أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - نضال نعيسة - مُنتخب فرنسا:عندما يَصْنعُ المُهاجِرون الأمْجادَ















المزيد.....

مُنتخب فرنسا:عندما يَصْنعُ المُهاجِرون الأمْجادَ


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1604 - 2006 / 7 / 7 - 11:09
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


احتج جان ماري لوبان، الزعيم اليميني الفرنسي المتطرف، على وجود تلك الكوكبة من اللاعبين "الملونين"، ومن غير أصول فرنسية، في منتخب بلاده لكرة القدم. وألمح إلى أنهم لا يحفظون كلمات النشيد الوطني الفرنسي العريق المارسيللييز(كما تكتب الكلمة بالفرنسية). وأنهم يرددونه من رؤوس الشفاه. لا بل بمجرد تحريك الشفاه، رفعاً للعتب، ليس إلاّ. وفي الحقيقة يتألف المنتخب الوطني الفرنسي عموماً، من أغلبية من المهاجرين، ومن أصول إفريقية، وتحديداً، من المستعمرات الفرنسية السابقة. ولا أدري إن كان في الأمر سراً ما، أم أن ذلك محض مصادفة عمياء. ولكن، وفي مطلق الأحوال، هذا موضع فخر كبير لفرنسا، وقوانينها العلمانية، وليس انتقاصاً منها بأية حال. ولو كان الأمر لدى أي فريق من الدول التي لما تزل تفكر بعقلية القبيلة، والعشيرة، والعائلة، والقطعان "المزروبة" في المزارع السائبة، لكان هذا المنتخب لوحة خلفية مصغرة عن جميع المتنفذين، والمحظيين، والمحظيات، والأقارب، والأهل، والخلان، "أي يكون المنتخب الوطني عندئذ، وبالعربي المشرمحي "أهلية بمحلية، وما حدا غريب يا شباب". وهذا ما يفقد أي عمل جماعي، ووطني، أية مصداقية، ويفرّغه من مضمونه التنافسي الشريف، الذي يجب أن يعتمد على الكفاءة، والمهارة، والإتقان، والإخلاص. فحسناً فعلت فرنسا، أن أخذت بهذا الخيار الإنساني، والعلماني، وتركت ما عداه، برغم كل تعليقات لوبان، ومن لفّ لفـّه، من المتطرفين الغلاة. وها هو زيدان، ورفاقه، "الغرباء" من غير "أهل الدار"، يسطـّرون الأمجاد بحروف من ذهب، ويخطون خطوة أخرى، ويقتربون من التاج، مرة ثانية في التاريخ، وبنفس التشكيلة "العرقية"، تقريباً، التي أحرزت الكأس في العام 1998.

معظم هؤلاء اللاعبين هم أبناء مهاجرين، فعلاً، أو حصلوا على الجنسية بموجب الإقامة الطويلة، وهذا لم يمنع أبداً من أن يكونوا مواطنين فرنسيين حقاً، وصادقي الولاء. لا بل يصنعون التاريخ، ويكتبون أساطيراً من النجاح بأكاليل من غار، في بعض الأحيان. ويصبح بذلك، كلام لوبان وأمثاله، محض تجن، وهراء، بهراء. ومن نافلة القول أيضاً، أن هناك بعض المهاجرين، والفاشلين، والذين لم يقدروا، ولأسباب لا حصر لها، من التأقلم والاندماج في هذه المجتمعات الجديدة، ويعيشون في حالة من الغربة النفسية، والداخلية، والضياع، والانزواء. وهناك من ينفخ في نار هذا وذاك، ويلعب على تناقضات لا تخلو منها أية مجتمعات. وهناك من يستغل بعض الأجواء المشحونة، للصعود والارتقاء السياسي، كما يفعل السيد لوبان، حين يدغدغ عواطف أمثاله الغلاة، ولكن الحقيقة الساطعة تقبع في مكان ما، يجسدها كل أولئك المندمجين في هذه المجتمعات، الذين يتفوقون، وينتجون، ويحققون ما عجزوا عنه في مجتمعات الرق، والنخاسة السياسية، والاستعباد.

إن هذا الوضع الإنساني، والاجتماعي الجديد هو حقيقة، في طور التشكل، ولم يتموضع كلياً، ويأخذ شكله النهائي العام. ولذا من المبكر تماماً، الحكم عليه بالسلب، أو بالإيجاب. والعنصرية في الدساتير العلمانية، محرّمة، ومجرّمة، ويعاقب كل من نادى بها بأي شكل من الأشكال. ومن هنا يصبح كلام السيد لوبان، وأمثاله، خروجاً فاقعاً، وصارخاً عن القانون، في كثير من الأحيان.

فحين ينشأ الإنسان، ومهما كان أصله، وفصله، ولونه، حتى ولو كان مغترباً ومهاجراً، في بيئة وطنية، وصحية سليمة، يُطبق فيها القانون على الجميع بلا استثناء، ويعاملون جميعاً بعدالة، ودون تمييز، ومساواة، فلا شك سيكون التفوق، والإبداع ملازماً له، ونتيجة طبيعية. ولا بد للمهاجر، في هذه الحال، من الإخلاص للمكان الذي آمنه من خوف، وأطعمه من جوع، يعشش في بلاد القهر، والذل، والطغيان. وإنها لحالة نفسية، وطبيعية، وصحية أن يعشق الإنسان المكان الذي رأت فيه النور عيناه، ويتشبث به، ويتعلق به، وإن لم يكن، حقيقة، يمت له بصلة الأصالة، والتجذر التاريخي، والانتماء. وهناك أمثلة لا حصر لها على هذا الكلام، وعن تلك المنجزات، والنجاحات الباهرة التي حققها مهاجرون، من شتى القوميات، في بلاد الاغتراب، وذابوا في مجتمعاتهم الجديدة.

وبالمقابل، حين يُعامل المواطن الأصلي، و"ابن البلد"، وفي بلده بالذات، بكثير من القسوة، والتمييز، والفظاظة، والجلافة، واللامبالاة، والاستهتار، فلا بد سينهار النظام الاجتماعي، والسياسي، والاقتصادي، وتموت روح التفاني، والإخلاص، وستكون الأوطان عندها عرضة لشتى أنواع الأخطار، بعد أن يفقد المواطن الإحساس، والحب، والولاء التلقائي المخلص بالانتماء. وهذا ما نلمسه ونراه في غير مكان. ولن يكون مستغرباً، وقتها، أن تخرج، مدحورة، تلك الدول التي تعمل بهذا الأسلوب الفج، والبدائي، من كل مضمار تنافس، شريف، وخلاّق، لتصبح أكثر من مسخرة، ومهزلة، و"ملطشة"، يتندر بها الجميع في كل ميدان.


في الكثير من الدول العربية، وخاصة الغنية منها، يعيش الإنسان "المقيم"، أو الوافد، أو ألأجنبي، ( هذا هو التوصيف الرسمي للمغتربين حتى من أهل العروبة نفسها)، ربما لعقدين، أو ثلاثة، دون أية حقوق، وامتيازات، بل إن نظام الكفيل الاسترقاقي، مسلط فوق رأسه كساطور السياف. ويريد بعض من مزايدي، وعتاة الاصوليات، بشتى مشاربها، وألوانها، أن تكون هذه الأصقاع البدائية هي الأنموذج البديل، والحل لكل المشكلات. هذه المجتمعات التي لا تقيم وزنا لا للمواطنة، ولا للإنسان، وتبقى العلاقات القبلية، والعشائرية، والعائلية، وقرابة الدم هي الأساس، والمعيار. ولا ننسى أن هناك شريحة "البدون" المعروفة، والمجردين من الجنسية، في الكثير من الدول العربية، رغم أنهم يقطنون فيها أباً عن جد، ومن مئات السنوات. فيما تصبح الوظائف العامة، والدسمة والتي فيها "بريستيج"، وبروظة، ومال عام سائب، حكراً على، ومن نصيب المحاسيب، والأقارب، والأزلام.

فريق المهاجرين، والغرباء الفرنسي، "والذين ليسوا، بالضرورة، من علية القوم، ومن أبناء الذوات، والأشراف من أصحاب الحسب والنسب "الصافي"، بمعايير الأعراب، يقترب مرة أخرى من تحقيق الانتصار، في المونديال، ليكون عِبْرة لدعاة التقوقع، والتفرد وإيديولوجيات مسخ المواطنة، والموروثة من أيام زمان، وردّاً مُفـْحماً على جان ماري لوبان، وأمثاله من الغلاة، ودعاة التطرف الوطني الشوفيني والاستعلاء، الذي كان سبباً مباشراً، للكثير من الحروب، والصدامات، والانقسامات.

معيار الانتصار، والتفوق، والارتقاء الحقيقي في النهاية، هو بتجسيد مبدأ المواطنة الحقـّة، والسليمة، وهذا ما فعله الفرنسيون، بالضبط، في المونديال. وهذاهو، أيضاً، ما تشدد عليه دائماً الدساتير العلمانية، وكل ما عداها هو مضيعة للوقت، والذهاب في عكس الاتجاه.

لندن - 6/7/2006



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبيرالعراق:اغتصاب الأموات
- نساء العرب وخيبة الآمال
- نهاية التاريخ العربي
- المونديال وهزيمة الذات
- الديمقراطية العلمانية
- غربة الفكر العظيم
- الزرقاوي: نهاية الأسطورة
- مسلسل النكسات القومية
- أصنام المعارضة السورية
- نعوات بدون عزاء
- ميشيل كيلو: طرق المحرمات
- ديمقراطية الطوائف
- الدهاء السياسي، واللعب على المتناقضات
- الاستخفاف بالداخل
- فاتح جاموس: عزيمة الأحرار
- الاستبداد والإرهاب
- إرهاب فيديو- كليب
- وسام شرف جديد على صدر الحوار المتمدن
- منظومة الاستبداد، ومخاطر التغيير
- آفة العقل السقيم


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - نضال نعيسة - مُنتخب فرنسا:عندما يَصْنعُ المُهاجِرون الأمْجادَ