أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نجيب الخنيزي - دور الفرد في التاريخ















المزيد.....

دور الفرد في التاريخ


نجيب الخنيزي

الحوار المتمدن-العدد: 7359 - 2022 / 9 / 2 - 17:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




يتعين الوقوف هنا أمام اتجاهين رئيسين في فهم التاريخ فهناك من يرى التاريخ مسيرا وفقا لقانون الحتمية التاريخية (الجبرية)، وبالتالي ليس هناك من دور بارز للفرد في صناعة التاريخ، وهناك من يرى بأن صيرورة التاريخ تتأتى في المقام الأول من دور الأفراد والسمات الشخصية للقادة والزعماء الذين يرسمون (سلبا وإيجابا) معالم خط التاريخ، ودون إبداء الاهتمام بدور الظروف والأسباب الموضوعية، ومدى نضج الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والنفسية السائدة ، وقبل كل شيء قدرة ونضج الجماهيرلعملية التغيير .
ركز المستشرقون في كتاباتهم وأبحاثهم على الجزء الأول من الكتاب الكبير في التاريخ لابن خلدون الذي سماه " كتاب العبر ، وديوان المبتدأ والخبر ، في أيام العرب والعجم والبربر ، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر " إضافة إلى مقدمة المؤلف " مقدمة في فضل التاريخ " حيث يطلقون عليهما العنوان المختصر وهو " المقدمة " أو مقدمة ابن خلدون .
وتنبع الأهمية الخاصة التي أولوها للمقدمة و للجزء الأول المعنون " في طبيعة العمران البشري " ما تضمنهما من استنباطات فكرية عميقة واكتشاف أدوات تحليل نظرية جديدة مثلت بداية لتأسيس المنهج العلمي في دراسة التاريخ والاجتماع ( العمران ) الإنساني .
القضية المركزية في التاريخ لدى ابن خلدون ليس الجوانب الظاهرية في توصيف الأخبار والحوادث وسير الأنبياء والملوك ولكن العلل الخفية في تاريخ المجتمع البشري الذي تحكمه قوانين موضوعية أطلق عليها " كيفية الوقائع وأسبابها " ومنتقدا الأغلبية من المؤرخين في عصره والعصور السابقة أنهم اكتفوا بنقل مادة التاريخ من غير نقد وتمحيص " فأدوها إلينا كما سمعوها، ولم يلاحظوا أسباب الوقائع والأحوال ولم يراعوها، ولا رفضوا ترهات الأحاديث ولا دفعوها " .
وقد حدد ابن خلدون أوجه النقص في التاريخ المنقول على الوجه التالي: أولا، التشيع للآراء والمذاهب. ثانيا، الثقة بالناقلين. ثالثا، الذهول عن المقاصد. رابعا، الجهل بتطبيق الأحوال على الوقائع لأجل ما بداخلها من التلبيس والتصنع. خامسا، تقرب الناس في الأكثر لأصحاب التجلة والمراتب بالثناء والمدح. سادسا، الجهل بطبائع الأحوال في العمران. (المقدمة جـزء 1 ) .
وفي هذا السياق فند بعض المبالغات والأحداث التي لا يمكن أن تقع من الناحية العقلية كما في تاريخ ابن كثير ومجايله والسابقين لهم واللاحقين. ومع انه أثنى على كتاب المسعودي " مروج الذهب " في شرحه لأحوال الأمم ووصفه لنحلهم وعوائدهم غير انه أخذ عليه أيضا انه لم يخرج عن منهج الوصف والنقل ولم يستبطن اهداف التاريخ الذي هو " نظر وتحقيق، وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق، وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق " ( المقدمة ) .
وقد حدد ابن خلدون مكونات منهجه العلمي الجديد في علمي التاريخ والاجتماع بقوله " هذا علم مستقل بنفسه، فانه ذو موضوع وهو العمران البشري والاجتماع الإنساني، وذو مسائل، وهي بيان ما يلحقه من العوارض والأحوال لذاته واحدة بعد الأخرى، وهذا شأن كل علم من العلوم وضعيا كان أو عقليا. وأعلم ان الكلام في هذا الغرض مستحدث الصنعة، غريب النزعة، غزير الفائدة، أعثر عليه البحث ، وأدى إليه الغوص" محددا منهجه العلمي الجديد بقوله " وكأنه علم مستنبط النشأة ، ولعمري لم أقف على الكلام في منحاه لأحد " .
هذه القراءة الجديدة لحقيقة التاريخ الإنساني وما يعتمل فيه من أحداث ونوازل ومتغيرات تعود في الدرجة الأولى إلى العوامل الموضوعية ودور القوى الدافعة والمحركة للتاريخ وفي ذلك يقول " حقيقة التاريخ انه خبر عن الاجتماع الإنساني الذي هو عمران العالم ، وما يعرض لطبيعة ذلك العمران مثل التوحش والتأنس والعصبيات وأصناف التغلبات للبشر بعضهم على بعض ، وما ينشأ عن ذلك من الملك ، والدول ومراتبها ، وما ينتحله البشر بأعمالهم ومساعيهم من الكسب والمعاش والعلوم وسائر ما يحدث في ذلك العمران بطبيعته من الأحوال" .
وحدد ابن خلدون منهجه في فلسفة التاريخ بأنه " سلكت في ترتيبه وتبويبه مسلكا غريبا ، واخترعته من بين المناحي مذهبا عجيبا ، وطريقة مبتدعة وأسلوبا ، وشرحت فيه من أحوال العمران والتمدن وما يعرض في الاجتماع الإنساني في العوارض الذاتية ما يمتعك بعلل الكوائن وأسبابها ، ويعرفك كيف دخل أهل الدول من أبوابها ، حتى تنزع من التقليد يدك ، وتقف على أحوال ما قبلك من الأيام والأجيال وما بعدك " .
ووفقا لابن خلدون فأنه أكد أن التاريخ لا يعيد نفسه حيث يقول: " من الغلط الخفي في التاريخ الذهول عن تبدل الأحوال في الأمم والأجيال بتبدل الأمصار ومرور الأيام وهو داء دوي شديد الخفاء إذ لا يقع إلا بعد أحقاب متطاولة فلا يكاد يفطن له إلا الآحاد من أهل الخليقة، وذلك أن أحوال العالم والأمم وعوائدهم ونحلهم لا تدوم على وتيرة واحدة ومنهاج مستقر، إنما هو اختلاف على الأيام والأزمنة وانتقال من حال إلى حال وكما يكون ذلك في الأشخاص والأزمان والإعصار فكذلك يقع في الآفاق والأقطار"
هذا الطرح الخلدوني يذكرنا يأطروحة ماركس " التاريخ لا يكرر نفسه ، وإذا تكرر ففي المرة الأولى مأساة ، وفي المرة الثانية ملهاة "
رتب ابن خلدون كتابه على مقدمة وثلاثة كتب على الوجه التالي المقدمة : في فضل علم التاريخ وتحقيق مذاهبه والالمام بمغالط المؤرخين .
ثم الكتاب الأول في العمران وذكر ما يعرض فيه من العوارض الذاتية من الملك والسلطان والكسب والمعاش والصنائع والعلوم وما لذلك من العلل والأسباب.
أما الكتاب الثاني ففيه استعراض أخبار العرب واجيالهم ودولهم منذ بدء الخليقة إلى هذا العهد (زمن تأليف الكتاب)، وفيه الألمام ببعض من عاصرهم من الأمم المشاهير ودولهم ، مثل النبط والسريانيين والفرس وبني إسرائيل والقبط واليونان والروم والترك والفرنجة . وأخيرا الكتاب الثالث وهو يتضمن أخبار البربر ومن إليهم من زناته، وذكر اوليتهم وأجيالهم، وما كان لهم بديار المغرب خاصة من الملك والدول.
كما تضمن كتابه وصف رحلته المشرقية التي شملت الحجاز ومصر " سالكا سبيل الاختصار والتلخيص، مفتديا بالمرام السهل من العويص، داخلا من باب الأسباب على العموم إلى الأخبار على الخصوص، فاستوعب أخبار الخليقة استيعابا، وذلل من الحكم النافرة صعابا، وأعطى لحوادث الدول عللا وأسبابا، وأصبح للحكمة صوانا وللتاريخ جرابا".
ومن هنا فان المقدمة والكتاب حوى جانبي التوصيف في سرد الحوادث والمتغيرات والتحليل النظري العلمي لها في آن معا مبرزا ومدللا بصور علمية ومنهجية على دور القوانين (قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج) الاجتماعية العامة في نشوء وتطور العمران البشري للمجتمعات الإنسانية كافة. للحديث صلة



#نجيب_الخنيزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميرزا الخنيزي والذاكرة التاريخية
- غياب الشخصية الوطنية والتقدمية البحرينية البارزة الدكتور يعق ...
- كلمة في حفل أسرة الأدباء والكتاب في البحرين وفاء واستذكارا ل ...
- مظفر النواب وداعا
- علي الدميني .. إننا محكومون بالأمل
- ذكرياتي مع الفقيد الراحل اسحاق الشيخ يعقوب بعد عودته إلى أرض ...
- ذكريات لا تنسى مع الفقيد الراحل اسحاق الشيخ يعقوب - ذكريات ل ...
- ذكريات لا تنسى مع الفقيد الكبير اسحاق الشيخ يعقوب
- مرور عام على رحيل الفقيد الكبير اسحاق الشيخ يعقوب
- مرور 10 سنوات على رحيل المثقف و الإنسان .. شاكر الشيخ
- 10 سنوات على رحيل الجهيمان .. سادن الأساطير والأمثال
- رحيل الشاعر العراقي والعربي الكبير سعدي يوسف
- 22 أبريل .. اليوم العامي لأمنا الأرض
- رحيل الروائية والمناضل المصرية نوال السعداوي
- اليوم االعالمي للمرأة لعام 2021
- في ذكرى المفكر والمناضل المصري محمود أمين العالم
- رحيل إسحاق الشيخ يعقوب
- هزم ترامب .. لكن ماذا عن- الترامبية - ؟ ( 2 )
- هزم ترامب .. لكن ماذا عن- الترامبية - ؟
- قانون يكرس الانقسام الطائفي بالعراق !


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نجيب الخنيزي - دور الفرد في التاريخ