أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - نضال نعيسة - إسرائيل تصنع الرأي العام العربي















المزيد.....

إسرائيل تصنع الرأي العام العربي


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1631 - 2006 / 8 / 3 - 11:10
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


بعيداً عن القصور، والبلاطات، وحسابات الصالونات السياسية الرخيصة، فقد أجمع الشارع العربي بقضه وقضيضه، وشبابه وشيبه، وهلل للرد الصاروخي القوي الذي قام به حزب الله لوقف، وردع الاعتداءات الوحشية الآثمة التي قامت، وتقوم بها إسرائيل، ضد الشعوب العربية المختلفة، منذ تأسيسها، وحتى الآن. وباستثناء قلة قليلة، ولأسباب بعضها مبهم، وبعضها الآخر واضح، ومفهوم، فقد "التأم" الشامي على المغربي، والأصولي على العلماني، والسني على الشيعي(متناسين كل الحساسيات الدينية والسياسية)، والحماسي على الحزبواللاوي، والقومي مع الماركسي، والمعتدل مع المتطرف، للترحيب بالرد الحزبواللاوي الكاتيوشاوي المفعم. كما كان هناك شبه إجماع عام، على أسر جنود إسرائيليين بعمليات بطولية، ومتقنة، ومن قلب أرض المعركة. ولا ننسى، في هذا الصدد، أن تلك الجهات التي أدانت "المغامرة" سابقاً، سرعان ما عادت لتنحني أمام الرغبة تلك الشعبية العارمة، الصاعدة، وتنضوي، تحت لوائها، ولو على استحياء، وعيناها على الدبابات الإسرائيلية، وأذناهاعلى تصريحات الناطق باسم الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض. فهل أتت مرحلة صار يتوجب علينا فيها أن "نشكر" إسرائيل على قدراتها الخارقة، ليست العسكرية هنا، طبعاً، ولكن قدراتها "التوحيدية"، في توحيد الرأي العام، بعد أن فشل العرب، والحمد لله، في جميع محاولاتهم الوحدوية السابقة. نعم لقد أصبحت مهمة إسرائيل، وأمريكا، تنحصر فقط في صنع الرأي العام العربي. إنه طور غرائبي من تبادل الأدوار التاريخية، لأعداء ألداء، وإنها لمهمة ناجحة، لعمري، ولا شك، بعد أن فشلت في ذلك الأنظمة العربية، وبعد أن أخفقت إسرائيل، أيضاً، في خلق أي بديل سلمي, وغير تصادمي، موضوعي.

إسرائيل، ومنذ نشأتها، تعيش وسط جزيرة معزولة من التوجس، والريبة، والشك، وبين شعوب، وأمم، وأقوام تناصبها العداء، ولم تحاول، ولم تفكر، يوماً، بمحاولة أن تبني معها علاقات مودة، وحسن جوار مع هؤلاء. بل على العكس، اعتمدت سياسة البطش والعدوان وغطرسة القوة الحمقاء، مستقوية بالقوة الأعظم، وسط أنظمة مهادنة، تريد أن تبقى في الحكم، وتنجو برأسها متكئة على رضا، وصفح جهات دولية نافذة. إلا أن المعادلات اليوم، بدأت تنقلب، كلياً، ورأساً على عقب، وتميل بموجبها كفة الميزان، وتتغير الرياح السياسية في غير اتجاه. إن ما فعله حزب الله، يعتبراً فتحاً استراتيجياً كبيراً، وصاعقاً بآن، وأيا تكن نتائج هذه الحرب العدوانية المجرمة، التي تقودها إسرائيل، وحتى لو أدت لإبادة حزب الله بالكامل، ولا سمح الله. لقد كتب حزب الله، و وقـَّع، وبالصواريخ الأولى، على "بروتوكول" جديد للتعامل، والتفاهم مع إسرائيل، علها تعلم أن الله حق، وأنه كما تدين تدان، وبالكيل الذي تكيل تكال، ألم يأت هذا في صلب الكتاب المقدس الذي يقرأه متطرفوها أمام حائط المبكى، وسط طقوس من الهلوسة، والهذيان، والسكر الروحي، والرجفان؟

هذا ليس مدحاً، ولا إطناباً، ولا محاولة لقفز على الواقع بناء على معطيات خلبية، وغير حقيقية، إنما هي الحقيقة المرة، والقاتلة التي ستبقى في ذهن جميع الإسرائيليين، وقادتهم القتلة، بعد أن تضع هذه الحروب أوزارها. وسيبقى السيناريو الأسوأ بالنسبة لإسرائيل هو، ما هي النتيجة التي ستؤول إليها الأمور، فيما لو تم استنساخ أكثر من طبعة إقليمية من فكر، وتنظيم، وسلوك حزب الله، الذي يبدو أنه بدأ يدغدغ عواطف الملايين، ويلاقي شعبية لا بأس بها، بين فئات مختلفة من شعوب هذه المنطقة المنكوبة؟ وماذا ستكون عليها النتيجة، لو أن الصواريخ بدأت تتساقط على إسرائيل من الشمال، والجنوب، والشرق، والغرب، وتصنعها ورش بسيطة منتشرة في هذا البلد، أو ذاك؟ لا شك أنه كابوس رهيب، وصورة مرعبة، وخيال جامح فضفاض، سيقض مضاجع كل من يفكر فيه، إلا أن احتمالية حدوثه، ولو بنسب ضئيلة، يعتبر أمراً وارداً في ضوء ما حصل حتى الآن. والأجدى بالنسبة للإسرائيليين جميعاً، ألا يفكروا، أبداً، بمفاعيل، وتبعات تلك الخيارات الكارثية الظلماء.

أما وقد صاغت إسرائيل، وبيديها المجرمتين، وبسياساتها المتنعة هذه الصيغة الكابوس، فإن الصواريخ الحماسية، والحزبواللاوية ما زالت في مراحلها البدائية، وربما ما زال يخالجها شعور بـ"حياء"، وتردد سياسي، واستراتيجي ما، إزاء أي تصعيد مرحلي. ولكن ما هو السبيل إذا زال هذا الخوف، والحياء، وسقطت كل الحسابات، وصارت السبل مفتوحة لأي كان ليمارس "هواية" إطلاق الصواريخ، باتجاه المستوطنات، وإذا لم يبق هناك من سبيل لإجبار إسرائيل على "الفهم"، والحوار سوى هذا الخيار؟

إن الولايات المتحدة، وإسرائيل، والغرب عموماً، المراوغون، والمسوفون، والمضللون الهاربون من خيارات السلام، وهم المغرومون، أيضاً، وبنفس الوقت، باستطلاع، وتحري سير، واتجاهات الرأي العام، ويعولون عليها، عليهم ألا يصدموا بالحقائق الدامغة والمفزعة(بالنسبة لهم)، والتي يساهموا بتكوينها في المنطقة، عن جهل، وحماقة، وغباء. هذا الرأي العام، ورغم ضعفه الظاهر، وعدم قدرته على التأثير "حالياً" بالسياسات إلا أنه يتشكل، وبقوة ساحقة، ماحقة، عمياء، للانتقام، وبأي شكل، من قوى الغطرسة، والعدوان. ولقد عودتنا إسرائيل، وأمريكا، وسياسيوهما، على تبريرات، وتسويغات واهية، وضعيفة لتلك السياسات الحمقاء، إلا أنها لم تعد تنطلي حتى على الأطفال، والجهلاء. وارتبط اسم هاتين الدولتين، وعلى الدوام، بالعدوان، والنفاق، والرياء. ولم يبق لأي منهما أية مصداقية على الإطلاق.

هذه هي، وبعيداً عن أية عواطف جياشة، البداية. وأول الغيث قطرة. وأول الحمم النارية، هي كاتيوشا حزبولاوية قد لا تستطيع أية قوة، في المستقبل، ومهما بلغت أن تتحكم بها. وهذا هو الأسبوع الثالث ينقضي على بدء العدوان، ولم تستطع تلك الآلة الحربية التكنولوجية المتطورة، ولا جنودها الخائفون، أو جنرالاتها الحائرون، أن تتحكم بسقوط رسائل النار والحمم القادمة من السماء، كـ "أمطار الصيف"، التي تحول سير سحبها الداكنة "القانية" الحمراء على ما يبدو، والتي تأتيهم بلا موعد، وتصب على مختلف المستوطنات.

وأول غيث الغضب الشعبي العربي هو كاتيوشا حزب الله، وليس ثمة مقارنة هنا بالطبع، بينه، وبين عناقيد الغضب، على الإطلاق، مع ثمة فارق فاقع، بأنك لن تجد من يلوم هذا الغضب العفوي الشعبي العارم العام.

القاهرة 1/8/2008



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حاخامات بغترة وعقال
- العَرَبُ الحَاقَِدة: آخِرُ سُلالاتِ العُرْبان
- حرب لبنان: سقوط الذرائع الواهية
- لَحْنُ الغَرام
- طبخة الشيف رايس
- من يضمن أمن إسرائيل؟
- إنّ حِزبَ الله هُم الغَالِبون
- حُبّاً بِعليّ، ونِكايَة بمُعاوية
- اللّهُمّ اخْذلْ مَنْ خَذَلَهْ
- اغزوهم قبل أن يغزوكم
- متى سَتُرَفْرِفْ هذه الأَعْلام؟
- الدّمُ الحَرَام
- مُنتخب فرنسا:عندما يَصْنعُ المُهاجِرون الأمْجادَ
- عبيرالعراق:اغتصاب الأموات
- نساء العرب وخيبة الآمال
- نهاية التاريخ العربي
- المونديال وهزيمة الذات
- الديمقراطية العلمانية
- غربة الفكر العظيم
- الزرقاوي: نهاية الأسطورة


المزيد.....




- ماذا كشف أسلوب تعامل السلطات الأمريكية مع الاحتجاجات الطلابي ...
- لماذا يتخذ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إجراءات ضد تيك ...
- الاستخبارات الأمريكية: سكان إفريقيا وأمريكا الجنوبية يدعمون ...
- الكرملين يعلق على تزويد واشنطن كييف سرا بصواريخ -ATACMS-
- أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية ب ...
- سفن من الفلبين والولايات المتحدة وفرنسا تدخل بحر الصين الجنو ...
- رسالة تدمي القلب من أب سعودي لمدرسة نجله الراحل تثير تفاعلا ...
- ماكرون يدعو للدفاع عن الأفكار الأوروبية -من لشبونة إلى أوديس ...
- الجامعة العربية تشارك لأول مرة في اجتماع المسؤولين الأمنيين ...
- نيبينزيا: نشعر بخيبة أمل لأن واشنطن لم تجد في نفسها القوة لإ ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - نضال نعيسة - إسرائيل تصنع الرأي العام العربي