أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله سليمان العيثاوي - لماذا العراقيون حزينون حتى في اغانيهم














المزيد.....

لماذا العراقيون حزينون حتى في اغانيهم


عبدالله سليمان العيثاوي
كاتب وباحث

(Abdullah Suliman Hussein)


الحوار المتمدن-العدد: 7415 - 2022 / 10 / 28 - 08:31
المحور: الادب والفن
    


سالت إحدى المذيعات العربيات الفنان العراقي عبد الواحد حداد عن الأغاني العراقية لماذا يضفي عليها طابع الحزن والتعبير عن الألم لماذا عندما تتلقاها مسامعنا تألفها أرواحنا وتتكور مشاعرنا وتتقوى لها أنها تغوص في أعماقنا تنبش بقايا الروح المهملة تثير مشاعرنا الصامتة تتلمس أحاسيسنا التي تختلجان دون سبب بدفء ورفق تهمس في أذننا بأمل رغم كمية الألم والحزن التي فيها تعيد النبض إلى قلب الذي آذته جراحاته بمدى قلوبكم المنكسرة وأنتم تغنون أنها حقاً تحيي عاطفتنا تدفعنا لأن نحب ونحلم ونضحك ونرى الجمال بقلوبنا أنها ترجعنا إلى عالم الطفولة وللحظاتها التي لا نتمنى زوالها تحيي الطفل الذي في داخلنا حقاً ياهو أنها معبد أنها حضرة صوفية بكل حب أنها لحظة خشوع قلبية... أجابها أتعرفين لماذا لأننا منذ أن أبصرنا الضياء الأول ومذ أول نفس عذب ملء أنوافنا من نسيم بلادنا العذب الذي يحمل في ذراته أريج القداح والحرمل الذي يشتعل في المواقد أول ما التقت به مسامعنا ونحن في دفء أحضان أمهاتنا سمعنا: دللوا يولد يا بني دللوا
عدوك عليل وساكن الجول... من تلك التنهيدة من ذاك الصوت السومري الشجي الذي يخرج من شغاف القلب ضللنا نحن العراقيون وباستمرار نطرب ونخشع للأصوات الحيطة الجميلة ونتأثر بالنغم والفن وتنجذب أرواحنا للجمال أننا أوفياء لأحزاننا أجيال تلوى الأجيال مياها لهذا الشعب المظلوم الذي جثمت على صدره الغزاة والحكومات والظروف الذي خنقته وكبدت على مشاعره وأنفاسه قسراً وَظُلْمًا فصادرت أحلامه وما تصبون له نفسه حرمته من حرية أن ينطق كإنسان وأن يعشق وأن يحلم، عاش العراقي وهو يشعر بالظلم والاضطهاد والقهر مكسور القلب يحمل ألمهِ في صدره ويتقوى بها بصمت،، فلم يجد غير الفن والأدب والموسيقى مَلَاذًا له يترجم أحاسيسه ومشاعره المكبوتة الخانقة التي تهجم عليه في أشد نعاسه ولم تجعله ينام يوماً ملء جفونه أمناً وطمأنينة... تارة تطارده الكوابيس وتارة تطارده الحكومات خوفاً أن يكتب رأيا يزعجهم وتارة تطرق أبوابها اللصوص الذين خلفهم أطفالهم يتضورن جوعاً وَبَرْدًا... أكثر أهل الأرض يمتلكون الحاسة الفنية والذائقة الجمالية هم العراقيون رغم أنهم يعيشون في حالة اغتراب حقيقة في اغتراب عن واقعهم وعن كل ما يجري نفوسهم تسكن بعيدة هناك في قصور أحلامها في خيالهم الأخاذ الذي يتساوى فيه الوجع والجمال في لحظه الانبثاق فهم غرباء عن تلك الفوضى والضوضاء التي يتصارع فيها الديكة على صدورهم... وهذا كاتب هذه السطور من ريف بغداد الجنوبي منذ نعومة أظافره وعينيه صوب وطنه وشعبه متطوعاً خادما فدائيا يتجول في الحقول والبساتين وارفرة الظلال يطارد الفراشات الشاردة يكتب ويلحن ويموسق كل شيء جميل لحن عذب لوطنه وشعبه وللإنسانية وبعد أن نضجت ثماره على أغصانها انحنى لقاطنيها بكل حب وفداء وإيثار ومودة من هذه الحكومة التي تلعن سابقتها قطفوني ورموني بعيد هناك إلى غيابة الجب أثقلوا ظهري بأوزار غيري وبها حكم بالإعدام علي قالوا لي وبكل قسوة وبكل ما أوتوا لكسر خاطري واستدراج لعبراتي لا نحمل في سلتنا ثمارا نشئت بين الأدغال لا نقطف وردا يفوح بين الأشواك لا نفتح ذراعنا لابن بار محب وأقاربه عاقين لن ننتشلك من محيطك ونضعك في سدانة بين أزهار الوطن التي تشبهك اذهب وعش ما تبقى من عمرك مع أحزانك وتأوهك وبكائك، تباً لقلبك ونقائه فلينكسر مت ببطء تباً لجفونك لا تنام سحقاً لعبراتك فل تسيل لن تبلغ شواطئنا مهما جذفت جذف جذف في الماء والهواء فلتكسر ذراعك لن تصل لن تبحر قواربك ولن ترسوا أجمع كلماتك وأنتقي أجملها لا نقرأ موسق كل نوتات الدنيا وأعذبها لا نسمع لا نؤمن بك يا فتى أنا نرى أوزارا غيرك وذنوبهم سنصلبك هذا فرمان إعدامك دون رصاصة في قلبك دون سوط على جسدك سنتركك لنفسك وما يجثم على قلبك من أسى وحسرة كفيلة هي بإنهاك... ينظر لي وطني المغيب مثلي في غيابة الجب يقول لي:
لي صوت لك بين فضائي وسعه أرضي ولكني أسمع لروحك أنيناً ولقلبك أضغاثاً، تنفجر الدموع على بقايا الروح المهملة أسير إلى النهاية كالخيول إلى الحقول يا إلهي أنهم يرون أدعيتي وابتهالتي كفراً... أكمل مشوار الحياة بعدها بلا صورة بلا صوت ولا نفس... يخيم علي صمت رهيب وهدوء صاخب وابتسامة خجولة في أشد الفرح واللاشعور ثم دمع فضي وخمر فضي ولا أدري... تنهيدتي قبل النوم موسيقى الانتظار للموسيقار العراقي لأنور أبو دراغ، واصحوا أهمهم ببيت مظفر النواب: كيف لا يولد الناس في الرافدين سكارى وكل الذي في الرافدين يقطرُ منه العرق... وحين تغيب الشمس وتبتعد خيوطها الذهبية وتفوح رائحة التراب بعد المطر أرمي نظراتي تسبح في دجلة وهي تسمع لياس خضر:
حن وأنه حن
ونحبس وأنه ونمتحن
حن حن حن
جفنك جنح فراشة غض وحجارة جفني وما غمض يل تمشي بيه وي النبض روحي على روحك تمسحن
حن وأنه حن...
المحامي والكاتب: عبد الله سليمان العيثاوي



#عبدالله_سليمان_العيثاوي (هاشتاغ)       Abdullah_Suliman_Hussein#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحس الجمالي كمدخل تربوي عظيم
- الشجعان لاينتهون ،الفداء لعبتهم
- بواسل الوطن المنسيون المستبعدون


المزيد.....




- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله سليمان العيثاوي - لماذا العراقيون حزينون حتى في اغانيهم