أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - امال قرامي - فرض سياسات النسيان














المزيد.....

فرض سياسات النسيان


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 7424 - 2022 / 11 / 6 - 22:08
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


تواجه كلّ حكومات العالم مجموعة من الأزمات المرتبطة بما خلّفه وباء كورونا من نتائج وخيمة على الاقتصاد، وما نجم عن الحرب الروسية الأوكرانية من مصاعب في التزود ببعض المواد الأولية. غير أنّ ما يميّز حكومة عن غيرها هو حسن إدارة الأزمات من خلال الاستئناس بخبرات رجال الدولة و المستشارين الحكماء وغيرهم ،وقدرتها على صياغة برامج واضحة ثمّ عرضها بكلّ شفافية على البرلمان وعلى المواطنين واستعدادها بعد ذلك للمساءلة والمحاسبة. وليس الرجوع إلى أهل الدراية والخبرة والعلم إلاّ اعتراف باستمرارية الدولة والمؤسسات وحدوث التراكم المعرفي من خلال فعل تنشيط الذاكرة: إذ يتذكّر البعض ما حدث في سنة كذا ومع أزمة كذا، وكيف ذلّلت الصعوبات وكيف تم التفاوض...
غير أنّ ما يحدث في بلادنا هو العكس تماما، أي إرادة النسيان وفرض سياسات النسيان المؤدية إلى القطيعة بين الأزمنة والتجارب السياسية المختلفة، وإسدال الحُجُب على الخبرات والشخصيات الوطنية التاريخية التي تحمّلت مسؤوليتها في مختلف المحطات السياسية والاجتماعية المفصلية. يُضاف إلى كلّ ذلك شطب المسار الذي أرسته مختلف التجارب السياسية وطمس التطوّر الحاصل من خلالها، واستبدال التنسيب بالتعميم. فكلّ الحكومات السابقة منذ دولة الاستقلال إلى حدّ اليوم فاشلة وفاسدة ولم تكن في خدمة الشعب... والواقع أنّه ما أمكن لسياسات النسيان أن تترسّخ لولا تواطؤ أغلب وسائل الإعلام التي باتت تعرض مواد غايتها الأساسية التنويم ومأسسة الجهل والترويج لممارسات مُهينة وعنيفة كالتنمّر والتلصلص على الحيوات الشخصية للناس، والتسليع لأجساد النساء والترويج ل تفاهة الخطابات وغيرها. وهنا تحدث قطيعة أخرى مع صنف من الإعلام الجادّ والمسؤول الذي كان يحترف إنتاج البرامج الثقافية أو برامج الترفيه الجامعة بين الإمتاع والمؤانسة والمستندة إلى ثقافة متينة ومبادئ وقيم.

وعندما تغيب السياسات الإعلامية والمبادرات ويتقلّص الابتكار يغدو الركون إلى الأحداث اليومية (ثقافة كلّ «يوم ويومو»، «احيني اليوم واقتلني غدوه...») والبوز والوقوف عند تصريحات من هبّ ودبّ على الفايسبوك أيسر طريقة لمضاعفة أعداد المشاهدين أو المستمعين الباحثين عن النسيان: نسيان واقع يزداد في كلّ يوم تعقيدا. ولكن ما لا يدور في خلد هؤلاء المسيئين للمشهد السياسي والإعلامي والثقافي هو أنّ التاريخ لن يتذكرهم وأنّ مآلهم النسيان .

إنّ المؤمنين بأهميّة المقاربة الشخصية للسياسة وبفرض سياسات النسيان يتغافلون عن مسألة جوهرية وهو حضور المقاومة، فمهما حاول البعض إحداث القطيعة وأعرضوا عن مأسسة سياسات الذاكرة فثمّة إرادة للتذكّر ورغبة في فهم التاريخ على أنّه مسار تتعدّد فيه التجارب وأنّ المرء يتعلّم وينتبه ويدرك ويعتبر ويستخلص الدروس من خلال استرجاع الأحداث وأفعال الشخصيات القيادية وخطاباتها و...فيقارن وينتقي ويطمس ويحنّ إلى الماضي فيبقى أسير»النوستالجيا و قد يتجاوز ويمضي ليستشرف المستقبل...
ولاشكّ عندنا أنّنا سنتذكّر ذات يوم أنّ المقاربة الشخصية للسياسة حين ألغت كلّ إمكانية للحوار والنقاش والتفاعل وتقييم التجارب السابقة بكلّ موضوعية ولم تعترف بأهميّة المساءلة في العملية الديمقراطية قد وفّرت الحصانة للوزراء/ات فصاروا بدورهم، يتصرفون ولا يأبهون بالرأي العامّ، وحده الرئيس الذي سيحاسبهم إن بلغته التجاوزات أو قدّر أنّها بالفعل تستحقّ المحاسبة. كما أنّنا سنتذكر أنّ المقاربة الشخصية للسياسة فوّتت علينا فرصة اختبار قوّة الأفكار ومنطق المحاججة وقيمة المبادرات وتقييم أداء السياسيين من مختلف التوجهات وفهم صراعهم من أجل التموقع.
وبين إرادة النسيان وإرادة التذكّر ديناميكية تثبت الوعي الذي اكتسبه التونسيون/ات على مرّ التاريخ، وهو وعي جعلهم يدركون أنّ فرض سياسات النسيان ليس إلاّ سلاحا سياسيا من بين أسلحة أخرى تلجأ إليها السلطة لإعادة تشكيل الوعي وبناء سرديات جديدة.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إخراج التونسيات من المشهد السياسي أو عندما تفصح الإرادة السي ...
- هجرة الأمّهات: محاولة فهم
- من «الأمن الجمهوري» إلى «القمع البوليسي»
- حملات انتخابات «بنكهة شعبوية»
- الاحتجاجات النسائية –الإيرانية: دروس وعبر
- الحاجة إلى السكر والزيت والماء والحليب... أهمّ من الحاجة إلى ...
- القانون الانتخابي وتراجع المشاركة النسائية
- «اشكي للعروي» ... «اشكي لسعيّد»
- تونسيون/ات يُهاجرون ولا يلوون على شيء وحكومة لا ترى ولا تسمع
- «تيكاد» وأحلام التونسيين
- الشعبوية والتعددية والإعلام
- التونسيات والديناميات الجديدة
- التونسيون/ات وتقرير المصير
- هل طويت صفحة الأحزاب الفاعلة في الحياة السياسية؟
- «الدستور» وضرورة مغادرة السقيفة
- قراءة سياقيّة للدستور
- تحويل الوجهة من قيس سعيّد إلى أنس جابر
- قراءة أولى لنصّ الدستورالمقترح/ المفروض على التونسيين/ات
- التونسيون/ات و«المسؤولية الاجتماعية»
- قراءة في المسار الجديد للهجرة اللانظامية


المزيد.....




- من بين 3 قضايا.. توجيه تهمة الاغتصاب لوزير المعاقين الفرنسي ...
- القضاء الفرنسي يوجه تهمة الاغتصاب إلى وزير سابق من حزب ماكرو ...
- توجيه تهمة الاغتصاب إلى وزير فرنسي سابق
- “800 د.ج anem.dz“ الوكالة الوطنية للتشغيل تُعلن الشروط الجدي ...
- لو أطفالك زهقوا ؟! نزلي ترددات قنوات الاطفال الجديدة 2024 عل ...
- المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تصدر قرارها بعد منع 3 تلميذا ...
- عدوى التهاب الكبد تشكل تهديدا عالميا للنساء في سن الإنجاب
- توقيف مدرّس بجريمة الاعتداء الجنسي على قاصر في لبنان
- -تحرش ومحاولات اغتصاب-.. هل انتشرت -فوبيا سيارات الأجرة- في  ...
- في العراق.. اغتصاب وقتل عابرة في السجن


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - امال قرامي - فرض سياسات النسيان