أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد المسعودي - نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة) (١_٧)















المزيد.....

نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة) (١_٧)


وليد المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 7365 - 2022 / 9 / 8 - 13:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نقد الدولة _ دولة النقد
البحث عن دولة حديثة ناقدة (١ _ ٧)


محمد أرگون .. الطريق الانثروبولوجي للنقد



ومع المفكر والمؤرخ والباحث محمد أركون يتخذ النقد بعدا انثروبولوجيا تفكيكيا للخطاب والذاكرة والسلطة الدينية المعززة والمدعومة سياسيا من قبل الدولة مع اختلاف طبيعة هذه الدولة وانقسامها دينيا وطائفيا وعرقيا ، ولكن ما يوحدها يتضمن في تقديم النسخة الأرثوذكسيّة المقدمة عن التصور الإسلامي الخاص بها ، ولا توجد اي عملية توحيد في ظل هذه الدولة للوعي الاجتماعي يتيح الامكانية في توافر الحس النقدي لجميع النسخ الحاوية لهذا التصور الطائفي الديني ، حيث هناك ما يسميه أركون بالسياج الدوغمائي الذي يدعو صاحبه ومجتمعه ودولته الى محاربة اي تصور مغاير له ، وبالتالي ، إنعدام الخروح من دائرة هذه النسخ او التصورات الوحيدة لها فضلاً عن انعدام النقد الداخلي ذاته داخل كل نسخة على حده منذ انقسام الاسلام الأولي الى ثلاث تصورات ثابتة سنية وشيعية وخارجية ، بحيث لا تنفك الذاكرة الجماعية من اعادة النشاط لوجودها الطائفي مع كل تقلبات سياسيّة واجتماعية معينة او مع كل تطورات مكانية عمرانية تغير اشكال الحياة وطبيعة العيش من الصحراء او من القرية الى المدينة ، وما يبقى هنالك المسلمات واليقينيات الثابتة التي لا يمسها الشك والنقد داخل كل طائفة ثقافية ودينية ، واكبر داعم لهذه المسلمات واليقينيات الثابتة هي السلطة السياسية وبقاء المجتمعات على حالها من التخلف المعرفي والثبات الفكري حول مجاميع من التصورات والاوهام الاسطورية الخاصة لدى كل طائفة من هذه الطوائف الاسلامية الثلاث .

ان مهمة أركون كامنة في " تعرية الوظائف الأيديولوجية والتلاعبات المعنوية والانقطاعات الثقافية والتناقضات العقلية التي تساهم في نزع الشرعية عما كان متصورا ومعاشا طيلة قرون بمثابة انه التعبير الموثوق عن الارادة الإلهيّة المتجلية في الوحي " (١٥)
وهذه المهمة ليست بالسهلة فهي تقتحم دائرة غير المفكر فيه وغير المرغوب والمستحيل التفكير فيه من نسخ التراث ومحاولة اخضاعها تحت مجهر علوم الانسان الحديث من علم نفس وانثروبولوجيا واجتماع وفلسفة ولغة حديثة ألسنية ، وبالتالي هناك ما يسميه بالمقاربة التاريخية والسوسيولوجية للنصوص الدينية والحدث الإسلامي ذاته بشكل يختلف عما تقدمه النسخ الاسلامية الثلاث من تمازج المقدس والمطلق في حكاياتها ، وانها تمثل وحدها الجاهز الشرعي المقبول عقائديا دون سواها ، هكذا يحاول أركون النبش في التاريخ ونقده كما اسلفنا مستخدما علوم الانسان الحديثة تلك التي تميز بين الحكايات الصحيحة والمزورة ، بين المعطيات التاريخية الوضعيّة وتلك الخيالية بين الزمان والمكان المحسوسان وبين شكلهما الاسطوري ، وهنا يشير أركون الى استخدام النقد الفللوجي (١٦) ومهمته في الفصل المتحقق بين ما هو واقعي وما هو اسطوري في تشكيل هذه الحكايات الاسلامية (١٧)


يقول محمد أركون " ان ذروة العامل الديني قد اصيبت في صميمها وفي لب آليتها او وظائفها المعترف بها من قبل الشهود الذين مستهم روح الوحي " وهنا لا يقصد سوى من شهد انبثاق النصوص الدينية ومن ثم توليه امر تفسيرها وبث المعنى وتوزيعه للناس من رجال دين ومتكلمين ومؤرخين وتابعين.. الخ ، وكل هؤلاء في النهاية هم بشر معرضون الى الصواب والخطأ وليس الى التقديس او ان تصبح شهادتم نفسها مقدسة لا يشوبها النقص مثلما هو سائد اليوم ليس لدى جميع متلقي الخطاب الديني فحسب بل لدى من يثبت هذه الشهادات من أجل كسب الشرعية السياسية وهنا يدخل أثر الدولة المدافعة عن طبيعة النقل لا العقل الذي استخدمه المعتزلة وقمع بشدة وبقرار سياسي من قبل الخليفة القادر سنة ٤٢٠ هجرية_ ١٠٢٩ ميلادية (١٨)

وهذا القرار السياسي الذي خلد اثر شهادات معينة دون سواها ما زال فاعلا في شكل واطار الدولة في الازمنة الراهنة واركون يقف موقف المعارض ، وذلك لانه لا يستطيع ان الفصل بين النقد الديني والسياسي ، اذ كلاهما في حالة تمازج ، فسلطة الدولة كما اسلفنا تبحث عن الشرعية واضفاء طابع الإستمرارية لوجودها ، وهذه الدولة تدعم الرؤية الأرثوذكسيّة لاكثر الدوائر الدينية المهيمنة ، وان كانت تبرر وجودها اي الدولة بشكل علماني مثل الجزائر ومصر وغيرها الكثير .

ان مشروع محمد أركون هو مشروعا اصلاحيا يهدف الى احياء الصورة الإنسانية المختفية من الاسلام ، تلك التي اخذت الطابع الانساني في كتابات مفكرين مثل ابن رشد وابن دسكويه والتوحيدي وغيرهم الكثير ، اذ كان قد قدم أركون اطروحته عن ابن مسكويه الفيلسوف والمؤرخ والشاعر الفارسي الذي عاش في الفترة (٣٩٢ هجرية _ ١٠٣٠ ميلادية) وابن مسكويه نفسه كان معبرا عن عصر ثقافي فاعل مؤثر في البيئة الاسلامية المعاصرة له حيث وجود التلاقح الاسلامي ، الفارسي والاغريقي في تكوين اثر جديد للمعرفة ، كذلك الحال مع التوحيدي فيلسوف الادباء واديب الفلاسفة كما كان يسمى ، حيث كان اديبا موسوعيا يعمل في " الوراقة " نسخ الكتب وبيعها وبالتالي الاستفادة من جيل عصره الثقافي وما يرده من اسهامات ومنجزات ثقافية على اختلاف توجهاتها واتتماءاتها الدينية والعرقية في كتبه من مثل ( الامتاع والمؤانسة ، الذخائر والبصائر ، اخلاق الوزيرين ، الصداقة والصديق ) وغيرها الكثير ، وهنا يحاول أركون الكشف عن اهمية هذا الجيل " جيل مسكويه والتوحيدي " الذي اظهر نزعة انسانية واضحة في نتاجه الادبي والثقافي ، تظهر من خلال الاهتمام بدراسة الاخلاق في جانبها الفلسفي العلمي ضمن شخصية ابن مسكويه ، وتظهر ايضا جانب الاغتراب والنقمة على العصر الذي عاشوا فيه ضمن شخصية ( التوحيدي ) الذي انتهى به الامر الى احراق كتبه لانها لم تنفعه في دنياه ولم يأخذ احد بقدرها واهميتها (١٩)


يتبع لطفا ....




المصادر والهوامش : _

(١٥) أركون ، محمد / الفكر الإسلامي ، قراءة علمية / مركز الإنماء القومي ، بيروت / ص ٣٠ _ ٣١ .
(١٦) الفقه الفللوجي هو فقه اللغة وهو علم دراسة اللغة ضمن مصادرها التاريخية الشفوية والمكتوبة
(١٧) أركون ، محمد / المصدر ، نفسه ، ص ٢٧ .

٨ ١_ هذا بالنسبة للحكاية السنية اما الحكاية الشيعية فانها لم تعش مستوى الدولة الا ضمن فترات تاريخيّة فرضت فيها العقيدة او التصور الخاص بالعقيدة ، واليوم في ايران ايضا تفرض شكلا معينا من الحقيقة يفارق التاريخ نفسه ومؤسس له في الدستور الإيراني بشكل غريب يؤبد المذهبية الى ابد الدهر .

١٩_ يمكننا القول ان هذا الجيل شكل عصر نهضة إسلامية انسانية لم يتح لها المجال للتراكم والازدهار ، بسبب غياب البوادر والتحولات الطبقية من شكل الاقطاع او مجتمعات ذات الانتاج الاسيوي الغارقة بالاستبداد الى المجتمعات التجارية والصناعية والبرجوازية الحديثة .



#وليد_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ندبة هذا الزمان
- نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة ) (£ ...
- خيبة السلام
- نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة ) (£ ...
- سلاسل وبلاد
- نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة ) (£ ...
- شجرة وماي صافي
- نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة ) (£ ...
- نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة )
- جوال في المدينة الخربة (١)
- نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة ) (£ ...
- نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة ) (£ ...
- في دفتر الرسم
- سبعة نماذج من الهايبون الفلسفي
- الآداب والفنون السومرية .. نظرة تاريخيّة في الأصالة والابداع
- اشكال ممارسة النقد الاجتماعي (٢)
- المدنية السومرية .. نظرة تاريخيّة في الأصالة والابداع (£ ...
- المدنية السومرية .. نظرة تاريخيّة في الأصالة والابداع (10)
- المدنية السومرية .. نظرة تاريخيّة في الأصالة والابداع (¤ ...
- المدنية السومرية .. نظرة تاريخيّة في الأصالة والابداع (¤ ...


المزيد.....




- إيلون ماسك ونجيب ساويرس يُعلقان على حديث وزير خارجية الإمارا ...
- قرقاش يمتدح -رؤية السعودية 2030- ويوجه -تحية للمملكة قيادة و ...
- السعودية.. انحراف طائرة عن مسارها أثناء الهبوط في الرياض وال ...
- 200 مليون مسلم في الهند، -أقلية غير مرئية- في عهد بهاراتيا ج ...
- شاهد: طقوس أحد الشعانين للروم الأرثودكس في القدس
- الحرب على غزة| قصف إسرائيلي مستمر وبلينكن يصل السعودية ضمن ج ...
- باكستان.. مسلحون يختطفون قاضيا بارزا ومسؤول أمني يكشف التفاص ...
- كلاب المستوطنين تهاجم جنودا إسرائيليين في الخليل
- بلينكن يصل إلى السعودية للاجتماع مع وزراء خارجية دول مجلس ال ...
- ما علاقة الحطام الغارق قبالة سواحل الأردن بالطائرة الماليزية ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد المسعودي - نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة) (١_٧)