أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - قمر السيد - أوجيني وغرام الاسياد















المزيد.....

أوجيني وغرام الاسياد


قمر السيد

الحوار المتمدن-العدد: 7421 - 2022 / 11 / 3 - 21:51
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ولدت أوجيني في غرناطة بأسبانيا 1826م، وكان والدها الكونت تيبا أشهر نبلاء أسبانيا آنذاك، جاءت نشأتها الأولى في باريس بدير القلب المقدس، حيث أجادت الكثير من اللغات المختلفة كالإسبانية والفرنسية والإنجليزية، وقيل أنها ربما اتقنت بعض الكلمات العربية عشقاً لمصر، وكانت على قدر كبير من الجمال والثقافة مما أخذ بقلب وعقل نابليون الثالث الذي تزوجها في يناير 1853م، ومن هنا لعبت دوراً بارزاً داخل البلاط الفرنسي لما لها من عظيم الآثر على زوجها، حيث استطاعت أن تقرب المسافة السياسية بين إنجلترا وفرنسا بعد أن زارت إنجلترا بصحبة زوجها، وخلال تلك الزيارة كانت الإمبراطورة موضع حفاوة الملكة فكتوريا وزوجها الأمير ألبرت، فقد آثرت أن تدخل التاريخ بذلك الدور السياسي.
وفي نوفمبر 1869م جاءت الإمبراطورة أوجيني إلى مصر بدعوة من الخديو إسماعيل بمناسبة الاحتفال بافتتاح قناة السويس للملاحة البحرية، حيث جاءت وحدها دون زوجها الإمبراطور الذي كان مشغولاً بالظروف السياسية التي كانت تمر بها فرنسا آنذاك، وكانت الإمبراطورة في ريعان جمالها وأنوثتها رغم بلوغها الثالثة والأربعين من عمرها، ومن جانبه بالغ الخديو في الاحتفال بها، وقد عبرت أوجيني عن فخامة استقبال الخديو لها بقولها:-" لم أرى في حياتي استقبال أروع من استقبال دول الشرق لي".
بدأت ترتيبات زيارة الإمبراطورة أوجيني لمصر حينما كلف الخديو إسماعيل مهندس البلاط الخديوي عام 1863م بتصميم قصر بجزيرة الزمالك، فشيد له سراي الجزيرة على غرار قصر الهمبرا بغرناطة بأسلوب رومانسي وأنتهى منها عام 1868م، وتم استخدامها كمقر لإقامة الإمبراطورة أوجيني وحاشيتها خلال احتفالات قناة السويس، وسخر إسماعيل الكل لخدمة السراي التي كانت أشبه بقصور الأساطير، وقال علي باشا مبارك إن تلك السراي تكلفت 750 ألف جنيه مصري، وعندما علم الخديو أن الإمبراطورة تشتاق لزهور الكرز التي أحبتها في أسبانيا أمر بغرس شجيرات منها تحت نافذة غرفة نومها بالسراي، وكانت هدية وداع الخديو لأوجيني غرفة نوم من الذهب الخالص تتصدرها ياقوتة حمراء نقشت حولها بالفرنسية عبارة "عيني على الأقل ستظل معجبة بك إلى الأبد"، وأكد بعض المؤرخين أن الخديو إسماعيل وقع في غرام أوجيني، وتعتبر قصة الحب هذه من أشهر قصص الحب للخديو، فكان متيما بها يدعوها لحضور الأحداث المهمة، كحفل افتتاح قناة السويس للملاحة البحرية نوفمبر 1869م.
كما لم ينس الخديو أن يوجه إليها دعوة خاصة عام 1873م أثناء المهرجان الإسطوري لزفاف أربعة من انجاله، أملاً في تكرار زياراتها لمصر بيد أن وفاة زوجها قبيل إنطلاق فعاليات المهرجان بستة أيام حالت دون تحقيق رغبته في ذلك، فشكرت له هذه الدعوة الجليلة وأرسلت إليه قائلة:-" أعرف.. أنك كنت ترتب لانتشالي من كبوتي.. تريد أن تؤكد لي وللعالم.. أني مازلت الإمبراطورة، وذلك حينما تدعوني لحضور الاحتفالات بعرس أنجالك... لكنها الأحزان تقتل زوجي- (يوم 9 يناير 1873م) – شكراً لمشاعرك ولعزائي... ولسوف أتابع هذا العرس.. مع من تابعوه من ضيوفك.. وفي سطور وقائعكم".
ولعل أكبر دليل على حرص الخديو على إرضاء الإمبراطورة قيامه بتغيير الموعد الرسمي المحدد لحفلات افتتاح القناة وتأجيله لستة أسابيع أخرى، فبعد أن سبق وحدده في الأول من أكتوبر عدل عنه وجعله في السابع عشر من نوفمبر لحين انتهاء فصل الصيف واعتدال حرارة الجو، وذلك حتى لا تؤثر تلك الحرارة على مزاج الإمبراطورة ، وتؤدي إلى تعكيره وعدم رغبتها في البقاء بمصر خاصة وأنها لم تتعود على ذلك الجو في بلادها، وابتهاجاً بمجئ الإمبراطورة إلى مصر فقد أصدر الخديو إسماعيل أوامره بالإفراج عن بعض المسجونين وذلك تكريماً لها.
وأدى اهتمام الخديو الزائد بالإمبراطورة إلى نسج القصص والأساطير حول علاقة الخديو بها، ومن ذلك القصة الشهيرة التي ترددت حول المنحنى الحاد جداً الذي لا يوجد أي مبرر لوجوده بشارع الأهرام –ذلك الشارع الذي قام إسماعيل بتمهيده خصيصاً ليتمكن ضيوف الحفل من الذهاب إلى أهرام الجيزة بدون عناء-، وهذه القصة تدور حول أن الخديو أمر بوجود هذا المنحنى لهدف خبيث في نفسه ألا وهو رؤيته الإمبراطورة أوجيني الجالسة إلى جواره تتأرجح بين ذراعيه.
وأشار الكاتب الكبير أنيس منصور في كتابه "من أول نظرة" إلى أن الإمبراطورة أوجيني وعقب انتهاء حفل افتتاح قناة السويس، طلب منها زوجها الإمبراطور نابليون الثالث العودة إلى فرنسا موضحاً أنه غضب غضباً شديداً من سلوك الخديو إسماعيل وأنها تمادت في تشجيعه، وأن فرنسا تتحدث عن غرام جديد بين الوالي المصري والإمبراطورة الفرنسية.
وما إن عادت الإمبراطورة إلى فرنسا حتى توافدت عليها الكوارث، حيث قامت الحرب السبعينية بين روسيا وفرنسا، وغرق الإمبراطور في الصراعات والهزائم، وأشارت أصابع الإتهام إلى أن وراء هذه المأساة أوجيني، وثار الشعب الفرنسي ضدها حتى أن خدمها سرقوا حُليها وملابسها وهربوا من القصر، فخرجت هي بدورها من أحد أبواب القصر الخلفية وهربت إلى إنجلترا، ثم لحق بها زوجها وأبنها لويس نابليون، وقد لقي الأخير حتفه بعد سنوات كئيبة، وهو لا يزال في ريعان شبابه، فقبعت أوجيني في منفاها تجتر الآلام دون تدخل في أمور السياسة من قريب أو بعيد، وفي عام 1905م حنت الإمبراطورة العجوز إلى أرض الذكريات وأتت إلى مصر متنكرة ونزلت لعدة أيام في فندق سافوي ببورسعيد، وما إن علم شعراء مصر بهذا الحادث الدرامي المثير حتى تباروا في التعبير اللازع عن مفارقات الأمس واليوم، ويقال أنه أثناء حكم الخديو توفيق كان هناك إمراة كهلة موشحة بالسواد تزور مصر سنوياً، وتبدأ مقامها بالقاهرة بزيارة أرامل إسماعيل، هذه المرأة العجوز كانت أوجيني إمبراطورة فرنسا السابقة.
وفي عام 1920م كانت أوجيني قد بلغت الرابعة والتسعين من عمرها ففكرت أن تنهي حياتها بزيارة أسبانيا مسقط رأسها، وكانت تربطها بملكتها أواصر صداقة قديمة، وما إن وصلت إلى مدريد حتى اشتد عليها المرض، وتوفيت في الحادي عشر من يوليو من نفس العام؛ بسبب الضعف والشيخوخة، فٌقدر لأوجيني أن تعيش أربعة وتسعين عاماً لتسمع من المكان الذي كانت تقنطه أخبار سقوط الإمبراطوريات والأباطرة والملوك والأمراء، وكل من أحبت خلال رحلة حياتها.



#قمر_السيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فرمان مصر وتعديل نظام وراثة العرش
- هكذا تزوج المصريون في القرن التاسع عشر
- أوجيني وغرام الاسياد


المزيد.....




- روسيا تدعي أن منفذي -هجوم موسكو- مدعومون من أوكرانيا دون مشا ...
- إخراج -ثعبان بحر- بطول 30 سم من أحشاء رجل فيتنامي دخل من منط ...
- سلسلة حرائق متتالية في مصر تثير غضب وتحليلات المواطنين
- عباس يمنح الحكومة الجديدة الثقة في ظل غياب المجلس التشريعي
- -البركان والكاتيوشا-.. صواريخ -حزب الله- تضرب مستوطنتين إسرا ...
- أولمرت: حكومة نتنياهو تقفز في الظلام ومسكونة بفكرة -حرب نهاي ...
- لافروف: أرمينيا تسعى عمدا إلى تدمير العلاقات مع روسيا
- فنلندا: معاهدة الدفاع مع الولايات المتحدة من شأنها أن تقوض س ...
- هجوم موسكو: بوتين لا يعتزم لقاء عائلات الضحايا وواشنطن تندد ...
- الجيش السوداني يعلن السيطرة على جسر يربط أمبدة وأم درمان


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - قمر السيد - أوجيني وغرام الاسياد