أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد الحيدر - حكايات من الفولكلور الكردي-عاقبة البخل















المزيد.....

حكايات من الفولكلور الكردي-عاقبة البخل


ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم

(Majid Alhydar)


الحوار المتمدن-العدد: 7320 - 2022 / 7 / 25 - 14:29
المحور: الادب والفن
    


حكايات من الفولكلور الكردي
ترجمة ماجد الحيدر
عاقبة البخل

يحكى أن حمالا عاش في إحدى المدن الكبيرة. كان شابا قوي البنية مفتول العضلات، لكنه يتقلب في فقر مدقع يضطره أحيانا الى النوم جائعاً. وذات يوم ناداه أحد التجار الكبار وطلب منه تنظيف مخازنه وترتيبها. فرح الحمال بفرصة العمل هذه ووعد نفسه بدرهم ولقمة هنيئة، فانكب على العمل بحماس وإخلاص حتى انتهى منه في وقت متأخر من العصر ووقف أمام التاجر ينتظر أجره. غير أن التاجر البخيل أخذ يتملص ويخترع الاعذار وادعى بأن الحمال لم يحسن عمله وأنهاه سريعا ولن يقبض منه فلسا!
ذهبت توسلات الحمال أدراج الرياح فاضطر الى مغادرة الدكان متعبا وجائعا وراح يتجول في أزقة المدينة آملا أن يحظى بكسرة تسد جوعه، فوقف عند أحد البيوت وطرق الباب فخرجت له امرأة جميلة وسألته عما يريد.
- جائع فقير لم تدخل بطنه لقمة من يومين.
- وكيف هذا وأنت بهذه القوة والشباب؟ لم لا تبحث عن عمل شريف؟
- آه يا سيدتي لو تعرفين حكايتي!
وخنقته العبرة فطلبت منه المرأة أن يوضح لها مقصده فقص عليها ما جرى له مع التاجر الذي أنكر عليه حقه. عرفت المرأة من خلال أوصاف الدكان ومكانه وشكل صاحبه بأن التاجر المقصود لم يكن سوى زوجها الذي عانت منه ومن بخله الأمرين فطلبت من الحمال أن يدخل وقدمت له طعاما شهيا ثم أهدته ليرة ذهبية وطاقما من ثياب زوجها الفاخرة ورجته أن يعود اليها ظهيرة الغد. شكر الحمال السيدة المحسنة وخرج من بيتها وهو يدعو لها بالخير ومضى في طريقه مرورا بالسوق وبدكان التاجر الذي ما أن رآه حتى عرف بأن هذه الثياب الجديدة ليست سوى ثيابه. فناداه وطلب منه أن يحدثه عن سر تبدل الأحوال. قص الحمال ما جرى له مع السيدة بكل تفاصيله فاستشاط التاجر غيضا وبدأ الشك يراوده في زوجته.
في اليوم التالي وعندما دخل الحمال الى البيت وجلس بانتظار الغداء الموعود عاد التاجر الى البيت على غير عادته وطرق الباب بقوة. أجفلت المرأة وصاحت:
- يا ويلي. هذا زوجي! لو رآك هنا لقتلك في الحال. تعال لكي أخبئك. ادخل تحت هذه السلة ودعني أغطيها بهذه الملاءة.
دخل التاجر البيت والشرر يتطاير من عينيه.
- خيرا يا زوجي العزيز. ما الذي أتى بك في هذا الوقت على غير عادتك؟ ولماذا يبدو عليك الانزعاج والكدر؟
- لا شيء أعاني من بعض الصداع والتعب فقررت العودة الى البيت ونيل قسط من الراحة.
- حسنا فعلت. الغداء جاهز، سأحضر لك الطعام.
- لا رغبة لي بالأكل، قلت لك إن رأسي يؤلمني.
راح التاجر يقلب النظر في أرجاء البيت حتى استقرت عيناه على سجادة قديمة ملفوفة كانت الزوجة قد أخرجتها الى الفناء استعدادا لتنظيفها فهب نحوها واستل خنجره وانهال عليها طعنا وتمزيقا.
- ما بالك يا رجل؟ لماذا تمزق السجادة؟
- لا شيء. إنها سجادة قديمة بالية لا تليق ببيت تاجر مثلي. سأشتري واحدة جديدة. ما نفع المال إذا لم ننفقه؟! سأعود الآن الى دكاني وسأصحب معي في الليل من يحملها ويلقيها في النهر.
- كما تشاء.
وما أن غادر التاجر حتى أسرعت المرأة الى الحمال وأخرجته من تحت السلة وأطعمته وأهدته ثيابا جديدة وليرة ذهبية وطلبت منه العودة في الغد. ومضى الحمال الى بيته مرورا بدكان التاجر الذي جن جنونه لكنه تمالك نفسه ونادى عليه وطلب منه أن يقص عليه ما حدث، فروى له كل شيء.
أسرّها التاجر في نفسه وتوجه الى بيته في الموعد المتفق عليه بين الحمال وزوجته التي ما أحست بقدومه حتى أمرت الحمال بالنزول الى بركة الماء التي تتوسط الباحة بعد أن وضعت في رأسه جرة فخارية قديمة فيها ثقب يسمح بالتنفس ثم القت لوحا من الخشب كي يتمسك به ولا يغوص في الماء. لم ينتظر الزوج كثيرا بل توجه حال دخوله الى السلة ونزل عليها طعنا بالسيف. صاحت المرأة:
- ما خطبك يا زوجي؟ بالأمس قطعت السجادة واليوم تمزق السلة. ما الأمر؟
- لا شيء، انهما قديمتان ويجب التخلص منهما. ما نفع النقود إن لم ننفقها؟!
قدمت الزوجة الطعام فهجم عليه التاجر لأنه، من شدة الغيرة والغضب، لم يأكل شيئا منذ يومين. ثم أحضرت طبقا من شهي التمر ووضعته بينهما وقالت:
- اجلس قليلا كي نتسلى. دعنا نلعب هذه اللعبة: كل تمرة نأكلها نسدد نواتها نحو تلك الجرة التي بالبركة. من يحسن التسديد ويسقط النواة فيها يأخذ من صاحبة ليرة ذهبية.
- حسنا، لنبدأ!
رغم أن الحمال لم يكن يراهما جيدا لكنه كان يسمع ما يدور بينهما ويستطيع رؤية الأنوية وهي تتجه نحوه فأخذ يبعد رأس الجرة كلما رما الزوج نواة كيما يخطئها ويفعل العكس كلما رمت الزوجة حتى تجمع فيها أكثر من ثلاثين نواة جميعها من حصة الزوجة.
- كفى! (قال الزوج) أنا أعترف بالفشل. هاك ثلاثين ليرة وسأعود أنا الى دكاني.
وغادر البيت حانقاً فسارعت المرأة الى اخراج الحمال من الماء وأهدته طاقما جديدا من الثياب ثم دفعت اليه بالليرات الثلاثين وقالت له:
- هاك. سوف تصبح ميسور الحال بما معك من مال وسوف تفتح دكانا تعتاش منه. اذهب الآن ولا تعد.
لهج الحمال بشكرها وغادر البيت فرآه التاجر وجن جنونه فناداه وطلب منه أن يقص عليه ما جرى فحدثه بكل شيء لأنه لم يكن يعرف أن تلك الشابة هي زوجة التاجر لا غير.
- اسمع يا أخي (قال التاجر بوداد مصطنع) لقد أسأت اليك في المرة السابقة ولم أعطك أجر عملك. اسمح لي أن أدعوك الليلة الى العشاء لعلك تقبل اعتذاري.
رفض الحمال وتعلل بالأعذار لكن التاجر لم يتركه حتى تواعدا على أن يجيئه الحمال الى الدكان في وقت العشاء كي يصحبه الى بيته. ثم أسرع التاجر الى أشقاء زوجته وأخبرهم بأنها امرأة فاسقة وتخونه مع أحد الحمالين وطلب منهم أن يحضروا الى بيته للعشاء كي يستمعوا للحمال وهو يدلي باعترافاته. استشاط الأخوة غضبا وقالوا له:
- اسمع يا هذا. نحن نعرف أختنا تمام المعرفة ومتأكدون من عفتها وشرفها، لكن إذا ثبت ما تقول سوف نقطعها إربا إربا أمام ناظريك، أما إذا كنت تروم الإساءة الى شرف أسرتنا وتتهمها زورا وبهتانا فلن تلوم إلا نفسك!
بعد الغروب جاء الحمال الى دكان التاجر فاصطحبه الأخير الى بيته وأدخله من باب في زقاق خلفي كي لا يدرك بأنه يدخل البيت نفسه. ثم جلس الجميع وتناولوا العشاء.
- اسمع يا صاحبي (قال التاجر للحمال) لقد اعجبتني حكايتك مع تلك المرأة التي كنت تدخل بيتها في غياب زوجها. حبذا لو أعدت روايتها للضيوف كي يتسلوا قليلاً.
- بكل سرور!
طفق الحمال يروي مغامرته. كانت الزوجة واقفة خلف الباب تسمع مما يدور فأحست بما يخطط له زوجها فنادت على ولدها الصغير وأمرته بدخول غرفة الضيوف والجلوس مع أخواله. حالما رأى الحمال الولد حتى عرف كل شيء فتوقف عن الكلام.
- هيه.. وماذا حدث بعد ذلك؟
سأله الأخ الكبير وهو يتحسس مقبض خنجره.
- الى أين وصلنا؟
- الى لحظة دخول التاجر الى البيت وانقضاضه على السلة.
- آه، نعم. في تلك اللحظة شعرت بخوف شديد فصرخت واستيقظت من نومي!
- ماذا؟ أكان حلما إذن؟!
- بالتأكيد! وماذا كنتم تظنون؟
- لا شيء.
نظر الأخوة الى بعضهم البعض واستلوا خناجرهم وتقدموا من التاجر الذي شحب من الخوف.. وأنتم تعرفون البقية: بعد بضعة أشهر كان الحمال قد تزوج من الأرملة الجميلة وورث كل ما كان يملكه التاجر اللئيم الذي بخل عليه بدرهم وحيد.. بيته وزوجته ودكانه وأمواله الطائلة!



#ماجد_الحيدر (هاشتاغ)       Majid_Alhydar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايات من الفولكلور الكردي-فرسان مريوان الاثنا عشر
- حكايات من الفولكلور الكوردي-ما بالقلب يبين في اليد
- صلاح أبو ياسين-الاتجاه الرمزي في الشعر الحديث مقدمة وتطبيق ف ...
- حكايات من الفولكلور الكردي-الملا الفاسق
- من الأدب الكردي-افطار العريس-قصة اسماعيل هاجاني-ترجمة ماجد ا ...
- حكايات من الفولكلور الكردي - حسن الصياد
- حكايات من الفولكلور الكردي - الدب الممتن
- في انتظار الخضر - شعر
- حكايات من الفولكلور الكردي - اضرب اضرب، لن تنال غير ما رأيت
- أنفال
- حكايات من الفولكلور الكردي - اخسَر رأسك ولا تفضح سرك
- حكايات من الفولكلور الكوردي-الخير يجلب الخير والشر يجلب الشر
- حكايات من الفولكلور الكوردي-الظلم لا يدوم
- حكايات من الفولكلور الكوردي - العقل الخفيف عبء ثقيل
- حكايات من الفولكلور الكردي - حكاية أمير هكاري
- قوبادي جليزاده - لا تقتلوا النساء
- حكايات من الفولكلور الكوردي - كلمة السوء تطير بجناحين
- حكايات من الفولكلور الكوردي - لا أحد يسد مكان غيره
- حكايات من الفولكلور الكردي - لو أنبت الندم قرونا لبلغت قرون ...
- حكايات من الفولكلور الكردي - ماذا سيحدث لو كان رماناً


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد الحيدر - حكايات من الفولكلور الكردي-عاقبة البخل