أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نسيب عادل حطاب - رساله الى صديق بعثي ... اعطونا عذرا امام شهدائنا لنعبر الماضي















المزيد.....


رساله الى صديق بعثي ... اعطونا عذرا امام شهدائنا لنعبر الماضي


نسيب عادل حطاب

الحوار المتمدن-العدد: 7421 - 2022 / 11 / 3 - 11:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كلمة لابد منها .. هذه المقالة في الاصل بمثابة رسالة لصديقي البعثي (ولهذا جاءت مسهبة وطويلة ) الذي مازال يصر هو وجماعته على سلوك الممر الخاطيء حالما باعادة التاريخ واسترجاع ماضي لم يكن جميلا أبداً وهي ايضا محاولة لكسر التابوهات والتحرر من نمطية التكفير التي سنتها المكارثية الدينية المتمثلة بقانون الاجتثاث من خلال تحميل البعث بكامله اوزار الحقبة الصدامية. يبقى ان ما أطرحه هي وجهة نظر قد تجد من يعارضها من كلا الضفتين حسبي انها تصدر من عقل يؤمن بحرية التفكير والاختيار وان الواقع الموضوعي له منطقه وقوانينه التي لاتصنعها تواقيع بول بريمر ولانوري المالكي ولا صدام حسين ...............
حكى لي صاحبي فقال : في اليوم الذي دخلت فيه طالبان الى كابل وسيطرت على السلطة السياسية تتويجا لتلك الصفقة التي كانت الحركة قد ابرمتها خلال مفاوضاتها مع الامريكان في الدوحة بدا صاحبنا الناشط البعثي ذلك اليوم سعيدا ومتفائلا للغاية وهو يردد منتشيا بنصر لم يحن بعد وموجها كلامه لصاحبي ( يبدو ان امريكا بصدد أعادة النظر في حساباتها ومواقفها وربما تعيد استخدام نفس السيناريو الافغاني معنا في العراق ) يستطرد صاحبي فيقول لم يفاجئني كلامه فقبل هذا حدثني بفرح ساذج عن لقاء جمعه ورفاقه بمسؤولين امريكيين وكيف انهم اي الأمريكان بدوا لطفاء جدا ولم يكونوا بهذا السوء الذي كانوا يظنونه........
سألجأ لهندسة اقليدس وأرسم خطا وهميا فاصلا بين البعث كأحد التيارات السياسية الرئيسية التي ساهمت في تشكيل التاريخ العراقي المعاصر ابتداء من منتصف القرن العشرين وبين صدام حسين باعتباره أهم زعمائهم واكثرهم أثارة للجدل والاعتراض والذي اختزل الحزب بشخصه وقيادته منذ وصوله للسلطة ثانية عام 1968 وأعاد صياغته وفق منهجه ورؤويته الخاصة ومهما بدا هذا الخط مشوشا ومتقطع لايمكن تمييزه أو غير واضح في العديد من المواضع فان الموضوعية والواقعية والوطنية تدفعنا الى افتراض وجود هذا الخط .. علينا هنا أن نعي ان فكر البعث انطلق على يد ميشيل عفلق باعتباره مشروعا قوميا يدعو لتوحيد الامة والنهوض بها من جهة ومواجها (وربما مناهضا) للفكر الماركسي والاحزاب الشيوعية من جهة اخرى لذلك ومع نمو الحزب وتوسعه في العمل بدا الحزب تجمعا لتيارات متباينه و غير متجانسة احيانا فكان طبيعيا ان يظهر من بين صفوفه ديكتاتور سادي قاتل مصاب بداء العظمة مثل صدام حسين وأخر مناضل زاهد مخلص لفكرته مثل عبد الخالق السامرائي...................................................................
ربما كان قانون اجتثاث البعث الذي أتت به سلطة الاحتلال مستغلة الكره الشعبي الواسع لحكم صدام حسين وعائلته والذي لقى تعضيدا ودعما من احزاب الاسلام السياسي واحدة من اكثر القرارات رثاثة و سخافة واثارة للسخرية فالتاريخ باعتباره معلم البشرية العظيم كان صادقا وصريحا حين اخبرنا ان الفكرة لاتحارب الا بالفكرة وان الصراع بما فيها (صراع الافكار والثقافات ) هي السمة الاساسية لحركة التاريخ وان قرار تجريم البعث هو بحد ذاته استعارة وتكملة لقرارات صدام حسين في تجريم معارضيه على ان ماساعد سلطة الاحتلال واحزاب الاسلام السياسي في سعيهم لاعتماد قانون الاجتثاث كمبدأ للعمل السياسي في فترة مابعد الاحتلال هم البعثيون أنفسهم أو بالاحرى بعثيو صدام وبقايا قيادته من خلال اصرارهم على التمسك بارث صدام وتمجيده وتحالفهم وتنسيقهم مع الزرقاوي والقاعدة وداعش واعتمادهم بعض صور الارهاب كأردأ وسيلة للنضال من اجل استعادة سلطة كانت مكروهة دوما أمام اعتزال واستنكاف قيادات وشخصيات بعثية وطنية كانت معارضة لحكم العائلة التكريتية وتخلفهم عن اخذ زمام المبادرة من خلال ادانة جرائم صدام والتبرؤ منها..............................................................
بالرجوع الى ذلك الخط المفترض الذي رسمناه صار لزاما في اعتقادي التمييز بين بعثيي صدام حسين وورثته الذين يتبنون كل ارثه وجرائمه ويبررونها وبين ذلك التيار من البعثيين الوطنيين الذين يحملون صدام جريرة ماجرى لوطنهم وحزبهم ولكنهم مازالوا يلتزمون الصمت اما خوفا من أرهاب تيارات الاسلام السياسي او تلافيا لمواجهة رفاقهم من الطرف الاخر أو لأنهم لم يصلوا باعترضهم على أداء صدام وجرائمه الى مرحلة التقاطع التام والتبرؤ من كامل ارثه فهم ينظرون الى تلك الجرائم على انها لاتزيد عن كونها اخطاء ساعدت ظروف ( التأمر الخارجي ) على وقوعها ولهذا فانهم ينظرون لقيادة البعث بكل رؤوسها التي ادارت نشاط الحزب منذ السقوط لغاية الان على انها تمثل الشرعية التي لايجوز التمرد عليها................................................................................
مرة سئل عجوز من أهـــــــــــــــــــــــلنا في الريف ..من هـــــــــــــــم أعمامــك والى من تنتسب ؟ فأجاب بحكمه أن أهل الخير هم أهلي وعشيرتي وأن من يكفي الناس اذاه هو عمي......................................................................
أوجز العجوز بتلقائية وبساطة فلسفة الموقف والانتماء للانسان الطبيعي ولا أظن ان انسان سويا ما أو جماعة أو حزب يسعى لكسب ود الناس واستمالتهم اليه يخرج عن هذا الاطار. فكل الافراد والجماعات البشرية تتباهى بفضلائها وعلمائها وادبائها وناسها الذين تشكل سيرتهم ومواقفهم قدوة لبني البشر في نفس الوقت التي تحرص فيه على النأي بنفسها عمن يمكن ان يشكل انتمائه لها لطخة أو مثلبة أو أساءة تحسب عليها. الوحيد الذي شذ عن هذه القاعدة الانسانية ومازال هم بعثيو صدام فهم لايرون انفسهم وتاريخهم الا بالانتساب لشخصه والانتماء لمدرسته اللاانسانية الظالمة والفاشلة في كل شيء سواء بالحكم ام بالأخلاق أم بمعاملة الرعية غير عابئين بكل جرائمه التي طالت الجميع دون استثناء ابتداء من الاعدامات والتصفيات الجسدية وجرائم التغييب واستخدام اسلوب العقاب والابادة الجماعية واستخدام الاسلحة الكيمياوية تجاه شعبه وناسه وانتهاء بسياسة الحروب العبثية الخاسرة التي أشعلها والتي كلفت العراقيين كثيرا وكانت سببا رئيسيا بالتفريط في سيادة العراق ... بات البعث في نظرهم يقترن و يعني بالضرورة صدام حسين فهم يصرون على اختزال وجودهم و تاريخهم بشخص صدام وكأن البعث لم يكن قبله ولن يكون بعده وبدونه.. ربما هم بفهمهم القاصر وتكوينهم وسلفيتهم القومية يعتقدون ان البعث لايمكن ان يجد نفسه ويحقق ذاته ويكون جماهيريا الا وهو يمتلك السلطة مهما كانت طبيعة هذه السلطة ظالمة، غاشمة ، مجرمة ، مكروهه من الناس, مخترقة .. فالسلطة وحدها هي التي تتيح له توكيد حضوره و تمكنه من فرض قناعاته وفكره وسياسته ومن خلال أجهزتها القمعيه كالأمن والمخابرات وبمساعدة جهاز اعلامي ديماغوجي يجيد استعماله مستعيرا مبدأ غوبلز في الكذب والتضليل.... نظريتهم للعمل السياسي تبدأ من الاعلى من فوق حيث السلطة واجهزتها القمعية والاعلامية بخلاف كل الحركات الماركسية والديمقراطية والليبرالية و التنظيمات القومية الاخرى بمن فيهم تيار من البعثيين انفسهم لهذا تراهم بعد كل هذا لايزالون مهووسين بالسلطة وبالعوده اليها ولهذا الغرض فهم مستعدون في سبيل ذلك للتعاون مع الشيطان نفسه والتنسيق حتى مع اعدائهم ( المزعومين ) الامريكان ان اقتضى الامر عسى ان يزودوهم بقطار أخر.على ان المضحك في الامر انهم يعيبون على بعض خصومهم تنسيقهم مع الامريكان ويسمون ذلك ( عمالة) لكنهم يستثنون انفسهم مثلما استثنوا قبلها نظامهم حين كان ينسق مع المخابرات الامريكية من خلال محطتها التي انشأتها في بغداد أواخر السبعينات أو أثناء الحرب العراقية الايرانية حين كانت امريكا تزود العراق بالمعلومات والصور التي تلتقطها اقمار التجسس للحشود العسكرية الايرانية لتحديد محاور الهجوم المحتمله..
لطالما حملت ولا ازال .. أنا وغيري كما كثيرا من التساؤلات التي لم نهتد في الوصول الى ردود مقنعة ومعقولة لها وكم سيكون جميلا لو ان هؤلاء البعثيون الذين لازالوا يروًن في صدام حسين فارس الامة وحادي ركبها أجابونا عليها بشكل مقنع وصريح... سنترك الحديث عن ضحايا صدام من الاحزاب الاخرى وهم بالألاف وسنسألهم كيف تنظرون الى رفاقكم القيادين من ضحايا صدام ..هل كانوا يستحقون القتل والتصفية بنفس الطريقة الوحشية واللاأخلاقية التي استخدمها صدامكم مع كل المعارضين من الاتجهات والاحزاب الاخرى !؟ هل كان عبد الخالق السامرائي ورياض الحاج حسين ومحمد عايش وغانم عبد الجليل وعدنان الحمداني ومرتضى الحديثي وعشرات أخرين خونة ومتأمرين؟ ربما وهذا أغلب الظن انهم سيلجأون عند الضرورة لآستعارة فنتازيا فقهاء ورواة تاريخ الاسلام الرسمي في تصديهم لاشكالية الموقف من صراع يزيد والحسين . فيزيد أجتهد فأخطأ وله أجر واحد بينما اجتهد الحسين عليه السّلام فأصاب وله أجران ثم انك ما ان تنفتح على احدهم وتبدأ النقاش معه محاولا مد جسور التواصل والبحث عن المشتركات الوطنية الاساسية في الوضع الراهن والسعي بالوصول الى توصيف مشترك واقعي للحقبة الصدامية المثقلة بالدم والاغتيالات والحروب والتغييب في دهاليز الامن والمخابرات والمقابر الجماعية واستعمال السلاح الكيمياوي لتتفاجأ حين يصل الحديث الى ذروته بدفاع بائس متهالك يتجنب به ادانة صدام وتجريمه ..أقصى مايمكن ان تسمع منه ..ان ذلك زمن مضى وان صدام لم يعد موجودا.............................
السلطة ..الهوس بالسلطة وامتلاك كرسي الحكم هو الهاجس الذي شغل بال البعث ومايزال دوما ..كيف ..وبأي وسيلة .ماهو الثمن والى أين.. كل هذا لايهم ففي نظر هؤلاء ان البعث خلق للسلطة لقد حكم البعث العراق مرتين كليهما كانا عن طريق الانقلاب والتأمر والتنسيق المشبوه مع قوى رجعية أو عليها اكثر من علامة أستفهام ..المرة الاولى امتدت منذ انقلاب 8 شباط 1963 ولغاية 18 تشرين الثاني من نفس العام واستنادا لمن عايش تلك الاحاث ومن ارخ لها حتى من البعثيين انفسهم فقد كانت هذه الفترة من تاريخ العراق كارثية بكل المقاييس فقد مارست ميليشيا الحرس القومي البعثية سيئة الصيت انذاك ارهابا يفوق ارهاب ميليشيات الاس اس النازية حيث وصل التذمر الشعبي جراء ذلك الى اقصاه مما دفع شريكهم في الانقلاب عبد السلام عارف وبمساعدة ضباط قوميين موالين ان ينقلب عليهم ويطردهم خارج السلطة ويحظر نشاطهم . ومع كل ذلك التاريخ الدموي والسلوك الارهابي الذي طبع سيرة البعث انذاك فقد استمر البعثيون بعد ان عادوا للحكم بالاحتفال والاحتفاء والاشادة بذكرى سوداء مخجلة يفترض بهم ان يسعون لنسيانها وشطبها من تاريخ حزبهم................ الفترة الثانية من حكم البعث والتي يتباهى في انجازاتها ونعمها البعثيون بدأت منذ انقلاب تموز 1968 وحتى سقوط بغداد في 2003 اي انها استمرت خمسة وثلاثون عاما فاذا اسقطنا من الحساب والتقييم فترات الحروب القاسية المملؤة بالدم والقتل والجوع والمعاناة التي بدأت منذ الحرب العراقية الايرانية في1980 وانتهاء بالسقوط في 2003 استجابة لمنطق محبي صدام باعتبار ان ظروف الحرب الاستثنائية لاتتيح للمؤرخ والمراقب اصدار حكم وتقييم موضوعي منصف لنظام صدام حسين وان ظروف الحرب والحصار هي التي افرزت كل تلك الصعوبات المعيشية والحياتية وكانت وراء هذه الاخطاء أوالقسوة المفرطة التي مارسها النظام أضطرارا وانها لم تكن خيارا أوسلوكا للنظام ... فأنه لم يتبق غير فترة اثني عشر عاما تلك التي يتباهى ويتفاخر فيها معظم انصار صدام بانجازاتهم ويصدرونها لنا باعتبارها الفترة الذهبية من تاريخ العراق وهي لم تكن كذلك بكل الاحوال سوى ان مرحلة الحروب الخارجية لم تكن قد بدأت بعد بينما كان النظام ومنذ الايام الاولى لاستلامه السلطة قد بدأ حربه السرية الداخلية ضد كل القوى السياسية دون استثناء في مسلسل طويل من الاغتيالات والتصفيات الفردية طالت شخصيات قومية ووطنية ويسارية وبعثية ايضا على ان ابرز انجازات النظام الارهابية انذاك كانت قصر النهاية الذي كان يديره ناظم كزار وحسن المطيري وباشراف مباشر من صدام حسين اذ كان قصر النهاية المرعب هذا مسلخا بشريا بحق استخدمه النظام لتصفية وانهاء معظم وجوه ونشطاء الحركات السياسية في العراق وكوادرها القيادية ..طبعا من تصور للحظة من هؤلاء السياسين انه نجا او سينجو اذ غفل ناظم كزار عن استضافته في قصر النهاية انذاك فان سيارة منفلتة أو رصاصة طائشه تنتظره من مجهول كانت كفيلة بانهاء حياته وهو يسير بأحد شوارع بغداد او أحد العواصم العربية والعالمية.. كان نظام صدام حتى وهو يمتلك كل الامكانات والاسلحة التي توفرها له السلطة خسيسا ووضيعا في حربه واضطهادة لمعارضيه فحين كان يضطر لم يكن يتورع عن استخدام أوسخ الاساليب و السيناريوهات الكاذبة في تصفية تلك الشخصيات السياسيه دون ان يكون معنيا باتقان الحبكة والمونتاج وهكذ تمت تصفية حردان التكريتي و عبد الكريم مصطفى نصرت وفؤاد الركابي ومحمد الخضري وستار خضير ومئات اخرين وبنفس الطريقةحاول صدام أيضا اغتيال مصطفى البارزاني , كانت الشيوعية هي عقدة البعث الولادية التي رافقته منذ نشأته و طبعت فكره ومواقفه وسلوكه وكأن الحاجة الفعليه لوجود البعث في جزء منها هي الوقوف بوجه الماركسية والتصدي للنشاط الشيوعي .طبعا هذا ليس تجنيا بقدر ماهو استنتاج طبيعي لآي قراءة محايدة وموضوعية لتاريخ البعث وسلوكه طيلة السبعين سنة الماضية تبنته حتى بعض شخصيات البعث التاريخية السابقة في قراءتهم النقدية لسيرة حزبهم فاذا اهملنا تأثير الاختراق والشحن المخابراتي الامريكي والغربي لبعض قادة البعث في هذا الشأن فان الامر يعود في جزء كبير منه الى تصور خاطيء لدى قيادتهم مفاده ان البعث يمتلك المبرر ليطرح نفسه بديلا لكل القوى السياسية ويتجاوزها عدا الحزب الشيوعي.... وهكذا فمنذ الايام الاولى التي اعقبت انقلاب تموز 1968 استدعى صدام حسين كل القوميين والناصريين بمختلف توجهاتهم الى اجتماع في المجلس الوطني ليبلغهم ان هناك مشروعا قوميا واحدا هو البعث وخيرهم بين الانضمام اليه ....أو التصفيه بينما كان يطرح علنا في وسائل الاعلام ان الدور الوطني للحزب الوطني الديمقراطي وجماعة الجادرجي وكل الليبرالين انتهى تاريخيا بتحقيق الاستقلال السياسي وقيام ثورتي تموز وان مشروع البعث الوطني والقومي تجاوزهم..................................................................................
في عام 1975 قام صدام حسين وشاه ايران انذاك محمد رضا بهلوي بالتوقيع على ماعرف باتفاقية الجزائر والتي بموجبها تنازل صدام عن حقوق السيادة في شط العرب مقابل ايقاف الشاه دعمه للحركة الكردية والملا مصطفى البرزاني ليقوم على اثرها النظام بشن هجوم عسكري واسع أستطاع فيه تصفية الحركة الكردية المسلحة ولكن بثمن باهض دفعه شعبنا الكردي دما وتجريف قرى وحجز السكان في مجمعات سكانية . ولان صدام كان بدويا ضيق الافق لايجيد الا استخدام القوة ولا يعرف غيرها اسلوبا للتعامل فقد اغتبط متصورا انه استطاع بهذا انهاء التطلعات القومية المشروعة لشعب كردستان العراق الى الابد في حين انه لوكان قد استثمر انتصاره العسكري وأوفى بالتزاماته واحترم تعهداته التي قطعها على نفسه في بيان أذار وحرص على تطبيق الحكم الذاتي بشكل ديمقراطي وفقا لرغبات شعب كردستان لوفر على العراقيين بعربهم وكردهم كثيرا من الدماء والمعاناة ولكان العراق الان اكثر تماسكا ووحدة بدلا من الوضع الراهن الان المتمثل بواقع وطني بائس وبلد يقف على حافة التقسيم وحكومتين واحدة تكاد تكون مستقله في الاقليم........
حتى على الصعيدين القومي والفلسطيني وهما محور النضال الرئيسي وغايته التي نشأ الحزب وظهرللوجود على أساسهما بادعاء ان الوحدة هي المحور النضالي للحزب وان القضية الفلسطسنية هي قضية الحزب المركزية فان مواقف وسياسات نظام صدام حسين واذا ما أهملنا البروبوغندا الاعلامية الفارغة كانت عمليا بالضد من ذلك تماما وهذا ما تؤكده الوقائع و الاحداث فاذا مارجعنا بالذاكرة الى الوراء الى نهاية سبعينات القرن الماضي لتذكرنا كيف ان النظام لجأ حينذاك وعندما توترت علاقته مع ياسر عرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية لرعاية واحتضان وتمويل انشقاق صبري البنا ( أبو نضال ) حيث عمل هذا الاخير تحت اشراف المخابرات العراقية مباشرة ليقوم بأوسخ دور وينفذ سلسلة من الاغتيالات والتصفيات طالت شخصيات وطنية فلسطينية مناضلة امثال عز الدين قلق ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في باريس وسعيد حمامي ممثل المنظمة في لندن وغيرهم فيما كان من نتائج حرب الثمان سنوات بعدها مع ايران انها بددت موارد العراق البشرية والاقتصادية وأشغلته عن لعب دوره القومي المفترض ليتوج النظام مسيرته القومية بعد ذلك في غزو لكويت الذي أتى على الحد الادنى المتبقي من منظومة العمل العربي المشترك المهلهلة أساسا ودفع الرجعية العربية في الخليج للارتماء كليا في الحضن الامريكي وأوجد المبرر لاستقدام القوات الامريكية وأقامة قواعد عسكرية دائمة لها في المنطقة فيما كان من نتائج هزيمة وانكسار العراق في حرب عاصفة الصحراء (تحرير الكويت) انها رسخت معالم الانهيار ومهدت لاتفاق أوسلو الذي ابرمته منظمة التحرير الفلسطينية مع اسرائيل محاصرة باليأس وضياع فرص تغيير ميزان القوى
أذن سقط النظام في نيسان عام 2003 وحدث ماكان قد توقعه كل من له لب وعقل وحد ادنى من الادراك بان السقوط تحصيل حاصل نظرا للتفوق الامريكي الهائل في السلاح والكفاءة والاداء ولكن فنتازيا السقوط وسرعته أظهرت عاملا داخليا أخر كان حاسما في سرعة السقوط وتسهيل مهمة القوات المهاجمة الا وهو الشعور العام الذي ساد انذاك لدى السواد الاعظم من العراقيين عسكريين ومدنيين بان هذه المعركة ليست معركتهم وانما هي معركة النظام وبالتالي فقد كانوا غير مقتنعين بالقتال والمقاومة ولهذا فقد انسل الجنود والمقاومون وتركوا اسلحتهم ووحداتهم العسكرية عائدين لمنازلهم... لااظن ان احدا يعارض تفسير هذا الموقف على انه استفتاء حقيقي لموقف الشعب العراقي وسعيه للتحرر من ظلم وديكتاتورية وارهاب النظام الصدامي باية صورة ودون اعتبار لطريقة السقوط حتى لو كان غزوا او كان الثمن التضحية باستقلال الوطن الذي دفع العراقيون قبل ذلك ثمنا باهضا للوصول اليه ... من الجدير بالاشارة هنا ان واحدة من اكبر خطايا النظام واغباها على الاطلاق كان اصراره على احتكار المواجهة مع الامريكان وشخصنتها من خلال رفضه التصالح مع الشعب واستنكافه عن مد يده للقوى الوطنية والديمقراطية والقومية الاخرى واشراكها في المواجهه لتكون المعركة قضية الشعب برمته لا قضية النظام فقط فهل يقتنع محبو صدام ان ديكتاتورية قائدهم وضيق أفقه وغبائه كانت دوما تعمل لصالح الامريكان وكل اعداء العراق مثلما كان الامر في غزو الكويت ورفضه الانسحاب ومثلما بادر بالهجوم الشامل والدخول في عمق الاراضي الايرانية ردا على الاعتداءات الايرانية .اللافت للنظر ان كثيرا من البعثيين انفسهم لم يشذوا عن موقف الاعتزال هذا و أثروا الانسحاب ايضا لانهم لم يكونوا مقتنعين لابسياسة وسلوك راس النظام وتصرفاته واستهتاره بمستقبل الوطن والناس ولا بتدبيره وأجراءاته العسكرية لمواجهة الغزو الامريكي الغاشم......................................................
في معرض دفاعهم عن حقبة صدام حسين يتذرع بعض البعثيين بان العراق رغم هذا وذاك كان أحسن حالاً في ظل حكم صدام مقارنة بما هو عليه الان في ظل حكم احزاب الاسلام السياسي من العملاء والذيول وهنا يعيد هؤلاء ارتكاب نفس الخطأ فالمفاضلة بين الحاليين لن تكون موفقه فكل منهما اسوأ من الاخر وقد كانت سنوات حكم صدام هي التي مهدت وقادت للوضع الحالي وهي التي فسحت المجال امام القوى الدينية والطائفية لتتغول وتمعن بالفساد والعماله فقد نفذ صدام باتقان عملية قص وهلس اجنحةكل التيارات السياسية المدنية والوطنية بما فيه البعث نفسه وجعلها غير قادرة على القيام بمهامها الوطنية والنضالية.....
غالبا ماتكون محطات الفشل والانكسار فرصة للتأمل واعادة قراءة الاحداث بحثا عن أسباب الفشل ذاك .اذن هل قرأ البعثيون احداث ووقائع التاريخ منذ انبثاق نظامهم في 1968 ولغاية الان ؟ هل استطاعوا ان يضعوا ايديهم على الاخطاء ؟ هل ادركوا مدى الظلم الذي أحاق بالعراقيين على يد صاحبهم ؟ الا يستحق الشعب العراقي منهم بعد كل هذا كلمة اعتذار وأسف عن افعال رجل سرق حزبهم واضطهد شعبهم وكان رفاقهم ضمن ضحاياه !! كنا ننتظر ان يتصدى لهذا الامر بعض مثقفيهم ومناضليهم المعارضين لصدام حسين ويعلنوا برائتهم من هذا الارث ويؤكدون اصطفافهم مع شعبهم وقواه الوطنية ففي ذلك يتحقق توكيد حضورهم الوطني والسياسي (المهم ) ويفتح الطريق امام مساهمتهم الفاعلة مع القوى الوطنية الاخرى في اخراج العراق من المستنقع الحالي و بناء عراق علماني ديمقراطي تعددي مستقل يسوده السلام .باعتقادي فان هذه المهمة لاتزال بانتظار من يتصدى لها من مفكريهم ومثقفيهم وناشطيهم وقد اّن وقتها فالخروج من الواقع الأسن لحكم المحاصصه والتبعيه والتحرر من النفوذ الدولي والاقليمي يتطلب مشاركة واسعة من كل القوى الوطنية والقومية واليسارية.ليس المطلوب هنا ان يتنكر البعثيون لفكرهم واهدافهم او يبدلوا قناعاتهم الفلسفية فيذهبوا مذهب رفيقهم ابراهيم ماخوس حينما مزج البعث بالماركسية اللينينية انما المطلوب منهم ان يمدو اياديهم لشعبهم وناسهم و ويتخلوا عن ارث صدام حسين الممتليء بالعنف والملطخ بالدم وامتهان حرية الانسان الذي مازال يثقل كاهلهم ويعيقهم عن لعب دورهم الطبيعي وان يعيدو قراءة الاحداث بعين النقد ويطمئنوا الناس بانهم مع التعددية وثقافة الاختلاف ومع ضمان حرية التعبير واعتماد الديمقراطية كأفضل وسيلة لا للحكم فقط وانما لتحقيق اهداف حزبهم والاحزاب الوطنية الاخرى والتي اثبتت وقائع الاحداث في العالم كله انها السبيل الافضل لبناء الاوطان واحترام انسانية الانسان .أما التعلق بأمل مساعدة الامريكان أو الخليجين في استرجاع سلطة كانت منبوذه فان ذلك لن يضيف لرصيدهم شيئا وسيجلب لهم مزيد من العزلة والفشل.أخيرا لم يبق لي الا أن أنادي فهل من مجيب ... أيها البعثيون أعطونا عذرا امام وطننا وناسنا و شهدائنا من ضحايا صدام لكي ندفن الماضي ونتصدى معا لحكم العملاء واللصوص.......................................................



#نسيب_عادل_حطاب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل اليسار المتمدن موقع لليسار حقا
- شكرا سامي مهدي ...مازلنا نحفظ لك ذلك الجميل
- وصية لفتى حالم
- خيبة
- صولات أم ستار في أزقة ودرابين العمار
- ماذا وراء أحتفالات السلطة بما اسمته مئوية الدولة العراقية
- رداد أل مريهج
- صواريخ حماس أم صواريخ المقاومة
- سيد جابر سمبه
- ببساطة....انه ليس صهيلا بل نهيق حمار
- حكايتان
- أقبح من عورة ضفدع
- عن انتفاضة تشرين وماينبغي
- اليسار العراقي لم يعد يساريا
- رحلة في عالم السخرية والنقد السياسي الساخر
- بيني وبينك البحر
- تهجير العباد وتدمير البلاد
- حكايات عراقيه
- أخراج تراجيديا بن لادن.. أمريكيا
- الانتخابات العراقية تفاؤل ام تشاؤل في التغيير


المزيد.....




- استمعوا الى تسجيل سري بين ترامب ومايكل كوهين عرض في المحكمة ...
- ضجة تصريح اتحاد القبائل -فصيل بالقوات المسلحة-.. مصطفى بكري ...
- من اليوم.. دخول المقيمين في السعودية إلى -العاصمة المقدسة- ب ...
- مصر.. مصير هاتك عرض الرضيعة السودانية قبل أن يقتلها وما عقوب ...
- قصف إسرائيلي على دير البلح يودي بحياة 5 أشخاص
- مقتل 48 شخصاً على الأقل في انهيار أرضي بطريق سريع في الصين
- ذكرى التوسع شرقا ـ وزن الاتحاد الأوروبي في جيوسياسية العالم ...
- كييف تكشف تعداد القوات الأوكرانية المتبقية على الجبهة
- تقرير إسرائيلي: قطر تتوقع طلبا أمريكيا بطرد قادة -حماس- وهي ...
- مصدر عسكري: القوات الروسية قصفت مستودعا للطائرات الأوكرانية ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نسيب عادل حطاب - رساله الى صديق بعثي ... اعطونا عذرا امام شهدائنا لنعبر الماضي