أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر الفضل - مع الأستاذ الدكتور كاظم حبيب في حواره حول فيدرالية الوسط والجنوب -حوار هادئ في قضية ساخنة















المزيد.....


مع الأستاذ الدكتور كاظم حبيب في حواره حول فيدرالية الوسط والجنوب -حوار هادئ في قضية ساخنة


منذر الفضل

الحوار المتمدن-العدد: 1684 - 2006 / 9 / 25 - 10:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



نشر الزميل الفاضل الدكتور كاظم حبيب مقالا بعنوان (( حوار مع الاستاذ الدكتور منذر الفضل حول فيدرالية الوسط والجنوب )) في مواقع ألكترونية متعددة بتاريخ 15 إيلول 2006 , ولم يتسن لي الاجابة في حينها بسبب سفري وإنشغالي في مراجعة مسودات كتابين قانونيين لي في كوردستان تحت الطبع , وقد نشر المقال المذكور على الرابط التالي :
http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=75841

وفي هذا المقال فتح بابا للحوار الهادئ حول قضية ساخنة وردت في الدستور الجديد تتعلق بأنشاء الاقاليم ومنها فيدرالية الوسط والجنوب والتي كادت ان تعصف بمجلس النواب وبالاطياف السياسية حيث جاء في المادة 118 من الدستور مايلي :( المادة 118: يسن مجلس النواب في مدة لاتتجاوز ستة اشهر من تاريخ اول جلسة له، قانوناً يحدد الاجراءات التنفيذية الخاصة بتكوين الاقاليم بالاغلبية البسيطة للاعضاء الحاضرين ). , وقد أنصب حواره معي بناء على مقال سابق كنت قد نشرته في مواقع ألكترونية متعددة تحت عنوان فيدرالية الوسط والجنوب من الحقوق الدستورية في العراق طبقا للمادة سالفة الذكر
http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=60087

وإذ أشكر الاستاذ الفاضل الدكتور كاظم حبيب على حواره الذي أتسم بالاسلوب الحضاري الرصين حيث انني من المؤيدين لآي حوار حضاري بين المثقفين وبخاصة إذا أنصب على أحد المحاور الساخنة التي تخص مستقبل العراق حاليا , فأنني أجد من اللازم علي أن أشترك في هذا الحوار الذي دعاني اليه زميلي الدكتور كاظم حبيب وسوف أركز الحوار معه في النقاط الثمانية التي أثارها في مقاله المذكور أعلاه , لأن المقصود بالحوار أو المحاوره من الناحية اللغوية هو مراجعه الكلام والجواب على المحاور , وحين يقال تحاور القوم يعني تراجعوا الكلام وتجاوبوا بينهم .

بداية , انني اتفق مع الدكتور كاظم حبيب على أنه لا مبرر للحوار حول فيدرالية كوردستان لأنها اصبحت تحصيل حاصل وتجربة بنيت على حكم مؤسسات معترف بها في الدستور العراقي الاتحادي لعام 2005 ( المادة 117 ) , بل انني في كل طروحاتي أذكر بكل وضوح بأن من حق الشعب الكوردي تأسيس الدولة الكوردية الديمقراطية على أرضه وتدخل في حدودها الادارية كركوك والمناطق المستقطعه من كوردستان والتي تعالجها المادة 140 من الدستور الحالي , وعلينا كعرب أن نحترم خيارات الشعب في كوردستان تجسيدا لحقه في تقرير المصير وبأن الكورد ينتمون الى الأمة الكوردية , وأن تأسيس الدولة العراقية عام 1921 قام على أساس خاطئ تنفيذا لاتفاقية سايكس بيكو ولم يحصل بأختيار الكورد ولا بأرادتهم في أن يكونوا جزءا من الدولة العراقية .

وذكرالاستاذ الدكتور حبيب في مقدمه حواره بأنني من المؤيدين بحراره منقطعة النظير الى إقامة فيدرالية الوسط والجنوب الى درجة انني أتهم كل من يقف ضد هذا المشروع أما انه ينتمي الى معسكر صدام حسين أو معسكر العرب السنة أو ما شاكل ذلك .

والحقيقة , وكما يعرف كثير من الاصدقاء والخصوم بأنني من أوائل المتبنين لفكرة الاتحادية أو الفيدرالية للعراق كشكل جديد للدولة العراقية بعد ان كانت دولة بسيط مركزة وفقا لقواعد القانون الدولي والتي أعيد تشكيلها لتصبح دولة مركبة منذ سقوط النظام الدكتاتوري في 9 نيسان من عام 2003 . وهذا الموقف ليس بجديد إذ يعود الى عام 1995 حين كنت أنشط ضمن صفوف المعارضة العراقية إبان فترة إقامتي في الاردن للاعوام 1991 – 1997 حيث كان من المقرر أن يعقد مؤتمر للمعارضة العراقية في عمان حول مستقبل العراق ما بعد التغيير , ولكنه لم يعقد لظروف لا مجال لذكرها في هذا المقال . وقد بينت منذ ذلك التاريخ في جميع المؤتمرات الدولية والوطنية التي حضرتها وفي وسائل الاعلام المختلفة وجهة نظري في أن الحل الفيدرالي لشكل الدولة العراقية هو في انشاء ثلاثه أقاليم بحدها الادنى , و بأنه هو الطريق الطبيعي لبناء الديمقراطية و مؤسسات الدولة الاتحادية الدستورية والتي غايتها ( توزيع السلطة والثروة بصورة عادلة ) لآن أزمة العراق تجسدت في غياب المؤسسات الدستورية وتعطيل حكم القانون وإنتهاكات لحقوق الأنسان بصورة بليغه بفعل سيطرة حاكم أوحد تشبع بعقلية القرية والبداوة والفكر القومي المتطرف الذي أعتمد على نهج العنف السياسي في الحكم .

إن الحكم المركزي في العراق جلب الكوارث والحروب الداخلية والخارجية , ولم يعد طريقا صائبا في ضوء تعددية قومية ودينية وسياسية ومذهبية وفكرية حيث لا يعقل أن يحكم العراق حزب واحد أو قومية واحدة أو مذهب واحد أو حاكم أوحد . ومما زاد في إيماني بضرورة وجود أكثر من أقليم فيدرالي للعراق الجديد هو ثبوت ( هشاشة نسيج التماسك بين القوميات والطوائف والمذاهب على أرض الواقع ) وقد تكشف لي هذا بكل وضوح بعد سقوط النظام الدكتاتوري حيث كنت من الطلائع الاولى التي دخلت العراق عقب سقوط النظام .

وتحضرني هنا مقولة لقائد عسكري كبير في الحرب العالمية الثانية تؤكد على إن أي خطة عسكرية لا يمكن ان تصمد دون تغيير مع بدء أول اشتباك على أرض المعركة , ولهذا فأن الفرق كبير بين التنظير وبين الواقع العملي الذي يفرض على أي باحث منصف أن يعيد الحسابات في ضوء مجريات الاحداث ليقرر ما هو صائب من حلول عملية وواقعية قد تكون قاسية على البعض .

لقد بينت في أكثر من لقاء تلفزيوني وصحفي إن نظام صدام لم يسقط ..! فقد سقط صدام ولكن بقيت جذور نظامه وافكاره نابته في الارض مما يستوجب إجتثاثها , فصدام كان يحكم العراق باسلوب أقرب الى الحكم النازي والنهج الاستاليني وربما تفوق عليهما في مجالات اخرى واذا كان هتلر قد حكم طيلة 10 سنوات فان حكم صدام دام ثلاثة عقود ونصف وهذا يكفي ان نتصور حجم الخراب والدمار في النسيج الاجتماعي للعراق, وحين سقوط صدام ظهر لنا ان هناك أطرافا في اللجنة الدستورية وفي مجلس النواب تدعو الى ذات المدرسة الصدامية , واتجه بعضهم الى أكثر من ذلك !.
لقد كان عدد المشاركين من العرب السنة في اللجنة الدستورية 25 عضوا وبينهم 10 من المستشارين وكانت آراؤهم تنقسم بين اتجاهين :

الاول : ويرى انصاره بضرورة عودة الحكم المركزي والغاء إجتثاث البعث وإلغاء الفيدرالية ويدعون بكل صراحة الى إعادة انتاج الماضي بكل مآسيه المعروفه من حروب وتقتيل وشريعة غاب وعلوية للقومية العربية وللمذهب السني على أي طرف .وصارت تظهر لآول مرة بقوة صور صدام عقب صلاة الجمعة في تكريت وديالى وغيرها من المناطق ذات الكثافة السنية في القسم العربي .

الثاني : ويمثل الفكر السلفي الوهابي الذي كان يطالب بكل صراحة باقامة دولة اسلامية على غرار حكم طالبان والى أن ينص في الدستور بان الاسلام هو المصدر الوحيد للتشريع . ومن بين ما يتضمنه ايضا تشريع أحكام الرده والحدود والقصاص والرجم بالحجارة وغيرها ! فضلا عن تكفير الشيعه الذين يوصفون بالروافض , وكل رافضي كافر لأنه غير مسلم ومنحرف عن الاسلام !. ولهذا فأن من يقف اليوم ضد إنشاء الآقاليم وبناء الديمقراطية وحكم المؤسسات أما انه ينتمي الى معسكر صدام حسين أو معسكر العرب السنة أو السلفيين الرافضين لوضع ما بعد صدام أو بعض المثقفين الليبراليين أو ما شاكل ذلك .

وكما تعلم يامولانا بأن الشيعة ( عربا وكوردا وتركمانا ) تم تهميشهم واقصاء دورهم من شتى المجالات منذ تاسيس الدولة العراقية , وبرز ذلك واضحا خلال عام 1963 ومن ثم منذ عام 1968 وبصورة كبيرة منذ عام 1979 خلال حكم صدام حتى تاريخ سقوط الدكتاتورية في عام 2003 , وان الشيعة تعرضوا الى صنوف الاضطهاد والجرائم الدولية الخطيرة ولعلكم تذكرون على سبيل المثال ما كان يردده خير الله طلفاح اثناء الحرب ضد ايران ( حاربوهم بكلابهم ) ولعلكم تتذكرون جيدا سلسلة مقالات صدام المنشورة في صحيفة الثورة في نيسان 1991 , والقبور الجماعية , وضرب العتبات المقدسة , وغيرها كثير وكثير جدا من ظلم وغدر واضطهاد . والسؤال هو: من الذي قام بهذه الجرائم ؟ ولماذا ؟ وهل هناك دروس نستفيد منها لبناء المستقبل ؟ وهل ترضى ياسيدي ان يكون مدير الآمن في كربلا مثلا من الفلوجه والمحافظ من راوه ومدير الشرطه من العوجه وهكذا ..؟

إن العديد من الاحزاب الشيعية بعد سقوط الطاغية كانت تقف بصراحة ضد الفيدرالية , وكانت تنادي بعراق موحد وشعب واحد ودولة موحدة , من خلال تسيير المظاهرات والقاء خطب الجمعة ضدها , غير إن هذا الموقف تغير لاحقا ووجدت هذه الاحزاب ان الحل الصائب والمناسب لحكم العراق الذي ينعم بالسلام والامن والاستقرار هو في انشاء اقاليم فيدرالية على غرار كوردستان , وصارت هذه الاحزاب الشيعية مؤيدة للاتحادية , وجرى تثبيت ذلك في الدستور الذي وافق عليه العرب السنة لانهم ساهموا في كتابته أيضا ولكن لآمر في نفس يعقوب .

واذا كانت فيدرالية كوردستان تنعم بالامن والاستقرار , والنجاح الى حد كبير في توزيع السلطة والثروة , فلماذا لا يتم انشاء فيدراليات اخرى في القسم العربي من العراق على غرار فيدرالية كوردستان ؟ أليس في هذا حلا مناسبا للمشاركة في السلطة وتوزيع الثروة بشكل عادل ؟ وبذلك نتجنب حرب المذاهب ونقطع الطريق أمام عودة الفكر الشوفيني أو السلفي الى الحكم مجددا ؟.وهل يجوز ان يكون أبناء الوسط والجنوب محرمون من كل خيرات أرضهم و لا يستطيعون شرب ماء نقي حتى الآن بينما يعيشون على بحيرات البترول والغاز ؟ .

وكما أسلفت فإن موقفي من وجود أكثر من اقليم فيدرالي في العراق ليس جديدا فقد سبق أن ناديت بهذا منذ لقائي الاول مع الملك الراحل الحسين بن طلال عام 1995 بل وفي جميع المؤتمرات الدولية التي عقدت في لندن وهولندا وواشنطن والسويد والدنمارك وبولندا , وكذلك أمام صناع القرار في الولايات المتحدة الامريكية , وغيرها من المجالات في وسائل الاعلام على اختلاف انواعها , وبقيت على موقفي حتى عندما قدمت مشروعي لدستور العراق عام 2002 والذي تبناه مؤتمر المعارضة العراقية الذي عقد في لندن , وما بعد ذلك حين اشتركت في لجنة كتابة الدستور العراقي حيث ان جميع أعضاء لجنة كتابة الدستور يعرفون جيدا موقفي ويتذكرون قولي المسجل بالصوت والصورة .

وبدون أي شك , نحن نتفهم مخاوفكم من احتمال أن يتحول القسم العربي من العراق الى فيدراليات طائفية أو مذهبية , إلا انني لست معها وانتم – ياسيدي – تعرفون موقفي جيدا , ولهذا نحن نعتقد بأنه يمكن ان يشكل في القسم العربي من العراق إقليمان او اكثر من الاقاليم الفيدرالية على اساس جغرافي أو اداري وفقا لخيار العراقيين انفسهم , وعلينا احترام اراداتهم , لأن ما سيستفتى عليه أبناء الوسط والجنوب هو الذي يجب أن يحترم لأنهم هم وحدهم أصحاب الشأن , وهم الذين يقررون نمط العيش لمستقبلهم وطبقا لنصوص الدستور وإلا لماذا يصوت الملايين على الدستور ولا نخضع لآحكامه ؟.

إلا انني أختلف مع شخصكم الكريم حين قلتم إن الظلم الذي وقع على الشيعة ليس مبررا لإقامة فيدرالية خاصة بهم , لأنني اعتقد بأن مالحق بالشيعة وبالكورد من جرائم كبيرة وخطيرة يعد سببا كافيا لتجنب مخاوف مشروعه لما قد يقع لهم مستقبلا , خاصة وان العرب السنة وكما يعلم الجميع يريدون الآن عودة البعث والحكم المركزي الى السلطة , ووصل الامر الى حد مطالبة واضحة من العشائر العربية السنية بعودة صدام ذاته للحكم مجددا من خلال مؤتمرات علنية في بغداد والمناطق الغربية وديالى وكركوك , وهؤلاء هم الذين أوجدوا هذا التقسيم عندما اخترعوا مصطلحا غريبا وعجيبا بعد انتفاضة عام 1991 حين ميزوا بين ما أسموه ( بالمحافظات السوداء ) التي وحسب رأيهم ورأي سيدهم صدام مارست الغدر والخيانه ضد النظام البعثي , ويقصدون المناطق التي غالبية سكانها من الشيعة والكورد , وبين ( المحافظات البيضاء) والتي تشمل القسم السني مثل الفلوجه والانبار وتكريت والموصل .بل فقد وصل الآمر ببعض السياسيين العراقيين من أتباع البعث ومن أعضاء من مجلس النواب الى إصدار التهديدات والوعيد للكورد وللشيعة وهو صاحب القول المضحك :( أن ما أخذ بالقوة لن يسترد إلا بالقوة ؟؟ ) وأن أيدينا الآن مكسورة وحين تشفى سيكون لنا حساب ووو ؟

وسؤالي الى شخصكم الكريم هو : من الذي يضمن عدم تكرار مثل ما حصل من مأسي وجرائم في المستقبل لاسيما وان العقلية الصدامية ما تزال موجودة وتسهم في الحكم حتى صار عدد البعثين في مجلس النواب ما يقارب 50 عضوا !؟ وهي تسهم في صنع القرار السياسي وتريد المزيد من المشاركة في الحكم وما تزال تطلق التهديدات والاتهامات ضد الكورد وضد الشيعه وتصفهم بالصفويين وأحيانا بالروافض وتشكك في وطنيتهم وأصولهم .

ثم تقولون في مقالكم : ( بأن العرب السنة لم ينجو من هذا الظلم بطبيعة الحال ...) ولكنني أختلف مع جنابكم الكريم في هذا الامر حيث إن ما وقع على الشيعة من ( العرب والكورد الفيلية والتركمان ) من ظلم وجرائم ضد الانسانية يرقى الى مستوى جرائم ابادة الجنس البشري , كما حصل في الدجيل و خان النص والمسيب والنجف وكربلا والناصرية والبصرة و مندلي و زرباطية و خانقين وغيرها من مدن الوسط والجنوب , فلماذا تعرض هؤلاء الى التهجير والقتل وصاروا ضمن المقابر الجماعية ؟ أليس لأنهم من اتباع مذهب معين وهو الانتماء للمذهب الشيعي الجعفري ؟ أو للمذهب الرافضي كما يسميه الطرف الاخر ؟ ألا تعتبر جرائم الابادة هذه ضد الشيعة محرمة دوليا طبقا الى اتفاقية منع ابادة الجنس البشري لعام 1948 والتي صارت نافذة في عام 1951 ( انظر المادة الثانية من الاتفاقية ) , والتي وقع عليها العراق وأنضم اليها , وكنت أتمنى أن تعطني اسم قرية سنية واحدة تعرضت الى مثل هذه الجرائم أو الى عشرها , حتى في أوج الاختلاف بين نظام صدام وبعض الجماعات من العرب السنة !.

ومع ذلك , أؤكد لجنابكم الكريم بانني ضد الطائفية السياسية لكوني من المؤمنين بمبادئ حقوق الانسان واحترام القانون والدستور ومن الداعمين لانشاء الفيدراليات في القسم العربي من العراق على أساس الحدود الادارية والجغرافية وليس على أساس المذهب أو الطائفة .

نعم يامولانا إن من يقف ضد فيدرالية الوسط والجنوب غالبيتهم من اتباع النظام السابق وممن تضررت مصالهم من العرب السنة , وما أخشاه أن من يقف ضد هذا المشروع من المثقفين يقدم , دون أن يقصد , خدمة مجانية لبقايا البعثيين وللسلفيين الذين يطرحون موقفهم الرافض لهذا المشروع بحجج واهية منها مصلحة الوطن ووحدة العراق والسيادة الوطنية وغيرها من الشعارات الزائفه التي ذبحنا بسببها , فهي كلمات حق يراد بها الباطل .

وأما الرافضون لفيدرالية الوسط والجنوب من الشيعه فهم ليسوا ( كثرة كاثرة ) بل هم قلة , وممن لا يدركون معانيها وتأثيراتها على حياة الانسان المحروم في الوسط والجنوب مثل السيد مقتدى الصدر والذي أعتقد انكم على خلاف قوى مع كل طروحاته الفكرية , علما إن ممثلي التيار الصدري شاركوا في كتابة الدستور ووافقوا على كل ما جاء فيه بما فيه فيدرالية الوسط والجنوب وأنشاء الآقاليم طبقا للمادة 118 لاسيما وأن الحبر الذي كتب به الدستور ووقعوا عليه لم يجف بعد !؟.

أشرتم في حواركم الى أنه ( ليس من الصائب أن نقول ان من الخطأ استعمال مصطلح الشعب العراقي ... ) , أعتقد أنكم تتفقون معي بأن العراق يتألف من قوميتين وشعبين رئيسيين هما الشعب العربي الذي يشكل جزءا ً من الأمة العربية والشعب الكوردي الذي يشكل جزءا ً من الأمة الكوردية , فضلا عن قوميات أخرى , وقد نص دستور 1958 في المادة الثالثة منه على إن العرب والكورد هم شريكان في الوطن , وهذا اعتراف منه بأن العراق يتكون من شعبين وليس من شعب واحد , والشراكة تقوم على الارادة والاختيار . كما إن الدستور الدائم الجديد لعام 2005 نص في المادة الثالثة منه ( قبل التعديل الذي فرضه العرب السنة وبقايا البعث ) على أن الشعب العربي من العراق هو جزء من الامة العربية , وعليه اذا ما قلنا (الشعب العراقي ) فان ذلك يعني إلغاء خصوصيات كل شعب وصهرها في لون واحد , مع إن الجميع هم من رعايا الدولة العراقية .

وللعلم أيضا لا يجوز القول بمصطلح (الأمة العراقية) لعدم انطباق مفهوم الأمة على رعايا الدولة العراقية , حيث تتعايش فيها شعوب غير متجانسة في اللغة وفي الأعراق , بينما الأمة هي ( الرابطة المعنوية التي تجمع بين الشعوب التي تتكلم لغة واحدة ومن أصل واحد , وهي رابطة ليست قانونية أو دستورية , مثل الأمة العربية والأمة الكوردية والأمة التركية والأمة الفارسية , فالأمة تتألف من شعوب تشترك في الأصل واللغة والتاريخ والعادات والطابع الخلقي العام وإن فصلت بينها حدود جغرافية وتباينت الانظمة السياسية ) .

كما أختلف مع شخصكم الكريم أيضا حين تقول ( إن الطائفية السياسية والهوية المذهبية والتطهير الديني والطائفي في الجنوب وغير الجنوب قائم على قدم وساق وأن القتل على الهوية هو جزء من التحضير لفيدرالية الوسط والجنوب ) , وهذا - يا مولانا – اتهام منكم بأن ما يجري هو من تدبير الشيعة فقط وتبرئة لساحة الطرف الأخر ¸ بينما نرى إن ما يجري ليس جديدا وإن ارتفعت وتيرته الآن , حيث ظهر منذ تشكيل مجلس الحكم وتسلم القوى الوطنية زمام الأمور في العراق , وبعد أن فقد أيتام البعث وأزلام النظام السابق السلطة , فما يجري على أرض الواقع اليوم من جرائم وذبح على الهوية هو بالدرجة الاولى من تدبير التكفيريين وقوى الارهاب وبقايا البعث , حتى من المشاركين منهم في السلطة , وكذلك هو نوع من مظاهر الثأر والانتقام السياسي بسبب ضعف الدولة , وهذا يعزز موقفنا بخصوص تفعيل الدستور والمطالبه بالفيدرالية كحق دستوري و كدرع يحقق الأمان والاستقرار والرخاء بتوزيع الثروات الطبيعية والمشاركة في السلطة بطريقة عادلة .

تقولون بان ( مشروع الفيدراليات التسع التي طرحها الدكتور غسان العطية أكثر رجاحة من المشروع الطائفي لفيدرالية السيد الحكيم والذي تقولون بأنني من مؤيديها بشده ودون أن أذكر اسم السيد الحكيم في مقالي سالف الذكر ) , وهنا أود أن اذكركم بانني وكما أوضحت أعلاه قد سبقت السيد الحكيم في طرح فكرتي لفيدرالية الوسط والجنوب وذلك في عمان عام 1995 , وفي عام 2002 في مشروعي للدستور , وتكلمت عنها مرات متعددة قبل سقوط النظام , بينما كان السيد الحكيم من معارضي فكرة الفيدرالية اصلا , غير ان تحوله نحو الفيدرالية ودعمه اللا محدود لها جاء بعدما رأى المزايا الكثيرة التي تحققها الفيدرالية في كوردستان ونجاحها هناك وامكانية تطبيقها في الوسط والجنوب , بل ولكي يتجنب الشيعه التصفيات اليومية والقتل على الهوية التي فاقت حدود التصور للعقل البشري . ومما يؤكد ذلك زيارات المسؤولين في النجف الاشرف مؤخرا الى كوردستان للاطلاع على التجربة ومحاولة الاستفادة منها , وكذلك زيارة المراجع الدينية والشخصيات السياسية من الجنوب والوسط مؤخرا الى كوردستان ودفاعهم عن الفيدرالية بعد أن كانوا من الرافضين لها ومنهم مثلا السيد صدر الدين القبانجي ممثل السيد السيستاني الذي زار كوردستان يوم 18 ايلول 2006 .

أشرتم في معرض رفضكم لفيدرالية الوسط والجنوب بأنها ( مشروع لتقسيم العرب الى سنة وشيعه رغم الفجوة المتسعه حاليا بينهما بسبب النشاطات الطائفية المقيته التي مارستها النظم السابقة وعلينا ردم الفجوة لا تكريسها وان مشروع السيد الحكيم يريد تكريس ذلك شئنا أم أبينا ...)

ولكن الحقيقة تقول إن هذه الفجوة بين السنة والشيعه موجودة في العراق فعلا وبعمق , شئنا أم أبينا , وهي فجوة غائرة ومليئة بدماء الملايين من الابرياء وضحايا المقابر الجماعية من الشيعة , ومن المستحيل ردمها بالشعارات والاحلام بعيدة المنال والتي لا صله لها بالواقع , بل وحتى الامريكان لم يتصوروها بهذه الدرجة من العمق , ولم نكن نتوقعها أصلا بمثل هذه القسوة المفرطة .

إنني إذ أقدر حرصكم ومخاوفكم من أن تقع فيدرالية الوسط والجنوب تحت يد متطرفين يمارسون العنف السياسي , إلا أن هذه المخاوف يمكن تبديدها اذا ماتم انشاء مؤسسات دستورية ودستور لكل اقليم يكون هو الحكم والفيصل , ولايمكن أن يقبل أحد بعد الآن بأن تعود سياسة التمييز الطائفي أو القومي أو المذهبي التي مورست ضد غالبية العراقيين بيد طائفة صغيرة معروفة , أو أن ترجع عجلة التاريخ الى الوراء ويكون هناك سيد يحكم ويتحكم هو وافراد قبيلته بالأكثرية ويعاملهم كالعبيد, وهذه المخاوف تعرض لها السفير بريمر في كتابه عامي في العراق وذكرها الرئيس بوش أيضا , وهي مجرد هواجس واحتمالات قد لا تتحقق , ولا يعقل أن نعطل نصوص الدستور ونلغي رغبة الملايين لمجرد ذلك .

لقد رفع نظام البعث شعارات استفزازية كثيرة ضد العراقيين وبخاصة ضد الشيعة والكورد , منها شعاره الشهير :
( نفط العرب للعرب ).
والكل يعلم بأن عائدات النفط المستخرج من منطقة كوردستان وجنوب العراق كانت تصرف لشراء الاسلحة لضرب الكورد والشيعة , ولتحقيق الرفاهية لأهل المحافظات البيضاء فقط , وكان يخصص قسم غير قليل من هذه الاموال للمرتزقة العرب وغير العرب وذلك لتجميل صورة النظام وإطالة فترة حكمه , بينما كان أهلنا في كوردستان وفي الوسط والجنوب يعيشون في حرمان واضطهاد وظلم وفقر مدقع !. ففي ظل الاقاليم الفيدرالية وطبقا للدستور ستتحقق عملية توزيع السلطة والثروة وفقا لقواعد العدالة وأسس الديمقراطية , وسيتمتع أبناء الاقليم بخيراتهم وسيحكمون أنفسهم بأنفسهم .

ونحن نعتقد إن عراقا مقسما , ينعم أهله بالسلام والرخاء والاستقرار , أفضل بكثير من عراق موحد على الورق , تعصف به رياح العنف السياسي والخوف ويغرق في الدماء والقتل على الهوية وهذا هو حال العراق اليوم حيث هربت من جحيمه اعداد خيالية من الكفاءات و البشر طمعا في الأمان , وبقي من بقي في سجن كبير تحت رحمة الارهاب بكل صنوفه حتى بلغ عدد الضحايا المعلن عنها في القسم العربي من العراق حوالي 7000 جثه خلال شهري تموز وآب من عام 2006 ؟

لقد تغيير مفهوم الحرام السياسي , وما يتضمنه من معاني أصبحت تتعارض مع حقوق الانسان الاساسية مثل حرمه المساس بوحدة الارض ووحدة الدولة والمياه وربما وحدة الهواء , إذ هي لم تعد كذلك منذ أن تفكك الاتحاد السوفيتي ويوغسلافيا وظهرت دولا جديدة عديدة كان أخرها جمهورية الجبل الاسود التي اختارت بأسلوب حضاري الانفصال وتأسيس دولة مستقلة بارادة شعبها الذي لا يتجاوز نصف مليون نسمه , فكيف هو الحال في بلد مثل العراق الذي تعصف به حرب أهلية طائفية قذره وتصفيات جسدية حسب الهوية ؟ وأي وحدة لأرض العراق نتحدث عنها اذا كان المواطن في القسم العربي منه لا يأمن على حياته ولا قوته اليومي ويغامر بحياته اذا ما تنقل من محافظة الى أخرى ومن قرية الى أخرى بل من شارع الى آخر ؟ .
ولو جئنا لحساب المعادلات والميزان أتساءل أيهما أهم وأعلى قيمة : الانسان أم ألارض ؟ .
فما قيمة الارض موحدة وليس فيها أمن ولا سلام ولا حرية ولا احترام للانسان ؟ .

كوردستان
‏‏هولير



#منذر_الفضل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات قانونية حول أداء القاضي في قضية الآنفال
- الفراغ الدستوري يمنع رفع العلم العراقي
- مصالحة وطنية أم إنتهاكات دستورية ؟
- المسؤولية القانونية عن جرائم الآنفال
- الضمانات القانونية للاستثمارات الاقتصادية في كوردستان
- أولويات في برنامج حكومة أقليم كوردستان
- الوسيط في شرح القانون المدني
- أحكام تعديل الدستور لجمهورية العراق الاتحادي
- مستقبل كوردستان وبرنامج حكومة الاقليم الموحدة
- فيدرالية الوسط والجنوب من الحقوق الدستورية في العراق
- حرب المذاهب ...هل تقسم العراق ؟
- زال الطغاة وبقى الشعب الكوردي
- ثقافة الكراهية وثقافة الحوار
- عدالة القضية الكوردية وظلم العقلية الشوفينية
- تطهير العراق من فكر البعث
- التحولات الديمقراطية والاصلاح في الشرق الاوسط
- الفيدرالية والدستور الجديد _ محاضرة في واشنطن حول اعادة صنع ...
- لقاء حول زيارة الرئيس البارزاني الى واشنطن وزيارة عمرو موسى ...
- اذا الشعب يوما اراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر
- العمى السياسي في حكم البعث


المزيد.....




- الناطق باسم نتنياهو يرد على تصريحات نائب قطري: لا تصدر عن وس ...
- تقرير: مصر تتعهد بالكف عن الاقتراض المباشر
- القضاء الفرنسي يصدر حكمه على رئيس حكومة سابق لتورطه في فضيحة ...
- بتكليف من بوتين.. مسؤولة روسية في الدوحة بعد حديث عن مفاوضات ...
- هروب خيول عسكرية في جميع أنحاء لندن
- العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز يدخل المستشفى التخص ...
- شاهد: نائب وزير الدفاع الروسي يمثل أمام المحكمة بتهمة الرشوة ...
- مقتل عائلة أوكرانية ونجاة طفل في السادسة من عمره بأعجوبة في ...
- الرئيس الألماني يختتم زيارته لتركيا بلقاء أردوغان
- شويغو: هذا العام لدينا ثلاث عمليات إطلاق جديدة لصاروخ -أنغار ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر الفضل - مع الأستاذ الدكتور كاظم حبيب في حواره حول فيدرالية الوسط والجنوب -حوار هادئ في قضية ساخنة