أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - سلامه ابو زعيتر - النقابات من الثورة للنضال النقابي















المزيد.....



النقابات من الثورة للنضال النقابي


سلامه ابو زعيتر

الحوار المتمدن-العدد: 7389 - 2022 / 10 / 2 - 10:44
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


بسم الله الرحمن الرحيم
مقال بعنوان/ العمل النقابي من الثورة للنضال المطلبي
عند الحديث عن العمل النقابي في تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة نادرًا ما يتم استعراض الدور الوطني للحركة النقابية فيها، وذكرها في سياق المحطات النضالية الفلسطينية، فقد أُهمِل التركيز على النضال المطلبي الاجتماعي والاقتصادي لصالح النضال الوطني الذي تجسد بالمقاومة والاشتباك في مواجهة الاحتلال (الإسرائيلي)، ومن قبله الانتداب البريطاني والحكم العثماني، الذي شهد بدايات تشكيل العمل النقابي والاجتماعي والتعاوني، حيث لعب دورا بارزا في النضال الاجتماعي والنقابي والوطني منذ العشرينات من القرن الماضي وقد تعرض أحد ابرز القيادات النقابية للاغتيال وهو المناضل النقابي/ سامي طه الذي كان يرأس جمعية العمال العرب، للأسف لم ينصفه التاريخ، علماً أنه لا يقل أهمية في تاريخ النضال الفلسطيني عن عز الدين القسام.
يناقش المقال مفهوم النقابات العمالية والمهنية، والتطور التاريخي للحركة النقابية الفلسطينية، ودور النقابات ومشاركتها في الثورة الفلسطينية، وهل لعبت دورا محوريا ومتفاعلا في مواجهة الاحتلال؟ وما دور النقابات في ظل السلطة الوطنية ونضالها النقابي؟ التركيز على النقابات العمالية كنموذج؟ وما المرجعيات القانونية لتشكيل النقابات؟ وما مدى مشاركتها في العمل السياسي؟ وعلاقتها بالأحزاب والقوى السياسية؟ ومقدرتها على الفصل بين علاقتها بالحزب ودورها في قيادة النضال المطلبي؟ كما سيحاول المقال توضيح التحديات أوجه القصور لدور النقابات وتقديم رؤية لتطوير العمل النقابي في ظل الواقع المتغيرات للنهوض بالعمل والدفاع عن مصالح الأعضاء في ظل عملية البناء والتحرر الوطني، وبما ينسجم مع الخصوصية لواقعنا الفلسطيني.
أولا/ مفهوم النقابات العمالية والمهنية:
يمثل المفهوم للنقابات العمالية والنقابات المهنية الخصائص الأساسية باعتبارها أجسام تمثيلية تعبر عن الأعضاء، وتعمل ضمن إطار قانوني ينظم عملها، وقد عرفت النقابات العمالية بأنها تنظيم نقابي عمالي جماهيري مستقل يقوم على أساس ديمقراطي يضم العاملات والعمال الذين يعملون في مهنة واحدة أو مهن متشابهة ومترابطة او يعملون في قطاع النشاط الواحد، تمثل مصالح العمال وتدافع عنهم على مستويات مختلفة، وطبيعة العضوية فيها طوعية، ومن شروطها أن يكون العضو عاملاً يعمل ضمن علاقة عمل، وتحت اشراف المشغل، ويتقاضى أجر، وﻟﻬﺎ ﺷﺨﺼﻴتها الاعتبارية، المعنوية، وﺗﺘﻤﺘﻊ بالاستقلالية المالية والإدارية لتحقيق أهدافها وأغراضها، وتسعى لتحسين ظروف وشروط العمل، وبناء قدرات وتنمية مهارات العمال، وحماية حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية ومن نماذجها نقابات للعاملين في مواقع العمل والنقابات العمالية العامة والفرعية، والاتحادات النقابية العمالية، ومنها: الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، واتحاد عمال فلسطين كاتحادات لها جذورها التاريخية في العمل النقابي في فلسطين.
أما مفهوم النقابات المهنية فيمثل تنظيم نقابي مهني ينشأ بقانون ينظم المهنة والعاملين فيها، وهذا في الشكل الطبيعي لكن في حالتنا الفلسطيني وبسبب عدم وجود قانون موحد للنقابات المهنية وتأخر إصدار تشريع أو قانون لكل مهنة (ما عدى نقابة المحامين)، فالنقابات المهنية شُكلت ضمن أكثر من مرجع قانوني كنقابات وجمعيات تضم في عضويتها الأعضاء الذي حصلوا على شهادات متخصصة في مجال المهنة بعد إجراء فحص المستوى العلمي والكفاءة المهنية للأعضاء ضمن تخصصاتهم للتأكد من سلامه وصحة شهاداتهم لمزاولة المهنة، بهدف الارتقاء بالمهنة وتطويرها، وتحسين واقعهم الاجتماعي والقانوني والمادي، والحفاظ على شرف المهنة، وتنمية مستوى وعيهم الثقافي والاجتماعي وتنمية مهاراتهم المهنية والعملية ومواكبة تطورات المهنة، ومن نماذجها نقابة المحامين والأطباء والمهندسين، والمحاسبين والتمريض والمعلمين، ...الخ.
ونرى من المفاهيم السابقة أن هناك أوجه للتشابه والاختلاف بين النقابات العمالية والمهنية، وإن تشابهت بأنها هيئات نقابية تسعى للارتقاء بالأعضاء ورعايتهم، وتحسن واقعهم وحماية المجتمع، ولها أنظمتها الداخلية وهي بمثابة دساتير تنظم عملها، إلا أن هناك اختلافات حيث ان النقابات العمالية تناضل للدفاع عن واقع العمال وتحسين ظروف وشروط العمل، بينما النقابات المهنية تسعى لتنظيم ممارسة المهنة تطويرها وتنظيم مزاولاتها، وهناك اختلافات في إجراءات التأسيس والمرجعيات القانونية، وشروط العضوية؛ فالنقابة العمالية عضويتها طوعية، أما النقابة المهنية عضويتها الزامية ومرتبطة بالشهادة ومزاولة المهنة، كما أن هناك اختلافات في الأهداف، فالنقابات العمالية نضالية مطلبية، بينما أهداف النقابات المهنية لتطوير المهنة وسياساتها، وتأمين الحماية الاجتماعية لأبناء المهنة، وهناك اختلافات في الإجراءات العقابية بينهما، فالنقابات العمالية تصل إجراءاتها للفصل من العضوية دون المس بمهنة العضو أو حرمانه من العمل بها، بينما النقابات المهنية يمكنها أن تشطب العضو من سجلات المهنة ويحرم من مزاولة مهنته....
وهنا نجد أن النقابات العمالية والنقابات المهنية بما تشكلان من حضور في مؤسسات المجتمع المدني لكل منها خصوصيتها ووظيفتها ودورها المناط بها لخدمة المجتمع وأحيانا تتكامل في الأدوار ضمن نظرية المصالح وطبيعتها، لذا من المفيد الحديث عن أحداها كنموذج للعمل النقابي، وهنا سيتم التركيز على النقابات العمالية باعتبارها اسبق في التأسيس، والأكثر انتشارا بما تمثل من السواد الأعظم من المجتمع، وتضم في عضويتها العاملين بغض النظر عن تخصصاتهم المهنية باعتبارهم يعملون في سوق العمل، وهم ممثلين ضمن النقابات العمالية القطاعية.
ثانيا/ الخلفية التاريخية للعمل النقابي في فلسطين:
تجسدت بدايات العمل النقابي في تشكيلات اجتماعية( رابط اجتماعية) مطلع القرن العشرين استناداً للقانون العثماني الصادر سنة 1909، وكان الظهور الفعلي للنشاط النقابي عام 1920م، حيث شكل مدخلا لمواجهة سياسات الاتحاد العام للعمال اليهود (الهستدروت) الذي تأسس في نفس العام كإمتداد للمشروع الصهيوني، ومارس سياسته العنصرية إزاء العمال الفلسطينيين العرب مما دفعهم لتنظيم أنفسهم نقابيا، وتأسس نادي عمال السكك الحديد من العمال العرب المحليين والمصريين والسوريين في عهد الانتداب البريطاني، وكانوا أول المشتركين في تأسيس نقابة عمال سكك الحديد، وتشكلت جمعية العمال العرب الفلسطينية، وأُعلن عنها رسمياً في 21 مارس 1925 م، وذلك أثر زيادة الوعي النقابي بين العمال.
منذ نشأة العمل النقابي في فلسطين ارتبط بخصوصية واقع الصراع لمواجهة المشروع الصهيوني الاحلالي، فكان لازما على القيادات النقابية الموائمة بين النضال الاجتماعي النقابي المطلبي والنضال السياسي التحرري، فحققت بالضغط العديد من الإنجازات منها إصدار التشريعات التي تنظم العمل بعض الفئات والقطاعات العمالية، وكافحت ضد مشاريع التقسيم والاستيلاء على الأراضي العربية، شاركت في إدارة إضراب سنة 1936 وأسست لجانها التي تولت أعمالاً تنظيمية وتقديم المعونات، ولعبت دورا مهما وبارزا في تحفيز الجماهير الفلسطينية للمشاركة في الثورات والمظاهرات في مواجهة الاحتلال البريطاني والهجرة الصهيونية لفلسطين، وكان لها اسهاماتها التي بلورت هويتها الوطنية الفلسطينية الكفاحية، ونشاطاتها العالمية بمشاركتها في أعمال المؤتمر التأسيسي الأول، والثاني لتشكيل اتحاد النقابات العمالية العالمي وحصلت على اعتراف دولي كممثل للعمال الفلسطينيين.
شهدت الفترة (1940 – 1948) تشكيل العديد من النقابات المركزية التي خاضت عددا من الإضرابات العمالية الكبيرة، وحققت اعترافاً رسمياً بجمعية العمال العرب كممثل شرعي للعمال، والتي طورت بنيتها التنظيمية ولوائحها وأنظمتها الداخلية، وعقدت المؤتمرات لمجالس النقابات وأنشأت التعاونيات والصناديق الاجتماعية للعمال، وصناديق التوفير والتسليف، وقد بلغ عدد الأعضاء حتى منتصف الاربعينات ما يقارب 120,000 عامل، كما قادت الجمعية اضرابا في أبريل 1946 احتجاجاً على دائرة البرق والبريد واستجابت حكومة الانتداب لمطالب العمال.
شاركت جمعية العمال العرب ممثلة برئيسها النقابي/ سامي طه ضمن عضوية وفد الهيئة العربية العليا لفلسطين في مؤتمر لندن لبحث قضية فلسطين عام1947، وبعد عودته تعرض للاغتيال في 11 أيلول عام 1947، والذي تبعه نكبة 1948، والتي كان لها الأثر الكبير في تشتيت آلاف العمال وكل مكونات المجتمع الفلسطيني، وتبعها تدمير بنيته التحتية الاجتماعية والاقتصادية والمؤسساتية، وتفككت الجمعية بعد النكبة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني، وهجرت قياداتها وتشتت في بقاع المعمورة.
انتقل مركز العمل النقابي بعد النكبة من حيفا إلى نابلس بعد ضم الضفة الغربية لإدارة الأردن عام 1950، وخضع قطاع غزة للإدارة المصرية، مما عكس تطوراً متبايناً في الحركة النقابية لخضوعهما لنظامين مختلفين، وتشتت العمل بسبب هجرة القيادات النقابية إلى الأردن وتركز العمل النقابي في عمان، وأصبح شبه سري، وأما على صعيد قطاع غزة، فقد قيد العمل النقابي واعتبرت الإدارة المصرية في أن جميع النشاطات العمالية والنقابية امتداد لحركات شيوعية، يعاقب عليها القانون حتى عام 1964م.
بعد النكسة واحتلال (إسرائيل) الضفة الغربية وقطاع غزه عام 1967م، قام الاحتلال بإغلاق المقرات النقابية في الضفة الغربية، وإبعاد النقابيين إلى خارج الوطن، وتعرض بعضهم للاعتقال الإداري، وقيدت حركتهم وخضعوا الي الإقامة الجبرية، والمنع من السفر والتنقل، ورغم ذلك واصلت القيادات النقابية بناء النقابات العمالية، حيث اجتمع النقابيون الفلسطينيون عام 1969م في الضفة، وانتخبوا لجنة تنفيذية جديدة لإحياء فرع الاتحاد وتنشيط العمل النقابي، برغم مواجهة الاحتلال بالكثير من العنف والقمع للحريات.
قامت القيادة النقابية بفك الارتباط عن الاتحاد العام لنقابات العمال بعمان في عام 1973م، وأعلنوا الاتحاد العام لنقابات العمال في الضفة الغربية، وفي الخامس عشر من يونيو 1979م جرت انتخابات اللجنة المركزية للاتحاد؛ تميزت الحركة النقابية بالأنشطة والعمل المستمر، وتأطير العمال في النقابات العمالية، مما أدى لمنافسة وصراع بين القوى السياسية الفلسطينية، بسبب تدخلها في شؤون الحركة النقابية، وهيمنتها عليها مما أفشل العمل النقابي وأصبح لكل فصيل سياسي منظمته النقابية، ونتج عن ذلك ثلاث اتحادات عمالية، اتحاد الشبيبة العمالية، واتحاد الكتلة التقدمية، واتحاد كتلة الوحدة العمالية، وهذا ساهم في زيادة عدد النقابات العمالية، ليصل إلى 150 نقابة، رغم ضعف نسبة الانتساب لهذه النقابات، وتركز الصراع بين مجموعة من النقابيين المهيمنين، والذين يمثلون كتلا سياسية حصلت ضمن نظام المحاصصة على مواقع متقدمة، وهذا أدى إلى تغييب العمل النقابي الديمقراطي الحقيقي، فلم تكن هناك انتخابات أو طرح لبرامج انتخابية، مما ساهم في فقدان الثقة بالنقابات العمالية كمؤسسات لخدمة العمال، فقد اعتبرت مؤسسات تابعة للفصائل السياسية، واستمر تنفيذ الأنشطة النقابية من خلال الكتل النقابية المختلفة، التي تشكلت طيلة مدة الاحتلال، وكانت المنافسة بين هذه الكتل حزبية سياسية أكثر منها نقابية، وأدى ذلك لفتح الكثير من الحوارات من أجل تشكيل اتحاد عام يضم كل هذه الكتل النقابية، والتي تكللت بالنجاح عام 1992 والاتفاق على توحيد العمل ضمن اتحاد واحد وهو الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين الذي نشط وعمل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
أما في قطاع غزة فقد سمحت الإدارة المصرية بممارسة العمل النقابي 1964، وتأسست في البداية ست نقابات عمالية وشكلت بينها اتحاد النقابات العمالية في قطاع غزة عام 1965، كما الحال في الضفة الغربية فقد أغلق الاحتلال الإسرائيلي النقابات العمالية من عام 1967 حتى عام 1980، سمح الاحتلال بفتح المقرات للعمل؛ لكن بشروط شروط تعجيزية ومنها: منع النقابات من فتح باب التنسيب أو عقد الانتخابات أو متابعة قضايا العمال الذين يعملون داخل (إسرائيل) الخط الأخضر، ورغم ذلك تمكنت الحركة النقابية في قطاع غزة أن تنتعش منذ منتصف الثمانينات، وساهمت في التصدي لممارسات الاحتلال، وفضح ممارساته وانتهاكاته لحرية العمل النقابي، وقامت بالعديد من الأنشطة النقابية والعمالية للدفاع عن مصالح وحقوق العمال وتنظيم صفوفهم، وتمكنت من تجديد الهيئات الإدارية للنقابات الست، عبر عقد مؤتمراتها وإجراء انتخاباتها رغم منع الاحتلال لها ومحاصرة مقراتها الا القيادات الشابة والميدانية تمكنت من تجديد شرعيتها وانتخاب هيئاتها عام 1987، وقد لعبت قيادة العمل النقابي في قطاع غزة دوراً بارزاً وفعالاً في الانتفاضة الشعبية عام 1987 ضد الاحتلال (الاسرائيلي)، واندمج معظم قيادات المجالس الإدارية الجديدة فيها وتعرض معظمهم للاعتقال.
قامت النقابات العمالية والاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في شتي الوطن، رغم كل التحديات والتهديدات بالعديد من البرامج النقابية، وتقديم مساعدات إغاثية للأسر المحتاجة والفقيرة ضمن التدخلات للحماية الاجتماعية، للمساهمة في تعزيز صمود المجتمع، والمشاركة في العمل الوطني والاجتماعي خلال الانتفاضة الشعبية بحكم القاعدة الواسعة التي تمثلها، وساهمت النقابات والاتحادات ضمن تواصلها الوطني عبر أطر منظمة التحرير الفلسطينية بدور واضح في تأييد ودعم ومساندة الموقف السياسي للمنظمة والذي ينسجم مع مصالح العمال الساعية للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، إضافة إلى رغبتها في إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية على أساس قيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها، والحفاظ على الحقوق والثوابت الفلسطينية.
كما أن منظمة التحرير لعبت دوراً في تعزيز العمل النقابي، باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والمظلة الوطنية لكافة المؤسسات الفلسطينية والمنظمات الشعبية والجماهيرية ومنها النقابات المهنية والعمالية والاتحادات الشبابية والنسوية...الخ، والتي تعمل ضمن تكاملية الأدوار لصالح القضية الفلسطينية، بهدف حماية المجتمع وتعزيز الهوية الوطنية، وكاستجابة طبيعية لتنظيمها ضمن أطرها أنشأت المنظمة دائرة مختصة باسم دائرة التنظيمات الشعبية عام 1969 لتشرف الدائرة على جميع المنظمات الشعبية كالنقابات والاتحادات دون التدخل في شئونها الداخلية، وتشرف الدائرة على اثني عشر تنظيماً شعبياً واتحادا، وهي اتحادات نقابية سياسية تُشكل ضمن توافق سياسي يقوم على قاعدة تمثيل كل الأطر والتنظيمات والفصائل الأعضاء في المنظمة، عبر ممثليها في القطاعات المهنية والعمالية، وتعتبر هذه الاتحادات والمؤسسات النقابية من أذرع منظمة التحرير المدنية والوطنية التي تمثل القطاعات والشرائح الاجتماعية في المجتمع الفلسطيني في المنفى، وظلت هذه الاتحادات على تواصل مع القيادات النقابية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تجسيدا للتواصل وامتدادا للدور الوطني والنضالي للشعب الفلسطيني بين مؤسسات منظمة التحرير في الخارج ومؤسسات الداخل المسجلة وفق القانون، واستمرت العلاقات التكاملية حتى قدوم السلطة الوطنية.
فرضت المتغيرات والمستجدات السياسية بإقامة السلطة الوطنية، ضرورة لإعادة تنظيم المؤسسات وفق القوانين والتشريعات الفلسطينية، وهذا خلق حالة من عدم الاستقرار والتداخل في الصلاحيات بين مؤسسات المنظمة، والمؤسسات النقابية والاتحادات القائمة وفق القانون الفلسطيني، مما كان له الأثر السلبي على العلاقات بينها، وفي تداخل الصلاحيات مما زاد من شرذمة الحركة النقابية ومزيداً من الانقسامات ما بين الخارج والداخل، والذي دفع لتدخلات من الأمناء العامين للفصائل والاتحادات بفتح حوار والتوصل لاتفاق على وحدة الحركة النقابية العمالية، وتقسيم الأدوار على أساس تكاملي بينها، لخلق حالة من الانسجام في خدمة الحركة العمالية والنهوض بها وتحقيق مصالحها، (ما زال اتفاق الوحدة يتراوح في مكانه لم يقدم أي خطوات نحو الكونفدرالية وصولا للفدرالية النقابية المتفق عليها لتوحيد الحركة النقابية)، الامر الذي يستدعي لإعادة دراسة واقع الحركة النقابية في ظل عملية البناء وحالة التحرر الوطني، وكاستجابة للمتغيرات والتحولات في طبيعة عمل ودور الاتحادات والنقابات العمالية والمهنية لخدمة الأعضاء، وتعزيز نضالها الاجتماعي والاقتصادي، بالتعبير عن مصالح الأعضاء في ظل وجود السلطة الوطنية، والتوجهات نحو بناء مؤسسات الدولة وفق القوانين والتشريعات الفلسطينية، والذي ساهم في تطوير أشكال النضال النقابي والمطلبي للنقابات العمالية على وجه الخصوص، والتي شهدت تحولات جوهرية في أشكال وأنماط العمل النقابي في فلسطين ما بعد توقيع اتفاقية أوسلو.
ثالثا/ دور النقابات العمالية النضالي والمطلبي في ظل السلطة الوطنية:
طورت النقابات العمالية والاتحادات منذ قيام السلطة الوطنية منذ عام 1994 أشكال وأنماط النضال النقابي وحسنت من قدرات كادرها وأدواتها المطلبية، وطرق إدارتها وتدخلاتها في التعبير عن مصالح العمال بمختلف قطاعاتهم النقابية، وعدلت لوائحها وهياكلها النقابية، كاستجابة للمرحلة الجديدة التي يتركز العمل فيها للنضال الاجتماعي والاقتصادي وتطوير سياسات العمل، فتبنت ضمن برامجها وخططها أساليب جديد في الدفاع عن مصالح العمال، ولعبت دوراً فعالاً في تطوير سياسات العمل والمشاركة في إصدار تشريعات العمل، وخاصة قانون العمل الفلسطيني، ونمت برامج التدريب والتثقيف للعمال، وكثفت الأنشطة التي تعزز الحضور النقابي في المجتمع، والتوجه لإنشاء نقابات عمالية جديدة تمثل قطاعات عمالية تغطي كافة المهن والقطاعات العمالية، وسجلت زيادة ملحوظة في نسب العضوية للعمال في النقابات وحسنت الخدمات المقدمة للعمال منها الاستشارات القانونية، وخدمات التأمين الصحي المجني والتدريب والتوعية لرفع وعي العمال والعاملات، وأحيانا تقديم المساعدات الاجتماعية للمتضررين من العمال نتيجة انتفاضة الأقصى في ظل غياب مؤسسات الحماية الاجتماعية، بالإضافة لتبني المطالب العمالية، وخوض المفاوضات الجماعية وتحقيق العديد من المكاسب لصالح قضايا العمال في العديد من القطاعات العمالية.
لقد أصبح الهدف الرئيسي للنقابات العمالية هو النضال المطلبي وتحقيق المكاسب لصالح قضايا العمال وإن كان ما تقوم به النقابات لا يرتقي لمستوى معاناة العمال وحجم الضرر الواقع عليهم، لأسباب تتعلق بخصوصية الحالة الفلسطينية التي تمر بمرحلة البناء والتحرر الوطني، وما تواجه من ممارسات للاحتلال من عدوان وحروب وحصار مع استمرار الانقسام وما تبعه من تداعيات كورونا والغلاء الفاحش في الأسعار وارتفاع معدلات الفقر والبطالة....الخ، وجميعها ساهمت في ضعف الدور والتدخل النقابي في عالم العمل.
شكلت التحديات والمشاكل والمعيقات التي تواجه العمل النقابي في ظل السلطة الوطنية نمط جديد للنضال المطلبي، وتحدي أمام القيادات العمالية ضمن الواجب والمسؤوليات النقابية لوقف كل الانتهاكات الواقعة على الحركة العمالية والاستغلال لحاجتهم في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة التي بلغت حسب جهاز الإحصاء المركزي نسبة 24% في فلسطين، بواقع 14% في الضفة الغربية و44% في قطاع غزة.
الواقع الصعب الذي يعيشه العمال والموظفين يدفع النقابات والاتحادات العمالية للضغط على الحكومة لتطوير سياسات العمل، والتشريعات والقوانين الاجتماعية العمالية لمواجهة تغول المشغلين واستغلالهم لظروف العمال ومساومتهم بلقمة العيش وانتهاك حقوقهم في عالم العمل، وخاصة بالتلاعب بالأجور، و تخفيضها، وإعادة الهيكلة للمؤسسات التشغيلية، والاستغناء عنهم، وفصلهم من العمل او إعادة شروط تعاقدهم، وهذا وضع النقابات اليوم أمام مسئوليات لا مفر منها لخوض معارك نقابية مطلبية لتحسين ظروف وشروط العمل، وخاصة في الفترة الأخيرة ما بعد كورونا وتداعياتهم وما تبعها من عدوان على غزة، وغلاء فاحش بالأسعار وتآكل في الأجور بعد اعلان الحرب الروسية الأوكرانية، وقد سجلت بعض النقابات العمالية والمهنية في نضالها النقابي نماذجا للنضال الناجح المبني على الحقوق والتصاعد في الخطوات والفعاليات النضالية لتحقيق المطالب النقابية المشروعة، ومنها سبيل المثال: نقابة موظفي الإسعاف في الهلال الأحمر فقد توصلت لاتفاق حول حقوق الموظفين برعاية الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين ووزارة العمل، كما توصلت نقابة الأطباء، واتحاد المعلمين، ونقابة المحامين ونقابة العاملين في الخدمات الصحية، ونقابة عمال البريد، ونقابة البلديات...الخ لاتفاقات مع الحكومة حول مطالبها، وهي نماذج حية للنضال المطلبي والحقيقي، وقد خاضت الإضرابات والفعاليات والحوارات والمفاوضات وحققت من خلالها بعض المطالب والمكاسب النقابية باستجابة من الإدارة المشغلة، وبعضها ما زال في حالة غير مستقرة ولم تنفذ على الأرض لعوامل وأسباب وحسابات مشوهه مرتبطة بالاحتلال وأزمة السلطة والحصار والانقسام السياسي، والضعف الموارد المالية والقرصنة على أموال المقاصة ووقف الدعم والتمويل الخارجي وتقليصه، برغم ما يتم الإعلان عنه حول إعادة الدعم والانفراج الاقتصادي والذي لم نلمسه في ظل هشاشة الواقع الاقتصادي الفلسطيني وضعف المصادر والامكانيات....
رابعاً/ أثر الانقسام السياسي وانعكاسه على النضال النقابي والمطلبي:
تأثرت النقابات العمالية والمهنية بالانقسام السياسي وتداعياته، وكثير من المؤسسات النقابية ومنعت قياداتها من ممارسة العمل النقابي وخاصة في محافظات غزة بالإضافة أنها تعيش حالة من التهميش والضعف في ظل ارتفاع معدلات البطالة والفقر، وعدم استقرار سوق العمل وقانون العرض والطلب الذي أضعف دور النقابات والاتحادات العمالية النضالي والمطلبي في الدفاع عن مصالح العاملات والعمال وتحسين ظروف وشروط العمل.
تسبب الانقسام بمعاقبة الحركة النقابية العمالية لأسباب سياسية، الأمر الذي ساهم في ضعف تحصيل حقوق العمال الفلسطينيين حماية مصالحهم لضعف النقابات في الوضع الحالي مقارنة مع وضع النقابات العمالية قبل الانقسام، حيث سيطرت حركة حماس وكتلتها العمالية بالقوة العسكرية على مقر الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين ونقاباته عام 2007، وشكلت جسم موازي يحمل نفس الاسم للاتحاد ويستخدم نفس الشعار والأوراق والوثائق النقابية، في محاولة للإحلال بجسم بديل عن الجسم القائم، وأوجدت نقابات عمالية بديلة وموازية بنفس الأسماء أو أسماء مشابه، وهذا يتعارض مع القانون 331 لسنة 1954 الذي يرفض ازدواجية النقابات، وبعدها صدرت قانون النقابات في غزة رقم 2لعام 2013، الأمر الذي جسد وجود كيانين نقابيين متماثلين بنفس المسمى والشعار والاهداف في ظلّ غياب المرجعيات والجهات الرقابية والقانونية نتيجة تداعيات الانقسام، ومحاولة فرض الوقائع على الأرض في ظل غياب الدور الحكومي الموحد، مما زاد الواقع النقابي العمالي تشرذماً وانقساما، بالإضافة لمحاولات فرض الوصاية والسيطرة الفئوية عليه وتغييب الديمقراطية، وتسبب ذلك في تراجع حجم العضوية، ونسب الانتساب في كل النقابات العمالية على اختلاف مسمياتها، وأعدادها، وتراجع في تحقيق أي مكاسب نقابية وخاصة المتأثرة بالانقسام كحقوق لموظفين في غزة ، وتطبيق الحد الأدنى للأجور والحماية الاجتماعية وغيرها كثير....
يمر العمل النقابي في ظل المتغيرات والمستجدات بالكثير من الضغوط وحالة من الضعف أمام قلة المواد، وضعف التمويل للبرامج والمشاريع وحالة التهميش والتجاهل، وفي ظل هشاشة الواقع الاقتصادي، وكل ذلك حصر أدوراها ببعض المهام التقليدية للحفاظ على استمراريتها بدون تجديد واستحداث للبرامج النوعية.
خامساً/ علاقة النقابات العمالية بالأحزاب السياسية:
عند الحديث عن النقابات وطبيعة علاقتها بالأحزاب السياسية، من المهم التوضيح بأن النقابات تمثل أجسام نقابية نضالية مطلبية تقوم على أسس ديمقراطية مستقلة وضمن شروط عضوية محددة، وتعمل وفق لوائح يقرها الأعضاء وفق القانون، بينما الأحزاب فئات متنوعة من البشر تجمعها الأيدولوجيا والفكر الحزبي، وتضبط الأعضاء معايير وضوابط وشروط الحزب.
النقابات تختلف في مفهومها ودورها ووظيفتها وتوجهاتها عن الأحزاب وإن تقاطعوا أحياناً في الأدوار، فالحزب السياسي يسعى للوصول إلى الحكم وتداول السلطة، بينما النقابات هدفها الاستراتيجي حماية الأعضاء والدفاع عن مصالحهم ولا تسعى لتحقيق مكاسب سياسية، أنما تسعى لعمل لائق وكريم للعمال، وتدعم السياسات التي تنسجم مع أهدافها.
في تحليل الواقع الفلسطيني وخصوصيته نجد أن النقابات تضم في عضويتها أشخاص لهم انتماءاتهم السياسي والحزبي ، وهناك محاولات تهدف لاستقطاب العمل النقابي لصالح الأحزاب و فرض الوصاية عليه والتأثير في قراراته بما ينسجم مع المصالح الفئوية والحزبية، الامر الذي يتعارض أحيانا مع مصالح الاعضاء، فالتجربة أثبتت بأن استقلالية القرار النقابي يعزز قوته و فعالياته لصالح القضايا النقابية والمطلبية التي يقودها، فالنقابات القوية تلك التي تقوم على أساس ديمقراطي جماهيري مستقل تجمعها مصالح الأعضاء، وتوحد تحركاتها الحقوق المطلبية ضمن الدور والوظيفة المناطة بها، والتي تمثل مبررات وجودها في عالم العمل والمجتمع .
إن كانت الأحزاب السياسية تسعى للوصول للنظام السياسي، فالأصل أن تناضل من أجل مصالح المواطنين والضغط من أجل التغيير، وتبني قضايا الناس الاقتصادية والاجتماعية ومساندتهم في مواجهة تغول الحكومات المنحازة والجابية للضرائب، ومناهضة الغلو بالأسعار وجشع التجار، ودعم النضالات الاجتماعية التي تقودها النقابات والاتحادات، ومساعدتها في التعبير عن مصالح الأعضاء بصورة جماعية ومنظمة، وهذا دور الأحزاب تجاه النقابات والمجتمع.
اذا أردنا تطوير النظام السياسي والاجتماعي، ليصبح ذو تأثير وقادر على التعبير عن تطلعات وآمال المجتمع، يجب العمل على تقوية النقابات باعتبارها أكبر مؤسسات المجتمع المدني، وتمكينها من القيام بالدور المناط بها كمؤسسات نقابية اجتماعية تسعي لتحقيق العدالة والحماية الاجتماعية بالطرق ذات بعد نضالي مطلبي لتستطيع التعبير عن الفئات التي تمثلها، وهذا يتطلب فتح المجال لتوسع والانتشار بإنشاء نقابات جديدة يقودها ممثلين حقيقيين وقيادات ذات قدرات ومهارات متنوعة تستطيع أن تعبر عن حقوق الأعضاء من القطاعات العمالية المتنوعة، ولكي تكون هذه النقابات قوية ومؤثرة يجب أن تكون واسعة العضوية والتمثيل، وتكون قيادتها منتخبة بشكل ديمقراطي، ولديها برنامج نضالي تنموي يحاكي مصالح الأعضاء وتطلعاتهم نحو المستقبل، وينظم عملهم لوائح وأنظمة داخلية مقرة وفق الأصول وبشكل ديمقراطي، وتدير أعملها وأنشطتها بالتشاركية واتخاذ القرارات الجماعية والعمل ضمن فريق عمل متجانس بالإدارة الجماعية نحو الهدف والغايات النقابية والتي تتعارض في أغلب الاحيان مع النظام السياسي وسياسات الحكومات والمصالح الضيقة للأحزاب والقوى السياسية، وأطماع وجشع بعض المشغلين.
ولتنجح النقابات في علمها وتغدو مؤثرة كممثل حقيقي للفئات والشرائح التي تمثلها، يجب أن تدار ضمن معايير الحوكمة والإدارة الرشيدة، وأن تتميز عن غيرها من المؤسسات بالأداء والاسلوب الديمقراطي المميز والسليم في القيادة الناجحة باعتبارها أجسام نضالية ثورية تسعى للتغيير نحو الأفضل، وأن تسعى للتشبيك مع كل مكونات المجتمع المدني من خلال بناء التحالفات بما يساعد النقابات على تحقيق أهدافها وتعزيز قوتها في التأثير والمناصرة لمساندة قضايا الأعضاء، فالأصل أن تجند النقابات كل مكونات النظام الاجتماعي بمزيد من الحشد والتضامن، لصالح قضاياها العادلة وذات البعد الحقوقي القائم على تحقيق الحماية الاجتماعية والعدالة وصون الكرامة والانصاف وضمان الاستقرار والأمان الوظيفي وتعزيز السلم الأهلي وحماية الحقوق وصولا للعمل اللائق والكريم.
على النقابات ان تحافظ على استقلاليتها ولا تقوم بدور الاحزاب، ولا يجوز للأحزاب التدخل في شئونها المهنية وفرض الوصاية على أجندتها وبرامجها وأنشطتها النقابية، فالعلاقة بين النقابات وكل مكونات المجتمع المدني تكاملية لخدمة المجتمع والنهوض به، ولعل الدول والمجتمعات التي منحت النقابات حقها بممارس العمل النقابي بحرية حققت التقدم والازدهار عن غيرها من الدول المتخلفة التي حاصرت النقابات وقيدت حركاتها بفرض الوصاية عليها، مما أعطاها طابع حزبي أحياناً، مما أضعف دورها وقوة تأثيرها.
لقد سجلت الشقيقة تونس وحركتها النقابية تجربة ناجحة لاستقلالية النقابات، فقد لعب الاتحاد العام التونسي للشغل دوراً ناجحاً في تعزيز الحوار الوطني والسلم الأهلي، وقادت المصالحات الوطنية بشكل نموذجي، وهذا نموذج يحترم، ويفترض ان يتم الاقتداء به، فاستقلالية النقابات يمنحها قوة تأثير وقبول لدى الجميع، لذا نتطلع لدور فعال، وهدف في العمل النقابي الفلسطيني ليكون قادراً لقيادة المهمات النقابية والنضالية والوطنية للمساهمة في التغير نحو مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
سادساً/ أبرز التحديات التي تواجه العمل النقابي:
إن الحالة الفلسطينية لها خصوصيتها التي تحتاج دائما للتحليل الواقعي لبناء التدخلات الفعالة والبناءة وخاصة في العمل النقابي لذا سنتناول بعض التحديات والتهديدات والمشاكل التي تؤثر على العمل النقابي من اجل تحويلها لفرص واليات تدخل للارتقاء بالعمل النقابي العمالي وأبرز الإشكاليات التالي:
- عدم وجود قانون أو تشريع موحد ينظم العمل النقابي العمالي.
- الانقسام السياسي وما فرضه من وقائع جديدة زاده من التجاذبات السياسية على حساب العمل النقابي ونضالاته المطلبية.
- محاولات فرض الوصاية والسيطرة على العمل النقابي وتقييد حريته من قبل الأحزاب السياسية والحكومة.
- الانقسامات في الحركة النقابية وتعدد المرجعيات النقابية، الامر الذي خلق حالة من الشرذمة النقابية.
- تدني نسب العضوية النقابية وغياب الانتخابات الدورية والديمقراطية.
- عزوف الشباب عن المشاركة في العمل النقابي، وضعف الثقة بالمؤسسات النقابية.
- ضعف نسب مشاركة النساء في العمل النقابي وانخفاض تمثيلها في المواقع القيادية للنقابات العمالية.
- ضعف في مصادر التمويل المالية للنقابات العمالية، وغياب الدعم للبرامج والأنشطة النقابية.
- ضعف الوعي النقابي حول النقابات وأهميتها بين العاملات والعمال.
- محدودية فرص العمل، وارتفاع معدلات ونسب الفقر والبطالة، وعدم توازن في قانون العرض والطلب.
- غياب الخطط والاستراتيجيات الوطنية لتطوير اداء العمل النقابي لخدمة الأعضاء وتطوير السياسات.
- ضعف العلاقات بين المؤسسات النقابية ومؤسسات المجتمع المدني وخاصة في تنسيق البرامج والأنشطة التي تتقاطع لخدمة المجتمع وأفراده.
الكثير من المشاكل والمعيقات والتهديدات الداخلية والخارجية والتي تتجدد وتزداد مع التغيرات والمستجدات والكوارث التي تعصف بقضيتنا الفلسطينية، وأخرى مرتبطة بالتطورات التكنولوجية والتقنيات الجديدة وعالم الرقمنة والفضاء الأزرق الذي يستدعي لتطوير من الأساليب والأدوات النقابية كاستجابة طبيعية للواقع بحلته الجديدة، فالعمل الناجح لا يتوقف على الحالة التقليدية انما يكون متجدد وقادر على التكيف والموائمة مع الحداثة وقادر على الاستمرارية لخدمة أهدافه ومصالح أعضاؤه.
سابعاً/ رؤية لتطوير العمل النقابي في فلسطين:
مر العمل النقابي في فلسطين بالعديد من المحطات التاريخية والتي نعتز ونفخر ببعضها كما مر بالكثير من التحديات والاشكاليات التي أضعفت من دوره النضالي، ووظيفته النقابية، ومساهماته البنائية، لذا يحتاج لأفكار ريادية لتطوير برامجه وتدخلاته النقابية والنضالية بما ينسجم مع التوجهات الوطنية في عملية البناء والتحرر الوطني وتحقيق الحلم الفلسطيني بإقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية والمستقلة وعاصمتها القدس الشريف، الامر الذي يستدعي إرساء القيم الإيجابية والحفاظ على الاخلاقيات المهنية، والايمان بالعمل والفكرة، كهدف ووسيلة لتحقيق الدور والوظيفة النقابية بمستوى عالي من الأداء والجودة في الخدمات، ويمكن تحقيق ذلك عبر مجموعة من الخطوات لتطوير العمل وبناء استراتيجية وطنية للعمل النقابي، وبناء شبكة وتحالفات مسانده ومنها التالي:
- العمل على صياغة وثيقة شرف بين كل الفاعلين في العمل النقابي تقوم على احترام حرية واستقلال العمل النقابي وتعزيز قيم الديمقراطية النقابية والحريات، وتحييد العمل النقابي عن أي تجاذبات او صراعات بعيدا عن مبررات وجوده.
- العمل على اصدار تشريعات وقوانين متخصصة لتنظيم العمل النقابي، بمعنى اصدار تشريع ينظم النقابات العمالية، ويحدد الأدوار والوظائف بما ينسجم مع المعايير الدولية وضمن الحريات النقابية بدون قيود، بحيث يتم الحفاظ على دور النقابات واستقلاليتها بما يعزز دورها النقابي والمطلبي والمهني لخدمة أعضائها، وتشريع لكل نقابة مهنية وتشريع لمنظمات اصحاب العمل..الخ.
- بناء شبكة علاقات نقابية واجتماعية لتبني قضايا مشتركة بين المؤسسات الاهلية والنقابات العمالية بما يحقق نضال مشترك حول القضايا النقابية والاجتماعية وخاصة للفئات المهمشة والنساء والشباب وذوي الإعاقة ..الخ.
- على النقابات العمالية أن تطور خططها وبرامجها بشكل علمي ومنهجي، وبناءا على معلومات وبيانات وأرقام واحصائيات دقيقة.
- تطوير البرامج والأنشطة النقابية بما يحقق تطلعات الحركة العمالية ويعبر امالهم، وخاصة المتعلقة ببرامج التوعية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية وتوفير الحماية الاجتماعية والتأمينات من المخاطر.
- العمل على مشاركة النقابات العمالية في تطوير السياسات والاستراتيجيات لعالم العمل بشكل يضمن مساهماتها بحرية وبعيدا عن محاولات الاملاء والاخضاع على حساب مصالح العمال.
- ضرورة العمل على تطوير الهيكليات واللوائح النقابية بما يضمن مشاركة أكبر للنساء وللكوادر الشابة في ادارة النقابات وصناعة القرار فيها.
- العمل على تشكيل قوة ضغط وتأثير لكافة القضايا النقابية والاجتماعية التي تهم النقابات العمالية وتشكيل تحالفات وائتلافات للمناصرة لصالح القضايا المطلبية التي تقودها النقابات العمالية.
- العمل على بناء قدرات النقابات وتطوير الكادر وتنمية مهارته، وتحسين الأدوات والأساليب النقابية والاستثمار الأمثل للعنصر البشري والاستفادة من التكنولوجيا والتقنيات الحديثة في إدارة العمل والرقمنة والفضاء الأزرق.
- العمل على تمكين النقابات والقيادات النقابية من وسائل وأساليب العمل النقابي المبدع للعمل بطرق تتناسب والمتغيرات والظروف التي تمر بعالم العمل.
أخيرا أن العمل النقابي ما زال يعيش في حالة نضالية مركبة ما بين الثورة والنضال المطلبي وهو ما يميزه عن غيره وطنيا طالما يدور في فلك العمل النضالي الوطني والاجتماعي، وتستطيع قيادته الموائمة بين مصالح الأعضاء، والحفاظ على الهوية الوطنية، والمشاركة في فضح ممارسات الاحتلال على المستوى الدولي، وهو ما تساهم به النقابات العمالية من خلال علاقاتها الدولية بتحشيد الموقف العالمي لدعم القضية ومساندة الشعب الفلسطيني في نضاله ضد الاحتلال بشكل متكامل مع النضال الاجتماعي والاقتصادي لصالح العمال وقضاياهم، فهذه الفلسفة يجب العمل عليها حتى انهاء الاحتلال مع الحفاظ على حقوق العمال بما يمثلون من سواء اعظم في المجتمع وهم اغلى ما نملك ويجب رعايتهم ومساندتهم لتحسين واقعهم، وتمتين الجبهة الداخلية بتعزيز صمودهم في مواجهة متطلبات الحياة وتحدياتها.



#سلامه_ابو_زعيتر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العمل النقابي بين الحقوق والخصومة
- تطوير العمل التعاوني ضرورة للتحرر والانعتاق الاقتصادي
- حرية النقابات وتدخلات الاحزاب
- إنصاف العمال ضرورة حتمية لبناء الدولة
- العمل النقابي تحرري من أجل التغيير
- التنظيم النقابي والتحول الديمقراطي
- الغلاء والاحتكار يدفع ثمنه العمال والفقراء
- انتصروا لحقوق النساء..
- الحق في التنظيم النقابي للعمال العاطلين عن العمل
- العمل حلم وتحدي أمام العمال من غزة
- الضمان الاجتماعي البداية لعهد جديد للعمال
- أبا عمار سمشك لن تغيب
- نشأة الحركة النقابية العمالية العالمية
- العمل اللائق والكريم امل العمال
- رؤية النقابات العمالية حول تعديلات قانون العمل من منظور النو ...
- هل العمال جزء من التعويض واعادة الاعمار؟!
- فرصة عمل طموحات العمال
- النساء في سوق العمل غير الرسمي والتشغيل الذاتي في فلسطين
- لا حرية ولا كرامة بدون المرأة
- الحق بالعمل


المزيد.....




- -غوغل- تطرد مزيدا من الموظفين بعد احتجاجات على علاقات الشركة ...
- رابط التسجيل في منحة البطالة minha anem dz والشروط الواجب تو ...
- “أهم شروط الصرف”.. سلم رواتب المتقاعدين في العراق 2024 وخطوا ...
- “صندوق التقاعد الوطني عبّـــر mtess.gov.dz“ موعد صرف زيادات ...
- طلاب جامعة نيويورك يقيمون مخيما احتجاجا على الحرب في غزة
-  الاستعلام عن رواتب المتقاعدين عبر المؤسسة العامة للتأمينات ...
- منظمة العمل الدولية: العمال معرضون لمخاطر نتيجة تغير المناخ ...
- “10.000.000 دينار”.. “مصرف الرافدين” يزف خبر سار للموظفين في ...
- الجامعة الوطنية للنقل الجوي المنضوية تحت لواء الاتحاد المغرب ...
- “ابسط يا عم زيادة الرواتب جاية في الطريق” بشرى سارة لـ 18 مل ...


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - سلامه ابو زعيتر - النقابات من الثورة للنضال النقابي