أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عثمان بوتات - رسالة إلى نيتشه والإنسان














المزيد.....

رسالة إلى نيتشه والإنسان


عثمان بوتات

الحوار المتمدن-العدد: 7350 - 2022 / 8 / 24 - 00:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هاجمت شخص سقراط ووصفته بأفظع الصفات وانه لمفسد لعقول الشباب. ولا شك أنك كنت حقاً شجاعاً وجريء. وبالغالب أنت محق الاعتقاد بأنه بالغ الترويج لأفكاره المثالية والبعيدة عن الواقع. تلك الأفكار التي ربما تكون قد أدلت بثمارها لإفساد عقول فئة من الناس. كالفئة التي حولتها والفلسفة اليونانية عامة الى أديان وجعلت منها ارضاً خصبة للإبداع في خلق التخاريف واستغلال العقول الضعيفة. ولربما هجومك على سقراط كان هجوماً على الكنيسة والدين! ربما تلقي عليه اللوم لما كانت عليه الكنيسة من قوة! أو ربما كان هجوماً على العقل في الأساس! على العقلانية وفلسفتها التفاؤلية!
لقد كان واضحاً أنك سفسطائيّ التوجه. ذلك التوجه الذي هاجمه سقراط بشراسة. لكنك في الحقيقة ورغم اختلافك الفكري معه انت لم تختلف عن نهجه المتطرف التي تدفعه مشاعر الانتقام. مشكلتك مع الميتافيزيقيين وافكارهم جعلتك تهاجم الاخضر واليابس المرتبط بهم بكل ما اوتيت من قوة.
وعلى نفس نهج سقراط الذي وصفته بمفسد عقول الشباب. نراك في زمن اخر تروج لأفكارك حول اخلاق السادة والعبيد وكيف يجب رؤية القوي والشجاع والمهيمن... على انه ذو الاخلاق السامية. وما المتواضع والطيب... الّا ضعيف القوة يعوض نقصه بأخلاق العبيد. الخبر الجيّد ان افكارك هذه قد تم تلقيها وفهمها. والخبر السيء أن المتلقي كان هو الانسان. افكارك " التي لا تفسد عقول الشباب" استخدمت كورقة رابحة ومبرر لنبذ اليهود من قبل النازيين. ولو ولد نيتشه آخر الان بيننا يعتقد بمنطقك لاتهمك هو الآخر بنيتشه مفسد عقول الشعوب وليس فحسب عقول الشباب. 

ان للأفكار سواء كانت دينية او فلسفية او سياسية قوة عظيمة. للهدم او للبناء. وفلسفة نيتشه في هذا السياق القائمة على الرغبة في الانتقام والقوة نموذج لا يمكن ان يكون بنّاء.
أيها الانسان انك خاضع لرغبات الكره والانتقام... في طبعك البشري المتطور بفعل أسباب بيولوجية كباقي الكائنات الحية. وانك لا تعتبر انساناً الّا بسيطرتك عليها بإنسانيتك واخلاقك. بالعقل الذي تتميز به. لكنك ضعيف وجبان للتجرّء على استخدامه. ولحظة ان تعطيك "قوة الفكرة" الضوء الاخضر سترى المبرر ويغيب حينها العقل ويدخل ذلك الكائن البشري الغابوي للتصرف. ذاك الكائن الأخطر بين كل الكائنات. الذي قد يبيد الملايين من الاقلية الضعفاء ويبرر بانهم لا يستحقون العيش وأن لهم اخلاق عبيد. الذي قد يغزو عشرات القبائل ويغتصبهم ويبرر بانه يريد نشر افكار الحق. الذي قد يعذب الملايين من الناس والحيوانات ويبرر بانهم لم يخضعون لأوامره او انهم مختلفين بشرةً او فكراً او جنساً... هذا كل ما يستطيع الجبان فعله بعقله. التنفيذ والتبرير. وانها لمبررات مثيرة للاشمئزاز، ولا تعبر الّا عن جهل وجبن صاحبها، وكان سيكون من الافضل عدم وضعها كحاجب، وان يكون الانسان شجاعاً بما يكفي للاعتراف بانه لا يستطيع مقاومة رغباته ولهفاتة. سيكون على الاقل انسان مثير للشفقة لكن شجاع.

أيها الانسان افكارك التي تفكّر فيها، أو تظن انك تفعل، اذ لم تكن أفكاراً تقدم العقل والأخلاق.. على الرغبة. سواء في الانتقام أو في رد الثأر أوفي مصالح ذاتية والاجتماعية؛ فهي افكار لا فائدة منها. وقد تكون خطيرة مهما كانت عبقريتها وقابليتها للعمل.
أيها الانسان كن شجاعاً بطرح افكارك الفلسفية والعلمية والسياسية نعم.. لكن مع التفكير كذلك بتأثيرها على الغير والواقع. هذه هي العبقرية برأيي. ان ترى ابعد من ذاتك ومصلحتك... نحو التفكير في الآخر وفي الكون وحبه والانسجام معه.. بعبقريتك واخلاقك. وصدقني ستعود بنتيجة مرضية نفسياً، سترى في نفسك ذلك الانسان الذي يسيطر بعقله، وليس الانسان الذي يسيطَر على عقله.



#عثمان_بوتات (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفن - اللغة التي يفهمها الكل والبعض ولا أحد -
- نقد السلوك الأخلاقي وإزالة المفاهيم الدخيلة للفضيلة
- تساؤلات حول الوجود الإنساني
- تعدد مفاهيم الحب بين اللاشعوري والإختياري
- العنصرية الإنسانية
- الواقع بأذهاننا
- سيكولوجية المجتمع بين للتناقض والتناغم


المزيد.....




- -نايكي- تُحيي فنًا عمره 5000 عام في أول تعاون لها مع علامة أ ...
- قتلى وجرحى ودمار جراء القصف الإيراني على إسرائيل
- مصر: الحكومة تضع حلولا بعد غلق إسرائيل أكبر حقولها للغاز.. و ...
- هل الهدف هو تغيير النظام الإيراني أو القضاء على البرنامج الن ...
- إيران وإسرائيل تعلنان أحدث حصيلة لقتلى الهجمات المتبادلة بين ...
- بعد أن أثار جدلا.. كاتس يتراجع عن تهديد سكان طهران
- حاملة الطائرات الأميركية -نيميتز- نحو الشرق الأوسط: هل تلوّح ...
- الجيش الإسرائيلي يسحب الفرقة 98 من غزة ويحشد عند حدود مصر وا ...
- فرقة -كوستروما- تؤدي عرضا بأوبرا القاهرة
- بن غفير يأمر الشرطة بإيقاف أشخاص يصورون أماكن سقوط الصواريخ ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عثمان بوتات - رسالة إلى نيتشه والإنسان