أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى عبداللاه - مصر و العرب ( صراع الفاتحين )















المزيد.....

مصر و العرب ( صراع الفاتحين )


مصطفى عبداللاه
باحث

(Mustafa)


الحوار المتمدن-العدد: 7267 - 2022 / 6 / 2 - 01:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لم يكن الغزو الإسلامي المبكر لمصر محض صدفة أو ضرب من ضروب العبث ، فبعد وفاة الخلفية الأولى أبو بكر الصديق الذي لم تستمر خلفته الا سنتين كان يشغله فيهم تثبيت أركان الدولة الإسلامية الوليدة من خلال إخضاع القبائل التي ارتدت بعد وفاة النبي محمد فيما يعرف بحروب الردة أو من خلال القضاء على حركات النبؤة الجديدة مثل حركة الأسود العنسي أو مسيلمة أوسجاح ، فلم يتسنى لأبو بكر أن يتجه خارج حدود الجزيرة العربية الا في أطار محدود شمالاً ناحية العراق والشام ، ولكن مع تولي عمر بن الخطاب مقاليد السلطة والخلافة وبعد أن استتب الأمر له داخل الجزيرة العربية بدأ في تنفيذ خطة المشروع الاستعماري الذي كان يكمن في نفوس المسلمين منذ بدء الدعوة الإسلامية ويتضح لنا هذا من خلال قول النبي محمد نفسه في سنوات الدعوة الأولى كما أورده مسلم في صحيحه عن جابر بن سمرة (لتفتحن عصابة من المسلمين ـ أو المؤمنين ـ كنز آل كسرى الذي في القصر الأبيض) فالدعوة لم تكن دينية بقدر ما هي دعوة سياسية لخلق إمبراطورية عربية ، فكان مشروع عمر بن الخطاب الاستعماري تحقيق لأحد أكبر الأهداف للدولة الأسلامية ، وكانت مصر من أولى محطات تحقيق الهدف خصوصاً أن مصر لم تكن مجهولة للعرب قبل ذلك ، فكان تجار قريش يأتون إليها حاملين بضائع الشرق من البخور والتوابل والفضة يبيعونها ويشترون الثياب الغالية و المشغولات أو فيما يعرف بالقباطي بل وحتى عمرو بن العاص زار مصر في الزمن الجاهلي وهو بدور ما يفسر معرفة عمرو بطرق مصر و أخبارها وهو السبب والدافع وراء تولية عمرو بن العاص قائداً للحملة على مصر ، ومع دخول العرب و بعد أن أستتب الأمر لهم بدأ صراع ضروس بين العرب وبعضهم البعض على ثروت مصر ، فكان الصراع الأول بين عمر بن الخطاب و عمرو بن العاص فبعد أن تولى عمرو بن العاص ولاية مصر أصبح كل ما يشغله ويشغل باله هو تضخيم رؤوس أمواله وزيادة ثروته على حساب خيرات البلد حتى بأت يتغنى بثروته بين العرب الأمر الذي أستدعى عمر بن الخطاب أن يرسل اليه يسأله عن مصدر هذا المال بقوله (من عبد الله عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص، سلام عليك، أما بعد ، فإنه بلغني أنه فشت لك فاشية من خيل وإبل وغنم وبقر وعبيد، وعهدي بك قبل ذلك أن لا مال لك )(1) ، الأمر الذي أستدعى بعمرو بن العاص أن يرسل رداً لأبن الخطاب ليبلغه أن مصر بلد الأسعار الرخيصة وأنه أمتهن الزراعة وهذا ما نجده في نص الرسالة الآتية ( من عمرو بن العاص إلى عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد: فإنه أتاني كتاب أمير المؤمنين يذكر فيه ما فشا لي، وأنه يعرفني قبل ذلك لا مال لي. وإني أعلم أمير المؤمنين أني بأرض السعر فيه رخيص، وأني أعالج من الحرفة والزراعة ما يعالج أهله، وفي رزق أمير المؤمنين سعة) (2) .
ونريد أن نسأل هنا هل كان أبن العاص يزرع تلك الأرض بنفسه أم كان المصريين يزرعون له الأرض ثم من أين له بمال تلك الأرض وفي رسالة عمر بن الخطاب له نجد أنه جاء مصر دون مال ! ، وبالرغم من أرسل بن العاص الرسالة لعمر بن الخطاب إلا أن عمر لم يصدقه وأرسل له محمد بن مسلمة يقسم أمواله بالنصف كما بعث له رسالة تدل على تكذيب عمر له فيها أتهام واضح بالسرقة ( إنكم معاشر العمال قعدتم على عيون الأموال فجبيتم الحرام وأكلتم الحرام وأورثتم الحرام ) (3) فما كان رد عمرو بن العاص إلا أنه قال لمحمد بن مسلمة (قبح الله يوماً صرت فيه لعمر بن الخطاب واليا ) (4) ، ويمكن أن نعرف مقدار الثروة الطائلة التي حصل عليها عمرو بن العاص من وراء حكمه لمصر من خلال ما أورده إلينا أبن ظهيرة حيث قال (وقد جمع بن العاص ثروة طائلة من فترتى ولايته على مصر ، ويقال : أنه خلف من الذهب سبعين رقبة جمل مملؤة ذهباً ، و ( سبعين بهاراً دنانير ، وإليها جلد ثور مملوؤة إدريان بالمصرى ) (5) بل وبالرغم من حالة التقشف التي كانت تزعم لعبدالله بن عمرو بن العاص إلا أنه ورث عن ولده قرى بأكملها وهذا ما ورد فى رواية سليمان بن الربيع حيث قال (انطلقت في رهط من نساك أهل البصرة إلى مكة فقلنا لو نظرنا رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحدثنا إليه فدللنا على عبد الله بن عمرو بن العاص فأتينا منزله فإذا قريب من ثلاثمائة راحلة قال فقلنا على كل هؤلاء حج عبد الله بن عمرو قالوا نعم هو ومواليه وأحباؤه ) ولابد أن نشير الى ثلاث نقاط مهمة ،
الأولى أن هذا ما ورث عبدالله فقط بخلاف ما ورثه أخوه محمد بن عمرو بن العاص
والثانية أن هذا فقط نصف ما جمع عمرو بن العاص لا ننسى أن عمر بن الخطاب اقتطع نصف ثروته
الثالثة أن عمرو بن العاص جاء مصر وهو غير ذي مال كما قال له عمر بن الخطاب في رسالته الأولى وعهدي بك قبل ذلك أن لا مال لك ..

وفي عهد الخليفة عثمان بدأ في تقليل صلاحيات عمرو ومحاصرته فعين الخليفة عثمان عبدالله بن أبي السرح أخوه من الرضاعة على الخراج والزم عمرو على الحرب مما تسبب في ضيق صدر عمرو فعندما وصله الخبر قال ( أنا إذا كماسك البقرة بقرنيها وآخر يحلبها ) (6) ، وقول عمرو هذا يدل على نظرتهم إلى مصر أنها بقرة يريدون حلبها ، فأذا كان الأمر كما يدعي البعض كذباً من أجل نشر الدين والدعوة وليس إلا فلماذا يضيق صدر عمرو ب لواء الحرب ! ولم يستمر الأمر كثيراً حتى عزل عثمان عمرو بن العاص من الولاية حتى ينفرد أخيه بها فعاد عمرو إلى المدينة لتبدأ الفتنة الكبرى التي بدأت من مصر في ظل سياسات عثمان وعبد الله بن أبي السرح في التضييق على ال العاص الموجودين في مصر وعلى عرب اليمن الذين شاركوا في الغزو بخلاف إغراق المصريين في الضرائب وزيادة الجزية ومن جانب آخر زيادة في نفوذ حاشية عثمان وهو ما يورده لنا السيوطي قائلاً ( كثر الخراج على عثمان و أتاه المال من كل وجه حتى اتخذ له الخزائن و أدر الأرزاق و كان يأمر للرجل بمائة ألف بدرة في كل بدرة أربعة آلاف أوقية ) (7) وفي ذلك الوقت كان محمد بن حذيفة الذي استولى على ولاية مصر بعد مقتل عثمان من المحرضين على عبدالله بن أبي السرح حتى بعث الى عثمان يشكو إليه فما كان من عثمان إلا أنه حاول شراء سكوته الأمر الذي قبله محمد بالرفض بل جعل منه فضيحة تحكى في مصر عن عثمان وما فعله وهو بذلك يطمح لجمع الناس من حوله و يورد لنا البلاذري ما حدث قائلاً (فبعث عثمان إلى ابن أبي حذيفة بثلاثين ألف درهم، و [أمر أن] يحمل إليه كسوة، فأمر بذلك أجمع فوضع في المسجد ثم قال: يا معشر المسلمين، ألا ترون إلى عثمان يخادعني عن ديني ويرشوني عليه [كذا]. فازداد أهل مصر طعنا على عثمان رضي الله تعالى عنه، و إعظاما لابن أبي حذيفة ) (8) مما أدى الى خروج أهل مصر في ثورة فكانت نهاية عثمان واشترك في هذه الثورة العديد من الصحابة والتابعين كما يوردها لنا ابن الأثير قائلاً (خرج المصريون وفيهم عبد الرحمن بن عُديس البلوي في خمسمائة، وقيل: في ألف، وفيهم كنانة بن بشر اللَّيثي، وسودان بن حمران السكوني، وقتيرة بن فلان السكوني، وعليهم جميعاً الغافقي بن حرب العَكِّي ) (9) الأمر الذي تطور فيما بعد إلى حصار عثمان ثم مقتله ، وفي خلافة علي القصيرة عين قيس بن سعد على مصر والياً وكان قيس يغدق على بني أمية الأول من خزانة مصر تجنباً لشرهم مما أدى إلى شك علي فيه وعزله ثم عين محمد بن أبي بكر أحد المشاركين في مقتل عثمان وهذا ما استغله معاوية بن حديج وخرج مطالب بدم عثمان والثائر من محمد بن أبي بكر فحدث ما حدث في مصر وقتل محمد بن أبي بكر وهو ما يورده لنا ابن الأثير (ثم دخلت سنة ثمان وثلاثين ذكر ملك عمرو بن العاص وقتل محمد بن أبي بكر الصديق في هذه السنة قتل محمد بن أبي بكر الصديق بمصر وهو عامل علي عليها وقد ذكرنا سبب تولية تولية علي إياه مصر وعزل قيس بن سعد [عنها] ودخوله مصر وإنفاذه ابن مضاهم الكلبي إلى أهل خرنبا فلما مضي ابن مضاهم قتلوه وخرج معاوية بن حديج السكوني وطلب بدم عثمان ودعا إليه فأجابه ناس وفسدت مصر علي محمد بن أبي بكر فبلغ ذلك عليا فقال ) (10)
وهكذا لم ينتهي صراع الفاتحين الأوائل حول مصر و ثرواتها فهي بالنسبة لهم بقرة كلاً منهم يريد حلبها ولم ينتهي الصراع إلا مع نهاية الدولة الأموية ومن كان يدفع ثمن ظل الصراع هم المصريين ومصر فهم لا حول لهم ولا قوة في هذا ، فهذا ما حدث في فترة الخلافة الراشدة فما هو ما حدث بعد تلك الفترة التي تصف بالرشد ! أظن أنه الأسوأ ، والسؤال هل هو كان الفتح المنقذ ؟ ام استعمار يتصارع أطرافه حول جثة البلد الهامدة ، هل كان من أجل نشر الدين والدعوة أم كان طمع السلطة والمال ؟.



مصادر :
1العقد الفريد ابن عبد ربه الجزء الأولى ص 45
2 ابن عبد ربه : المصدر نفسه
3 أبن عبد الحكم : فتوح مصر وأخبارها ص 146
4 أبن عبد الحكم : المصدر نفسه
5 بن ظهيرة : الفضائل الباهرة الجزء الثالث ص 230
6 ابن عبد الحكم : فتوح مصر وأخبارها الجزء الأول ص 193
7 السيوطي : تاريخ الخلفاء : الجزء الأول
8 البلاذري : أنساب الأشراف ص 388
9 أبن الأثير :الكامل في التاريخ : الجزء الثالث ص 158
10 ابن الأثير :الكامل في التاريخ :الجزء الثالث ص352



#مصطفى_عبداللاه (هاشتاغ)       Mustafa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في البدء كانت الأنثى ( الثقافة والكتابة )
- نحن و التراث
- تابو الجنس الأنثوي
- أخلاق الدنيا و أخلاق الدين


المزيد.....




- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى عبداللاه - مصر و العرب ( صراع الفاتحين )