أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - حسين شحادة الركن الثاني - التعدّدية وأزمة الخطاب الديني المعاصر















المزيد.....

حسين شحادة الركن الثاني - التعدّدية وأزمة الخطاب الديني المعاصر


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 7350 - 2022 / 8 / 24 - 12:01
المحور: الادب والفن
    


"إن الدول والأنظمة التي لا تعمل على إجهاض الفتن على أراضيها وبين مواطنيها
هـي أنظمـة فاشلـة، إن لم نقل بأنها متواطئة مع مشاريـع التطـــرف والإرهـــاب"
الشيخ ح. ش

كنت قد حاورته بشأن هذا الموضوع الذي كان عنوان محاضرة له في بيروت (منتدى الأربعاء لمؤسسة الإمام الحكيم في 2/آب/ أغسطس/2016) فقال لنبدأ بالشق الثاني، ذلك إن "الخطاب الديني"، هو مرآة لمنظومة القيم والمفاهيم الكاشفة عن خصائص وميزات هذه العقيدة الدينية أو تلك"، ومن عادة هذا الخطاب أن ينشأ من رحم الأحداث الكبرى في تاريخه، وحاول أن يضرب أمثلة على المحور التاريخي لنشأة الخطاب الديني المسيحي، الإسلامي واليهودي، فأوضح أن الخطاب المسيحي المعاصر قد تشكّل منذ حروب الكاثوليك والبروتستانت ويقصد حرب المائة عام وحرب الثلاثين عاماً؛
فالأولى من الناحية الفعلية استمرّت نحو 116 سنة من العام 1337 - 1453 وإن تخلّلتها فترات هدنة وسلام، ومن أسبابها ادّعاء الملوك الإنجليز بأن العرش الفرنسي لهم، وبالطبع فإن هناك أسباباً سياسية واقتصادية وشخصية كانت وراء اندلاع هذه الحرب الطويلة؛ أما حرب الثلاثين عام "Thirty Years War" فهي سلسلة من الحروب والصراعات الدموية التي وقعت معاركها ابتداء في أوروبا الوسطى، وخصوصاً في ألمانيا، وامتدّت إلى أراضي روسيا وإنكلترا وكاتالونيا "إسبانيا" وشمال إيطاليا وفرنسا، وهي حرب دينية وطائفية بالدرجة الأولى بين طائفتي البروتستانت والكاثوليك؛
وقد شهدت أوروبا بسببها تدميراً شاملاً، وانتشرت خلالها الأمراض والمجاعات، مثلما عرفت هلاكاً لملايين البشر، يكفي أن نعرف أن عدد النفوس في ألمانيا انخفض بنسبة 30% وأن هناك أكثر من 13 مليون ونصف المليون إنسان قضوا نحبهم، وقد انخفض عدد الذكور إلى النصف، وفي نهاية المطاف تم التوصل إلى صلح يضمن المصالح المشتركة وعدم التدخل، بل والتعاون الاقتصادي والتجاري، وقد عرف هذا الصلح باسم "صلح وستفاليا" العام 1648، وذلك على هاجس التعدّدية الدينية وتوسيع مفهوم الخلاص وأنسنته.
أما الخطاب الإسلامي المعاصر، فقد تشكّل مع بدايات الهجمة الغربية الاستعمارية على العالم الإسلامي وحروبه التي استهدفت روح التعددية في مجتمعاته بإلغاء الذات الإسلامية واستلاب هويّتها تحت عناوين مختلفة منذ حروب الفرنجة وحتى صدمة الاستعمار في القرنين الماضيين.
وتشكّل الخطاب اليهودي المعاصر، على فكرة النقاء من الأغيار ومعاداة التعددية باعتماده على سياسة "فرن الصهر" التي أطلقها "بن غوريون"، لصهر مكوّنات المجتمع "الإسرائيلي" في ثقافة واحدة انتهت بإعلانها عن يهودية الدولة". ويقصد موضوع الدولة اليهودية النقية حين صادق الكنيست على قانون الدولة القومية لليهود في إسرائيل في 19 يوليو(تموز) 2018، بأغلبية 62 ومعارضة 55 وبامتناع نائبين عن التصويت.
ولنعود إلى سؤالكم عن الشق الأول أي التعددية الدينية وملابساتها السياسية وما يقترن بها من تحدّيات، وسألته قبل أن يكمل:هل تقصد "التعددية الليبرالية" أم أن هذه الأخيرة انتهت بإطروحة صدام الحضارات، فأشار إلى محاولات الهيمنة وفرض الاستتباع قادت إلى استمرار الفتن والحروب النافخة في كير التخوين والتكفير ومذابح القتل على الهويات قتيلة وقاتلة"، وذلك بانعكاساتها على مجتمعاتنا.

الأزمة وإدارة التنوّع
وأشار إلى "أن واقع الأزمات الناجمة عن إدارة التنوع والاختلاف لا تزال ملتبسة في العلاقات الصراعية بين الدين والدولة والمجتمع"، ثم سألته عن الاعتراف بالآخر، فقال: "إذا كانت التعدّدية قائمة على الاعتراف بشرعية الآخر وحقه في الاختلاف واحترام الفوارق والخصوصيات الدينية والثقافية ونبذ التمييز العنصري ومنع استحواذ فئة من فئات المجتمع على السلطة واحتكارها بثقافة واحدة مسيطرة، فإن أخطر ما في سلبيات التعددية هو أن تقع في شباك العولمة ونظامها المتوحّش، الذي يستهدف تفتيت الهويات وتفكيك الوحدة المجتمعية لقيم الدولة والأمة والوطن".
ولفت انتباهي إلى خطأ وخطل فكر بعض الإسلاميين الذين لا يعترفون بالتنوّع وخطر ذلك على مجتمعاتهم بالذات، وتماسكها وقدرتها على مجابهة القوى الخارجية، وأشار إلى: "أن بعض الإسلاميين لم يلتفتوا إلى أهمية تثبيت قيم التعدّدية في الاجتماع الديني السياسي وصياغة مفهومها القرآني في إطار صيغة العيش المشترك، فاعترض المعترضون على التعددية من موقع استبعادها لمرجعية النظام الإسلامي في إدارة التنوع وسلطته السياسية، من دون أي مراجعة نقدية لصدقية وجود هذا النظام في أرض الواقع من جهة وإغفال علاقة التعدّدية والعيش المشترك بالصراع القائم مع الكيان الصهيوني من جهة ثانية"، وأكّد الشيخ حسين شحادة "إن هذا الكيان يقوم على نظرية عنصرية إلغائية وإقصائية، مفادها أن وحدة الكيان "الإسرائيلي" لا تتم إلّا بشرط أن يكون المنتسبون لهذا الكيان لهم وحدة الانتماء الديني والطائفي".
وأضاف إن "إسرائيل" عمدت ولا تزال تعمد على ضرب التعدّدية والعيش المشترك وتمزيق العالم العربي- الإسلامي فيما اصطلح عليه بمشروع "الشرق الأوسط الكبير"، وتحويله إلى دويلات طائفية ومذهبية ضعيفة تبرز فيها "إسرائيل" بوصفها الدولة الأقوى المتحكّمة بمصير هذه الأمة المجزّأة والكيانات الضعيفة". وكنت قد لفت انتباهه إلى مشروع برنارد لويس القاضي إلى تقسيم البلدان العربية إلى 41 كياناً دينياً وطائفياً وإثنياً ولغوياً، باعتبار ذلك الطريقة المناسبة لحكم العرب والتحكّم بهم، وقد سبق لكيسنجر أن قال: علينا أن "نقيم دويلة وراء كل بئر نفط".

صراعات الفتن
وسألته أتعتقد أن الأسباب التي ذكرتها هي التي تقف وراء فشل الخطاب الديني الذي ينبغي إصلاحه كما تقول؟ وأرى أن المطلوب هو إصلاح "الفكر الديني"، لأن كل خطاب يقوم على فكر وينطلق منه ويعبّر عنه، فتساءل معي: لماذا فشل خطاب الوحدة والتقريب عن مواجهة هذا التحدي؟ وأشار إلى أن الخطاب الإسلامي أصبح جزءًا من المشكلة فيما نراه من صراع سنّي ـ شيعي وصراعات إسلامية ـ إسلامية لا تريد أن تحتكم إلى مرجعية القرآن الكريم ودستور المدينة النبوية الأولى وركائزه في إدارة الخلاف واستبدال الصراع بالتنافس والتعاون على البر والتقوى، وحماية المواطن الكاملة والمتساوية في إطار المكون الاجتماعي والسياسي، وتحصين السلم مع الآخر المختلف والآخر النقيض". ويحتاج الأمر إلى مراجعات فكرية ونقد جريء وتفاعل مع التطور الكوني وسمة العصر.
والأمر ينطبق على محاولات الاستعلاء على الآخر المسيحي وكل أهل الكتاب تلك التي ما تزال الماضوية والنظرة التقليدية السكونية تتعاطى معها من موقع الكفر أحياناً ومن موقع النجاسة والطهارة في أحيان أخرى، وثالثة بزعم نكث الوعود وما إلى ذلك، وقال الشيخ حسين موضحاً وجهة نظره:" ومن جملة نواقص خطابنا الديني عموماً والإسلامي خصوصا هو أننا وقعنا بين حركات تناهض الغرب المستعمر وغرب يستثمر في تناقضات الداخل الإسلامي وانقساماته المذهبية والطائفية، والتبس هذا الخطاب في تمرحله وتحقيقه إزاء التطورات المتسارعة الراهنة في مشهد لا يعكس صورة الدين في جوهره، بل صورة المشهد المأزوم بالفتن السياسية والدينية".
وسألته عن أي إنسان يتحدّث، فقال: إنسان التقوى والعدالة وليس السلطة وإكراه الناس على ثقافة المذهب الواحد واحتكار تفسير الإسلام وإدعاء تمثيله الحصري، تحت شعارات رفعت بلا وعي موضوعي وفهمي لمضامينها وتطبيقاتها في الداخل الإسلامي المتعدّد، ولا سيّما شعارات "التولّي والتبري ولا حكم إلّا لله". وقال: "من هنا، بدأت العلاقة السجالية بين الخطاب الإسلامي وذاته ليغدو الشقاق الإسلامي ـ الإسلامي هذه المرّة السمة الأساسية لخطابنا الإسلامي المعاصر".
وأضاف الشيخ حسين: "بدل أن يعمد الخطاب الديني على اجتراح صيغة لتحرير العقل الإسلامي من الاستلاب تجاه اجتياحات العولمة الوافدة، وما أفرزته من سموم في ثقافتنا وسلوكنا، وبدل أن يستعيد الخطاب مهمة التوحيد والتحرير وبلورة الأبعاد الإنسانية لثقافة المقاومة، انتقل بمناكفات الفتن وردود أفعالها من قذف حكوماته وأنظمته بالجاهلية إلى قذف مجتمعه ومكوناته الثقافية والدينية بالتخوين والتكفير".
وختم شحادة قائلاً: "إن التعدّدية الدينية التي ذاقت أشدّ أنواع الاختراق من الصهيونية الإنجيلية في الزمن الماضي، تواجه اليوم خطر اختراق الصهيونية ذاتها للإسلام وخطر إخضاعها وتذويبها في أسيد العولمة التي أعلنت نهاية السياسة والدول والأوطان. ومع ضعف مناعة التعددية باستشراء الأميّات الدينية والثقافية، ومع تعاظم الاستبداد الديني والسياسي، يجد الخطاب الإسلامي الإصلاحي نفسه بين خيارين هما:
خيار الانفصال أو خيار المواجهة والانجرار إلى الفتن التي ما تزال مفتوحة على كل الاحتمالات. ولا بديل عن هذا وذاك إلّا بمقاربة أزمات الخطاب الديني المعاصر، ومراجعته مراجعة نقدية صارمة وترتيب أولويات المعالجة وفي مقدمها، معالجة إشكالات التعددية في زمن لا يريد أن يستبدل خطاب الـ"أنا" بخطاب الـ "نحن" المفجوعون بأديانهم وأوطانهم وثقافاتهم وقيمهم".
(يتبع)



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حسين شحادة ثلاثة أركان في مشروعه الفكري
- عن فقه العدل
- المدرسة والمواطنة
- دين العقل وفقه الواقع: مشروع لم يُنجز بعد...!
- الرابطة العربية للقانون الدولي تدعو المجتمع الدولي لتحمل مسؤ ...
- تحسين معلّة : ربع قرن في -سبيل البعث- وربع قرن ضدّ سلطة البع ...
- شعبان ضيفًا على مجلس بلدية فينيسيا
- إملاء الدستور
- السيّد بحر العلوم ومشروعه الدستوري
- -طائر العاصفة- الذي ما يزال يحلّق في سماء الشعر
- العنف في الهويّة
- ناهدة الرمّاح: الأيقونة التي أعطت للمسرح عيونها
- المتوسّط بين الوصل والفصل
- الشيخ حسين شحادة فقيه التغيير (2)
- حصّتي من أبو كاطع
- أوكرانيا واللحظة المفصلية
- قراءة في فكرة الدولة
- أوكرانيا وضباب الدبلوماسية
- عبد الحسين شعبان في ندوة حوارية في عمّان -دين العقل وفقه الو ...
- الشيخ حسين شحادة: ملتقى الأديان والثقافات


المزيد.....




- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - حسين شحادة الركن الثاني - التعدّدية وأزمة الخطاب الديني المعاصر