أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - للبيتِ ربٌّ يحميه














المزيد.....

للبيتِ ربٌّ يحميه


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1677 - 2006 / 9 / 18 - 09:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تفجير المكبوتات العدائية تجاه الآخر المختلف، في كل مرة تثار فيها أزمة ما، تتعلق بجانب ديني، هي أهم ما يميز ردّات الفعل التي اعتدنا أن نراها في هكذا مناسبات، وتحميله وِزْر كل ما يحصل من خبائث، وفجور، وموبقات، وهنا المكر، والخديعة، واللعب على الحبال، وبالثلاث ورقات، وباتت تشكل ظاهرة لافتة من آن لآن. ولعل تلك المخزونات الهائلة من الشعور بالنقص، والهزيمة، والقهر، والإحباط، باتت تشكل حملاً ثقيلاً في معظم هذه المجتمعات، والتي لا يمكن التعبير عنها عبر قنوات شرعية تحتضنها، وتحاول التخفيف من آثارها، ولذا نراها تشتعل كالنار في الهشيم عند أول مناسبة من هذا القبيل، وتجد طريقها بسهولة ويسر أكثر أمام الآخر المختلف، أكثر مما تجده في مراجعة نقدية جادة لمجمل النشاط والسلوك، والتفكير الذي اعتادت، هذه المنطقة، أن تسير عليه خلال تاريخها الطويل.

ولئن كانت النظرة العامة، لدى الآخر، عن الإسلام، بهذه الطريقة الفجة، والمبتذلة، وهذا الكم من الاستنتاجات السريعة، فهذا لا يعني، بالمآل، أنها صحيحة، بالمطلق، كما لا يمكن، في ذات الوقت، تجاوز بعض مما جاء فيها، وقد يكون هناك ضرورة ملحة للتوقف عند بعضها وصعوبة ما، نسبياً، في تفنيد قسم منه. والأهم من هذا وذاك، أنه لا يجب أن نؤكدها من خلال تلك الطرائق البدائية من ردات الفعل. كما أنه يجب البحث بجدية عن الطريقة، والكيفية، والسبب التي تبلورت فيها تلك المفاهيم، والصيغ، والآراء في أذهان الآخرين قبل إدانتهم، والتي هي تحصيل حاصل وليست لب المشكلة، والتفتيش، في الآن ذاته، عن السبل العملية، والكفيلة بتصحيح تلك الرؤى وتجميلها. نعم، لقد أخطأ البابا بنيديكتوس السادس عشر، أيما خطأ، حين وجه انتقاداته اللاذعة، والجارحة للدين الإسلامي، كما يخطئ أي شخص آخر، حين ينتقص من قدر أية جماعة، أو فكر، أو عقيدة، وأخطأت تلك الجماعات، والقوى الدينية، أيضاً، التي تعتقد نفسها، أنها وحدها، التي تحتكر الدين، وتمتلك حق التعبير، والاحتجاج، كما هو حال الأمر في كل مرة.

ربما لم يكن البابا الألماني موفقاً في التعبير عن نفسه، كما أشار في اعتذاره اللاحق، كذلك لم تكن فئة من المحتجين قادرة على إيصال احتجاجها بالشكل الأنسب، والأسلم، والأكثر لياقة. والطامة الكبرى، تكمن، دائماً، في سيطرة قوى بعينها على قرار الشارع لتجييشه، وتحشيده، وتعبئته بما يتوافق مع أجندتها السياسية، غالباً، وقد تبتعد قليلاً عن الجانب الديني والروحي لتمزجه بنكهة، وخلطة سياسية، ذلك الجانب الذي من المفترض، عادة، ألا يخضع لأية اعتبارات سياسية. وتأتي في الحقيقة مثل هذه التصريحات كهدية، في كل مرة، من السماء، لهذه الجماعات، لترتفع عقيرتها، ويدوي صوتها، الخافت عموماً، أمام ولاة الأمر، ولتعرض عضلاتها السياسية، أكثر مما تظهر من قيمها الروحية السمحاء، فيما تراها تطبق الصمت على عشرات المخالفات، والموبقات، والتجاوزات، والانتهاكات التي تجري هنا وهنا، وتسيء لكل ما هو نبيل، وإنساني، وعظيم، وأصيل. لا بل قد تجدها فرصة مؤاتية، لتنفيس كثير من الاحتقانات، تؤتي أكلاً سياسية للبعض، وتظهرهم على أنهم حماة الدين الحنيف.

ولئن كانت إدانة هذه التصريحات شيئاً واجباً، فإن الانجرار التلقائي، والعفوي وراء جماعات التدين السياسي أمر غير لازم البتة. وفي كل مرة تستلم فيها قوى التطرف زمام المبادرة، نراها تنجرف بعيداً في غوغائيتها بعيداً عن العلاج العقلاني، والمنطقي، للب المشكلة، الذي كان لها الدور الأكبر في تصنيعه، وتضخيمه، وتكبيره. ومن الجدير ذكره، أن تلك الجماعات، ليست هي وحدها المسؤولة البتة عن الدين، أو المخولة فقط بالنطق باسمه، ولا يحق لها أن تحتكره، وتدّعي حصرية امتلاكه، وتمثيله، إزاء أغلبية صامتة، لا حول لها، ولا قوة. فمن يتابع وسائل الإعلام، التي تعكس، غالباً، وجهة نظر المتطرفين، والمتعصبين، يدرك مدى التشويه الذي يلحقه هؤلاء بصورة الدين عبر فتاويهم، وأطروحاتهم، وأقاويلهم.

وبالعودة إلى تلك الصورة، غير المرضية، التي أوصلها دعاة التطرف، ومحللو الدماء، إلى العالم أجمع، لا بد من الاعتراف بأن هناك إشكالية جدية، وخطيرة تعتري نظرة الآخرين للإسلام، جرّاء سيطرة الجهلة، والمتطرفين، والأدعياء، وتسلطهم على عقول الناس، وقدرتهم على التحكم بالشارع العام، واستلامهم لزمام المبادرة، واستغلال الكثير من التعاليم الدينية وتجييرها خدمة لأهداف سياسية خالصة.

إننا، في الحقيقة، بحاجة للكثير من المراجعات، والتصحيحات، والوقفات مع الذات، ونشر روح التسامح، والمحبة، وقيم التعايش، والإيثار، وكبح جماح المتطرفين، والمتزمتين الغلاة، ولا يهم بعد ذاك ما يقوله الآخرون، وقبل أن نلوم أياً كان، ولئلا يقف، مثلاً، بنيديكتوس "السادس والستون"، في المستقبل، ويردد نفس ما قاله الحبر الأعظم بنديكتوس السادس عشر، قيصر الفاتيكان.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمن الشمولي والأمن الديمقراطي
- تلفزيون المستقبل: برنامج الاستحقاق أم الاستظهار؟
- الغادري عارياً
- لِم لا تجعل الفضائيات العربية بثها كله بلغة الصم والبكم؟
- وسوى الروم خلف ظهرك روم: الغادري أنموذجاً
- أثرياء العرب، وآيات طهران
- أنقذوا إسرائيل
- إسرائيل تصنع الرأي العام العربي
- حاخامات بغترة وعقال
- العَرَبُ الحَاقَِدة: آخِرُ سُلالاتِ العُرْبان
- حرب لبنان: سقوط الذرائع الواهية
- لَحْنُ الغَرام
- طبخة الشيف رايس
- من يضمن أمن إسرائيل؟
- إنّ حِزبَ الله هُم الغَالِبون
- حُبّاً بِعليّ، ونِكايَة بمُعاوية
- اللّهُمّ اخْذلْ مَنْ خَذَلَهْ
- اغزوهم قبل أن يغزوكم
- متى سَتُرَفْرِفْ هذه الأَعْلام؟
- الدّمُ الحَرَام


المزيد.....




- إعادة فتح أبواب المسجد الأقصى أمام المصلين
- بزشكيان: القواعد الأمريكية تسعى لزرع الفتن بين الدول الإسلام ...
- الداخلية السورية: خلية جاءت من مخيم الهول وفجرت الكنيسة بدمش ...
- -سرايا أنصار السنّة- تتبنى الهجوم على الكنيسة في دمشق
- خبراء: فلسطين قضية محورية في تجديد الأمة الإسلامية
- مفتي القاعدة السابق يروي تفاصيل خلاف بن لادن والملا عمر
- تفجير الكنيسة يُفجع عائلة سورية.. ومناشدة للشرع
- “ماما جابت بيبي” استقبل دلوقتي تردد قناة طيور الجنة 2025 Toy ...
- أضبطها الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سات وعرب سات ...
- لليوم الـ12: الاحتلال يواصل إغلاق المسجد الأقصى وكنيسة القيا ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - للبيتِ ربٌّ يحميه