أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين سميسم - رواية قيلولة















المزيد.....

رواية قيلولة


حسين سميسم

الحوار المتمدن-العدد: 7278 - 2022 / 6 / 13 - 01:08
المحور: الادب والفن
    


قراءة في رواية قيلولة
(هناك اشخاص يولدون وهم متمردون لا يعجبهم العجب ، يشعرون بتفردهم ونشاز خطوات الآخرين ) بهذه البداية بدأ (سلام حربة ) روايته قيلولة ، وفيها يعرفنا بشخصية فرات بطل الرواية الذي بدأ حياته شاعرا حديثا ثم ثوريا شيوعيا لتنتهي حياته بالانتحار بعد غيبة ( قيلولة ) قسر نفسه عليها .
يلون (سلام حربة) المشاهد بألوان زاهية معتمدا على رصيد لغوي بديع حافظ عليه وطوره منذ سبعينيات القرن الماضي ، فقد توقف في كل مفصل من مفاصل الرواية ليصف الجو العام ، وينسق صوره وينضدها ، فيبعث بذلك هدوءا في النفس يتوقف عنده القارئ ليتمعن في جمال الكلمات والوانها ورشاقة التعبير ، ويريك مالم تشاهده عين بعد انقضاء غيبة البطل وعودتة ، وقد تكررت تلك الصور لدى الاف المنفيين واللاجئين العراقيين الذين عادوا من المنافي حيث باغتهم منظر نفس المباني القديمة الآيلة للسقوط ، وشاهدوا رثاثة الواقع الجديد التي انطبعت على الوجوه والملابس ، ويعرفون في النهاية بانه مجتمع قد خرج توا من زلزال ، اندثرت فيه تلك الصور الزاهية والحياة الطبيعية ، وتصف الرواية بحنكة هذا الواقع الجديد الذي استعصى على فهم العائدين من المنافي بصور وكلمات يتصاعد جرسها مع التقدم بالرواية ويبدأ بالخفوت رويدا رويدا ويترك صدى خشنا في نهاية الرواية .
كانت شخصية فرات سلبية منذ البداية ، فلم ينفتح على الناس ، عزل نفسه عن المجتمع ، وسلك سلوك المظلومية في اجمل قصة غرام مع عائدة التي منحته ارثها وجمالها وغرامها وحياتها مقابل لاشيئ ، وكان في سلوكه العام يظن نفسه صاحب الحق وعلى الاخرين الاقتراب منه والنظر اليه وابرازه والسعي لاكتشاف جوهره المخفي في اصداف صلده ، ومن يقرأ الرواية ولم يتعرف على الشيوعيين في السابق وعلى اخلاقهم وتضحياتهم لايجد في فرات الا شخصا متطرفا في احسانه وفي نرجسيته ، ولم تعكس الرواية ضوءا على نشاطه السياسي ، ولم تتوضح معالمه الا لماما في النشاط الطلابي وفي العمل الجماهيري .
كان فرات بطل الرواية لكن عظيم نافسه تلك البطولة فهو الراوي الرئيسي لها وصاحب احداثها ، وكانت شخصيته ملحقة بفرات الشاعر بطل الرواية ، وارتضى عظيم بشخصية الملحق والظل والمقلد ، وبعد الغيبة ( القيلولة ) يبدأ عظيم يأخذ دورا ارشاديا وذلك بتعليمه وتوضيح المتغيرات خلال فترة غيبته ، وبيان نتائج تلك الغيبة ، ولم يبق لدى عظيم ما يتعلمه من فرات ( رفع راية الاستسلام البيضاء وسلم أمر قيادته الى الاكثر مهارة ص ١٣٢) . وكانت نكسات واقع الحرب والانكسارات الاجتماعية المتوالية وانقطاع الامل قضت على جانب كبير مما تعلمه من فرات ، و التجأ الى الاحتماء من الواقع الصعب خلف متراس صلد من الامكانيات المالية ، واثر ذلك على حياته الشخصية ، ولم يحاول تخفيف صدمة فرات في الخروج من الغيبة والانقطاع عن المجتمع ولا شرح متغيرات الواقع غير المحسوبة ، بل وضعه امام الواقع وصحبه الى المقبرة في اليوم الاول والى زياراته الاخرى التي نقلت فرات من عتمة الى عتمة اشد من الاولى ومن هول الى آخر ولسان حال عظيم يقول بان كل ذلك نتيجة منطقية لغيبة فرات في حوض النتروجين ، ووافقه فرات في النهاية .

حرك المؤلف شخوصه بين طبقتين اجتماعيتين هي طبقة الحرفيين التي انحدر منها فرات وعظيم وبين طبقة البروليتاريا الرثة ، وقد اظهرت الاولى اهتماما بالسياسة وبمفاهيم العدالة الاجتماعية ، وظلت الثانية التي ظهر منها طارق وحامد المنغولي على هامش المجتمع ، ومن هذه الطبقة صنع المؤلف ابطال المرحلة القادمة : طارق ابن الخبازة ، السارق الذي لم يتعلم شيئا من حياته غير السرقة ، ولم تغير نصائح فرات ومساعيه منه شيئا ، وحامد المنغولي الواقع بين الطيبة والبلادة ، وسلمان رجل الدين المنحرف والمتعاون مع الامن ، لقد جمعتهم الرواية في جهد مسبق لوضعهم على راس السلطة ، وهؤلاء سيشكلون رجال المرحلة الحالية الخالية من منطق ، وهم يخلفون الفئات المتعلمة وسيطرون على الدولة ويقودون السلطة .
وضع المؤلف كل المتغيرات السيئة والتراجع الحضاري الرهيب الذي حدث بعد غيبته على مسؤولية فرات وعاتقه ، وهو من جهة اخرى ضحية النظام السياسي الذي اضطره للغيبة ، ولم يذهب الى حوض النتروجين لرغبة زائدة او متعة شخصية ، لكنه اعتبر في نهاية الرواية غيبته وهروبه من الواقع جرما ( لو لم اهرب انا في بطن العلم والآخرون الى الخارج ، وتركنا البلد لهؤلاء اللصوص المجرمين لما اصبح حامد المنغولي مثل البلاد الاعلى … ) وفي ذلك اخفاء لدور المجرم الحقيقي الذي ورط البلد بقادسياته المشؤومة ونازيته التي طالت الاخضر واليابس ، واراد الكاتب ان يبرز لنا دليلا على مايقول هو بقاء الشاعر (عرفان موسى ) واقفا في احدى مكتبات الانتفاضة التشرينية في ساحة التحرير حيا . وظل نضاله مستمرا بالرغم من تقدمه بالسن ، لكن الامر يمكن ان ينظر بشكل آخر هو انه بالرغم من بقاء هذا الشاعر في البلد وعدم مغادرته فان حامد المنغولي مازال مثل البلاد الاعلى .
كنت اظن ان فراتا سيختفي في التحرير ويعوض مافاته بالوقوف مع الصبية والشباب والشابات الذين امتلأت ساحات البلد بهم وبتضحياتهم ، ويدفع نفسه في مواجهة مع الذين ساعدهم في مقتبل حياتهم ( حامد وطارق وسلمان ) ومجموعة اخرى من بقايا النظام السابق دخلوا معهم ليخلقوا الواقع الجديد . لكن الامر جرى بشكل مأساوي جديد وهو انتحار بطل الرواية وانطفاء الامل بالتغيير وانتهاء الزمن المتعلق بفرات وانغلاق كل الطرق المؤدية الى الوقوف بوجه حامد وطارق وسلمان .
كل الفصل الاخير من الرواية (16) اقصر الفصول ، فلم يتوسع به الكاتب افقيا بل حفر بئرا مظلما رمى به كل ماضي فرات وارثه ، فسمعنا في النهاية صوتا رهيبا لاصطدام هذا الماضي في قعر ذلك البئر .
تميزت الرواية بشجاعة الطرح، وهي في نفس الوقت رشيقة بديعة تجبر القارئ على متابعتها والتفكير بذلك الماضي القريب الذي عاشه اعضاء فئة سياسية معروفة واصدقاءهم، وسيجد القارئ عددا من المشتركات حدثت معه شخصيا ، لانها حفرت في عمق الحدث وعكست كثيرا من الاحداث والصور ، وحاولت تلمس الاسباب التي ادت ببلدنا الى قعر الحضارة .



#حسين_سميسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أكاديميون ديمقراطيون
- شكر للسيد المرجع الاعلى دام ظله
- الشيخ المفيد مؤسس المذهب البويهي-5
- الشيخ المفيد مؤسس المذهب البويهي 4
- الشيخ المفيد مؤسس المذهب البويهي-3
- الشيخ المفيد مؤسس المذهب البويهي-التراجع
- الشيخ المفيد مؤسس المذهب البويهي
- نظام الوكالة الدينيةعند الشيعة بدائل الامامة
- نظام الوكالة الدينيةعند الشيعة
- نظام الوكالة الدينية عند الشيعة البدايات
- الاجتهاد والتجديد في الفكر العلماني
- عبد الحسين ابو شبع راية حسينية حمراء في سماء النجف
- امستردام تحتفي بالمفكر الدكتور عبد الحسين شعبان
- ستون عاما على ولادة جماعة العلماء / الاستيلاء على التركة
- ستون عاما على ولادة جماعة العلماء/ التحول
- ستون عاما على ولادة جماعة العلماء
- نحو جبهة ثقافية علمانية
- القوى المدنية وانتخاب مجالس المحافظات
- مستجدات الانتخابات العراقية
- زواج القاصرات الاصل الديني العقلي


المزيد.....




- -جَنين جِنين- يفتتح فعاليات -النكبة سرديةٌ سينمائية-
- السفارة الروسية في بكين تشهد إزاحة الستار عن تمثالي الكاتبين ...
- الخارجية الروسية: القوات المسلحة الأوكرانية تستخدم المنشآت ا ...
- تولى التأليف والإخراج والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر ...
- كيف تحمي أعمالك الفنية من الذكاء الاصطناعي
- المخرج الأمريكي كوبولا يطمح إلى الظفر بسعفة ذهبية ثالثة عبر ...
- دور النشر العربية بالمهجر.. حضور ثقافي وحضاري في العالم
- شاومينج بيغشش .. تسريب امتحان اللغة العربية الصف الثالث الاع ...
- مترو موسكو يقيم حفل باليه بمناسبة الذكرى الـ89 لتأسيسه (فيدي ...
- وفاة المخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد عن 70 عاما


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين سميسم - رواية قيلولة