أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - مرزوق الحلالي - ماذا كان الاتحاد السوفياتي؟ التجربة السوفيتية 1917-1991















المزيد.....

ماذا كان الاتحاد السوفياتي؟ التجربة السوفيتية 1917-1991


مرزوق الحلالي
صحفي متقاعد وكاتب

(Marzouk Hallali)


الحوار المتمدن-العدد: 7255 - 2022 / 5 / 21 - 08:11
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


تُظهر الحرب الروسية في أوكرانيا إلى أي مدى يظل الاتحاد السوفياتي السابق بالنسبة لموسكو "موضوعًا" حاضرا بقوة. لقد طبع الاتحاد السوفيتي القرن العشرين ... ثم ما فتئ يسقط في فراغ كبير. ومع ذلك، فإن لتاريخ الاتحاد السوفيتي قيمة في حد ذاتها، كما هو أيضا ضروريا لفهم تاريخ العالم ونقاط القطيعة / الاستمرارية مع روسيا المعاصرة. إنه بلد- قارة كان ينوي أن يظل لاعبًا جيوسياسيًا.

بعد ثلاثين سنة من سقوط الاتحاد السوفياتي ونظامه وكتلته، قد يكون من المفيد التساؤل : كيف كانت التجربة السوفيتية؟. وهل كان اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية عالمًا مقلوبًا - رأسا على عقب- للعالم الغربي الديمقراطي والرأسمالي؟ هل هذا الاتحاد مثّل حداثة بديلة يصعب مقارنتها بحداثة الغرب؟ أم أن "الحضارة السوفيتية" تشبه من نواح كثيرة الحداثة الغربية؟

بعد ثورة 1917 تم تشكيل الاتحاد السوفيتي ، ودولة جديدة ، ومجتمع جديد ، لكن بعد حين بدأ يبرز التنازع التدريجي على هذا الإطار السياسي والاقتصادي والاجتماعي الجديد وإعادة تنظيمه من الداخل ، حتى آل المطاف إلى تدميره النهائي في سنة 1991 ...

إن المجتمع السوفيتي نتاج مشروع تطويعي سعى إلى إعادة تشكيل الواقع وتحويل الإنسان والمجتمع. لقد شكلت السلطة السوفيتية - منذ سنة 1917 - مجتمعًا جديدًا ، بل سعت بإلحاح إلى تشكيل "إنسان جديد" ، وذلك بعد قطيعة مع الماضي. هذا المشروع التطويعي في جعبته نجاحات ( مثلا محو الأمية في صفوف الساكنة ، كهربة البلاد ...) لكنه سرعان ما واجه حدوده ، لا سيما العنف – الشديد أحيانا - الذي مارسته السلطات ضد السكان لإجبارهم – جبرا - على الامتثال. وسيتم التجميع القسري واقتراف "عمليات التطهير الكبرى" في ثلاثينيات القرن الماضي ، وهذا ما قذف بالاتحاد السوفياتي إلى "الستالينية"، بالإضافة إلى "الحرب الوطنية العظمى 1941-1945" ، التي مثلت اختبارًا لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية وكافة المجتمع السوفياتي. وشكلت ذكرى وذاكرة هذه الحرب، قاعدة وحجر الأساس للهوية الجماعية والوطنية "للشعوب السوفياتية".

بعد الحرب وبعد وفاة ستالين في سنة 1953 ، تطورت الأوضاع، إذ شهد المجتمع تحديثًا عميقًا كان له عواقب عديدة على العقليات. فالمجتمع السوفييتي مجتمع حديث مثل أي مجتمع آخر ، مجتمع يتوق أفراده - الذين قدموا تضحيات جسيمة خلال الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي ، والتي غيرت حياتهم في العمق - إلى الاستقرار ، والاطمئنان على غدهم ، ويتطلعون إلى الاستهلاك والملكية ، واحترام حيز الحياة الخاصة ، وشيئا من الترفيه والترويح على النفس. وهذا ما سيفرض على السلطة شكلا من التكيف عبر إصلاحات التي سيكون مآلها الفشل الذريع المؤدي – في نهاية المطاف - إلى التخلي عن النموذج السوفيتي في 1991.

بخصوص مسألة السلطة والنخب ، ومسألة السياسة الخارجية للاتحاد السوفياتي واستراتيجيته الجيوسياسية (بعد سنة 1945)، لابد من معرفة خصائص مؤسسات الحزب والدولة في الاتحاد السوفياتي من أجل فهم التطورات الطارئة على النظام داخليا ، والتي تؤدي إلى التقصير التدريجي. هذا، علاوة على فهم الخصائص الاجتماعية وحتى النفسية لهذه الظاهرة التي حكمت دواليب الاتحاد السوفيتي حتى سقوطه.

فمنذ منتصف ستينيات القرن الماضي، أدرك جزء من النخبة السوفييتية الحاكمة تدريجياً أن الحرب الباردة - التي بدأت بعد عام 1945 - مع الولايات المتحدة وحلفائها ، كانت – في واقع الأمر- تنافسًا غير متكافئ للغاية وغير مواتٍ إطلاقا لـ "المعسكر الاشتراكي". وسوف تتعهد النخبة الحاكمة بمراجعة الاستراتيجية الجيوسياسية المسماة "الكتلة ضد الكتلة"- التي بدأت بعد الحرب- لكنها ستضطر – في عهد " ميخائيل غورباتشوف "- Gorbatchev - إلى التخلي عن سيطرتها على "الكتلة السوفيتية" لمحاولة إعادة بناء استراتيجية جيوسياسية جديدة ، بعد قطيعة مع الحرب الباردة. فمن وجهة نظر موسكو ،كان هذا "الرهان غورباتشوفي" فاشلا ، لأن مآله سقوط الاتحاد السوفياتي وتوحيد "الكتلة الغربية".

فلماذا تفكك النظام السوفياتي؟
بعد عامين من سقوط الستار الحديدي (1989) ، انتهت الحرب الباردة. فكيف يمكن فهم نهاية الاتحاد السوفياتي؟

بالنسبة لجملة من الباحثين – من ضمنهم المؤرخ "ميشيل هيلر" - Michel Heller (1) - كان مصير "البيريسترويكا"(2) محكوما عليه مسبقا.
_____ (1) مؤرخ فرنسي من أصل روسي ( 1922- 1997) _____________________
__ (2) البيريسترويكا (بالروسية) وتعني «إعادة الهيكلة» وهي برنامج للإصلاحات الاقتصادية أطلقه "ميخائيل غورباتشوف" وتشير إلى إعادة بناء اقتصاد الاتحاد السوفياتي. صاحبت سياسة "غلاسنوست" والتي تعني الشفافية. ________________________________________

وذلك لثلاثة أسباب:
أولاً ، لأن النظام السوفياتي لم يكن قابلاً للإصلاح.
ثانيًا ، لم يكن لدى "غورباتشوف" أبدًا الجرأة في اتباع سياسة متسقة لمدة عام بصفة مسترسلة.
ثالثًا ، تسببت استراتيجيته ،بخصوص السلطة، في تحركات غير متوقعة.

قال "ميشيل هيلر" في أحد استجواباته: "انقلاب وقع ذلك اليوم من وجهة نظر القوانين السوفيتية. لماذا؟ لأن قادة روسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا أعلنوا حل الاتحاد السوفيتي. هم الآن – وقتئذ طبعا- يشكلون مجتمع الدول المستقلة. كان هذا الانقلاب موجهاً ضد "ميخائيل غورباتشوف" وقد حظي بالنجاح. فإذا كان "الإنقلابيون" في غشت 1991 قد حصلوا على موافقة "غورباتشوف" ، لكن انقلاب ديسمبر كان موجهًا ضده مباشرة. تم التحضير لهذا الانقلاب من خلال مفاوضات سرية ، قبل فترة من انتخاب "كرافتشوك" - Kravtchouk رئيساً لأوكرانيا. وأعطى انتخابه هذا الضوء الأخضر." وأضاف "ميشيل هيلر" : " لعبت ثلاثة عناصر دورًا حاسمًا. أولاً ، شعر "يلتسين" و"كرافتشوك" أن "غورباتشوف" كان يمنعهم من أن يصبحوا قادة جمهوريتهم في عيون الغرب. ثانيًا ، أراد القادة الثلاثة إعطاء شيء ما للشعب. لكنهم لا يستطيعون تقديم شيء سوى استبدال الاتحاد الذي لم يعد له وجود. ثالثًا ، أراد القادة الثلاثة وضع حد لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية المحتضر وتمهيد الطريق للمستقبل (…) الآن بدأوا في بناء دولة سلافية جديدة. لأسباب جيوسياسية واقتصادية ، يجب أن يصبح ما يسمى في موسكو "المحور السلافي" قطب جذب للجمهوريات الأخرى في الاتحاد السوفياتي السابق. والدليل ، لقد أعربت "أرمينيا" بالفعل عن نيتها لدخول هذا التجمع. تليها "كازاخستان" وجمهوريات آسيا الوسطى. بعد إنشاء هياكلها الخاصة ، ستقيم جمهوريات البلطيق نفسها علاقات مع هذا الكيان الجديد."
كان هذا التصريح سنة 1997.



#مرزوق_الحلالي (هاشتاغ)       Marzouk_Hallali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرهانات الاستراتيجية للثورة الرقمية
- المجتمع الروسي وحرب -بوتين- في أوكرانيا : بين البروبكاندا وا ...
- استراتيجية أمريكا الكبرى
- لماذا البيانات الرقمية جيوسياسية؟
- أوروبا: التغيير أم الهلاك؟
- في زمن أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها : السعودية إلى أين ؟
- ما هي أساسيات القوة؟
- -إيلون ماسك- يشتري تويتر – هل هذا يدعو إلى القلق ؟
- الإيمان بمنح الفرصة الثانية؟


المزيد.....




- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - مرزوق الحلالي - ماذا كان الاتحاد السوفياتي؟ التجربة السوفيتية 1917-1991