أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامح عسكر - درس لمظاهرات إيران من المكسيك













المزيد.....

درس لمظاهرات إيران من المكسيك


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 7425 - 2022 / 11 / 7 - 20:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عام 1926 اندلعت في المكسيك حرب أهلية استمرت ثلاثة سنوات راح ضحيتها ربع مليون شخص تقريبا من بينهم 60 ألف جندي مكسيكي، والسبب (ثورة دينية) من الكهنة الكاثوليك ردا على الدستور المُعادي للمسيحية سنة 1917م ..

كانت المكسيك تُوصَف بالدولة الملحدة بسبب هذا الدستور الذي كان يقضي بعقاب وسجن وإعدام كل من يظهر أي طقوس دينية أو صلاة أو ملابس للكهنة في الشارع، لدرجة منع الكنيسة نفسها من النشاط الديني ومن حقوقها في المحاكم.. وظل هذا الوضع حتى أوائل التسعينات

عُرفت هذه الحرب "بحرب كريستيرو" أو "لا كريستيادا" La Cristiada وظلت شاهدة على أن الحروب الدينية يمكن استدعائها في أي لحظة إذا توفرت الظروف لذلك، فلو كانت العلمانية تقضي بفصل الدين عن الدولة..فالذي حدث بالمكسيك هو قهر الدولة للكنيسة والحرب على إيمان الناس..فطبيعي أن يقوى رجل الدين ويحصل على شعبية لازمة تمكنه من التمرد على الدولة وحمل السلاح بدعوى (الدفاع عن الإيمان)..

جذور هذه الحرب بدأت من الثورة المكسيكية سنة 1910م ضد تزوير الانتخابات، وجاءت الثورة بالرئيس "فرانسيسكو ماديرو" (1873 -1913) الذي حكم عامين واغتيل سنة 1913 وخلال مدة حُكمه كان معاديا لرجال الدين، وأسس نظاما بهذا النحو هو الذي أدى لكتابة دستور 1917م بمواد معادية للكنيسة الكاثوليكية وتعاقب الناس على الشعائر وأي مظاهر دينية بالمطلق..ولفهم ظروف كتابة هذا الدستور فقد كان متأثرا بالثورة المكسيكية أي كُتِب تحت مشاعر غضب معادية للكنيسة..

لكن الدين ولأنه راسخ جدا في النفس البشرية وجزء أساسي من التفكير والعقل، وهناك من يمارسه لأبعاد روحانية تعاطف الناس مع الكنيسة مرة أخرى ونجح رجال الدين الكاثوليك في كسب الشعبية والجماهيرية اللازمة لخوض حرب ضد الدولة، ظلت 3 سنوات حتى أدت بعد ذلك لتخفيف القيود المنصوص عليها في دستور 17 إلى أن انتهت تماما سنة 1992 وعادت الكنيسة الكاثوليكية مؤسسة قانونية ولم تعد الدولة خصما لإيمان الناس كما كانت متهمة من قبل..

أنا بقول الكلام دا ليه؟

في إيران تحدث الآن ظاهرة ثورية شبابية جديدة وهي (خلع عمامة رجال الدين بالقوة في الشارع) فمظالم رجال الدين كثيرة وحكم دولة الخوميني قاسي جدا ومتشدد في الحجاب الإلزامي ومحاكمة الناس على الرأي والاجتهاد الديني..فضلا على اغتيال الشهيدة "مهسا أميني هو الذي فجر هذه الأحداث..

إذا نظرنا لهذ المشهد من خارج الصندوق وأنه فعل ثوري يعبر عن تضخم الثورة الليبرالية وحصولها على شعبية سنرى أن بإمكان النظام الديني الإيراني القضاء عليه بمجرد قانون يعاقب على هذا الفعل ويتشدد فيه بدعوى أنه (إهانة لرجال الدين) أولا: بوصفهم مواطنين لهم حق الكرامة في الدستور، وثانيا: بوصفهم حكام يهيمنون على التشريع الإيراني، وهنا قوة رجل الدين الشيعي ستتعاظم بمجرد صدور هذا القانون ليتم تفسير (إهانة رجل الدين) أنه مجرد الاعتراض أو شتمه والتعدي عليه بالقول..

طب ما الحل لكي ينجح الثوار الإيرانيون في القضاء على نظام خامنئي؟

الجواب: قلتها كثيرا أن الحل ليس هو العنف أو تصوير ثورة الشباب أنها معادية للدين ورجال الدين، هذه كانت أقوى حجة للخوميني في القضاء على نظام الشاة الذي كان عنيفا ضد رجال الدين الشيعة ويقتل المفكرين حتى الذين وصفوا بالتوسط بين الفكر الديني والليبرالي كالشهيد "علي شريعتي" (1933 – 1977)

العنف ضد رجل الدين هو الذي خدم الكهنة الكاثوليك في المكسيك بعد دستور 1917 وهو الذي مكّنهم من حصد الشعبية وحمل السلاح دفاعا عن إيمانهم، وربما يحدث في المستقبل نفس الشئ بإيران إذا شعر رجل الدين الشيعي الحاكم أن خطر هؤلاء الشباب ليس عليهم كأشخاص بل على الدين ومظاهره وطقوسه ..وقتها ستجتمع جحافل المؤمنين وقطيعهم الغاضب على رموز وعناصر هذه المظاهرات..

الثورة الإيرانية الليبرالية لكي تنجح لابد لها من شروط:

أولا: السلمية التامة وعدم ممارسة العنف..وغاية ذلك إشعار رجل الدين الحاكم بالأمان الكافي الذي يقنعه بالتنازل ولو على مراحل زمنية بالتدريج من جهة، ولتوحيد الصف الثوري الليبرالي من جهة أخرى، لكن الخلاف حاصل بين الناس في حكمة ممارسة العنف في الاعتراض، ومعنى حدوث هذا العنف يعني انشقاق بين المعارضين في تصور أسلوبهم الأمثل في التغيير..

الثاني: ضرورة وجود قائد ورمز سياسي أو روحي لهذه المظاهرات، لأن عدم وجود هذا الأمر تسبب (وسيتسبب أكثر) في حدوث فوضى وأفعال غير مدروسة كهذه الظاهرة العنيفة التي تخدم رجل الدين أكثر مما تُهينه، وسنرى أنه فور إقرار قانون يعاقب على فعل هذا الأمر إلى أي مدى ستصل شعبية رجل الدين الإيراني الذي سيقدم نفسه ليس بصفته حاكما للدولة..ولكن بصفته (مظلوم مضطهد) و (مدافع عن إيمان الناس) وهذه الصورة هي التي دفعت ملايين الإيرانيين في السابق لدعم الخوميني والثقة فيه ضد كل خصومه..

الثالث: تبرؤ الثوار أو إعلان بعضهم عدم التبعية لنظام الشاة بهلوي، فأولاد الشاه هم أحد محركي هذه التظاهرات بالسوشال ميديا ويدعمهم بعض الإيرانيين في المهجر، وضرورة براءة الثوار من نظام بهلوي حتمية لإنجاح المظاهرات وشرط أساسي لأن نظام خامنئي والثورة الإسلامية مستفيد من وجود بهلوي في الصورة، ويستعيد ذكريات حُكمهم التي كان يبغضها الإيرانيون في الماضي..

الرابع والأخير: استقلال هؤلاء الثوار الشباب سياسيا واتفاقهم على مسودة يعلنون فيها عدم التبعية لأحد من خصوم إيران إقليميا ودوليا، لأن النظام الإسلامي الحاكم مستفيد من تصوير جموع هذا الشباب الغاضب كعميل للأعداء وخصوم إيران التاريخيين، وفي هذه يستفيد النظام الإيراني من المشاعر القومية ، وسبق القول أن الذي خدم الثورة الإيرانية الإسلامية ليست فقط قوة الخوميني وضعف الشاة..ولكن لأنها جمعت بين مشاعر الفخر القومية الإيرانية – وخصوصا الفارسية منها – ومشاعر الفخر الديني بانتساب الإيرانيين لآل البيت، وفقدان المرشد لأحد أو هذين العاملين يعني فقدان سلاح حيوي كان يحميه من انقلاب الشعب عليه ووصولهم قصر الرئاسة مثلما حدث مع الشاة..

أكرر دائما أن السياسة لا تعرف العواطف..ولكي تفهمها لابد من التجرد قليلا واحترام الواقع، ودراسة الأفعال وجذورها التاريخية ومستقبلها، ونظرة بسيطة في التاريخ ىسنرى أن شعبية رجل الدين (الحاكم) تنقص إذا كان معارضيه أكثر عقلا ونزاهة وأكثر توحدا واجتماعا على صيغة معينة للاعتراض، بينما تعلو شعبيته إذا كان معارضيه أكثر تفككا وفوضوية ، وأكثر ممارسة للعنف وانشقاقا حول آليات هذه الممارسة وجدواها..ودمتم



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا ينتقدون مسلسل الضاحك الباكي؟
- صدمة الأدب في مصر والعراق
- نقد عبارة فهم سلف الأمة
- الكل يبحث عن الحقيقة
- عوامل نجاح الإسلام السياسي شعبيا
- رسالة من الأزهر للإخوان المسلمين
- علاقة الحجاب بالسلطة الأبوية الذكورية
- بيان الأزهر..حين يتحول الرأي إلى قانون
- تحرير موقف الإسلام من العنف..لقاء وضرورة
- هل الحكومة واجب ديني أم مصلحة دنيوية؟
- قصة الحجاب ومذاهب الشيوخ فيها
- معضلة خلط الدين بالدولة..الأسباب والحلول
- لماذا لم يكن الحجاب فرض قبل السبعينات؟
- أخطاء التفسير وجذور الفكر القرآني
- ما الذي فعله الباشا محمد علي بمصر؟ (2)
- ما الذي فعله الباشا محمد علي بمصر؟ (1)
- هل إيران كانت بها أغلبية سنية ثم تحولت لشيعة؟
- المعنى الصحيح لقوله تعالى إنما المشركون نجس
- عقبات الإصلاح عند الفيلسوف
- جواز الترحم والاستغفار لغير المسلمين بالأدلة


المزيد.....




- العلاقات التجارية والموقف من روسيا.. الرئيس الصيني في أوروبا ...
- الحوثيون يعلنون إحباط أنشطة استخباراتية أمريكية وإسرائيلية ب ...
- الجزائر تعدل قانون العقوبات.. المؤبد لمسربي معلومات أو وثائق ...
- المغرب.. ارتفاع حصيلة ضحايا التسمم الغذائي في مراكش
- المغرب.. -عكاشة- ينفي محاولة تصفية سجين
- ضابط أمريكي: القوات الروسية دخلت أراضي خالية من هياكل دفاعية ...
- قيادي كبير من حماس: النصر قاب قوسين أو أدنى وسننتصر ونهدي ال ...
- مادورو: واشنطن تمهد لخلق صراع بين غويانا وفنزويلا كما فعلت م ...
- مسعفون: مقتل 16 فلسطينيا من عائلتين في قصف إسرائيلي على رفح ...
- اعتداء رجال شرطة أميركيين على طالبة مؤيدة لفلسطين.. حقيقة ال ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامح عسكر - درس لمظاهرات إيران من المكسيك