|
متلازمة ستوكهولم ومسئولية الاعلام
منى نوال حلمى
الحوار المتمدن-العدد: 7332 - 2022 / 8 / 6 - 23:49
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
--------------------------------------------------------
أقترح ندوات تثقيفية عاجلة مكثفة لمنْ يشتغل فى الاعلام ، المرئى والمسموع والمقرؤء ، عنوانها " نسف الذكورية " . ليس من المعقول أو من المقبول ، ونحن ننادى بالعدالة بين الجنسين ، وعدم التمييز العنصرى ضد النساء فى جميع المجالات ، وفى كل مؤسسات الدولة ، وحتى داخل البيوت من خلال تشريعات عادلة لقوانين الأحوال الشخصية ، أن يطل علينا الاعلام فى غالبية الأحوال ، بأفكار وحوارات ومقابلات ، وتعليقات ، وآراء ، من اعلاميات واعلاميين ، غارقين فى اثقافة الذكورية ، وكأنهم فى بلد آخر . ليس من المعقول أن تضع الدولة ، بجانب كل اعلامية واعلامى ، شخص يراقب عدم التمييز العنصرى ، وخلو البرامج من الفكر الذكورى الفاسد قلبا وقالبا ، شكلا ، وموضوعا . يوميا ، أتلقى التفكير الذكورى من منصات الاعلام ، وكأنه شئ عادى ، مع أنه فى منتهى الاستفزاز ، يحرق الدم ، ويرفع الضغط ، ويخفض الأمل فى " أنسنة النساء ". طبعا هذا يغضبنى لو جاء من النساء والرجال . لكن اذا شاهدت أو سمعت أو قرأت لاعلامية ، ذكورية ، تتخاطب بالمفاهيم الذكورية نفسها التى تقهرها وتهينها وتجعلها أدنى ، بل وتنشرها على أنها العادات والتقاليد التى يجب الحفظ عليها ، يصبح الأمر منفرا جدا . لكن من الناحية النفسية ، هو مفهوم . فالمقهور والمظلوم والمغلوب والأدنى ، دائما ما يتخذ من القاهر الظالم الغالب الأعلى ، قدوة ، ويتمثل مفاهيمه وأخلاقه ، ويدافع عنها بحماس أكثر . وهذا يعرف بمتلازمة استوكهولم ، حيث يرتبط الشخص بشكل ايجابى عمنْ تسبب له فى ايذاءات جسدية أو نفسية أو عقلية . وهى مرض يحتاج الى علاج نفسى طويل ، للتخلص من الخوف والتبعية وتراكم القهر القصير أو الطويل . وسوف أعطى مثالا يتكرر فى الاعلام ، خاصة المرئى . وقد شاهدت هذا تقريبا فى جميع البرامج التليفزيونية التى تنزل الى الشارع المصرى ، لتستمع الى آراء الناس فى قضية معينة . تقول المذيعة أو المذيع : " سننزل الى أرض الواقع الفعلى ، ونسأل الشعب شخصيا عن ارتفاع الأسعار وكيف يتكيف الناس مع هذا الأمر ". تخرج الكاميرا الى الشارع ، وتلتقى بما لا يزيد عن 7 مواطنين ، كلهم " رجال " . ثم ترجع الى الاستديو ، حيث تقول المذيعة ، أو المذيع " بعد معرفة رأى الشعب ، يسرنا استضافة فلان أو علانة ، للتعليق . ما هذه الغيبوبة الثقافية ؟ . ما هذا التخلف ؟ . ما هذا الختان الفكرى ؟ . ما هذه الذكورية ، الفجة ؟ هل الشعب المصرى ، ذكور فقط ؟ . أين رأى الفتيات الاناث ، والستات ؟ . ألم يكن فى الشارع ، وقت نزول الكاميرا العنصرية ؟ . وأؤكد بكل ثقة ، أن هذا " البتر " ، لرأى النساء ، فى أغلب البرامج . واذا سألوا امرأة ، أو اثنتين ، يكون صدفة ، و غير متعمد . المذيعة ، وهى أمرأة ، لا ترى هذا العيب الجوهرى . حتى ضيف البرنامج ، لا يراه . وهذا يحدث فى تليفزيون الوطن ، الذى قام بثورتين ، نساء ، ورجال ، معا . ولدينا ضحايا ، من الفتيات . هذا " العيب " ، يوضح لنا ، أن مجتمعنا مازال " منقوعا " ، فى الذكورية ، من شعر رأسه ، الى طراطيف أصابع قدميه . التفكير الحقيقى ، " ذكورى " . الوجدان العميق " ذكورى " . التوجه الفكرى " ذكورى " . اللغة " ذكورية ". نحن نقول " على قلب رجل واحد ". هل " على قلب امرأة واحدة " ، قول خادش للحياء ؟. أو قول مهين ؟ . ونحن نقول " رجل الشارع " اشارة للمواطن العادى البسيط . أما " امرأة الشارع " ، فهو اشارة للمرأة سيئة السُمعة ، التى تتكسب من بيع جسدها . هل يمكن أن يحدث العكس ، وتذهب الكاميرا ، لتعرف رأى 7 مواطنين ، كلهم " نساء " ، على أنهن يمثلن رأى الشعب المصرى ؟ . طبعا لا يحدث هذا . والا غضب الجميع وقالوا أن المذيعة أو المذيع ، يمارس ازدراء الرجال أو التفرقة العنصرية ضد الذكور ، ولبسوهم قضية . الانسان عندنا هو الرجل ، هو الذكر ، ويحل محل المرأة ، الأنثى ، وينوب عنها ، ويمثلها دون أدنى حرج أو تساؤل أو دهشة . لهذا أقترح كما بدأت المقال ، باعطاء ندوات لمنْ يشتغل فى وسائل الاعلام ، نساء ورجال ، عنوانها " نسف الذكورية " . نحن فى عصر الاعلام ، على مستوى العالم كله . فهو الذى يتحكم فى العقول سريعا وبشكل مكثف ، أكثر من القرارات والقوانين . وهذه مسئولية حضارية وثقافية وتاريخية وأخلاقية هائلة ، لابد ألا يقوم بها ، الا منْ يدركها ويؤمن بها.
#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تنويعات ... الخرفان هى التى تصنع الذئاب
-
تنويعات ... الديمقراطية ليست هى الحل
-
خواطر .... غشاء البكارة وخدعة أن السينما والفن رسالة
-
سبع قصائد .. مثل الأشجار أموت واقفة
-
السفر الممتع مع ثمار الفلسفة والفكر والأدب
-
مشاهد تأملية : 103 مليون اله على أرض مصر
-
عدالة المقاييس الأخلاقية شرط استقامة الأخلاق
-
من حُسن حظى أننى أنام وحيدة
-
تجليات فقه - القفة - فى ذبح نساء الأمة
-
الجلوس على عرش العقول أكثر خطورة
-
مشاهد مختلفة من تأملات امرأة مصرية
-
بالشرع اقتلوها .. أهكذا تعبدون الهكم ؟ .... قصيدتان
-
هزيمة لجنود الدولة الدينية وخلايا الوصاية الدينية
-
توأم القمر ... قصيدة
-
كيف لا تتغير التقاليد ومنْ صنعها يتغير ؟؟؟
-
ولم تمشى فى جنازتى ..... قصيدتان
-
ماذا يبقى ؟؟ ..... ثلاث قصائد
-
- الايكوفيمينزم - : الطبيعة أنثى مستباحة للتحرش والاغتصاب وا
...
-
- جريجورى بك - قمة الرقى الفنى والانسانى
-
السهر مع رجل غيرك
المزيد.....
-
منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. تعرف على الشروط وكيفية ا
...
-
بريق الذهب يُغري المُقبلات على الزواج في الأردن والشباب يستد
...
-
حقوق المرأة المطلقة عربيا
-
«لولو يالولو وينك يالولو».. تردد قناة وناسة Wanasah TV بجوده
...
-
الفئات المستحقة للحصول عل منفعة الأسرة سلطنة عمان 2024 والشر
...
-
أوكرانيا.. مقتل امرأة وإصابة 24 في قصف روسي على خاركيف
-
” سجل الآن” الشروط المطلوبة للتسجيل في منحة منفعة الأسرة بع
...
-
كيفية التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل.. المستندات ا
...
-
الكويت.. حجز مواطنات ارتكبن أعمال عنف على متن طائرة قادمة من
...
-
ما هي خطوات التقديم على منحة الزواج 1445؟ المؤسسة العامة للت
...
المزيد.....
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
-
الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم
...
/ سلمى وجيران
-
المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست
...
/ ألينا ساجد
-
اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019
/ طيبة علي
-
الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1]
/ إلهام مانع
المزيد.....
|