أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتحي كليب - عن عدوان تموز .. ونحن الفلسطينيون















المزيد.....

عن عدوان تموز .. ونحن الفلسطينيون


فتحي كليب

الحوار المتمدن-العدد: 7337 - 2022 / 8 / 11 - 14:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما بدأ العدو الصهيوني عدوانه على لبنان في 12 تموز من عام 2006، بذريعة الرد على مقتل 4 جنود اسرائيليين ووقوع اثنين في يد المقاومة كأسرى، لم يكن أحد من الخبراء والمتابعين يتوقع النتيجة التي انتهى اليها العدوان في 14 آب. وقد تبين بعد ذلك ان تفاصيل العدوان كانت جاهزة ومحضرة سلفاً، ولم تكن اسرائيل تنتظر سوى الذريعة والسبب المباشر لتحديد ساعة الصفر.. ليتأكد ايضاً ان العدوان على لبنان كان منسقاً مع الولايات المتحدة ومع دول عربية كانت على علم مسبق بالعملية..

منذ اللحظة الاولى للعدوان، كان واضحاً ان جيش العدو الاسرائيلي اعتمد سياسة الارض المحروقة في ضغطه على المقاومة من خلال بيئتها الحاضنة، عبر استهداف الاحياء السكنية والمنشآت المدنية بشكل متعمد، ناقلاً الموت والرعب والمجازر على مساحة كافة قرى ومدن الجنوب اللبناني، وهو نفس الأسلوب الذي اعتمده أكثر من مرة في قطاع غزة ، لإحداث الشقاق بين المقاومة وجمهورها. وبالامكان الاستنتاج ان مثل هذا التكتيك لا يمكن اللجوء اليه الا اذا كان العدو مقتنعاً ان آلته الحربية لن تكون كافية لتحسم المعركة وحدها، وهو يحتاج الى عناصر اخرى تدعم عمليته العسكرية..

العملية عسكرية لكن الأهداف سياسية بامتياز وتتمثل بمشروع امريكي اسرائيلي كان يستهدف كل المنطقة بل الشرق الاوسط بأسره تمهيدا للاستفراد بالشعب الفلسطيني ومقاومته وطرح حلول تصفوية للقضية الفلسطينية، وهو نفس المشروع التي تحاول الولايات المتحدة واسرائيل طرحه الآن عبر تحالفات سياسية وعسكرية وامنية تزنّر المنطقة العربية لتسهيل مشروع الشرق الاوسط الجديد، بمسمياته المختلفة، من بوابات التطبيع وغيرها من عناوين..

فحين كانت المباني تنهال دمارا فوق رؤوس اهلها من المدنيين العزل، خرجت وزيرة الخارجية الامريكية كونداليزا رايس ومن قلب السفارة الامريكية في بيروت لتعلن ان "مخاض شرق أوسط جديد يولد من جنوب لبنان". ما أعاد الى الذاكرة تصريحات وزيرة الخارجية الامريكية التي سبقتها مادلين اولبرايت حين سئلت بأن "نحو نصف مليون طفل عراقي ماتوا، وهو عدد أطفال أكثر من الذين ماتوا في هيروشيما، هل الثمن يستحق؟" فأجابت قائلة: "أعتقد أن ذلك خيار صعب جدا ولكن نعتقد أن الثمن مستحق..".

أما على الصعيد العسكري، فان الولايات المتحدة كانت شريكا مباشرا في العدوان من خلال مد اسرائيل بكل أشكال الدعم العسكري والاسختباراتي، وهذا كان ملموسا انه حين شعر جنرالات الولايات المتحدة ان اسرائيل عاجزة عن تحقيق اهدافها، حتى لو استخدمت الاسلحة المسماة قنابل ذكية التي كانت تشارف على النفاذ، سارعت الادارة الامريكية على ارسال البدائل عنها في جسر جوي مفتوح اعلن عنه بشكل صريح.. لكن حين اتضح ان اسرائيل، وللمرة الاولى في تاريخ صراعها مع العرب، ستفشل عن تحقيق نصر حقيقي، كما حصل في كل حروبها السابقة، ذهبت لتبحث عن مخارج سياسية يحفظ ماء وجهها واسرائيل..

من خلال تفاصيل العدوان اليومي، اتضح أن إسرائيل تسعى بشكل مباشر الى تدمير البنى التحتية ليس لحزب الله فقط بل وللبنان الدولة والشعب والكيان، وتوفير الامن لاسرائيل بالقضاء على القدرات الصاروخية للحزب، وهو نفس الهدف المعلن في كل عدوان شنته اسرائيل على قطاع غزة وفشلت في تحقيقه.

ورغم أن اسرائيل زجت بكل ترسانتها البرية والبحرية والجوية في المعركة، إلا أن أيا من أهدافها المعلنة لم يتحقق. وباعتراف جنرالات اسرائيل فقد شارك في عدوان تموز عام 2006 حوالي 40 الف جندي، واعترفت اسرائيل بأن خسائرها خلال العدوان بلغت 156 قتيلا منهم 117 جنديا اضافة الى نحو 5000 جريح عسكري ومدني وخسائر اقتصادية تجاوزت 25 مليار شيكل وتدمير 12 الف منزل، فيما بلغ عدد الصواريخ التي أطلقتها المقاومة من لبنان 3970 صاروخا. ناهيك عن الخسائر في الدبابات والآليات العسكرية على اختلافها والطائرات والبوارج الحربية وقطع عسكرية مختلفة كانت أهدافا سهلة لأفراد المقاومة..

في الوقائع اليومية، وخلال 33 يوما (شهر ويومان)، قصفت اسرائيل المباني والجسور والبنى التحتية والشجر والحجر، دمرت كل شيء يتحرك على الارض لكنها خرجت مهزومة باعتراف الاسرائيليين أنفسهم (لجنة تحقيق فينو غراد).. رغم الدعم الغربي والعربي الذي حظيت به، ظنا بأنها قادرة على انهاء مهمتها خلال فترة وجيزة. لكن حسابات الحقل لم تتطابق وحسابات البيدر، ولأول مرة تفقد اسرائيل وجيشها القدرة على التحكم بتفاصيل المعركة التي تجاوز حسابات ما هو مرسوم لها وباتت تهدد بعض العناوين التي لم تكن في الحسبان..

واليوم بعد نحو عقد ونصف، لا يحتاج المرء لكثير من فلسفة لتحليل ذلك العدوان واسرار الهزيمة والانتصار. معادلة بسيطة جدا: مقاومة، صمود، ارادة سياسية واحتضان شعبي.. هي رباعية اسطورية صنعت الانتصار في لبنان عام 2006: مقاومة كانت تدافع عن أرضها في مواجهة عدو غاز يتواجد فوق برها وفي مياهها وبحرها، وصمود اسطوري لشعب حي يعرف معنى التضحية ومعنى الأثمان التي يجب أن تدفع لينال حريته وعزته، وارادة سياسية من دولة ومقاومة وأحزاب ونخب سياسية وفكرية ونقابات واطر شعبية واحتضان للمقاومة وللمهجرين من كل أطياف الشعب اللبناني الذين تصرفوا على قلب رجل واحد وتعاطوا مع العدوان باعتباره عدوانا على كل الشعب..

قد يقول احدهم اننا انتصرنا كفلسطينيين، كشعب ومقاومة، في اكثر من مرة، وفشل العدو الاسرائيلي ايضا في تحقيق اهدافه اكثر من مرة، لكن انتصاراتنا العديدة والهامة بقيت ناقصة، العدو كان قادرا دائما على تحويل هزائمه الى عبء على الحالة الفلسطينية التي ظلت عاجزة على ترجمة انتصاراتها الى مكاسب سياسية. فالشعب الفلسطيني ومقاومته انتصروا خلال عدوان 2014 على قطاع غزة وانتصروا ايضا خلال معركة القدس عام 2021 ، لكنهما لم يحسنا استثمار الانتصارات لصالح الكل الفلسطيني، بدليل عودة الجميع الى مربع الانقسام والشرذمة والصراع اليومي على كل تفصيل.

وعندما نتحدث عن الانتصارات فنحن لا نقصد فقط ما حدث في قطاع غزة بل كل انتصاراتنا على مستوى القضية والشعب، وما حدث في قطاع غزة من مواجهة مباشرة مع المحتل، نحن قادرون على ترجمته في الضفة الغربية بأكثر من شكل، ليس المقاومة الشعبية الشاملة إلا احداها، والمطلوب اليوم تغيير الصورة بأن الاحتلال الاسرائيلي يتصرف بحرية تامة ولا يدفع فاتورة احتلاله للأرض الفلسطينية. وليست موازين القوى سببا للتراجع والتسليم بالعجز، فقانون حركات التحرر وحروب التحرير الشعبية قائمة أصلا على معادلات لا تحكمها موازين القوى العسكرية او الاقتصادية فقط، بل مجموعة عوامل وعناصر يحتكم الشعب الفلسطيني على الكثير منها، لكنها تحتاج الى بروز وتفعيل، خاصة واننا كشعب ومقاومة وقوى حية نمتلك الارادة والجرأة والصمود والهدف والايمان بحقنا بأرضنا و بحتمية تحريرها..

كم نحن أحوج كفلسطينيين لاستعادة الرباعية التي اجتمعت خلال عدوان تموز عام 2006، وتحقيق انتصارات ليست بمستحيلة إن تمكنا من تحرير العقل والارادة السياسية ورمينا باوسلو وفيروساته على المزابل، وانتقلنا من الفئويات والعصبيات الفصائلية الضيقة الى الساحة الوطنية الواسعة، فهي كبيرة وتتسع للجميع.. وبامكاننا ان نحقق أكثر بكثير مما تحقق عام 2006، وفي العمل الوطني النظيف ليتنافس المتنافسون..

ستبقى الملاحم الاسطورية التي سطرتها المقاومة بمختلف تشكيلاتها والممتدة منذ ما قبل العام 1978 انموذجا يحتذى وعنوانا من عناوين النقاش الذي سيبقى مفتوحا من زاوية استخلاص الدروس والعبر، وبحث نقاط الضعف والقوة وبما تبقى لدى اسرائيل كأكبر قوة في المنطقة من قوة ردع، وإذا ما زالت بالفعل قوة ردع فاعلة وقادرة على تحقيق ما تريد.. ولعل هذا ما تريده اسرائيل في تعاطيها مع الشعب الفلسطيني والشعوب العربية بفرض هيمنتها القائمة على الغطرسة والعدوان ومسلحة بقوة ردع تعتقد أنها ستمكنها من ممارسة دور الشرطي في المنطقة.

11 آب 2022



#فتحي_كليب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسطينيو لبنان.. تغيرت الخارطة، فهل تتغير السياسة ؟
- وكالة الاونروا واستراتيجية التحريض الاسرائيلي فتحي كليب / مس ...
- لهذه الاسباب.. يجب رفض زيارة بايدن لفلسطين والمنطقة - فتحي ك ...
- هل تأخذ الجهات المانحة لوكالة الغوث تحذيرات الأمم المتحدة با ...
- حتى لا يعيد التاريخ نفسه ..قليل من الحكمه الوطنيه
- الوقايه والتكافل الاجتماعي سبيل مخيماتنا الفلسطينيه لمنع انت ...
- تفاقم الازمه الاقتصاديه مع تفاقم الازمه الصحيه في مخيمات الل ...
- المخيمات الفلسطينيه في لبنان واخطار وباء الكورونا
- اللجوء الإنساني- ومشاريع التهجير الجماعي للاجئين الفلسطينيين ...
- إجازة العمل والمكانة القانونية – السياسية للاجيء
- فلسطين والفلسطينيون في عيون الاعلام اللبناني.. حرية قاصرة!
- مشهدية الاعلام الرسمي الفلسطيني..إعلام سلطة فئوية ، أم إعلام ...
- «الإشتراكية ذات الخصائص الصينية»
- المجلس الوطني الفلسطيني .. وحوار الطرشان
- قضية فلسطين وقوة القرارات الدوليه -القدس نموذجا
- “الاشتراكية بالخصائص الصينية” .. واقع وتحديات
- وآفة المخدرات، جذرها اجتماعي .. مخيم شاتيلا نموذجا
- الوزير العروبي .. وعقدة الفلسطينيين في لبنان
- تيسير خالد: الضفة الفلسطينية ستتحول إلى جليل جديد في ظل حالة ...
- صراع نفوذ ومصالح .. فأين المصلحة الفلسطينية ؟


المزيد.....




- البرلمان الجزائري يناقش تعديلات قانون مكافحة تبييض الأموال و ...
- إسبانيا - المغرب: توقيف 9 أشخاص بعد اشتباكات بين متطرفين يمي ...
- المفوضية الأوروبية تقول إنها ستعيد إرسال وفد أوروبي طُلب منه ...
- المحكمة العليا الأميركية تسمح لترامب باستئناف تفكيك وزارة ال ...
- احتجاز? 10?? ?أشخاص بعد اشتباكات بين -متطرفين- ومهاجرين في إ ...
- ماذا نعرف عن الأكواد المميتة التي استخدمت في اغتيال شخصيات إ ...
- غوتيريش: أزيد من 800 مليون شخص يعيشون في فقر مدقع
- سانت كاترين.. تجربة روحية فريدة جنوبي سيناء
- محللان: نتنياهو يريد مفاوضات تثبت وقائع عسكرية وتهجر الغزيين ...
- زيلينسكي يعلن عن ترشيحات لـ-أكبر تعديل وزاري- تشهده أوكرانيا ...


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتحي كليب - عن عدوان تموز .. ونحن الفلسطينيون