنه :" راحت هذيج الايام ". ومع وجود الاصحاب ومجالس اللهو واحاديث الانس هنا إلا اننا نجد ان الفارق كبير بين هذه وتلك إلا في ما ندر , إذ تخلو هذه من روح البساطة وعدم التكلُف والتصنُع , فهي ملأى بماديتها وظواهرها المزخرفة محشوة بالزهو والفخربما يمتلكه المرء وما يلبسه
وانا لا اقول لك ان الفرد العراقي الآن هو ما كان عليه قبل سنين وسنين ,إنً كل هذا قد تغير
فقد حطم نظام صدام نفسية الفرد العراقي ذات السجية الطليقة , وقيَد روحه المرحة عندما اجبره على الدخول في معارك صعبة مع العيش والحياة وجعله لايفكر إلا في كيفية ايجاد رزقه ففقد روحَه الطيبة وظهرت المادية على تصرفاته الحياتية بوضوح واصبح يصارع من أجل البقاء. لقد كان يعمل ليعيش
فاصبح يعيش ليعمل .
وزاد ذاك سوءا الظروف والمآسي التي مرت بالعراق واحاطته . أما الهجرة فنصيبها كبير حيث يعيش
.المرء إزدواجية الحياة وصراع الثقافات والتربية الإجتماعية
نا على يقين ان عددا كبيرا منا يحس بهذا الفراغ في مجتمعنا المهجَري , ويفتقد افرادا كان يطيب لهأ لقاؤهم ومجالسَ لهوٍ كان يلذ بها واحاديثَ انَس كان يستطيب لها وكل ما يمكن ان نقول عنه :" راحت هذيج الايام ". ومع وجود الاصحاب ومجالس اللهو واحاديث الاًنس هنا إلا اننا نجد ان الفارق كبير بين هذه وتلك إلا في ما ندر ,إذ تخلو هذه من روح البساطة وعدم التكلُف والتصنُع , فهي ملأى بماديتها
. وظواهرها المزخرفة محشوة بالزُهو والفخربما يمتلكه المرء وما يلبسه
ومع كل هذا يظهر اليك بين الفَيِنة والاخرى وجهٌ يعود بك الى مثل ذلك الماضي المفْتَقَد فتأنَس به وتركن إليه ليملأَ عليك فراغا في محيطك ويرجع بك الى الايام الخوالي المضبَبَة إن كانت بعيدة
. هكذا كان باسم أنموذجا رائعا من الفرد العراقي الذُي أُختزِلت فيه الشخصية العراقية بكل بساطتها
ومع ان إسمه دال على الإيجابية والإبتسام إلا انه قلما كان يبتسم وكأنه يحمل َنٍيرا من متاعب العراق
والناس على كتفيه ولكنك عندما كنت تستمع إليه يتحدث تشعر بثقة وجودَ روحٍ مبتسمة مرحة في داخله فقد كان لطيف الحديث جدا الى حد انك كنت تبحث عنه عند الفراغ لتجالسَه إن لم يسبقك هو الى
البحث عنك ليقول : " بويَ إنت وينك" ؟
كان باسم شابا طويل القامة نحيفا و "إمولَح " قد تجاوز الخامسة والثلاثين على ما أخمنه فانا لم أحاول يوما السؤال عن عمره ,وكان يمشي بقليل من الإنحناء في الكتفين غير ملحوظ إلا بعد إنتباه وكان هادئا جدا كثير التدخين وكان عندما يراني يقول لي محرضا :" خلي إنطكنا جكاره يخوي ." ثم يقدم لي لفافة تبغ .. أما عندما كنت اعرض عليه واحدة فكان يأخذها ويقول :"رحم الله أمك وبوك "
عندما كان
باسم يتحدث كنتَ تشعر انك جالس وسط العراق كله , فقد كان يحدثك بكل بساطة عن كل ما يفكر فيه فكنت تراه كتابا مفتوحا ليس فيه غَلَق . وكنتَ تفهمه لانه يحدثك بعراقية بسيطة ليس فيها معاناة وتزويق
لم يكن باسم إنسانا وسيما , لم يكن صافي البشرة مطلقا لقد كانت الحفر تملا وجهه الى درجة كبيرة وكان يتحسس ذلك ويقول لي :"ردت اضرب وجهي كوسرة لان المريه هم ينرادلها واحد حلو ينام يمها . بس الدكتور كلي إتكلفك إهوايه .. بطلت ..
عندما كان باسم يتحدث معي لم اكن استطيع غير النظر والتطلع الى وجهه. ولكن كل الحفر كانت
تتلاشى لان إستماعك الى حديثه اللطيف كان ينسيك ما عليه وجه . .
أنِستُ الي باسم ومعشره اللطيف متمنيا أنْ لوكنت قد تعرفت عليه مسبقا لكنه قدم الى موقعنا مؤخرا وانا ..على وشك العودة من العراق فلم اقضِ معه غير عشرة ايام
حدثني باسم عن حياة الجندية في العراق وعندما كان هو منخرطا فيها وكيف إنتحر جندي عراقي برصاصة تحت فكه .
" لما جان الجندي يطلب سلفة زواج حتى يتزوج جانوا ينطولة 900 دينار عبالك فد شي..وجانو يسألون عن خطيبته واسمها وابوها وامها وعشيرتها وعَمامها وإذا معجبهم واحد منهم ما جانو ينطو كل شي .."
جنا نستلم 28 دينار عراقي..ومن جنت بالسعودية حسبتهم إوكسرتهم شفت هذولة ميطلعون حق سنكرز "هسه
هرب باسم من العراق الى السعودية في إنتفاضة آذار وركن في مخيمات اللاجين في صحراء السعودية وحدثني عن الوضع السيء جدا الذي كان عليه اللاجئون العراقيون
" وحدة مريه صبت الكاز على نفسها..أواحد شنق نفسه..يا أخي ..غير مأساة جنه بيها.. وهذوله هم .
." يكولون عن نفسهم إسلام ..والله.. الامريكان يسواهم
ويستطرد باسم الى مواضيع عديدة "جان عدنة معلم اسمه كامل . جان يكلي باسم الله يطيح حظك ويطول عمرك وصدك كال ..مات ابوية وآني صغير إوما ورثت من اهلي كل شي غير داء الشقيقة من أمي ..بدال ماجنت اورث عمارة .."
" جنت أريد اتزوج بنت عمي..بس ما صارت.. ويكول المثل اللي يستحي من بنت عمة ماياخذها. وبقيت اعزب ولمن رحت لامريكا بقيت فترة اعيش وحدي, حتى الاكل جان اشتهيه مشتهه..كمت آكل بيض
على طول ..بس يكولون الحياة من البيضة ..!!
وصادقتلي وحدة متزوجة ومطلكه عايفها رجلها وعدهه طفل وكمت اعيش وياها ولما جنه نطلع للبارك والولدعنده طيارة جنت العب بيها اكثر منه . يا أخي مو جنت اتونس إهوايه عبالك الطيارة إلي مو للطفل ..مو جنت فاقد طفولتي "
يتراجع باسم بعد فترة صمت وسكون وجيزين ليقول :"جان عدنة واحد أعور يسمو صالح الاعور. جانو .يعيرونة ب ( لك اعور ) جان يكللهم " هذا العالم عين وحده زايده عليه "..كان باسم يهوى اغاني أم كلثوم بشكل كبير ويحب الشعر الشعبي كثيرا ولكنه في نفس الوقت كان حافظا للشعر الفصيح .وفي كل مرة كان يدندن بشيء من هذا او ذاك مما يحفظ ثم يقول بصوت إعجاب طويل " .أللــــــــــــــــــــــــــه
ومرة طرحت له بعض الابيات الشعرية مما انظمه فقال بإعجاب" حلو مال من هذي؟
فقلت له" مالتي " .نظر إلي باسم ثم قال كانه إكتشف شيئا "جا ابوي انت شاعر ومخبي نفسك عليَ.. أكول هذا الرجال شنو سالفته .؟؟"

لم يكن يضايق باسم شيءٌغير الوضع المحيط بنا في القاعدة ودرجة حرارة الجو التي وصلت في تلك الايام الى125 وكان يشتكي ذلك الى المسؤول (تام) ويطلب النقل الى مكان آخر اكثر راحة فكان يقول" كتله لهذا تام آني ما اكدر عالحراره..شلون خلك طينة هذا ..لو بيدي والله ما اسرحه بهايشه..والله جيت اطكه..لكن كلت لا. يشوف نفسه اهله دزوا للكليه وصار.. "
كنا نتحدث عمأ يدور في المجتمع العراقي السابق من فتاوى احيانا فكان لباسم تعليقاته" يكولون ما يجوز يخلون الطماطة يم الخيارعند البكال لان واحد فحل واللاخ نثيه ويردون يلَبسون الكبش الفحل وصله يغطون خصيانه الجبيره المدندله , وفجروا واحد من معامل الثلج والفتوى ان النبي محمد ما جان يشرب مي ثلج .ويضيف بسخرية كبيرة وإستهزاء " هسه باجر يكلونا شلون إنام ويه نسوانا "
كان لباسم تعلياته الساخره عن النظام :" خوات ال..سوو صدام صانع التاريخ طابوكة طابوكه ..هسه بس بنرادله لبخ !..وطه الجزراوي.. ما يعرف يكتب اسمه الطايح الحظ يكله لكوفي عنان اقسملك بشرفي ما عدنه.. ويكول خلي صدام حسين وبش يتعاركون بيناتهم إو وزيز أوزير.. ويريدله كوفي عنان يصير حَكَم. وسمير الشيخلي لمن جان وزير للإعمار والإسكان ..هو مايعرف اسمه يكتبه .هسه لوعنده شهاده مهندس بَنًه حتى لَو خِلفه هم ميخالف. ..
وهذا الخروف طارق عزيز ..لابسله جعب بطل لا يحل ولا يربط.. ولك انت اشجابك على هل شغله؟؟ "
ثم يروح باسم يسخر ويقضم قطعة حلوى اكون قد قدمتها له..ويسكت ثم يدندن بما يجول في خاطره من الحان. ثم ينتقل باسم الى موضوع جديد فيحدثك عن التقدم العلمي والتكنولوجيا الحديثة وما هو عليه الغرب من باع طويل في هذا فيقول لك مقسما بعينيه ( اللي راح ياكلهن الدود ) كيف راى بكل وضوح صورة صدره في الكومبيوترعندما ذهب الى الطبيب يوما في فحص ما.. ويعلق على هذا بسخرية "هذوله وين واصلين وإحنا منعرف إنخري.. هاي هي , حفرنالنه حفرة بالكاع !! .
عندما كنت استمع الى احاديث باسم لا يسعني إلا الإبتسام والضحك أحيانا لما تحتويه من سخرية وتعليقات لاذعة .
وانا اكتب عن باسم الآن ارى انه كان محقا في الكثيرمن تتبعاته ولما كان الحديث ذا شجون فاني اذكر الآن قصة لاحدهم قال والعهدة على الراوي "زار وزير التربية العراقي بعض المدارس قبل فترة وإطلع على البناء المستحدَث وشاهد في ما شاهده ان المرافق الصحية فيها على الطراز الحديث ذي المقاعد فامربإزالتها مدعيا انها ليست من تقاليدنا وانها مخالفة للقواعد الإسلامية .ويضيف الراوي ساخراً "أما ان ينظر الملا الى ساعته ليعلن ميقات الصلاة من فوق منارة فلا بأس لان بلال الحبشي كان يستعمل المذياع !!"



#كامل_عبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هكذا مات جاسم
- عهد وغيرة
- عهد ٌ وغيرة
- ثميل الدهر- ذكرى أُم
- شعب بديع-قصيدة


المزيد.....




- التضحية بالمريض والمعالج لأجل الحبكة.. كيف خذلت السينما الطب ...
- السويد.. سفينة -حنظلة- ترسو في مالمو عشية الاحتجاج على مشارك ...
- تابعها من بيتك بالمجان.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة ...
- ليبيا.. إطلاق فعاليات بنغازي -عاصمة الثقافة الإسلامية- عام 2 ...
- حقق إيرادات عالية… مشاهدة فيلم السرب 2024 كامل بطولة أحمد ال ...
- بالكوفية.. مغن سويدي يتحدى قوانين أشهر مسابقة غناء
- الحكم بالسجن على المخرج الإيراني محمد رسولوف
- نقيب صحفيي مصر: حرية الصحافة هي المخرج من الأزمة التي نعيشها ...
- “مش هتقدر تغمض عينيك” .. تردد قناة روتانا سينما الجديد 1445 ...
- قناة أطفال مضمونة.. تردد قناة نيمو كيدز الجديد Nemo kids 202 ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كامل عبو - عشرة أيام مع باسم