أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسن عجمي - العقيدالوجيا دراسة العقائد علمياً















المزيد.....

العقيدالوجيا دراسة العقائد علمياً


حسن عجمي

الحوار المتمدن-العدد: 7318 - 2022 / 7 / 23 - 11:17
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


العقيدالوجيا مشتقة من "العقيدة" و "لوجيا" بمعنى عِلم. وبذلك العقيدالوجيا عِلم العقيدة الذي يهدف إلى تحليل العقيدة علمياً. من هذا المنطلق، تعرِّف العقيدالوجيا العقيدة على أنها معادلة رياضية من الممكن اختبارها ألا و هي التالية: العقيدة = معتقدات مُحدَّدة × سلوكيات مُحدَّدة. من الممكن اختبار هذه المعادلة و لذا هي معادلة علمية. فبما أنَّ العقيدة = معتقدات مُحدَّدة × سلوكيات مُحدَّدة، إذن إن وُجِدت عقيدة بلا معتقدات وسلوكيات مُحدَّدة فحينئذٍ معادلة العقيدة كاذبة. هكذا من المتاح اختبار إن كانت هذه المعادلة كاذبة أم صادقة ما يجعلها معادلة علمية. على هذا الأساس، العقيدالوجيا حقل دراسة العقائد علمياً.

لكن لا توجد عقيدة أكانت دينية أم سياسية بلا معتقدات تُحدِّد تعاليمها وتعتبرها يقينية فتُحدِّد بذلك سلوكيات مُحدَّدة لها وتؤكِّد على أنَّ مَن لا يؤمن بمضامينها و يتبع سلوكياتها ليس من أهل تلك العقيدة. من هنا، لا توجد عقيدة بلا معتقدات وسلوكيات مُحدَّدة ما يبرهن على أنَّ العقيدة = معتقدات مُحدَّدة × سلوكيات مُحدَّدة. فالمعتقدات والسلوكيات المُحدَّدة هي اليقينيات التي يؤمن بها ويتبعها الفرد المنتمي إلى عقيدة معيّنة. و هذه اليقينيات الاعتقادية والسلوكية لا تقبل الشك والمراجعة والاستبدال و بها يُعرِّف أفراد العقيدة أنفسهم ما يجعلها معتقدات وسلوكيات مطلقة مَن يخالفها لا ينتمي إلى أهل تلك العقيدة. هكذا العقيدة تتميّز باليقينيات على نقيض من العِلم.

من فضائل هذه المعادلة الفضيلة التالية: بما أنَّ العقيدة = معتقدات مُحدَّدة × سلوكيات مُحدَّدة، إذن مع زيادة محدَّدية المعتقدات والسلوكيات تزداد العقيدة رسوخاً فيتناقص الاجتهاد والتأويل و مع تناقص محدَّدية المعتقدات والسلوكيات يزداد الاجتهاد والتأويل بهدف تحديد المعتقدات والسلوكيات غير المُحدَّدة. من هنا، تنجح معادلة العقيدة في تفسير نشوء الاجتهاد والتأويل متى قلَّت محدَّدية المعتقدات والسلوكيات فتنجح بذلك أيضاً في تفسير عدم نشوء الاجتهاد والتأويل متى إزدادت محدَّدية المعتقدات والسلوكيات. و إن كانت العقيدة = معتقدات مُحدَّدة × سلوكيات مُحدَّدة ما يتضمن أنَّ العقيدة تستلزم تحديد المعتقدات والسلوكيات غير المُحدَّدة، وعلماً بأنه من الممكن تحديد المعتقدات والسلوكيات غير المُحدَّدة بِطُرُق مختلفة، إذن من المتوقع أن تختلف تفاسير العقيدة نفسها فتولد من جراء ذلك المذاهب المختلفة ضمن العقيدة ذاتها. هكذا تنجح معادلة العقيدة أيضاً في تفسير تنوّع التفاسير والمذاهب ضمن أية عقيدة. وهذا النجاح التفسيري دليل على صدق معادلة العقيدة.

بالإضافة إلى ذلك، من خصائص العقيدالوجيا دراسة علاقة العقيدة بالعِلم والسُّلطة والثقافة. يختلف العِلم عن العقيدة لأنَّ العِلم خالٍ من اليقينيات بينما تتشكّل العقيدة من يقينيات مطلقة يصعب التخلي عنها. فالنظريات العلمية تُستبدَل بنظريات علمية أخرى ومختلفة (كاستبدال نظرية أينشتاين النسبية بنظرية نيوتن العلمية) وبذلك لا يقينيات في العِلم. من هنا، العِلم = معتقدات غير مُحدَّدة × سلوكيات غير مُحدَّدة. مثل ذلك أنه، بالنسبة إلى علوم الفيزياء، من غير المُحدَّد إن كانت القوانين الطبيعية حتمية كما تؤكِّد نظريات نيوتن وأينشتاين العلمية أم غير حتمية بل احتمالية كما تصرّ ميكانيكا الكمّ. كما أنه من غير المُحدَّد إن كان المنهج العلمي يستدعي بالضرورة اختبار النظريات عملياً أم لا فنظرية الأوتار العلمية (التي تصوّر الكون على أنه أوتار وأنغامها) غير قابلة للاختبار حالياً ولكنها مقبولة علمياً بسبب نجاحاتها التفسيرية بينما النظريات العلمية الأخرى كنظرية النسبية لأينشتاين مقبولة من جراء اختبارها عملياً. هكذا معتقدات العِلم وسلوكيات العلماء غير مُحدَّدة ما يبرهن على معادلة العِلم السابقة. و إن كان العِلم = معتقدات غير مُحدَّدة × سلوكيات غير مُحدَّدة، بينما العقيدة = معتقدات مُحدَّدة × سلوكيات مُحدَّدة، إذن العِلم نقيض العقيدة. لذلك الشعوب التي تتحرّر من عقائدها اليقينية شعوب قادرة على إنتاج العلوم وتطويرها.

أما السُّلطالوجيا فعِلم السُّلطة الذي يدرس السُّلطة علمياً من خلال تحليلها على أنها معادلة رياضية مفادها التالي: السُّلطة = إنتاج المُحدَّد الفكري والسلوكي × إنتاج القمع والعنف والإرهاب. فإن وُجِدت سُلطة بلا تحديد الفكر الأصح والسلوك الأفضل و بلا ممارسة للقمع والعنف والإرهاب فحينئذٍ المعادلة السابقة كاذبة. بذلك من الممكن اختبار معادلة السُّلطة ما يجعلها علمية. لكن حين توجد سُلطة يوجد لا محالة تحديد للفكر الأصح والسلوك الأفضل و يُفرَض الفكر الأصح والسلوك الأفضل على المواطنين و إلا لم تكن سُلطة أصلاً لأنَّ لا سُلطة بلا تحديد قوانين والقوانين بطبيعتها تُحدِّد الفكر الأصح والسلوك الأفضل. لذا السُّلطة إنتاج المُحدَّد والقمع والإرهاب. فمتى حَدَّدَت السُّلطةُ الفكرَ الأصح والسلوكَ الأفضل مارست القمع فالعنف والإرهاب بِفرض الأصح والأفضل.

إن كانت السُّلطة = إنتاج المُحدَّد الفكري والسلوكي × إنتاج القمع والعنف والإرهاب، و علماً بأنَّ العقيدة = معتقدات مُحدَّدة × سلوكيات مُحدَّدة بينما العِلم = معتقدات غير مُحدَّدة × سلوكيات غير مُحدَّدة، إذن السُّلطة نقيضة العِلم و حليفة العقائد. لذا كلما إزداد سلطان السُّلطة تناقص العِلم وإزدادت سيادة العقائد بينما متى تناقص سلطان السُّلطة إزداد العِلم وازدهر وتناقصت سيادة العقائد. ولذلك المجتمعات التي تتمتع بالحريات بِتناقص سلطان السُّلطة مُتحرِّرة من العقائد و تزدهر فيها العلوم.

أما الثقافالوجيا فهي عِلم الثقافة الذي يدرس الثقافة علمياً من خلال تحليلها على أنها معادلة رياضية مفادها التالي: الثقافة = إنتاج الحرية الفكرية × إنتاج الحرية السلوكية. بلا حرية لا يتمكّن الفرد من إنتاج أيّ جديد في الفن أو الأدب أو الفلسفة أو العلوم لأنه حينها يكون مسجوناً فيما يتلقى من فنون وآداب وفلسفات وعلوم تقليدية سائدة في محيطه الذي يسجنه. بلا حرية يزول الإبداع فتزول الثقافة. كما تتميّز الثقافة الحقة بالانفتاح و قبول المعتقدات والسلوكيات المختلفة والآخرين المختلفين عنا و عدم التعصب لِما نعتقد و إلا استحالت أن تتطوّر فزالت عنها صفة الثقافة الحقة. ولكن كل هذه العوامل كالانفتاح وقبول المختلف وعدم التعصب تؤدي إلى الحرية. من هنا، الثقافة إنتاج الحرية. فإن لم تكن كذلك لأمست أداة قمع للذات والآخرين فزالت قيمتها فزال وجودها الحق والحقيقي. لا ثقافة بلا حرية تماماً كما لا حرية بلا ثقافة فالشعوب التي لا تتمتع بالحريات خالية من الثقافة والمثقفين لأنَّ الثقافة فن بناء الحرية.

الثقافة = إنتاج الحرية الفكرية × إنتاج الحرية السلوكية. ولكن لا تتحقق الحريات الفكرية والسلوكية إلا من خلال لا مُحدَّدية الفكر والسلوك فمتى حَدَّدَنا الفكر الصادق والصحيح والسلوك الأفضل ألزمنا الآخرين بما حَدَّدَنا فسجناهم بمُحدَّدية الصادق والصحيح والأفضل فقتلنا حريتهم. من هنا، تتضمن الثقافة بالضرورة لا مُحدَّدية الفكر والسلوك أي لا مُحدَّدية الصادق والصحيح والأفضل فلا تحدِّد أيّ نموذج فكري وسلوكي هو الأصح والأفضل بل تترك عملية تحديد ذلك لكلّ فرد ما يحرِّره لكونه مصدر تحديد الأفضل والأصدق والأصح و يجعله أيضاً فعّالاً من جراء ذلك.

إن كانت الثقافة تتضمن بالضرورة لا مُحدَّدية الفكر والسلوك، و علماً بأنَّ العِلم يتصف بلا مُحدَّدية الفكر والسلوك بينما العقيدة تتصف بِمُحدَّدية الفكر والسلوك، إذن الثقافة الحقة منسجمة مع العِلم و مناقضة للعقائد. هكذا العقيدة نقيضة الثقافة بينما العِلم حليف الثقافة وأصلها. و بما أنَّ السُّلطة إنتاج المُحدَّد الفكري والسلوكي، إذن السُّلطة أيضاً نقيضة الثقافة. و لذا الثقافة الحقة هي ثقافة ثورية تعادي السُّلطة و تثور عليها من أجل استبدالها بأفضل منها أو استبدالها بحريات مطلقة بلا أيّة سُلطة. بهذه المعاني، المثقف الحقيقي هو الذي يحرِّرك بكلمة أو بفكرة والثقافة الحقيقية صانعة الحريات فمُنتِجة للحضارة.



#حسن_عجمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفحوالوجيا عِلم المعاني والدلالات
- اللغالوجيا عِلم المعلومات المتوارثة والمُبتكَرة
- العدالة المتعالية
- سيادة السوبر تخلف
- الكونلوجيا التحوّلاتية : عِلم الأكوان المتحوِّلة
- الأنسنالوجيا فن إنتاج الحقوق و المعارف
- الكينونالوجيا فن بناء الهوية و الماهية
- الحريالوجيا فن إنتاج المعتقدات و السلوكيات الإنسانوية
- الحداثالوجيا و ما بعد الحداثالوجيا
- الهويالوجيا فن القرارات الإنسانوية و الشخصية
- الحقيقالوجيا فن الاحتمالات الممكنة
- الحكمالوجيا و المعرفالوجيا
- الفلسفالوجيا و الماهيالوجيا
- المعادلاتية و الحقل المعرفي
- المعادلاتية و تحليل الفلسفة
- العقل الأنترنتي في مواجهة العقل المنطقي
- الفلسفة المعادلاتية والثقافة والهوية
- الفلسفة المعادلاتية و تحليل العلاقة السببية
- الفلسفة المعادلاتية والقوانين الطبيعية
- الفلسفة المعادلاتية و النظام السياسي المثالي


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسن عجمي - العقيدالوجيا دراسة العقائد علمياً