أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم عمر - قصيدة بثلاث لغات














المزيد.....

قصيدة بثلاث لغات


عبدالكريم عمر

الحوار المتمدن-العدد: 7403 - 2022 / 10 / 16 - 20:36
المحور: الادب والفن
    


وقف وسط غرفة الجلوس، كمن يستعدّ لإلقاء خطابٍ حماسيٍّ في جمهور متحفّزٍ للصياح والتّصفيق إعجابا به وَابْتِهَالاً
- سأكتب قصيدة!
قالها بنبرة تنمّ عن الزهو والافتخار بما هو مصمم عليه. نظر نحوها بعين خاطفة، يبحث عن وقع ما قاله عليها
- ستصبح والله حديث امجالس عند المثقفين والعامة هنا في المهجر. أما في الوطن فستكسح المقاهي والحانات وستتحول أغنية يرددها المغنون في حفلات الفنادق والخانات.
- بأية لغة؟ سألته
بدا له وكأن رجفة خفيفةً طافت ردفيها وهي تمسح الغبار عن صورة لهما معلقة على جدار الغرفة، مدّ يده اليمنى نحو مؤخرتها، وفي عين اللحظة أدارت وجهها إليه، فحطت اليد أسفل البطن قليلا
- بالأجنبية طبعا.
- ولكنك مبتدئ على اللغة الأجنبية، ولم تنه بعض دورة تعلم الأجنبية للمهاجرين -
- الأمر ليس بهذه الصعوبة والتعقيد كما تتصورين. ألا تعرفين أنني ماهر في تقمص الأدوار وتهيج المشاعر... والأساس في الشعر هو المشاعر... أما فيما يتعلق بمسألة اللغة... سأطلب من معلمتنا في دورة تعليم الأجنبية تصحيح أخطائي اللغوية إن وجدت
تحركت أنامله قليلا نحو الأسفل، نحو المجرى الهابط بين فخذيها، صرخة خَفِيفَة انتشرت في الغرفة، نظرت بوجل نحو الباب، كأنها سمعت طرقًا عليه.
- هل تتذكرين يوم أبكيتها حين رويت لها القصة التي ألّفتها عن هجرتنا ومعاناتنا في الوطن؟
- المسكينة لم تكن تعرف أنك تكذب.
شدّ بالسبابة والإبهام قليلا في العمق بين الفخذين وَقُرْصهَا بشيء من العصبية. كادت أن تصرخ.
- معلمة اللغة التي رويت لها قصة هجرتنا، تركت العمل منذ أكثر من أسبوع... ذهبت إلى التقاعد، والجديدة لا ترغب كثيراً سماع سَيْر المهاجرين
- أنها عنصرية... لعنها الله.
قالها صارخاً. ضاعت رغبته في الكلام. سحب يده التي كانت قد استقرت للحظة تحت بنطالها
- سأكتبها بالعربية... هي لغتي الثانية وبها قرأت عن كل العلوم في المدرسة.
- ولكني أتذكر أنك كنت تعاني كثيراً من العربية أيام الدراسة.. وفشلك في المدرسة كان سببه، بالدرجة الأولى، هو رسوبك الدائم في امتحانات اللغة العربية.
- حاول إرجاع يده إلى المكان الذي كانت فيه، ولكن بإيماءةٍ لا تخلو من الغضب.
- ليس من الضروري أن أكتب القصيدة بقواعد لغوية سليمة. الشعر يعتمد أساساً على المشاعر... وأنا ماهر في استحضارها
صار ينظر إليها بقلق، ويتوقّع منها رداً سلبيا عن كل ما يقول.
- جارنا عبد المعطي سيدقق قواعد اللغة عندي... يقال إنه دقق أكثر من قصيدة لمحمود درويش.
-عبد المعطي مسافر إلى مصر منذ أكثر من شهر... وعلي حسب ما قالته زوجته فإنه سيستقر هناك بشكل دائم.
- الملعون أمضى كل أيام شبابه هنا ويعود إلى الوطن بعد أن صار على حافة القبر
تلاشت رغبته نحوها، لا بل فإنها انقلبت إلى كراهية، صار يشك في أسلوبها على التعاطي مع مشروعه في كتابة القصيدة
سأكتبها بالكردية، هي لغتي الأولى... كان بجب أن أفكر بذلك منذ البداية. -
- ولكني لا اتذكر أنك قرأت كتابا واحداً بالكردية، فكيف ستكتب القصائد بها.
- لم يكن همك في كل هذه السنين التي عشنه معا إلا الإثبات بأني إنسان فاشل... وها أنك تكررين ذلك مرة أخرى.
خرجت هي من الغرفة غاضبة، وفي تلك اللحظة كانت لديها رغبة قوية أن تبصق في وجهه. أما هو فقد ظل مصرا على أنه قادر على كتابة القصيدة.



#عبدالكريم_عمر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كبف تبدو المرأة في فكر عبدالله اوجلان؟
- التكفيرية هل هي جوهر الدين أم طارئ عليه؟
- ماركسيون يحلمون بعودة الديكتاتورية إلى العراق - رد على سلامة ...
- صورة الرئيس في الإعلام الكردي


المزيد.....




- صدر حديثا : الفكاهة ودلالتها الاجتماعية في الثقافة العرب ...
- صدر حديثا ؛ ديوان رنين الوطن يشدني اليه للشاعر جاسر الياس دا ...
- بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ ...
- صدور العدد (26) من مجلة شرمولا الأدبية
- الفيلم السعودي -الزرفة-.. الكوميديا التي غادرت جوهرها
- لحظة الانفجار ومقتل شخص خلال حفل محمد رمضان والفنان المصري ي ...
- بعد اتهامات نائب برلماني للفنان التونسي بالتطبيع.. فتحي بن ع ...
- صحف عالمية: إنزال المساعدات جوا مسرحية هزلية وماذا تبقّى من ...
- محللون إسرائيليون: فشلنا بمعركة الرواية وتسونامي قد يجرفنا
- فيديو يوثق اعتداء على فنان سوري.. قصوا شعره وكتبوا على وجهه ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم عمر - قصيدة بثلاث لغات